خلال الأربعة الأشهر الماضية شهد قطاع غزة هجمات صهيونية مكثفة، مما أسفر عن سقوط الكثير من الضحايا بين شهيدٍ وجريح، وتدمير منازل للمواطنين الفلسطينيين وتخريب في البنية التحتية، ولم تتوقف آلة الإجرام الصهيونية عن استهداف “الطفل” الغزاوي الذي يمثل نصف سكان القطاع.
واستشهد منذ بدء العدوان الصهيوني الأمريكي على القطاع أكثر من 27 ألفاً فلسطينياً حتى اللحظة فيما وصل عدد المصابين إلى أكثر من 66 ألفاً، 70 في المائة منهم من النساء والأطفال.
فيما وصل إجمالي الأطفال الذين استشهدوا إلى أكثر من 11 ألف طفل دون سن الـ18 عاماً، ويعاني عدد أكبر منهم من إصابات دائمة غيرت من مجرى حياتهم، وفقد أكثر من 24 ألف طفل أحد والديهم أو كليهما بحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية.
وفي تصريح لا تلميح أقل ما يمكن وصفه بالمخادع أو الماكر أعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، أن “العدد الصحيح للضحايا المدنيين في غزة هو صفر”.. تعليقاً على قرار محكمة العدل الدولية.
وفي الحقيقة: أطفالٌ بعمر الزهور لم تتجاوز أعمارهم أياماً معدودة قصفت منازلهم قنابل أمريكية أُهديت لكيان العدو الصهيون، ووقعت بأقلام مسؤولين أمريكيين وبريطانيين كدعم لا محدود، ولم تحرك حينها المنظمات الدولية ولا حتى العربية ساكناً، في إجرامٍ لن يُمحى من الذاكرة.
أطفال غزة بين الحصار والإعاقة:
أضحى الطفل الغزاوي جريحاً فاقداً لأعضاء جسده، وفي هذا السياق قالت منظمة “أنقذوا الأطفال” الخيرية ومقرها بريطانيا في بيان لها: إن أكثر من عشرة أطفال في المتوسط يفقدون إحدى ساقيهم أو كلتيهما كل يوم في غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي في حين تتم العديد من عمليات البتر دون تخدير حتى وصل عدد هم بالآلاف.
ويعيش أطفال غزة في حصارٍ مع انعدام الغذاء والدواء إلا القليل مما تجود به المنظمات الإغاثية العاملة بغزة، معونات لا تسمن ولا تغني من جوع، حيث لا مأوى لهم سوى خيام الملاجئ، يتضورون جوعاً وعطشاً و يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، ويجوبون الشوارع بحثاً عن شربة ماء أو عن ما يسدّ جوعهم بين طوابير طويلة أو مزدحمة، أو يتجولون حاملين منتجات متواضعة في شوارع شمال المدينة بعد أن دُمّرت المدارس والمستشفيات وملاجئ الأمم المتحدة في واقعة هي الأولى من نوعها في تاريخ الحروب البشرية.. ثم ماذا؟.
ثم يأتي تحالف دولي بقيادة أمريكا وبريطانيا وهولندا وأستراليا وفنلندا وكندا لإيقاف دعم منظمة “الأونروا” بطلب من رئيس حكومة العدو الصهيوني، وهذا ما كشفته صحيفة “يديعوت أحرنوت” الصهيونية عن مخطط كيان الاحتلال لاستبدال وكالة “الأونروا” بمنظمة مساعدات أخرى حيث يقع الخيار الأساس الذي ينظر فيه على برنامج الغذاء العالمي.
أطفال غزة والخذلان العربي والغربي:
أطفال غزة شاهدوا خذلان العرب والغرب ولن ينسوا، شاهدوا فراق أقرانهم وأسرهم في أكفان الموت البيضاء المرسلة من دول عربية كمساعدة أو تحت ركام المنازل المقصوفة دون رحمة، أُزهقت الأرواح أمامهم، وقصفت مدارسهم ومرافقهم الصحية وسويت بالأرض وهُجّرت أُسر بأكملها.
وأضحى الطفل الفلسطيني في أيامٍ معدودة وحيداً في حالة نفسية معقدة حسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” الأخيرة التي قالت: إن 17 ألف طفل في غزة أصبحوا من دون ذويهم أو انفصلوا عن عائلاتهم ويُعتقد أن جميع الأطفال تقريبا في القطاع بحاجة إلى دعم في مجال الصحة النفسية.
وظل سكان غزة يعيشون في حصار غير قانوني ومُشدد على الأرض والهواء والبحر منذ العام 2016م، وقُوضت حركة الحياة في انتهاك واضح لالتزامات العدو الصهيوني القانونية بموجب القانون الإنساني الدولي إضافة إلى إغلاق معبر رفح الحدودي بين القطاع ومصر منذ بدء سريان التقييدات المصرية.
ويتعمد كيان العدو الصهيوني استهداف الأطفال منذ أن وطئ هذه الأرض الطاهرة المباركة في خبثٍ وإجرامٍ وحقدٍ لا يمتُّ للإنسانية بصلة، وفي الأحداث الأخيرة أبرزت المشاهد في مواقع التواصل الاجتماعي وحشية جنود العدو تحت ضحكاتهم المستفزة أو حتى دون حرج أو قلق من القوانين الدولية المتكفلة بحقوق الطفل، لما لا وقد تكفلت لهم أمريكا بالحماية وعدم المساءلة القانونية، وتوفير الدعم اللامحدود، فأضحى الإجرام الصهيوني مبرراً دون رقيب، متجاوزاً للقوانين، ومعتبراً قتل الطفل الفلسطيني حقٌ دينيّ ضمن حقوق الكيان الصهيوني.
أنقذوا أطفال غزة:
تتساءل عيونهم وقسمات وجوههم لماذا هم؟ ولماذا هُدمت مدارسهم وقُتلت عائلاتهم؟ ويتساءلون ماذا فعلنا ولماذا هذا الألم؟
ألم يكن من الأولى أن يكون الفرح من نصيبهم؟ يعيشون حياتهم الطبيعية، يأكلون ويشربون ويمرحون في أرضهم دون منازع!.
أطفال غزة يحبون الحياة كسائر أطفال العالم، لهذا تغمرهم المقاومة الإسلامية بدمائها وصمودها لتوفر لهم حياة العزة والكرامة والسؤدد، ومع المقاومة قالت صواريخ اليمن والعراق ولبنان “لا”، حتى ينتهي الحصار ويدخل الدواء والغذاء لغزة.