[08/ يوليو/2020]
صنعاء – سبأ :
قّرن من الزمن مرّ على مذبحة تنومة المروعة التي ارتكبها جيش آل سعود بحق آلاف الحجاج اليمنيين وهم في طريقهم إلى بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة لأداء فريضة الحج الركن الخامس من أركان الإسلام.
خرج اليمنيون قبل مائة عام مهلّلين ومكبرين، وجهتهم بيت الله الحرام رغبةً في أداء هذه الفريضة والشعيرة العظيمة، في الوقت الذي كان العدو السعودي يعد العدة للغدر بهم والإجهاز عليهم مجرد دخولهم أراضي نجد والحجاز.
رّوت المصادر التاريخية أن ثلاثة آلاف حاج يمني تجمعوا من مختلف المحافظات وجرت لهم مراسم توديع بمدينة صنعاءَ قبل سفرهم للمشاعر المقدسة، من خلال الطقوس التي كان أبناء اليمن يودّعون ويستقبلون بها الحجاج أثناء مغادرتهم وعودتهم، إلا أن ضيوف الرحمن في العام 1341 هجرية من اليمنيين، لم يعودوا إلى ديارهم آنذاك.
ووفقاً للروايات، بعد أن منحت السلطات السعودية للحجاج اليمنيين الضوءَ الأخضرَ بسلامة وتأمين الطريق، ودخلوا المناطقَ الخاضعةَ لسلطة عبد العزيز آل سعود، أحاطت بهم سرّية من الجنود بقيادة الأمير خالد بن محمد ابن شقيق الملك عبد العزيز الذين واصلوا السيرَ معهم حتى وصلوا وادي تنومة في بلاد عسير، مكان الجريمة المروعة.
يصادف اليوم الأربعاء الذكرى المئوية لإرتكاب مجزرة تنومة من قبل نظام آل سعود في يوم السبت 17 ذي القعدة 1341 هجرية بحق الحجاج اليمنيين الذين سقطوا وفقا لمصادر تاريخية نحو ألفين و500 حاج يمني، فيما نجا من الموت 500 حاج.
ترجح المصادر في كتب التاريخ ومنها كتاب “هجَر العلم ومعاقله في اليمن” للقاضي إسماعيل بن علي الأكوع، أن جنوداً سعوديين ومجاميع تكفيرية مسلحة بقيادة السلطان بجاد العتيبي أقدمت على إطلاق النار على الحجاج اليمنيين بوادي تنومة، رغم معرفتهم أن اليمنيين كغيرهم من الحجاج لا يمتلكون أي سلاح.
تمثل مجزرة تنومة البشعة، أول جريمة يرتكبها نظام آل سعود بحق الشعب اليمني قبل مئة عام، ما يمكن تسميتها بمذبحة القرن العشرين في حق الحجاج اليمنيين، والذي يعكس حقد النظام السعودي على اليمن سواء بالتصفية أو احتلال الأرض والسيطرة على ثرواتها كما هو الحال بالنسبة لعسير ونجران وجيزان.
ولعل شن العدوان على اليمن عام 2015م من تحالف النظام السعودي، وتجاوزه لكل الحدود بتدمير مقدرات البلاد وبنتيه التحتية وقتل الأطفال والنساء والشيوخ والمواطنين في منازلهم والطرق وصالات الأعراس والعزاء، يُعد امتداد لمجزرة تنومة.
يقول وكيل وزارة الأوقاف لقطاع الحج والعمرة عبد الرحمن النعمي” تتزامن مذبحة تنومة وسدوان بحق الحجاج اليمنيين، على يد عصابات آل سعود والوهابيين التكفيريين في ذكراها المئوية الأولى مع منع النظام السعودي من دخول المسلمين لأداء فريضة الحج وإغلاق المسجد الحرام في صد واضح وفاضح لهذا النظام المتستر خلف عباءة الدين والمقدم نفسه بحامي حمى المسلمين”.
وأشار إلى أن مجزرة تنومة، جريمة مع سبق الإصرار والترصد، ما يؤكد عداوة هذا النظام لليمن وأهله .. وأضاف” إن عداوة النظام السعودي للشعب اليمني، ليس وليد اللحظة وما يشنه من عدوان على اليمن حالياً وصد المسلمين عن بيت الله الحرام، إنما هو جريمة ضمن سلسلة جرائم ما يزال يرتكبها بحق المسلمين ليضاف إلى سجل تاريخ آل سعود الأسود”.
ولفت النعمي إلى أن قتل آلاف الحجاج اليمنيين ظلماً وعدواناً بدم بارد من قبل عصابات وتكفيريي نظام آل سعود، يؤكد السعي لتنفيذ أجندة أعداء الأمة الذين يرون في هذه الفريضة جمع لكلمة الأمة لارتباط آل سعود بدول الاستعمار البريطاني الذي كان جاثماً على كثير من دول آسيا بما فيها اليمن.
وقال” إن النظام السعودي يمنع اليوم أبناء الأمة من أداء فريضة الحج، دون تشاور مع الدول والمنظمات الإسلامية بحجج وأعذار واهية، سعياً منه لتعطيل هذه الفريضة ومحاولة إفراغها من رسالتها الدينية التي أرادها الله “.
واعتبر وكيل وزارة الأوقاف، منع نظام آل سعود للحجاج من أداء الركن الخامس، إنما هو امتداداً للسياسة التي ينتهجها في إطار الهيمنة الأمريكية البريطانية وحرصهما على توسيع نفوذهما من خلال تمكين الكيان الصهيوني من بسط نفوذه على فلسطين والأراضي العربية.
وعلق ناطق أنصار الله محمد عبدالسلام على مجزرة تنومة بالقول” قرن من الزمان على مذبحة تنومة التي ارتكبها النظام السعودي الوهابي التكفيري، هي الأكبر والأشنع بحق الحجاج اليمنيين”.
وأشار إلى أن مظلومية مجزرة تنومة ما تزال ممتدة على شاكلة عدوان وحصار في دلالة على إيغال النظام السعودي في الدموية حتى اليوم.
ووصف الوكيل المساعد لقطاع الحج بوزارة الأوقاف إسماعيل ضيف الله مجزرة تنومة بحق الحجاج اليمنيين بالمروعة، ارتكبها جيش آل سعود بحقهم وهم في طريقهم إلى مكة .. مؤكداً أن هذه المجزرة التي حدثت عام 1341 هجرية ليست بغريب على آل سعود الذي يحييها بعد مئة سنة بشن حرب على اليمن، طالت الأطفال والنساء والشيوخ.
واعتبر منع النظام السعودي من دخول الحجاج الذي حرم منه أبناء اليمن على مدى ست سنوات، إنما هو صد المسلمين عن أداء هذه الفريضة وتسييس لهذه الشعائر المقدسة، ستؤدي إلى استحقاق العقوبة الإلهية لهذا النظام والخزي والهزيمة في الدنيا والعذاب العظيم في الآخرة قال تعالى ” ومَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ۚ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُون”.
فيما أوضح عضو المكتب السياسي لأنصار الله الدكتور حزام الأسد أن مجزرة تنومة 1923 – 1341 هجرية، ارتسمت في أذهان اليمنيين جيلا بعد جيل وتشكلت صورة النظام السعودي الحقيقة وإجرامه بحق الشعب اليمني حتى اليوم.
واعتبر مجزرة تنومة نتيجة طبيعية لحالة التعبئة الوهابية تجاه الأمة الإسلامية بمختلف توجهاتها الفكرية وعلى وجه الخصوص الشعب اليمني الذي مثل إرثه الفكري مصدر إزعاج لدى السعودية، لإدراكها أنه خطر على سياستها المتماهية مع أعداء الأمة.
وأكد الدكتور الأسد أهمية توثيق جرائم النظام السعودي على المسارين التاريخي والقانوني وإبرازها للعالم منذ مجزرة تنومة وصولاً إلى شن العدوان على اليمن وإرتكابه لأبشع الجرائم.
بدوره أشار الباحث الدكتور حمود الأهنومي إلى أن مجزرة تنومة بحق الحجاج اليمنيين، جريمة منسية في دهاليز السياسة، تم تغييبها منذ ارتكابها حتى اللحظة .. مستعرضا أسباب المجزرة وتداعياتها ووقائعها وأحداثها.
وأوضح أن العدوان على اليمن بدأ منذ 1341 هجرية بمجزر تنومة التي راح ضحيتها ما يقارب ثلاثة آلاف حاج يمني .. مؤكدا أهمية توثيق جرائم آل سعود بحق الشعب اليمني وتقديمها إلى المحاكم الدولية لمحاسبة مرتكبيها.
في حين اعتبر رئيس الملتقى الأكاديمي بجامعة صنعاء الدكتور محمد المأخذي، الحديث عن النظام السعودي ومشاريعه التخريبية في اليمن ليس حديثاً عن الماضي وما يحمله من مآس بدءً من مجزرة تنومة وعدوان 1934م، بل هو حديث عن الحاضر وما تفعله جارة السوء باليمن أرضاً وإنساناً.
وأشار إلى أن العدوان الذي تقوده السعودية حالياً على اليمن ما هو إلا وجهاً واحداً من أوجه القبح السعودي تجاه اليمن وليس لليمنيين من خيار إلا الصمود حتى تحقيق النصر وضمان عدم انتقال هذه الهمجية إلى الأجيال القادمة.
وتبقى مجزرة تنومة شاهدة على دموية النظام السعودي المتواصلة منذ مائة عام، ليستمر في غطرسته بشن عدوانه وحربه على اليمن وارتكابه لآلاف الجرائم والمجازر بحق الأطفال والنساء والشيوخ، فضلاً عن تدميره مقدرات البلاد وبنيته التحتية.