[29/ مارس/2021]
عواصم- سبأ: مرزاح العسل
يستذكر الفلسطينيون يوم غدٍ الثلاثاء، “يوم الأرض الفلسطيني” في ذكراه الـ45، والذي يتزامن مع جملة من الأحداث العاصفة بالقضية الفلسطينية، بدءا من اتفاقات التطبيع من بعض الأنظمة العربية مع الكيان الصهيوني المحتل، مرورا باستمرار سياسة التهويد ضد الأراضي في الضفة والقدس المحتلتين، بالإضافة إلى مشاريع الاستيطان والتوسع الديمغرافي.
وتأتي ذكرى “يوم الأرض” لهذا العام التي تصادف الـ30 من مارس الجاري، في ظل تصعيد لم يسبق له مثيل من جانب سلطات الاحتلال في مصادرة الأراضي الفلسطينية، وتوسيع الاستيطان فيها، خصوصاً في مدينة القدس المحتلة وبقية الأراضي بهدف اقتلاع الفلسطينيين منها على طريق تهويدها وجعل القدس عاصمة لكيانه الغاصب.
وتعود أحداث هذا اليوم، إلى العام 1976، بعد استيلاء سلطات الاحتلال الإسرائيلي على نحو 21 ألف دونم من أراضي الفلسطينيين داخل أراضي عام 48، وفقا لمشروع تهويدي كانت تسعي إليه سلطات الاحتلال آنذاك لإقامة مستوطنات تابعة لها، وعم إضراب عام، ومسيرات من الجليل إلى النقب، واندلعت مواجهات أسفرت عن استشهاد 6 فلسطينيين، وإصابة واعتقال المئات، ليعلن الفلسطيني يومها أن الـ30 من مارس من كل عام، هو يوم الأرض الفلسطيني.
هذا ويواصل الكيان المحتل منذ ذلك الوقت، سياسة التهويد ومصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية، وهدم البيوت، من خلال ما تمارسه صباح مساء في أحياء القدس المحتلة، مثل “الشيخ جراح والبستان وجبل المتكبر”، بالإضافة إلى “أراضي الـ48″، وما يتعرضون له من انتهاكات على يد شرطة الاحتلال الإسرائيلية.
فيما يستمر المواطن الفلسطيني بأدواته البسيطة، في مواجهة المشاريع الاستيطانية، تارة بانتفاضة شعبية رافضة لكل القرارات والقوانين الإسرائيلية الصادرة بحقهم كما جرى في الأولى والثانية، وتارة أخرى بإحياء المناسبات الوطنية، وتذكير الأجيال بما جرى مع الأجداد.
وبهذه المناسبة.. فقد دعا التجمع الوطني الديمقراطي في فلسطين، اليوم الإثنين، إلى أوسع مشاركة شعبية في فعاليات الذكرى الـ45 ليوم الأرض الخالد، التي أقرّتها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، وستتوج بالمسيرة المركزية، الثلاثاء، في مدينة عرابة البطوف.
كما دعا التجمع إلى “إعداد خطة عمل شاملة وموحدة، وتوسيع الحراك ومناهضة كافة المخططات والسياسات التي تهدد وجودنا وأراضينا وبيوتنا ومقدساتنا”.
وكانت مؤسسة ميثاق الإعلامية، قد دعت أيضاً الليلة الماضية، جماهير الشعب الفلسطينية والأمتين العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى التفاعل بالتغريد ومتابعة المؤتمر التفاعلي الرقمي بعنوان “التحرير قدر الأرض”.
وأوضحت المؤسسة أنها ستبث اليوم المؤتمر عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.. مشيرة إلى انطلاق حملة للتغريد مساء اليوم على وسمي (#يوم_الأرض، #التحرير_قدر_الارض)، وبلغات متعددة منها (الإنجليزية – الفرنسية – التركية – الإيطالية – الإسبانية – الفارسية).
ووضعت اللجان الشعبية وبلدات مثلث يوم الأرض، برامج مسيراتها التي ستجري في هذه الذكرى، يوم غدٍ الثلاثاء، والتي ستتضمن مسيرات سخنين وعرابة ودير حنا، حتى المسيرة المركزية في عرابة، التي ستختتم في الساعة الرابعة والنصف بمهرجان مركزي في سوق المدينة.
وأصدرت لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي الداخل، بيانًا، أهابت فيه بـ”جماهير الشعب الفلسطيني بالمشاركة الواسعة، والالتزام بقرارات المتابعة بمنع كل المظاهر الحزبية، ورفع العلم الفلسطيني وحده، والشعارات التي تحددها لجنة المتابعة، لتكون ذكرى يوم الأرض لتعزيز بناء الوحدة الوطنية، ورصها وترسيخها”.
من جهته.. قال المجلس الوطني الفلسطيني في بيان له: إن “إحياء يوم الأرض من كل عام، تأكيد على أن الأرض هي القضية الجوهرية في صراعنا مع الاحتلال، وتعبير على تمسك شعبنا بأرض آبائه وأجداده ورفضه لسياسات وإجراءات الاستعمار الاستيطاني التي تستهدف وجوده الوطني والتاريخي على أرضه”.
ودعا البيان، الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده كافة للدفاع عن أرضه وتعزيز وحدته الوطنية ومقاومته للاحتلال والاستيطان والتهويد بكافة الأشكال.
بدورها.. أكدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، أن الأرض هي جوهر الصراع، وأن شعبنا سيواصل صموده على أرض وطنه التاريخي فلسطين، ويقدم من أجل تحريرها من الاحتلال الاسرائيلي كل التضحيات.
وقالت فتح في بيان صادر عن مفوضية الاعلام والثقافة، اليوم الإثنين: “إن كفاح شعبنا الفلسطيني يتواصل بإرادة صلبة منذ أكثر من 100 عام، وانه لن يتوقف حتى تحقيق حريته سيداً على أرضه.
إلى ذلك اعتبر رئيس الدائرة الإعلامية في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بمنطقة الخارج رأفت مرة في تصريح صحفي لوكالة أنباء “شهاب”، أن “انتفاضة الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 1948 مثلت تحولًا مهمًا في تاريخنا المقاوم، وفي تطور قضيتنا الفلسطينية، حيث انتفض أهلها عام 1976 في وجه السياسات الصهيونية الهادفة إلى الترحيل والطرد والتهجير”.
وأكد مُرة، تمسك الشعب الفلسطيني بوجوده فوق أرضه الفلسطينية وبهويته الوطنية ضد أي محاولة لتغيير طابع المجتمع الفلسطيني.
وقال: “إننا نرفض سياسات الاحتلال التمييزية والعنصرية، ونؤكد حق شعبنا في النضال بكل الوسائل لمقاومة الإرهاب الصهيوني”.
وتحت شعار (كل الأرض فلسطين) أطلقت الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين عدداً من الأنشطة والفعاليّات لإحياء هذه المناسبة؛ وتواصلت مع أعضائها المنتشرين في عدد كبير من دول العالم، والذين يُحضّرون لتنظيم نشاطات مختلفة، تتنوع بين رفع علم فلسطين في الشوارع والتجمّعات، وإقامة الندوات الفكرية والثقافية والمعارض الفنية في مختلف دول العالم.
واختارت الحملة شعار “كل الأرض فلسطين” بالتنسيق مع المؤسسات والجمعيّات المدنيّة العاملة من أجل فلسطين، والذي أطلقته بـ10 لغات: “الانجليزية، الفرنسية، الإسبانية، التركية، الهندية، الأوردو، الفارسية، العربية، الايطالية، اللاتينية”.
ودعت الحملة، محبي فلسطين والأحرار في العالم للمشاركة على أوسع نطاق في فعاليات إحياء يوم الأرض، ولهذه الغاية وضعت بين أيديهم عدداً من المواد الإعلامية التي يمكن الاستفادة منها في النشر والتغريد، وكذلك طباعتها في فعالياتهم وأنشطتهم.
من جهتها.. أعلنت لجنة المتابعة العليا لشؤون “فلسطينيي الـ48″، عن تنظيم 3 مسيرات مركزية في الداخل الفلسطيني المحتل، بهذه المناسبة ترفع خلالها الأعلام الفلسطينية.
وقال رئيس اللجنة محمد بركة: “عبرنا مرحلة قاسية على جماهيرنا العربية، في الحملة الانتخابية البرلمانية، ويجب أن تكون ذكرى يوم الأرض مناسبة لإعادة الوحدة الوطنية وتنقية الأجواء، لأننا أحوج ما نكون إليها”.
وأضاف: “نحن في عرابة، التي سقط فيها شهيد يوم الأرض الأول خير ياسين يوم 29 مارس 1976، وعرابة قدمت على مر السنين الشهداء والتضحيات في كل معارك شعبنا”.
وتحت عنوان (الأرض بتتكلم عربي) افتتحت رابطة الفنانين العرب بإدارة الفنان سليم السعدي ومشاركة أكثر من 20 فنانا وفنانة، يوم الجمعة الماضي، في قاعة “متحف تراث اللجون الفلسطيني” في أم الفحم، معرض رسومات، إحياء وتخليدا للذكرى الـ45 ليوم الأرض الخالد.
كما أكدت الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات اليوم الاثنين عشية الذكرى الـ 45 ليوم الارض الفلسطينية الخالدة، على حقوق الشعب الفلسطيني بأرضه وحريته وعاصمته القدس الشريف، مهما طال الزمن وتوالت السنوات، فالأرض الفلسطينية كانت وستبقى فلسطينية حرة ابية.
وفي بيانها أكدت الهيئة على مواصلة سلطات الاحتلال انتهاكاتها الجسمية بحق الارض الفلسطينية وكل ما هو فلسطيني.. مشيرةً الى الاعتداء على الفلسطيني بأرضه بالقتل والتنكيل والاعتقال، ناهيك عن مصادرة المزيد من الأراضي، واقامة التجمعات الاستيطانية، وشق الطرق لصالح المستوطنات، والاعتداء بتجريف الأراضي وقطع الأشجار، ومواصلة بناء جدار الفصل العنصري… وغيرها.
من جهته قال الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى، “أن 45 عاما قد مرت على ذكرى يوم الأرض، واليوم يحييه شعبنا الفلسطيني ويستذكر الأحداث التي وقعت عام 1976 بعد أن صادرت السلطات الإسرائيلية آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية”.
وأكد على أن 45 عاما على يوم الأرض يمر والعالم لا يحرك ساكنا، وتأتى هذه الذكرى الخالدة في ظل تصاعد مصادرة الأراضي وبناء وتوسيع المستوطنات في القدس والضفة الغربية واستهداف الوجود الفلسطيني.
وفي لبنان.. نظمت مجموعة بيسان الكشفية في جمعية كشافة ومرشدات الإسراء، سهرة سَمر، بعنوان (الأرض ستزهر بعودتنا)، ضمن فعاليات إحياء ذكرى يوم الأرض، داخل مخيم البداوي شمال لبنان.
وتم افتتاح السهرة بكلمة لقائد المجموعة، أكد فيها تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه وهويته الوطنية.. داعياً أفراد مجموعته للقراءة أكثر عن بلدهم وقراهم الفلسطينية.. وتخلل السهرة عرض فيديو عن يوم الأرض واختتمت بمسابقة ثقافية من وحي المناسبة وزعت خلالها جوائز على الفائزين.
أما في العاصمة الكندية أوتاوا فقد أحيت الجمعية العربية الفلسطينية الكندية، والمفوضية الفلسطينية العامة لدى كندا، ولجنة الصداقة البرلمانية كندا – فلسطين، الذكرى الـ 45 ليوم الأرض الخالد، وجرى تنظيم فعالية افتراضية، شارك فيها أعضاء مجلس السفراء العرب المعتمدون لدى كندا، وجمعيات الجالية الفلسطينية فيها.
وبعد أشهر من توقيع المغرب لاتفاقية تطبيع العلاقات مع اسرائيل، دعت “الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع”، الأحد، لتخليد يوم الأرض الفلسطيني، بتنظيم وقفات احتجاجية في مختلف المناطق تحت شعار: “يوم الأرض: نضال متواصل لإسقاط التطبيع”، مجددة رفضها للتطبيع.
واعتبرت الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع أن هذا التخليد ليوم الأرض الفلسطيني بمثابة صرخة لتأكيد رفض التسريع بإجراءات التطبيع، وهو في نفس الآن نداء لجميع الهيئات المناهضة للتطبيع والمتفقة على مضمون أرضية الجبهة للانضمام إلى موكب مناهضة التطبيع، و”التكتل حول الجبهة والانخراط في المبادرات النضالية”.
فيما نظم المنتدى الفلسطيني في بريطانيا السبت مهرجان “المرأة الفلسطينية خارج الوطن”، بمناسبة الذكرى الـ45 ليوم الأرض.. وتحدثت في المهرجان رئيسة القسم النسائي في المنتدى الفلسطيني في بريطانيا إيمان الخطيب، وأكدت على وفاء المرأة الفلسطينية لأرضها وعملها الدؤوب من أجل إعداد جيل النصر والتحرير.
وعموماً.. فيوم الأرض الأول عام 1976 لم يكن سوى محطه من محطات نضالية فلسطينية كثيرة لكن ما ميز هذا اليوم هو أنه جاء تتويجا لتراكمات غضب ونضالات فلسطينيي الداخل الذين ضاقوا ذرعا من ممارسات التهويد التي طالت وما زالت تطول وجودهم الديموغرافي والجغرافي والتاريخي في وطنهم فلسطين.
ولا يزال يوم الأرض الفلسطيني وسيظل راسخًا في أذهان الشباب العرب والفلسطينيين في الداخل، وهو الذي ارتبط اسمه بحكايات النضال والإصرار دفاعًا عن الأرض.
وفي هذا الصدد يرى المؤرخ الفلسطيني مصطفى كبها أن يوم الأرض جاء كحلقة مهمة من حلقات النضال الوطني الفلسطيني التي بدأت مطلع العشرينيات، وذلك منذ انتفاضة الشيخ شاكر أبو كشك ضد الهجرات اليهودية في يافا والمناطق المحيطة، ثم هبّة البراق، وحتى ثورة الشيخ عز الدين القسّام (1935- 1936) وغيرها.
واعتبر كبها، يوم الأرض مفصلا مهما في تاريخ الشعب الفلسطيني بالداخل، لأن إضرابه ومظاهراته ساهمت إلى حد كبير في إيقاف مخططات مصادرة الأراضي المحتلة، كما أنه أوصل صرخة الفلسطينيين في الداخل إلى فلسطين كافة وإلى الخارج بشكل عام.