عواصم- سبأ: مرزاح العسل
منذ بداية العدوان السعودي الإماراتي المدعوم أمريكياً وإسرائيلياً على اليمن، ودويلة الإمارات تعبث بصلافة في مقدراته، حيث احتلت مدن الجنوب وموانئها وعدد من الجزر اليمنية بهدف تعطيلها، بل وذهبت إلى أبعد من ذلك إلى تأسيس سجون سرية تابعة لها لمعاقبة مُخالفيها، وتكوين وتمويل ميليشيات تابعة لها، ومهمتها الأساسية زعزعة الأمن والاستقرار في ربوع اليمن.
وبعد أن تلقت هذه الدويلة التحذيرات مراراً وتكراراً بكف أذاها عن اليمن واليمنيين، وأعلنت انسحابها الصوري من تحالف العدوان الغاشم، عادت من جديد تنفيذا للرغبة الأمريكية والصهيونية حيث لا مصلحة لها في العودة مجدداً إلى الميدان اليمني الذي لم تحقق فيه شيئا خلال التصعيد الأول في عام 2018م، وما سبقه في إطار مشاركتها منذ مارس 2015م.
وفي هذا الصدد ومن خلال تصعيد الإمارات الأخير خصوصاً في شبوة ومأرب، استعاد الجيش اليمني واللجان الشعبية زمام المبادرة في مواجهة الهجوم الكثيف المسنود بالطيران المُعادي بشكل لم تعرفه حتى الحروب العالمية مسبقا، حيث وصلت في اليوم الواحد إلى 500 غارة جوية تطال حتى المشاة.
ومن هنا جاءها الرد اليماني المُزلزل في عمقها الإستراتيجي من خلال سلسلة أطلق عليها “أعاصير يمانية” عصفت بها بشكل متسارع ومتوالي وضربت العمق الإماراتي في مقتل، والذي أصبح مكشوفا أمام الذراع الطولى للجيش اليمني كرد طبيعي ومشروع على جرائمها بحق اليمن واليمنيين ومؤامراتها الخبيثة على الحاضر والمستقبل والتي أصبحت تهدد أمن اليمن واستقراره وسلامة ووحدة أراضيه.
ونفذت القوة الصاروخية اليمنية والطيران المُسَـيَّر عمليتي إعصار اليمن الأولى والثانية بما تحملانه من رسائل ودلالات مهمة عصفت بالسعوديّة والإمارات وشردت بهم من خلفهم من الأمريكيين والإسرائيليين.. وأذهلت العالم من حَيثُ التكتيك والدقة والبعد الاستراتيجي ومن حَيثُ إمْكَانية الرد وقدرة المناورة في دك أهداف متعددة لعمقين استراتيجيين لدولتين في آن واحد.
وللمرة الثالثة وفي أقل من نصف شهر جاءت عملية “إعصار اليمن الثالثة” وعصفت بالإمارات وبأحلام حكامها، في رسالة بليغة وواضحة لحكامها بأنه لا مخرج مما وضعتم أنفسكم فيه إلا بالخروج الشامل والكامل والفوري وغير المشروط من اليمن.
وما يميز العملية الثالثة التي استهدفت العاصمة السياسية أبوظبي والعاصمة الاقتصادية دبي أنها جاءت متزامنة مع الزيارة الاستفزازية لأول رئيس للكيان الصهيوني والتي تأتي في إطار التنسيق الأمني والعسكري ما بين الكيان الصهيوني والإمارات في الحرب الإجرامية التي تشن على بلادنا والذي دخل على خطها الكيان الصهيوني منذ اللحظة الاولى لانطلاقها، وذلك بعد أن حوّل حكام الإمارات بلدهم إلى وكر للمؤامرات وإثارة الصراعات والحروب ليس على اليمن فقط ولكن على عموم المنطقة.
ومن هنا أصبحت الإمارات هدفاً مشروعاً للجيش اليمني والذي كان قد حذرها وما يزال من الاستمرار في حربها العدوانية على اليمن لكنها لم تأخذ تلك التحذيرات مأخذ الجد واستمرت في عملياتها الإجرامية بشكل مباشر أو عبر أدواته المطيعة والتي تمرر سياساتها الاجرامية باليمن أن تسارع العمليات النوعية بالجيش اليمني تحمل أكثر من معنى ورسالة تؤكد لحكام الإمارات ولمن يقف خلفهم أن الرد والبأس اليمني ليس له حدود في الجغرافيا.
ويعتبر المشهد اليوم أكثر حدة أمام الرد اليمني المتصاعد نتيجة انعكاس واضح لسياسة تصعيد قوى العدوان الأخيرة والتي لم تحقّق أية إنجازات تذكر سوى الإيغال في قتل الأطفال والنساء والإمعان في مجازر إجرامية ووحشية بحق المواطنين العزل.
ويشار إلى أن إعصار اليمن في ذروته الصغرى عصر بأوكار “أمريكا وإسرائيل” وعصر قلوبهم وكشف ضعفهم وأظهر عجزهم ووهنهم وكشف زيفهم في تصدي واعتراض وإسقاط الصواريخ قبل وصولها وفضح ادِّعاءهم في إسقاط 90 في المائة من الصواريخ اليمنية التي استهدفت قاعدتهم في الظفرة.. فيما قضت عمليات إعصار اليمن على هيبة أمريكا وكشفتها على حقيقتها التي لطالما توارت بها عن العالم.
هذا ومن المتوقع إذَا أمعن العدوان في حصاره وعدوانه وإجرامه أن تتخذ قيادتنا خيارات استراتيجية مهمة.. فإما أن يعيش شعبنا كما بقية الشعوب في أمن واستقرار ويهنأ بالعيش الكريم وإلَّا فلن يهنأ الجميع بالأمن والاستقرار وستتوسع جغرافية الحرب لتتجاوز الإقليم.
وتوسيعاً لدائرة النار على هذه الدويلة المتصهينة فقد تبنت “ألوية الوعد الحق” إحدى فصائل المقاومة العراقية الهجوم بـ4 طائرات مسيرة فجر أمس الأربعاء على العاصمة الإماراتية أبو ظبي.. وقالت في بيان نشرته على قناتها عبر تطبيق “تلغرام”: إن “أبناء الجزيرة العربية وجهوا ضربة إلى دويلة إمارات الشر، بواسطة 4 طائرات مسيّرة استهدفت منشآت حيوية في أبو ظبي”.
وأضافت في بيانها: إنها “ستستمر في توجيه الضربات الموجعة إلى أن ترفع دويلة الإمارات يدها عن التدخل في شؤون دول المنطقة وفي مقدمتها اليمن والعراق بالإضافة إلى سحب مرتزقتها من عسكريين وأمنيين وسياسيين”.. مؤكدة أن “الضربات القادمة ستكون أشد وقعا وإيلاما لدويلة الإمارات”.
ومن هنا يجب على الامارات العبرية المحتلة أن تعي مبكرا وتدرك أن هذا الغضب وهذه الأعاصير سوف تستمر وتزداد حتى تغادر أرضنا مُرغمة وتكف عن حربها وعدوانها، وحصارها الجائر.. وإن كانت تظن أن الكيان الصهيوني أو أمريكا ستعصمها من الغضب اليمني، فهي واهمة.
الجدير ذكره أن العدو الصهيوني بدأ يستشعر الخطر على نفسه، حيث تناول باحث في الأمن القومي الإسرائيلي، في مجلة “معرخوت”، الهجوم الذي نفّذته القوات اليمنية على الإمارات بالصواريخ الباليستية، وأشار إلى أنّ على “إسرائيل” الاستعداد عسكرياً لهجوم مماثل.
ورأت المجلة أنّ الهجوم اليمني على “إسرائيل” أصبح مسألة وقت، وفق تقرير لـعومر دوستري، وهو محاضر في المجالين العسكري والأمني في قسم العلوم السياسية في جامعة بار إيلان، وباحث في الأمن القومي، بحيث أشار في التقرير إلى أنه “يجب على إسرائيل الاستعداد عسكرياً، ودفاعياً وهجومياً”، لأن المسألة أصبحت متى؟ وكيف؟.
ويعتبر الهجوم الأخير على الإمارات، في الـ30 من الشهر المنصرم، في أثناء وجود رئيس الكيان الصهيوني إسحاق هرتسوغ فيها، هو نموذج جيد لخيارات الهجوم ضد مسؤولين “إسرائيليين” رسميين، ورسالة تهديد قوية للإمارات، ضد اتفاقيات التطبيع، المعروفة بـ”اتفاقيات أبراهام”.
في نهاية المطاف، فإنّ التهديد العسكري من اليمن آخذ في التطور، ويجب على الإمارات أو “إسرائيل” أو حتى أمريكا ألاّ تستهين به، وألاّ تنجرّ إلى اللامبالاة، والاستهداف النوعي داخل عمق دول العدوان سوف يستمر ويتصاعد، ما دام العدوان مستمرًا في حصاره ومسلسله الإجرامي من القتل والتدمير داخل اليمن.
وهنا نتساءل بعد أعاصير اليمن واتساع دائرة النار ضد دول العدوان من أحرار المقاومة.. هل ستصمد أكثر؟.. وإلى متى ستكابر؟ وما هي خِيارات دول العدوان الأخيرة والمُفاجئة؟ هذا ما سنترك الأيام القادمة تجيب عليه