[05/ ديسمبر/2020]
عواصم – سبأ :
عادت إلى الواجهة من جديد الأزمة الخليجية الراهنة لتطفو انعكاساتها وتداعياتها على السطح مرة أخرى، وسط تراجع كبير في سقف مطالب الدول الأربع ( السعودية ، الأمارات ، البحرين، مصر) من قطر، وذلك بعد الجهود التي بذلتها دولة الكويت لحلحلة الأزمة بدعم أمريكي.
وأضافت الأزمة الخليجية المستمرة منذ عام 2017 توترا جديدا في المنطقة وحملت منذ بدايتها في طياتها شروطا مجحفة لانفراجها بسبب الطريقة التي تتعاطى معها الدول الأربع مع الدوحة.
وتتزامن المساعي الكويتية الأخيرة المدعومة أمريكيا لحل للأزمة الخليجية مع عقد صفقات التطبيع التي عقدتها بعض الدول الخليجية كالإمارات والبحرين مع الكيان الإسرائيلي والتلويح باكتمال العلاقات مع هذا الكيان الغاصب بآخر هذه الدول (السعودية) .
وفي هذا السياق، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إحراز تقدم كبير في جهود فض الأزمة الخليجية وأعرب عن دعم الرياض لجهود الوساطة الكويتية والأمريكية في هذه المسألة.
وكتب وزير الخارجية السعودي في تغريدة نشرها الجمعة على حسابه في “تويتر”: “ننظر ببالغ التقدير لجهود دولة الكويت الشقيقة لتقريب وجهات النظر حيال الأزمة الخليجية، ونشكر المساعي الأمريكية في هذا الخصوص، ونتطلع لأن تتكلل بالنجاح لما فيه مصلحة وخير المنطقة”.
وقال “ننظر ببالغ التقدير لجهود دولة الكويت الشقيقة لتقريب وجهات النظر حيال الأزمة الخليجية، ونشكر المساعي الأمريكية في هذا الخصوص، ونتطلع لأن تتكلل بالنجاح لما فيه مصلحة وخير المنطقة”.
ويأتي ذلك عقب إعلان الكويت عن إجراء مفاوضات مثمرة ضمن جهود تحقيق المصالحة الخليجية وترحيب قطر بما وصفته “خطوة مهمة نحو حل الأزمة”.
وتأتي هذه التطورات على خلفية زيارة مستشار وصهر ترامب، جاريد كوشنر، إلى المنطقة، وسط تقارير عن تفعيل البيت الأبيض جهوده لتسوية الأزمة الخليجية المستمرة منذ 2017.
وأعرب أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، مساء الجمعة، من جهته عن بالغ سعادته وارتياحه للانجاز التاريخي الذي تحقق عبر الجهود المستمرة والبناءة التي بذلت مؤخرا للتوصل إلى الاتفاق النهائي لحل الأزمة الخليجية.
وقال الصباح: “إننا نستذكر بالتقدير الجهود الخيرة والبناءة لحضرة صاحب السمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي قاد تلك الجهود منذ اليوم الأول لنشوب الخلاف والذي أرسى قواعد ذلك الإتفاق لتبقى جهوده في أعماق وجداننا وفي صفحات تاريخنا”، بحسب وكالة الأنباء الكويتية (كونا).
وهنأ الشيخ الصباح قادة الدول الخليجية على تحقيق تلك الخطوة التي وصفت بالتاريخية، وتقدم بالشكر إلى كل من دعم لجهود الوساطة التي قامت بها دولة الكويت.
كما شكر الشيخ صباح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على “دعمه الذي يعكس التزام الولايات المتحدة الأمريكية في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة” /على تعبيره/.
وكان الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح، وزير خارجية الكويت، قد أعلن في وقت سابق عن إجراء مباحثات مثمرة لحل الأزمة الخليجية .
وأضاف الوزير الكويتي، في كلمة بثها تلفزيون الكويت، الجمعة، إن مباحثات مثمرة جرت خلال الفترة الماضية لحل الأزمة الخليجية المستمرة منذ 2017 بين قطر من ناحية والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من ناحية أخرى.
وأضاف أن هذه المباحثات “أكد فيها جميع الأطراف حرصهم على التضامن والاستقرار الخليجي والعربي وعلى الوصول إلى اتفاق نهائي يحقق ما تصبو إليه من تضامن دائم بين دولهم وتحقيق ما فيه خير شعوبهم”.
وشكر الصباح، جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي “على النتائج المثمرة التي تحققت في طريق حل الخلاف”.
وكان وزير الخارجية الكويتي، قال، منتصف الشهر الماضي، إن المساعي الكويتية لحل الأزمة الخليجية متواصلة بناء على توجيهات القيادة السياسية.
وفي المقابل، رحب وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني بإعلان الكويت عن إجراء مفاوضات مثمرة ضمن جهود إنهاء الأزمة المستمرة منذ عام 2017 بين الدوحة وجيرانها في الخليج.
ووصف آل ثاني، على حسابه في “تويتر” الجمعة، بيان وزير الخارجية والإعلام الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح بشأن آخر المستجدات في المنطقة بأنه “خطوة مهمة نحو حل الأزمة الخليجية”.
بيان دولة الكويت خطوة مهمة نحو حل الأزمة الخليجية. نشكر للكويت الشقيقة وساطتها منذ بداية الأزمة، كما نقدر الجهود الأمريكية المبذولة في هذا الصدد ونؤكد أن أولويتنا كانت وستظل مصلحة وأمن شعوب الخليج والمنطقة.
وأشار وزير الخارجية القطري إلى أن دولته تشكر الكويت منذ بداية الأزمة على وساطتها وتقدر الجهود الأمريكية في هذا الصدد، مضيفا: “نؤكد أن أولويتنا كانت وستظل مصلحة وأمن شعوب الخليج والمنطقة”.
وفي ظل التحركات الأمريكية في المنطقة والحديث عن قرب حدوث انفراج الأزمة الخليجية بمساعي كويتية ، يعتقد المراقبون أن الإدارة الأمريكية الحالية ترغب في ترتيب البيت الخليجي لتحقيق أنجاز يضاف لها قبل أن تنتقل السلطة الى الرئيس الديمقراطي الأمريكي المنتخب جو بيدن في 20 من شهر يناير من العام المقبل.
كما يعتقد المراقبون أنه في ظل ترقب حدوث انفراج للأزمة الخليجية يتولد ترقب أخر لدى الرأي العام الذي تعود على مثل هذه التصريحات النارية كلما تحدث مسؤول بما يفيد قرب إنهاء هذه الأزمة التي تنخر في مجلس التعاون الخليجي منذ الخامس من يوليو 2017.
وسبق أن صرح وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان بن عبد الله، متحدثاً إلى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في الثاني والعشرين من أكتوبر 2020 عن قرب التوصل الى حل للأزمة مع قطر . لكن تلك التصريحات ذهبت ادراج الرياح.
كما سبق أن عقدت وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي ريم الهاشمي مؤتمرا صحفيا في مقر بعثة الأمارات في نيويورك يوم 19 يوليو الماضي بحضور مندوبي الدول الثلاث الأخرى تناولت فيه آخر تطورات الأزمة بين هذه الدول وقطر.
وقالت الوزيرة إنه يتعين على قطر “أن تأتي إلى طاولة المفاوضات … الكرة الان في ملعبها”.
من جهته ،قال مندوب السعودية عبد الله المعلمي إن الدول العربية تصر على تكون أي عملية وساطة على أساس المبادىء الستة التي تم الاتفاق عليها في اجتماع وزراء خارجية الدول الاربع في القاهرة في 5 يوليو 2017.
المبادئ الستة
1 – الالتزام بمكافحة التطرف والإرهاب بكافة صورهما ومنع تمويلهما أو توفير الملاذات الآمنة.
2- إيقاف أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية أو العنف.
3 – الالتزام الكامل باتفاق الرياض لعام 2013 والاتفاق التكميلي وآلياته التنفيذية لعام 2014 في إطار مجلس التعاون الخليجي.
4 – الالتزام بمخرجات القمة العربية الإسلامية الأميركية التي عقدت في الرياض في مايو 2017 .
5 – الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول أو دعم الكيانات الخارجة عن القانون.
6 – الإقرار بمسؤولية دول المجتمع الدولي في مواجهة كل أشكال التطرف والإرهاب بوصفها تمثل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين.
واعتمدت الدول العربية الأربع نبرة اقل حدة في هذه الأزمة، وهناك تراجعا كبيرا في سقف مطالبها من قطر التي رفضتها والمعروفة باسم المتطلبات الجماعية الــ 13 التي تقدمت بها هذه الدول في اول أيام الأزمة. في حين تقول الدوحة إن هذه المطالب أشبه بوضع قطر تحت وصاية هذه الدول.
“المتطلبات الجماعية”
1 – خفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران وإغلاق الملحقيات والاقتصار على التعاون التجاري بين البلدين بما لا يخالف العقوبات الدولية المفروضة على إيران.
2- الإغلاق الفوري للقاعدة العسكرية التركية ووقف أي تعاون عسكري معها في الأراضي القطرية.
3- إعلان قطع العلاقات مع كل التنظيمات الارهابية والطائفية والإيديولوجية وعلى رأسها “الأخوان المسلمين – داعش – القاعدة – فتح الشام – حزب الله).
4- إيقاف جميع أشكال التمويل القطري لأي كيانات أو منظمات إرهابية متطرفة وكذلك المدرجة في قائمة المنظمات الإرهابية في الدول الأربع.
5- قيام قطر بتسليم كافة العناصر الإرهابية المدرجة والعناصر المطلوبة لدى الدول الأربع والتحفظ عليهم وعلى ممتلكاتهم لحين التسليم وتقديم المعلومات المطلوبة عن هذه العناصر.
6 – إغلاق شبكة الجزيرة الإعلامية .
7- وقف التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول ومصالحها الخارجية ومنع تجنيس اي موطن يحمل جنسية هذه الدول وإعادة من تم تجنيسهم وقطع العلاقات مع العناصر المعارضة لهذه الدول.
8- التعويض عن الضحايا والخسائر كافة للدول الاربع بسبب السياسة القطرية خلال السنوات السابقة.
9- التزام قطر بالانسجام مع محيطها الخليجي والعربي عسكريا، وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وامنيا ، وتفعيل اتفاق الرياض لعام 2013 واتفاق الرياض التكميلي 2014.
10 – تسليم المعلومات عن المعارضين الذين دعمتهم قطر وانواع هذا الدعم.
11 – إغلاق وسائل الإعلام التي تدعمها قطر بشكل مباشر وغير مباشر .
12 – الموافقة على هذه الطلبات خلال 10 أيام وإلا تعتبر لاغية.
13 – أي اتفاق سوف يتضمن أهدافا وآلية واضحة وان يتم إعداد تقارير متابعة دورية مرة كل شهر للسنة الأولى ومرة كل ثلاثة أشهر للسنة الثانية ومرة كل سنة لمدة عشر سنوات.
وسبق أن تم في عام ٢٠١٤ التوصل إلى الاتفاق والمعروف باسم “اتفاق الرياض” حيث تشير بنود هذا الاتفاق الذي سربته وسائل إعلام سعودية في خضم الأزمة الحالية إلى أن قطر تعهدت بتنفيذ بنوده وأهمها:
1 – التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول الخليج.
2- عدم تجنيس أي مواطن من دول مجلس التعاون.
3- إبعاد كل العناصر المعادية لدول المجلس والمطلوبة قضائياً عن أراضيها خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين.
4- وقف التحريض في الإعلام القطري.
5- عدم السماح لرموز دينية في قطر باستخدام المساجد ووسائل الإعلام القطرية للتحريض ضد دول مجلس التعاون.
6- وقف دعم جماعة الإخوان المسلمين.
7- وقف التحريض ضد مصر.
وقالت وسائل إعلام سعودية وإماراتية إن قطر التي التزمت ببعض هذه البنود لفترة وجيزة، عادت و”تنصلت” من غالبيتها لاحقاً عقب وفاة ملك السعودية السابق عبد الله بن عبد العزيز.