[5/اغسطس/2019] سبأ
إن الانسحاب الجزئي للقوات الإماراتية من اليمن هذا الصيف، بينما لا تزال الحرب مستمرة، يطرح سؤالاً حتمياً ملحاً: هل حقق أي طرف في هذا الصراع شيء يذكر؟
حتى الإمارات العربية المتحدة أقرب حليف للمملكة العربية السعودية أعلنت في 22 يوليو قائلتاً “لم يكن هناك نصر سهل ولن يكون هناك سلام سهل.”
(صحيفة ”بي بي سي نيوز” البريطانية ، ترجمة: نجاة نور – سبأ)
بقلم فرانك جاردنر المراسل الأمني للـ بي بي سي نيوز
لنبدأ استعراض الجانب السلبي لهذه الحرب, فحجم الكارثة الحاصل في البلد مذهل للغاية.
لقد وُصفت حرب اليمن والتي دخلت عامها الخامس الآن، بالفعل كأسوأ أزمة إنسانية في عصرنا الحالي, حيث تتراوح تقديرات القتلى بين 10.000 إلى أكثر من 70.000 ، غالبيتهم العظمى من المدنيين ونحو ثلثي القتلى لقوا حتفهم جراء الغارات الجوية التي تشنها السعودية.
ووفقاً لوكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك هناك أكثر من 30 جبهة قتال؛ كما أشار إلى نزوح أكثر من 3.3 مليون شخص؛ فيما يحتاج 80٪ من السكان إلى المساعدة والحماية، بما في ذلك 10 ملايين يعتمدون تماماً الآن على المساعدات الغذائية.
وبمقارنة هذه الأرقام بالنسبة لسكان المملكة المتحدة هذا يعني وبشكل افتراضي أن 53 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة والحماية, بالتالي فإن اليمن يعتبر أفقر بلد في العالم العربي، وها هي تغرق أكثر فأكثر في الفقر والكوارث الاقتصادية.
في هذا العام، توسعت دائرة الحرب في اليمن بالفعل الى خارج حدودها، حيث شن الحوثيون هجمات صاروخية وطائرات بدون طيار على بعض المدن الحدودية للسعودية، وعلى السفن في البحر الأحمر وحتى على أهداف بعيدة مثل الرياض والإمارات.
لكن بالنسبة لحكومة اليمن الشرعية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة ومؤيديها السعودية والإمارات، كانت هذه الحرب تدور دائماً حول منع الاستيلاء غير المقبول على البلد من قبل أقلية صغيرة لها صلات بإيران” الحوثيين”, والذين نجحوا في ذلك، وإن كان ذلك بثمن باهظ دفعه الشعب اليمني.
لم تبدأ هذه الحرب بالحملة الجوية التي قادتها السعودية في مارس 2015. لقد بدأت قبل ستة أشهر عندما قام الحوثيون، وهي مجموعة قبلية صغيرة تقطن في المناطق الجبلية الشمالية لليمن، بمسيرات في العاصمة صنعاء، طردوا على إثرها الحكومة الشرعية للبلد.
بعد ذلك، وبدعم من القوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، استولى الحوثيون على معظم المناطق الرئيسية والمأهولة بالسكان في اليمن.
وبالنسبة للسعودية، المنافس الإقليمي لإيران فقد بدا الأمر وكأنه انقلاب مدعوم من إيران على حدودها الجنوبية مما جعل الأمراء الحاكمون عازمون على التحرك لصد هذا الخطر, وذلك بدعم من وزير دفاعها عديم الخبرة والآن ولي العهد، محمد بن سلمان, حيث قامت السعودية بتشكيل تحالف تم تجميعه على عجل وبدأت حملة مدمرة من الغارات الجوية على مواقع الحوثيين.
زرت مركز عملياتها في الرياض في أبريل 2015, وكان المتحدث باسم التحالف آنذاك واثقاً من أن المقاومة الحوثية ستنهار في غضون بضعة أشهر وأنها سترضخ فعلياً من أجل السلام, ولكن بعد أكثر من أربع سنوات لا تزال الضربات الجوية مستمرة, نعم كانت هناك محادثات سلام، لكن لا سلام يذكر.
فهل هذه الحرب لم تحقق شيئاً؟ هذا بالتأكيد هو ما يبدو عليه الحال لكثير من دول العالم.
وجدت الحكومة البريطانية نفسها متورطة أمام المحكمة، مُتهمةً من قبل نشطاء حقوق الإنسان بتزويد سلاح الجو الملكي السعودي بالأسلحة والذخائر التي قصفت المدارس والمستشفيات والأسواق والجنازات في عدة مناسبات على مدار السنوات الأربع الماضية وتسببت في قتل المدنيين.
ربما ارتكب الحوثيون أيضاً جرائم حرب مزعومة لكن بريطانيا لم تزودهم بالأسلحة.
لقد خفضت الإمارات التي كان لها في وقت من الأوقات ما يصل إلى 7.000 جندي منتشر في اليمن إلى بضع مئات، تاركة السعوديين وحلفائهم اليمنيين أمام محاربة الحوثيين الذين ما زالوا متمركزين بقوة في العاصمة والمناطق الشمالية للبلد.
وجهة نظر الإمارات هي أن مشاركتها في هذه الحرب ساعدت في تحقيق العديد من الأشياء، حيث منعت سيطرة الحوثيين على البلد بأسره، الأمر الذي اعتبرته من شأنه أن يعطي إيران في نهاية المطاف سيطرة على مضيق باب المندب الاستراتيجي الواصل بين إفريقيا والجزيرة العربية, أضف إلى ذلك أيضا، فقد تم تحرير معظم مناطق اليمن وقوض تواجد جماعات القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
بالنسبة لسعودية التي انفقت مليارات الدولارات في هذه الحرب، تجد الآن أن مدنها ومطاراتها مستهدفة بانتظام من قبل طائرات الحوثي المتطورة بشكل متزايد، فإن المكاسب تكاد تكون لا ملامح لها.
يعتقد مايكل ستيفنز، وهو خبير في شؤون الخليج في مركز الخدمات الملكي البريطاني في لندن، أن الحرب كانت غير نافعة للسعودية ولليمن, حيث أن “الحرب لم تحقق أي فائدة تذكر للمملكة العربية السعودية ومن الناحية الاستراتيجية يمكنك القول أن الرياض في وضع أضعف مما كانت عليه في العام 2015.
في المقابل، تمكنت الإمارات من تحقيق عدد من الأهداف التكتيكية والسياسية التي عززت مكانتها كقوة إقليمية متنامية.
وفي الوقت نفسه، فشلت محادثات السلام التي تم التوصل إليها في ستوكهولم في ديسمبر الماضي في ترجمة اتفاق سلام دائم – أو حتى وقف دائم لإطلاق النار, بينما يمكن للآخرين مناقشة ما اكتسبوه أو خسروه في اليمن، فإن معاناة ذلك البلد مستمرة.