لا تقتصر معاناة الأسرى الفلسطينيين على ما يلاقوه في سجون العدو الإسرائيلي بل تتعداه في حالات كثيرة إلى ازالتهم من سجلات الحياة ومن ذاكرة أهليهم وهم لا يزالون على قيد الحياة.
وفق وكالة “شهاب” الفلسطينية فإن قصة الشابة الفلسطينية، بيسان فياض، تحوّلت إلى رمزٍ صارخٍ للمعاناة المركّبة التي يعيشها الكثير من الأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم معهم حينما تقوم سجون العدو الإسرائيلي بالكثير من عمليات تبديل الجثامين.
تدفن الكثير من عائلات الأسرى جثثٍ لغير ذويهم وهي لا تدري ان العدو الصهيوني المجرم سلّمهم جثة لا تعود لأبنهم أو أبنتهم .
ودّعت عائلة بيسان جثمان ابنتهم الأسيرة مطلع يناير 2024، بعد أن تسلّموا جثمانًا قيل إنه يعود لها مرفقًا بهويتها وملابسها، لكن الفاجعة أتت لاحقاً حين اكتشفت أسرتها لاحقًا أن أبنتهم لا تزال على قيد الحياة.
الصدمة الأكبر التي تلقت العائلة المكلومة هو أن ابنتهم ليست حيّة فقط بل لا تزال أسيرة في سجون العدو وتعاني شللاً نصفياً سبّبها لها العدو بعد إصابتها بالعمود الفقري.
تبديل جثث الشهداء الأسرى من قبل العدو الإسرائيلي ليس استثناءً، بل حلقة ضمن سياسة أوسع يتبعها الاحتلال، تقوم على الإخفاء القسري والتلاعب بالجثامين.
وثّقت تقارير دولية تدمير أو تجريف ما لا يقل عن 16 مقبرة في غزة، وظهور مقابر جماعية في العدد من مستشفيات قطاع غزة منها “الشفاء وناصر” تضم نحو 520 جثة بعضها بلا هوية.
وعبّرت الأمم المتحدة عن قلقها من هذا النوع من الجرائم، مطالبة بتحقيق دولي مستقل، فيما وصفت منظمات حقوقية هذه الجرائم بالجريمة المزدوجة التي ينفذها العدو الإسرائيلي مع سبق الإصرار والترصد.
وبينما تشدد اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على حق العائلات في معرفة مصير أحبائها، يصف المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وهيئة شؤون الأسرى والمحررين، ما جرى مع عائلة فياض وغيرها بأنه “جريمة مزدوجة وبشعة”.
إن مأساة بيسان وعائلتها تجسد ما يصفه الخبراء بـ”الحزن المعلّق”، حيث يعيش الأهالي بين الفقدان والخذلان، في وقت يحاول فيه العدو الصهيوني طمس معالم الجرائم وإرباك المجتمع الفلسطيني.
ومع استمرار احتجاز الجثامين وغياب العدالة، تبقى قصة بيسان شاهدًا على أن المعاناة الفلسطينية تتجاوز حدود القصف والسجون لتطال الموت ذاته.









