عواصم- سبأ: عبدالله المراني
بهدف إلغاء الحظر الجائر على إيران.. تبدأ مساء اليوم الإثنين في العاصمة النمساوية فيينا، الجولة الثامنة من المباحثات بين إيران والدول التي لا تزال منضوية في الاتفاق النووي (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، والصين)، والتي تشارك فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.
وفي هذا الإطار أكدت إيران، تركيزها على ضمانات بعدم انسحاب الولايات المتحدة مجددا من الاتفاق بشأن برنامجها النووي والتحقق من رفع العقوبات عنها، قبيل استئناف المباحثات مع القوى الكبرى الهادفة لإحياء الاتفاق المبرم في 2015.
وتهدف هذه المباحثات الى إحياء الاتفاق الذي انسحبت الولايات المتحدة أحاديا منه عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب.. معيدة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.. وردت إيران بعد نحو عام من ذلك، بالتراجع تدريجيا عن العديد من التزاماتها الرئيسية بموجب الاتفاق.
ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا) عن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان قبيل استئناف اجتماع الوفود المفاوضة في فندق “باليه كوبورغ”، قوله: “اليوم تبدأ جولة جديدة من المباحثات في فيينا.. جدول الأعمال هو مسألة الضمانات والتحقق من رفع العقوبات الأمريكية بحال العودة للاتفاق”.
وأضاف: “الأهم بالنسبة إلينا هو الوصول الى نقطة يمكننا من خلالها التحقق من أن النفط الإيراني سيباع بسهولة ومن دون أي حدود، وأن الأموال لقاء هذا النفط ستحوّل بالعملات الأجنبية الى حسابات مصرفية تابعة لإيران، وأنه سيمكننا الاستفادة من كل العوائد الاقتصادية في قطاعات مختلفة”.
وتابع عبداللهيان قائلاً: “جولة جديدة من المحادثات ستبدأ في فيينا اليوم.. لدينا اليوم وثيقة مشتركة ومقبولة على طاولة المفاوضات، والتي نعتبرها من وثائق 1 و15 ديسمبر حول القضايا النووية وحول العقوبات أيضاً.. أي أننا وضعنا وثيقة يونيو 2020 جانباً، وتوصلنا إلى وثيقة جديدة ومشتركة، واعتبارا من اليوم، ستبدأ مفاوضاتنا بشأن تلك الوثيقة المشتركة”.
وأفادت “إرنا” في وقت سابق اليوم، بأن الوفد الإيراني برئاسة نائب وزير الخارجية علي باقري وصل الى فيينا، حيث سيجري “خلال الساعات القليلة المقبلة مشاورات دبلوماسية قبل الاجتماع المشترك”.
وأتاح الاتفاق المعروف رسميا باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة”، رفع عقوبات كانت مفروضة على طهران، في مقابل تقييد أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها.. لكن واشنطن أعادت بعد الانسحاب فرض عقوبات طالت قطاعات عدة أبرزها النفط الذي كان يوفّر جزءا أساسيا من إيراداتها بالعملة الصعبة.
وأجرى الأطراف المعنيين 6 جولات من المباحثات بين أبريل ويونيو، قبل أن تعلّق لنحو 5 أشهر بعيد الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي انتهت بفوز السيد إبراهيم رئيسي، واُستؤنفت الجولة السابعة اعتبارا من 29 نوفمبر المنصرم.
وخلال الجولة السابقة، تحدث دبلوماسيون أوروبيون عن تحقيق “تقدم على المستوى التقني”، لكنهم حذّروا من أن الوقت يضيق أمام الاتفاق.. فيما أكدت طهران أن الأطراف الآخرين وافقوا على إضافة ملاحظات ونقاط جديدة طرحها وفدها المفاوض، الى النقاط التي تمت مناقشتها بين أبريل ويونيو.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة: “لدينا اليوم هاتين الوثيقتين عن رفع العقوبات والنشاط النووي، والوثيقة عن رفع العقوبات ستكون محور تركيز وفدنا من أجل مصلحة شعبنا”.
وخلال مؤتمره الصحفي في مقر الوزارة، نصح زادة الأطراف الآخرين “بأن يأتوا الى فيينا عاقدين العزم على التوصل لاتفاق جيد”.. مشددا على رفض طهران “هدر الوقت والطاقة”.
وتابع “نأمل في أن نرى نافذة تفتح نحو فرص في هذه الجولة”.
وكان منسّق الاتحاد الأوروبي في المباحثات انريكي مورا، شدد الخميس على أهمية “تسريع وتيرة القضايا الرئيسية العالقة.. من خلال العمل عن كثب مع الولايات المتحدة”.
وأبدى الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي خلف ترامب كرئيس للولايات المتحدة، عزمه على إعادة بلاده الى الاتفاق، لكن بشرط عودة إيران الى الامتثال لالتزاماتها بموجبه.. في المقابل، تؤكد طهران أولوية رفع العقوبات وضمان عدم انسحاب واشنطن من الاتفاق مجددا.
وسبق لطهران أن أكدت استعدادها للعودة الى الامتثال لموجبات الاتفاق النووي، في حال تم رفع العقوبات والتزم الأطراف الآخرون بتعهداتهم.
وتشدد إيران على أن الخطوات التي قامت بها بعد الانسحاب الأمريكي هي “تعويضية”، وهي شملت رفع مستوى تخصيب اليورانيوم الى 60 في المائة، بفارق كبير عن السقف المحدد في الاتفاق النووي (3,67 في المائة).
وأكد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي في تصريحات لوسائل إعلام روسية السبت، أن بلاده لا تعتزم رفع نسبة التخصيب لأعلى من 60 في المائة في حال فشل مباحثات فيينا.
ورأى السفير الروسي في فيينا ميخائيل أوليانوف الذي يرأس وفد بلاده في المفاوضات، أن ذلك يمثّل “رسالة إيجابية” عشية استئناف المباحثات، وذلك في تغريدة له عبر “تويتر” السبت.
هذا ومن المقرر أن يبدأ الاجتماع الافتتاحي للجنة المشتركة لانطلاق الجولة الثامنة من المحادثات بين إيران ومجموعة 4+1 لرفع الحظر الساعة 6 مساءً بتوقيت فيينا في فندق كوبورغ في فيينا.
من جهة أخرى وقبيل انطلاق الجولة الثامنة من مفاوضات “فيينا”.. هدد وزير خارجية الكيان الصهيوني، يائير لابيد، خلال اجتماع لجنة الأمن والخارجية في “الكنيست” اليوم الاثنين، بأن كيانه لن يسمح لإيران بأن تصبح “دولة عتبة نووية”، وفق ما نقلته صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية.. قائلا: “إن (إسرائيل) تفضّل العمل في تعاون دولي، لكن إذا لزم الأمر، سنتصرف بمفردنا”، في إشارة إلى استخدام الخيار العسكري.
الجدير ذكره أنه في الوقت الذي تتجه الأنظار مجدداً إلى العاصمة النمساوية فيينا مع الإعلان عن جولة جديدة من محادثات إلغاء الحظر فإن الكرة لا تزال في ملعب الدول الغربية المُطالبة باتخاذ خطوات حقيقية لإنجاحها.. فالمطالب الإيرانية واضحة ومحددة.. والمحادثات بحاجة إلى إرادة حقيقية ونوايا صادقة تدفعها نحو الأمام خاصة وأن البديل عن ذلك هو المزيد من التوتر والتصعيد والذي قد يأخذ بالمنطقة إلى منزلقات خطيرة.. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا.. هل ستكون جولةُ المفاوضات الثامنة هي الأخيرةَ فعلا؟ وهذا ما ستبينه لنا قادم الأيام.