في إطار مشروعه القرآني الذي أنار به طريق الأمة، أطلق الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي شعار الصرخة في وجه الطغاة المستكبرين، ليغيظ به أعداء الإسلام ويجعل منه سلاحا فعالا يحبط كل محاولات العدو لتدجين الأمة.
يمثل شعار الصرخة امتدادا للمشروع القرآني الذي بدأه الشهيد القائد لإخراج الأمة من واقعها المزري إلى موقف عملي يناهض الاستعمار الجديد الذي يسعى لنهب مقدرات الشعوب، بقيادة أمريكا وإسرائيل.
تحرك الشهيد القائد من أجل أن يكون للناس موقف عملي، وفقا للنهج القرآني، لكي تصحو الأمة من غفلتها وتعود إلى مواقع العزة والكرامة التي أرادها الله لها، فانطلق ليرسم معالم المشروع من عظيم القرآني، بدءا بتقديم محاضرات توعوية ليشد الناس نحو الله تعالى، فلا يخافون شيئا سواه سبحانه وتعالى.
الشعار منبعه القرآن الكريم:
بدأ السيد حسين بترجمة تلك التربية الإيمانية إلى واقع ومشروع عملي، فأطلق شعار الصرخة في وجه المستكبرين، والتي منبعها من القرآن الكريم ومضامينه، وليست شعارا حزبيا أو دعائيا ولا عنوانا طائفيا كما يحاول البعض تصويرها.
جاء ذلك بعدما أدرك الشهيد القائد خطورة المخطط الأمريكي الذي بدأ منذ أحداث الـ 11 من سبتمبر، والذي اتخذت واشنطن من هذه الأحداث ذريعة لتصعيد حربها على الإسلام والمسلمين معلنة عن تحالف عالمي ضد ما سمي بالإرهاب من أجل القضاء على الإسلام والمسلمين.
حينها خفتت كل الأصوات بل وسارعت الكثير من الأنظمة الحاكمة في المنطقة والعالم لتبارك لأمريكا هذه الحرب التي استهدفت الإسلام وتعاليمه وسعت بكل الطرق لتشويهه وإلصاق التهم والجرائم به.
لم يجرؤ أحد على اتخاذ موقف شجاع في وجه المؤامرة الأمريكية سوى الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، والذي كان الصوت الوحيد الذي تحرك عندما صمت الجميع، استشعارا منه للمسؤولية، وانطلاقا من واقع هذه الأمة وثقافة القرآن وضرورة أن يكون للإنسان موقف، مع أعداء الله نصرة لدينه.
أمريكا وإسرائيل أئمة الكفر:
عرف السيد حسين بدر الدين الحوثي مبكرا أن أمريكا وإسرائيل هم أئمة الكفر الذين يقودون الحرب على الإسلام والمسلمين، ما يستدعي اتخاذ موقف عملي تجاههم، وهذا ما جسده من خلال إطلاق شعار الصرخة في العام 2002م، ليعبر عن الخروج من حالة السكوت والخوف والخضوع لأعداء الأمة، ورسم مسار التحرر والرفض للهيمنة والقوى الخارجية.
أطلق الشهيد القائد صرخة الحق والعزة والكرامة في وجه المستكبرين من الأمريكان والصهاينة ومن سار في فلكهم من المطبعين والمنبطحين العرب، بالتوازي مع تزايد الانتشار الأمريكي في المنطقة، وتزايد التشبيكات الأمنية العربية مع الأمريكان للمشاركة في ما يسمى بمحاربة الإرهاب.
ساهم الشعار كثيرا في إفشال المشروع الأمريكي في اليمن، ولولاه لكان اليمن في قطار المطبعين مع العدو الصهيوني، فالصرخة هي حصانة من مؤامرات أعداء الله، خاصة في ظل ما يشهده العالم من سعي حثيث لتعميم النموذج الأمريكي بثقافته وتوجهاته على العالم.
كثيرة هي الدلالات والمعاني العظيمة التي يحملها، شعار الصرخة وما يجسده من عزة وكرامة وحرية للأمة، فضلا عن دوره وفاعليته في إفشال مساعي وأهداف أمريكا للهيمنة على اليمن وإخضاعه لإملاءاتها كما هو حال الكثير من الأنظمة العميلة.
الصرخة شعار جامع:
ليست الصرخة شعارا حزبيا أو طائفيا أو مذهبيا، ولا لتمييز مكون عن غيره، بل هي جامعة وموحدة يمكن لها أن تكون شعارا لكل الأمة الإسلامية للخروج من مأزقها، خصوصا إذا ما تم استشعار مضامينها ودلالتها، باعتبارها ثقافة عامة للأمة وتحصينا لها من الاختراق.
ولأنه مستوحى من كتاب الله لم يتوقف الشعار لحظة واحدة منذ أطلقه الشهيد القائد قبل اثنين وعشرين عاما رغم التحديات والحروب التي تعرض لها كجزء من المشروع القرآني الذي كان له الأثر الكبير في جعل اليمن من الدول الرائدة في محور المقاومة ضد المشاريع الصهيونية والأمريكية في المنطقة.
دلالات إحياء سنوية الصرخة:
تكمن أهمية إحياء الذكرى السنوية لشعار الصرخة الذي اقترنت به كل معاني العزة والكرامة والحرية، أنه مثّل منطلقا لإخراج الأمة من الواقع الذي أراد لها الأعداء أن تعيش فيه بمستنقع التبعية والوصاية والارتهان والتسلط، وأن يكون أبناؤها جنودا مجندين يتحركون كيفما يشاء الأعداء وفي خدمة أجنداتهم.
كما أن إحياء الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين له دلالات عظيمة كموقف وسلاح معنوي لإلحاق الهزيمة النفسية بالأعداء، وهز كيانهم وكسر جرأتهم على شعوب الأمة.
ومن النتائج العظيمة التي حققها الشعار على صعيد الحياة السياسية في اليمن، هي التحول من حالة التبعية إلى حالة التمكين واستقلال القرار، والتحرر من الوصاية الأمريكية والصهيونية، وصولا إلى امتلاك البلد القدرة على مواجهة قوى الشر والطغيان والإجرام وانخراطه في مواجهة مباشرة معهم.
لا يعد الشعار مجرد كلمات فضفاضة بل هو سلاح وموقف ترتب عليه الكثير من الإنجازات على كافة الصعد والتي كان من أبرزها التحرر من الهيمنة الأمريكية بعد أن كان السفير الأمريكي هو المتحكم بكل مجريات الأمور في البلد.
فالصرخة تعني العزة والكرامة والتطلع للمستقبل، وتحقيق وعود الله تعالى لعباده المستضعفين، والتي بدأت تتحقق من خلال ما يشهده الوطن من عزة وحرية في ظل المشروع القرآني.
الشعار يثمر مواقف بطولية:
استطاع الشهيد القائد الذي تحرك من واقع بسيط ومستضعف أن يجعل ممن حوله قوة تواجه الاستكبار الأمريكي، ويحسب لها أعداء الأمة اليوم ألف حساب، ولعل ما يسطره الشعب اليمني من مواقف بطولية في الدفاع عن القضية الفلسطينية والوقوف في وجه العربدة الأمريكية البريطانية الإسرائيلية لأكبر شاهد على عظمة المشروع القرآني وما حققته من ثمار ونتائج عظيمة.
وبعد 22 عاما من إطلاقها أصبحت الصرخة اليوم بمثابة صمام أمان وسلاح فاعل يعزز وعي الأمة ويستثيرها لمعاداة عدوها الحقيقي لتشكل له عامل قلق كبير وإحباط وعجز عن استهداف واستغلال هذه المجتمعات الواعية.
بات هذا الشعار أيضا رمزا للحرية، وأصبح كل الأحرار في مختلف الدول العربية والإسلامية اليوم يحملونه ويصدحون به لأنه يعبر تعبيرا حقيقيا عن العداء لأمريكا وإسرائيل، خصوصا بعدما استشعر الجميع حقيقة أن الصهاينة والأمريكان هم الأعداء الأشد خطورة ليس فقط على الإسلام والمسلمين بل على الإنسانية جمعاء.
عاما بعد آخر تأتي الذكرى السنوية للصرخة والشعب اليمني أكثر تمكينا وأعظم شأنا وأشد قوة وبأسا، بفضل تمسكه بالنهج الإيماني الصحيح، وتسلحه بهذا الشعار الخالد، والتفافه حول قيادته الصادقة، التي أعادت لليمن هيبته، وفرضت احترامه على الجميع.