[15/ اكتوبر/2020]صنعاء – سبأ : مركز البحوث والمعلومات يحتفي العالم السبت القادم باليوم العالمي للقضاء على الفقر الذي يصادف السابع عشر من أكتوبر من كل عام، تحت شعار ” لنعمل معا على تحقيق عدالة إجتماعية وبيئة سليمة للجميع”، بهدف بناء جسور الحوار بين الأشخاص الأكثر فقرا والمجتمع.. وهو فرصة للإقرار بنضال وجهود من يعيشون في الفقر وتهيئة السبيل أمامهم للتعبير عن الظروف المأساوية التي يعيشونها وعن كفاحهم اليومي ورغبتهم في الاستفادة مما لديهم من خبرات كمساهمة منهم في القضاء على الفقر، الذي لا يمكن تحقيقه إلا بمشاركة فعالة للأشخاص الذين يعيشونه. والفقر ليس مجرد الحاجة إلى الدخل أو الموارد أو ضمان مصدر رزق مستدام، فمظاهره تشمل الجوع وسوء التغذية وانحسار إمكانية الحصول على التعليم والخدمات الأساسية، إضافة إلى التمييز الاجتماعي والاستبعاد من المجتمع وانعدام فرص المشاركة في اتخاذ القرارات. وحول ما يقوض الجهود العالمية في مواجهة الفقر والجوع عقدت أول قمة أممية على الإطلاق بشأن التنوع البيولوجي، نهاية الشهر الماضي تحت عنوان “العمل العاجل بشأن التنوع البيولوجي من أجل التنمية المستدامة”، بمشاركة ما يقرب من 150 دولة و 72 رئيس دولة وحكومة. وفي كلمته الختامية قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة فولكان بوزكير، “يتطلب حماية التنوع البيولوجي وتعزيز نمو الاقتصاد العالمي من خلال الانتعاش الأخضر، وبذل جهود هائلة لتعبئة التمويل العام والخاص لدعم الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي الذي يشمل الحلول القائمة على الطبيعة والحد من مخاطر الكوارث”. وأردف قائلا “بدون اتباع نهج تحويلي في إنتاج الأغذية وتوزيعها، فإننا نجازف بإلحاق الضرر بالتنوع البيولوجي وبالتالي الحد من أمننا الغذائي، كما أن غياب التنوع البيولوجي يقوض الجهود العالمية لمواجهة الفقر والجوع”. وتابع “وفي كل ما نقوم به لحماية الطبيعة، يجب أن نتعلم من الشعوب الأصلية، ويجب أن نستخدم التعليم والعلوم والمعرفة المحلية والأصلية لاستعادة العلاقة بين الناس والعالم الطبيعي، واستعادة النظم البيئية المتدهورة على الأرض والبحر”.. مختتماً إفادته بالدعوة إلى ضرورة العمل باقتناع لا يتزعزع حتى تتذكر الأجيال القادمة جهودنا، بعد 75 سنة من الآن. واتسعت هوة الفقر هذا العام بسبب جائحة كورونا التي اجتاحت معظم دول العالم لتلتهم ما أمكنها من الفقراء والمستضعفين الذين تعذر عليهم تأمين قوت يومهم، بسبب إجراءات الحجر الصحي التي تم فرضها في كل الدول التي وصلها الفيروس. وما أن تعافت أغلب الشعوب العربية من الأزمات التي أعقبت ثورات الربيع العربي، حتى جاءتها الجائحة، لتكون العاصفة الاقتصادية الأكثر عنفاً مع الطبقات الفقيرة والمتوسطة، فمعظم الدول العربية كانت غير مستعدة لمواجهة النتائج الكارثية للجائحة في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي، حيث قالت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “الإسكوا”، في آخر تقرير لها، انزلاق نحو 9.1 ملايين شخص إضافي في المنطقة العربية تحت خط الفقر كنتيجة للآثار المترتبة على انتشار فيروس كورونا الجديد الذي سبب موجة عاتية من فقدان الوظائف، وانخفاضاً غير مسبوق في تدفق التحويلات المالية للمغتربين، وارتفاعاً في الأسعار، وعسر الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية. وقد تصل تكاليف إغلاق فجوة الفقر التي ازدادت اتساعاً حسب “الإسكوا” إلى مبلغ يتراوح ما بين 45 مليار دولار إلى 51.7 مليار دولار العام القادم، بينما سيصل عدد الفقراء إلى حوالي 116 مليون نسمة يقيم أكثر من 80 % منهم في مصر، اليمن، سوريا والسودان. ويشير تقرير البنك الدولي الذي صدر في السابع من هذا الشهر، أن الجائحة قد تدفع نحو 150 مليون شخص إلى الفقر المدقع بحلول نهاية العام القادم، وهو ما يقضي على أكثر من ثلاث سنوات من التقدم في الحد من الفقر. موضحاً أن 88 مليونا إلى 115 مليون شخص إضافي سوف يقعون في براثن الفقر المدقع، والذي يعرف بأنه يعيش على أقل من 1.90 دولار في اليوم، هذا العام. وأضاف التقرير الذي يصدر كل سنتين عن الفقر والازدهار المشترك، أن 9.1-9.4٪ من سكان العالم سيعيشون في فقر مدقع هذا العام، وهو نفس معدل 9.2٪ في عام 2017م، وهو ما يمثل أول ارتفاع في نسبة الفقر المدقع منذ حوالي 20 عاماً. وكان معدل الفقر المدقع قد قدر العام الماضي بنحو 8.4٪ متوقعاً أن ينخفض إلى 7.5٪ بحلول العام القادم، قبل جائحة كورونا.. ولكن حسب تقرير البنك، فإن الهدف الطويل الأمد المتمثل في خفض المعدل إلى 3٪ بحلول عام 2030م يبدو انه بعيد المنال، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سياسية كبيرة وسريعة. وبالرغم من أن الجائحة ستؤثر على معدل الفقر العالمي بشكل عام، إلا أن النساء سيتأثرن بشكل غير متناسب، وخاصة الفئة التي في سن الإنجاب.وتُظهر بيانات هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنه سيكون هناك 118 امرأة مقابل كل 100 رجل تتراوح أعمارهم بين 25 و 34 عاماً في فقر مدقع بحلول العام القادم.. ومن المتوقع أن تتسع الفجوة إلى 121 امرأة في مقابل كل 100 رجل بحلول عام 2030م. ووفقاً للتقرير، ستدفع الأزمة إذا ما تم القضاء عليها نحو 96 مليون شخص تحت خط الفقر بحلول العام القادم، نصفهم من النساء والفتيات وهو ما سيوسع فجوة الفقر بين الجنسين، والذي سيؤدي إلى زيادة العدد الإجمالي لمن يعيشون في فقر مدقع إلى 435 مليونا، مع توقعات تشير إلى أن هذا العدد لن يعود إلى مستويات ما قبل الجائحة حتى عام 2030م. وتشير الدراسة التي أعدتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى زيادة معدل الفقر بين النساء بنسبة 9.1%.. وكان من المتوقع أن ينخفض المعدل قبل الجائحة بنسبة 2.7% بين عامي 2019 – 2021م. وعلى هامش فعاليات الدورة الـ 75 للجمعية العامة للأمم المتحدة بعنوان “نحو مستقبل مشترك للبلدان النامية: تعزيز القضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة من خلال تعميق التعاون فيما بين بلدان الجنوب” والتي عقدت خلال الفترة 22 – 29 سبتمبر الماضي قال أنطونيو غوتيريس أمين عام الأمم المتحدة خلال كلمته، أنه بينما نسعى جاهدين للتعافي من جائحة كوفيد-19، يجب أن نركز بشدة على كيفية شعور الفقراء والأكثر ضعفاً بتأثيرات الصدمات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بشكل غير متناسب. وأضاف غوتيريس لا يزال الفقر في البلدان النامية يمثل تحديا كبيرا، بينما انخفضت معدلات الفقر المدقع في السنوات الماضية، فمن المتوقع أن يقع ما بين 70 و100 مليون شخصا في براثن الفقر المدقع نتيجة لهذا الوباء بحلول نهاية عام 2020م، وقد يواجه 265 مليون شخص إضافي نقصاً حاداً في الغذاء. مشيرا الى انه بالاقتران مع المخاطر المتزايدة لحالة الطوارئ المناخية، تزداد الحاجة الملحة للقضاء على الفقر بجميع أشكاله يوماً بعد يوم. وفي دراسة تمت في 101 دولة، يفيد تقرير مؤشر الفقر متعدد الأبعاد، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي العام الماضي، أن من بين 1.3 مليار شخص ممن تم تصنيفهم كفقراء، هناك حوالي 663 مليونا من الأطفال دون سن الـ 18 عاما، منهم حوالي 428 مليون هم أطفال دون سن العاشرة.. يعيش 85% من هؤلاء الأطفال، في جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ويعيش معظم السكان الأشد فقراً في العالم في المناطق الريفية بنسبة 75%، أغلبهم يعتمد على الزراعة كسبيل لكسب العيش، وأكثرهم يعيشون في مناطق منكوبة بسبب النزاعات وتغير المناخ. ومن المتوقع بحسب إسقاطات ساعة الفقر العالمية، التي تعد أداة مختبر بيانات عالمية، لحساب معدل الفقر في كل بلد تقريبا في العالم، أن يتراجع الفقر الريفي بواقع 26% خلال العقد المقبل، لا سيما بفضل النمو الاقتصادي والهجرة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية، وليس من المتوقع في المقابل أن يشهد الفقر الحضري تراجعاً ملحوظاً، بسبب الزيادة المرتقبة في التوسع الحضري خلال العقد المقبل، لا سيما في أفريقيا. ولن يكفي الدعم الذي يتلقاه القطاع الزراعي في القضاء على الفقر، وينبغي أن يكون هناك أساليب سياسية أساسية لتحقيق ذلك، تتمثل في تشجيع السياسات الاجتماعية، وتعزيز قدرة المنظمات المنتجة والمؤسسات الريفية، وكذا التناسق بين الزراعة والحماية الاجتماعية، وزيادة الاستثمار في البنية التحتية الريفية، والعمل على تطوير البحوث والخدمات لخلق فرص جديدة لتوليد الدخل لفقراء الريف من خارج المزرعة. هذا ويعود تاريخ الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على الفقر إلى يوم 17 أكتوبر من عام 1987.. وهي مبادرة قام بها جوزيف فريزنسكي مؤسس منظمة ATD العالم الرابع وملايين من الأشخاص ينتمون إلى طبقات إجتماعية مختلفة.. حيث اجتمع في ذلك اليوم ما يزيد على مائة ألف شخص في ساحة تروكاديرو بباريس، تكريما لضحايا الفقر المدقع والعنف والجوع، وقام جوزيف فريزنسكي بإفتتاح لوحة خصصت لتكريم ضحايا الفقر المدقع ( النصب التذكاري لضحايا الفقر).. ومن خلال القرار 47/196 في 22 يناير 1992 تم الاعتراف رسميا بهذا اليوم من طرف الأمم المتحدة وتحديد السابع عشر من أكتوبر اليوم الدولي للقضاء على الفقر داعيةً الدول إلى تخصيص ذلك اليوم للاضطلاع بأنشطة محددة في مجال القضاء على الفقر والعوز وللترويج لتلك الأنشطة.. ودعوة المنظمات الحكومية الدولية وغير الحكومية إلى مساعدة الدول على تنظيم أنشطة وطنية احتفالا به.