[12/ مايو/2020]
صنعاء- سبأ:
تعد الزكاة فريضة من فرائض الإسلام وأحد أركانه وأهمها بعد الشهادتين والصلاة، كما تعد جزءً رئيسياً من النظام الاقتصادي الإسلامي الذي يهدف إلى تحقيق التنمية الشاملة للمجتمع.
وحسب دراسات اقتصادية، فإن للزكاة تأثير على الاستثمارات وتحريك العملية الإنتاجية نحو النمو، وتساعد على الاستقرار الاقتصادي من خلال البيئة الاجتماعية التي توجدها.
وأثبتت الدراسات الاقتصادية والأبحاث العلمية الحديثة أن للزكاة دور هام ومساهمة فاعلة في معالجة الكثير من المشاكل الاقتصادية في دول العالم الإسلامي.
ويُجمع علماء الدين والاقتصاد أن الاكتناز يسهم بدرجة رئيسة في الركود الاقتصادي، حيث يحول دون نشاط التداول النقدي، الذي يعد ضرورياً لإنعاش الحياة الاقتصادية .. موضحين أن حبس المال تعطيل لوظيفته في توسيع ميادين الإنتاج وتهيئة وسائل العمل للعاملين.
ويرى العلماء أن الزكاة هي العلاج الأمثل للقضاء على أية طاقات إنتاجية عاطلة أو مكنوزة، لأنها تعتبر نفقةً وعبئًا على رؤوس الأموال العاطلة، بينما تنخفض هذه النفقة على رؤوس الأموال العاملة فيتم إخراج الفريضة الواجبة من عائد وأرباح هذه الأموال.
وأشاروا إلى أنه ومن خلال ما كتب عن الاقتصاد الإسلامي سواء من جهات إسلامية أو غير إسلامية، ينظر إلى الاقتصاد الإسلامي أنه المنقذ للبشرية جمعاء، لأنه بعيد عن الطمع والجشع والأنانية والاستئثار بالمال، باعتبار أن الاقتصاد الإسلامي يحقق العدالة والتنمية، ويركز على تشغيل الأيدي العاملة ويتيح مجالات عدة للاستثمار.
وأكدوا أن الاقتصاد الإسلامي لا ينظر إلى الربح بدرجة رئيسة، بقدر ما يسعى لتوسيع دائرة حركة المال ومن ثم تشغيل اليد العاطلة، وتحفيز النمو الاقتصادي .. لافتين إلى أن كثيراً من علماء الغرب يشيدون بالاقتصاد الإسلامي لأنه يحقق العدالة الاجتماعية، ولهذا بدأوا يفتحون ما يسمى بالنوافذ الإسلامية في البنوك الربوية بالتعامل الاسلامي.
وأشار أستاذ الاقتصاد الدكتور داوود عثمان إلى دور الزكاة في تنمية موارد المجتمع وتحقيق النهضة الاقتصادية المرجوة طبقًا لأحكام الشريعة الإسلامية.
وأوضح أن أموال الزكاة إذا ما تم جمعها على مستوى قطاعات المجتمع في اليمن، فإنها كفيلة بإحداث سيولة للمجتمع والإسهام في التنمية والرواج الاقتصادي.
وتؤكد الدراسات الاقتصادية أنه كما للزكاة دور في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فإنها تعمل على تحفيز الاستثمارات، مشيرة إلى الدور التوجيهي والتعديلي للزكاة في الجانب الاقتصادي وأن من أهم اهتمامات السلطات الاقتصادية، كيف يمكنها التدخل عن طريق آليات معينة لتصحيح الاختلالات وتوجيه الاقتصاد، والزكاة تعتبر آلية توجيهية.
ويُبرز ذلك الأثر التوجيهي للزكاة في متغيرين اقتصاديين، هما الاستثمار وتوطين المشاريع ويأخذ تأثير الزكاة على الاستثمار عدة أبعاد أهمها، القيام بدور تخصيص الموارد بين الاستهلاك الترفيهي والاستثمار، إذ نجد أن بعض الأفراد يقومون بإقتناء أدوات الزينة والرفاه من المعادن الثمينة وهذا يعتبر، اقتصادياً، تجميداً وتعطيلاً للأموال واكتنازًا غير مباشر لها.
وقد فرضت الزكاة على مثل هذه المقتنيات إذا كانت ذهباً أو فضة، ولا يستطيع الأفراد على المدى الطويل تحمل الإخراج المستمر للزكاة عنها، وهي مجمدة لا تدرّ أي عائد، ما يدفعهم في الأخير لإخراجها إلى مجال الإستثمار حتى تحقق عائداً مجزياً يكفي على الأقل لتسديد نفقات الزكاة.
كما أن بإمكان الزكاة أن تحل، مقام تكلفة رأس المال ليصبح معداً لها وسيلة للمفاضلة بين المشاريع من خلال عوائدها مقارنة بسعر الزكاة، فيكون المشروع مقبولاً إذا كان عائده أكبر من سعر الزكاة، وبقدر ما يكون المشروع أكبر من حيث العائد يكون أفضل للاختيار.
فيما دور الزكاة في توطين المشاريع لا تؤثر على ذلك من حيث المعدل أو السعر، وإنما تتدخل بطريقة توجيهية أخرى وهي التحكم في حصيلة الزكاة، بحيث لا يسمح لها بالخروج من مكان تحصيلها إلى مكان آخر، إلا إذا تم استنفاد فرص التوطين واكتفاء الأصناف الثمانية كفاية تامة حين ذلك يجوز نقلها إلى الأبعد مع مراعاة الأقرب بهدف جعل الأفراد يراقبون بأنفسهم سبل صرف زكواتهم، حتى يروا بأم أعينهم نتائج مساهماتهم.
وتدفع الزكاة من ناحية أخرى لتوطين المشاريع الزراعية بالمناطق النائية والصعبة من خلال تخفيف معدل الزكاة بالنصف عنه في المناطق الأخرى ذات العيون والأمطار.
ويؤكد علماء الدين أن استثمار الزكاة معناه أنه بعد سد الحاجة الضرورية للفقير تستثمر وتنمى ليكون لها ريع يعود ثماره على الأصناف التي ذكرها الله عز وجل بقوله” إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم”.
وأوضحوا أن استثمار الزكاة يأتي من خلال نظرة أن المال يجب أن يتحرك ويدور ويكون له إسهام في مجال التنمية الاقتصادية ليكون مردود تشغيل الزكاة على أيدي عاطلة، وعلى التنمية الاقتصادية والفقراء وذوي الاحتياجات، حينما يكون توزيعها قائما على أساس خطط وبرامج تحدد طبيعة التعامل مع هذه الفريضة.