يستقبل اليمنيون منذ تسع سنوات من العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الذي شنه التحالف على اليمن في 26 مارس 2015م، مواسم الأعياد والمناسبات الدينية بتماسك الجبهة الداخلية وتقوية أواصر التلاحم الرسمي والشعبي وتجسيد شعار “أعيادنا جبهاتنا” على الميدان.
ففي كل مناسبة دينية، يعاود اليمنيون، المرابطين في جبهات العزة والكرامة لتلمس أحوالهم وتفقد أوضاعهم وتزويدهم بقوافل العطاء والمدد ورفدهم بما يحتاجونه من الدعم والإسناد بالنفس والمال، كأقل واجب يمكن تقدّيمه لمن يدافعون عن الوطن ويواجهون مخططات قوى الهيمنة والاستكبار التي تستهدف اليمن وسيادته واستقلاله.
وضعت القيادة الثورية ممثلة بقائد الأمة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي والمجلس السياسي الأعلى، والحكومة، والجهات الرسمية المعنية وذات العلاقة، مسألة جبهات الدفاع عن الوطن، في سلّم أولويتها على مدار العام، وليس في مواسم الأعياد فحسب، انطلاقاً من اهتمامها بالمرابطين ودعم صمودهم وثباتهم في التصدي لمؤامرات قوى العدوان وأدواتها.
ويرفع اليمنيون في المواسم العيدية شعار “أعيادنا جبهاتنا”، لمشاركة المرابطين أفراحهم بهذه المناسبات الدينية وتنفيذ النزول الميداني والزيارات لمختلف الجبهات ورفدها بالإمدادات البشرية والمادية وتسيير قوافل الدعم والإسناد للأبطال الميامين الذين يلقنون العدو الدروس القاسية في التضحية والفداء ذوداً عن حياض الأرض والعرض والسيادة.
وبالرغم مما تعرض له اليمن من عدوان وحصار منذ تسع سنوات وما تركه من تداعيات وأوضاع استثنائية، ما تزال القضية الفلسطينية تحتل أولوية الأولويات لدى القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى وأبناء الشعب اليمني الذين يتابعون بكل ألم ما يرتكبه الكيان الصهيوني المدعوم أمريكياً وأوروبياً في غزة من جرائم يندى لها جبين الإنسانية منذ ستة أشهر.
لقد دأب اليمنيون منذ عقود على دعم القضية الفلسطينية وإسناد مقاومته الباسلة بتقديم الغالي والنفيس من الدعم المالي والمعنوي، لكن برزت تجلّيات المواقف اليمنية المشرفة بإعلان السيد القائد دعمه لفلسطين وقضيته العادلة بالمشاركة العسكرية المباشرة ضد كيان العدو الصهيوني وداعميه عقب عملية “طوفان الأقصى” التي كسرّت هيمنة ما يسمى بالجيش الذي لا يُقهر في المنطقة والعالم، ومرّغت أنوف الصهاينة في التراب.
وعلى الرغم من الأهمية التي تمثلها معركة “طوفان الأقصى” في تاريخ الصراع العربي – الصهيوني، وما شكلته من فرصة مواتية للدول والشعوب العربية والإسلامية للخلاص من الغدة السرطانية التي زرعها الغرب في الجسد العربي، إلا أن موقف الدول المحكومة من قبل أنظمة عميلة كان معيباً ومخيباً ولم يغادر حالة الضعف والوهن التي كرسها قادة التطبيع.
ومع مرور 188 يوماً من عملية السابع من أكتوبر 2023م، لم يتغافل اليمنيون، أو يتناسون لحظة ما صنعه كيان العدو الصهيوني المدعوم أمريكياً وأوربياً من مأساة إنسانية بارتكابه آلاف المجازر وحرب الإبادة والتجويع والحصار الممنهج بحق أبناء غزة، متجاوزاً كل الحدود والقوانين الدولية، لكنهم انضموا مباشرة لخوض معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، ليؤكدون بذلك أن فلسطين ليست وحدها ولم تعد بمفردها.
حيث كانت القوات المسلحة اليمنية على موعد صبيحة الأربعاء الأول من شوال الأغر، مع عملية عسكرية نوعية استهدفت أربع سفن إسرائيلية وأمريكية في خليج عدن بصواريخ بحرية مناسبة وطائرات مسيرة، انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني ورداً على العدوان الأمريكي ـ البريطاني على اليمن، لتكتمل الفرحة بعيد الفطر المبارك.
ولن تتردد القوات المسلحة اليمنية أو تتوانى في تنفيذ ضربات موجعة للعدو الصهيوني والأمريكي والبريطاني واستهداف سفنهم وبوارجهم في البحرين الأحمر والعربي، وخليج عدن، وصولاً إلى طريق رأس الرجاء الصالح، وفقاً للمقتضيات والقواعد والمعادلات الجديدة، انطلاقاً من المهام الدفاعية المسندة إليها في مواجهة أعداء الله والدين والإنسانية.
ويبقى الموقف اليمني، المناصر للشعب الفلسطيني وقضيته، هو الموقف المتقدم الذي أيقظ روح الترابط بين أبناء شعوب الأمة العربية والإسلامية، ورسخ الثقة في أن الأمة قادرة على مواجهة قوى العدوان والطغيان متى امتلكت القرار والإرادة، وهو الموقف الذي أفشل مشاريع التفرقة التي طالما زرعتها قوى الهيمنة والاستكبار لإشغال أحرار الأمة عن فلسطين.