حسم قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الجدل فيما يتعلق بالوضع الداخلي وحالة اللا حرب واللا سلم التي يمر بها الشعب اليمني خلال المرحلة الراهنة.
وعبر قائد الثورة عن الأمل في أن يدرك الجميع أهمية العمل على تعزيز الاستقرار الداخلي وإفشال كل مؤامرات الأعداء لإثارة الفتن تحت عناوين متعددة اجتماعية وسياسية وغيرها.
كلمة قائد الثورة جاءت للرد على محاولات تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي خلخلة الجبهة الداخلية والتماسك المجتمعي، في ظل استمراره في نهب ثروات اليمن وخيراته من النفط والغاز واستخدامها لصالحه وثلة من المرتزقة المنتفعين في الخارج.
تحديد الأولويات في مسار مواجهة العدوان وتحقيق السلام العادل الذي يكفل لليمنيين الاستقلال وعدم التفريط بالسيادة ونيل الحقوق المشروع وإعادة الإعمار والتعويض عن الأضرار الناجمة عن العدوان والحصار على مدى ثماني سنوات، عناوين بارزة ومطالب محقة جدد تأكيدها قائد الثورة في خطابه الأخير بذكرى استشهاد الإمام زيد عليه السلام.
وقال السيد عبدالملك الحوثي “اليمن ما يزال في حرب وعدوان وحصار واستهداف ويعاني من ذلك وجزء كبير من بلدنا محتل، وأولوياتنا واضحة يجب أن تكون اهتماماتنا بالدرجة الأولى التصدي للأعداء والوصول إلى تحقيق سلام عادل ولا نفرط فيه باستقلالنا ولا ببلدنا وبديننا ولا بكرامتنا ولا بحقوق شعبنا المشروعة، ومنها الإعمار وتعويض الأضرار”.
المضي في طريق تحقيق الأولويات، مسألة لا رجعة عنها، سيما في ظل تمادي تحالف العدوان وتعمده استمرار حالة اللا سلم واللا حرب وعدم التعاطي الجاد مع مبادرات صنعاء لتحقيق السلام المنشود والعبور بالبلاد إلى بر الأمان، وتنصله عن الاستحقاقات المشروعة والمتمثلة في معالجة الملفات الإنسانية وفي المقدمة صرف مرتبات موظفي الدولة ورفع الحصار عن مطار صنعاء الدولي وفتح الموانئ والمنافذ البرية والبحرية.
خطاب قائد الثورة وضع النقاط على الحروف بما مثله من تحذير لتحالف العدوان المستمر في الحصار واحتلال أجزاء واسعة من البلاد ومساعيه المتواصلة لتفتيت الشعب اليمني ونشر الفتن بين أبناء اليمن الواحد.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي أكد في تحذيره عدم السكوت تجاه ممارسات تحالف العدوان بحق الشعب اليمني قائلاً “أوجه التحذير الجاد وأقول لا يمكن أن نسكت تجاه الاستمرار في حرمان شعبنا من ثروته الوطنية واحتلال بلدنا وفي حالة العدوان والحصار وإذا كنتم تريدون السلام فطريق السلام واضحة، وليس هناك من جانبنا أي شروط تعجيزية”.
ما يلفت النظر في خطاب قائد الثورة الأخير، تحذيره لتحالف العدوان، خلافاً لخطاباته السابقة التي دائماً ما يصاحب التحذير النصح لعل وعسى أن تصل الرسالة لدول العدوان وفي المقدمة السعودية والإمارات للخروج بماء الوجه من المأزق الذي وضعوا فيه أنفسهم وهو ما ذهب إليه خطاب قائد الثورة.
وتابع “ما حصل ويحصل في اليمن، عدوان وحرب على مدى ثماني سنوات وقتل وجرائم رهيبة بإشراف أمريكي مباشر وتدخل وإسهام بريطاني إلى الجانب الأمريكي وتنفيذ عملائهم في المنطقة السعودي والإماراتي تنفيذ مباشر عدوان لا مبرر له أبداً”.
وأفاد السيد عبدالملك الحوثي بأن تحالف العدوان قتل عشرات الآلاف من النساء والأطفال واحتل مساحات كبيرة من البلاد وسيطر على الثروة الوطنية للشعب اليمني من النفط والغاز ومنابع الثروة في مأرب وحضرموت وشبوة وغيرها وتحكم في معظم المناطق ذات الأهمية الكبيرة على مستوى المطارات والموانئ والمنشآت والقواعد العسكرية.
تمادي تحالف العدوان في طغيانه واستمرار حصاره الشامل وعدم الاكتراث لمعاناة اليمنيين، لم تحقق له الأهداف التي شن الحرب من أجلها في تفكيك أوصال المجتمع اليمني، إلا أن ذلك ولّد قناعة لدى الجميع أن هدف العدوان الرئيسي تقسيم اليمن والسيطرة على جزره وموانئه ونهب ثرواته وخيراته.
وما يؤكد ذلك حديث قائد الثورة في خطابه الذي قال فيه “يستمر تحالف العدوان في شن حربه على اليمن ويصر على ذلك بالرغم من المعاناة الكبيرة لشعبنا”، متسائلاً ما ذنب الشعب اليمني إزاء هذه الأهداف الشيطانية والممارسات الظالمة؟.
وقال “هم يريدون أن يحتلوا ويسيطروا ويستعبدوا شعوب أمتنا، لكن تبقى مسؤوليتنا في إدراك أهمية التوجه الجهادي والوعي والبصيرة والشعور بالمسؤولية في التصدي لهذا الظلم وتحركنا أمر ضروري على مستوى انتمائنا الإيماني والديني وعلى مستوى الواقع وهو يمثل حلاً بالنسبة لنا لدفع شرهم عنا والتصدي لظلمهم وطغيانهم”.
وشخّص قائد الثورة المرحلة الراهنة التي يمر بها اليمن في ظل استمرار مخططات الأعداء وتحركاتهم قائلاً “المرحلة الراهنة تشهد خفضاً للتصعيد وإفساحاً للمجال للوساطة العمانية، إلا أننا لسنا في غفلة عن مسار وخطط الأعداء وتحركهم السيء لأهدافهم الشيطانية”.
وأضاف “مشكلة السعودي والإماراتي بالرغم مما قد كلفه عدوانهما على اليمن، خضوعهما لأمريكا وبريطانيا، خاصة وأن الأمريكي حريص على استمرار استهداف اليمن، واستقطاب ما قد احتله من أجزاء بلدنا إذا لم يتمكن من احتلاله بشكل تام”.
وفي ظل استمرار نهب تحالف العدوان للثروة الوطنية وتداعيات العدوان والحصار، تفاقمت معاناة أبناء الشعب اليمني، بصورة غير مسبوقة، ذلك ما لفت إليه قائد الثورة في خطابه، بعدم السكوت على هذا الوضع.
وقال “يتصور السعودي ومعه الإماراتي أن بإمكانهما تنفيذ أجندة وإملاءات ومخططات أمريكا وبريطانيا ضد بلدنا بالحرب والدمار والاحتلال والحرمان من الثروة الوطنية والتسبب في معاناة شعبنا وتجويعه وبؤسه مع ما حصل أثناء القصف لليمن من تدمير هائل لمنازل المواطنين ومصالحهم ومنشآتهم الحيوية وخدماتهم العامة ومع ما حصل من حرب اقتصادية لإفقار شعبنا إلى أقصى مستوى، إلا أننا لا يمكن أن نسكت عن الاستمرار تجاه ذلك”.
وتابع “أن يتصور السعودي أن بإمكانه أن ينتقل إلى الخطة “ب”، إذ لم يمكنه الاستمرار في حرب عسكرية شديدة مستعرة، تهدئة فيها إلى مستوى معين خفض للتصعيد واستمرار في الحصار والتجويع ونهب الثروة الوطنية والحرمان للشعب منها والتسبب في معاناة شعبنا ثم لا إعمار ولا انسحاب ولا إيقاف للعدوان، أن يتصور أن بإمكانه أن يضّيع مع الوقت كل شيء وأن ينسى شعبنا ما فعل به من قتل وتدمير وأن يصبر على حالة الحصار ويتحول سخطه إلى مشاكل داخلية فقط، هذا تصور خاطئ لا يمكن أن يستمر أبدا”.
ودعا قائد الثورة النظام السعودي إلى أن يدرك أن استمراره في تنفيذ الإملاءات الأمريكية والبريطانية ستكون عواقبها الوخيمة عليه لأنه لا يمكن أن يعيش في أمن ورفاهية وتحريك للاستثمارات وأنشطة اقتصادية، في حين تستمر حربه وحصاره والمعاناة والبؤس في واقع الشعب اليمني.
واستطرد “يتصور النظام السعودي أن يبقى بلدنا مدمراً وخراباً ومحاصراً وجائعا ويشغله أيضاً في مشاكل داخلية وينأى بنفسه عن كل التبعات بما فعله ويفعله وبما هو مستمر عليه من سياسات عدائية خاطئة وتدخل سافر ومكشوف بحق اليمن، هذا لن يحقق له السلام ولا يمكنه أن ينأى بنفسه عن التبعات والالتزامات نتيجة عدوانه على اليمن”.
قائد الثورة كان حازماً في خطابه فيما يتعلق باستمرار سياسة النظام السعودي تجاه الشعب اليمني، خاصة بعد أن تم إفساح المجال للوساطة العمانية بقدر كافٍ وقال “لا يمكن أن نسكت عما هو حاصل، أفسحنا المجال للوساطة بالقدر الكافي وإذا لم تحصل تطورات إيجابية ومعالجة لتلك الإجراءات الظالمة بحق شعبنا، وإذا لم يقلع السعودي عن سياساته وإصراره في استمرار النهج العدائي ضد شعبنا وكذا استمراره في حالة العدوان والحصار والمؤامرات والاحتلال، فإن موقفنا سيكون حازماً وصارماً”.
صمود الشعب اليمني وثباته على مدى ثماني سنوات وتحركه في مواجهة العدوان، أثبت صوابية النهج الذي رسمته القيادة الثورية منذ اليوم الأول لشن العدوان على اليمن في 26 مارس 2015م للتعاطي مع الواقع ومتطلباته في تطوير القدرات العسكرية بمختلف تشكيلاتها لردع قوى العدوان، وهو ما أفقد تحالف العدوان صوابه وجعله في حيرة من الأمر للخروج من أزمته والبحث عن حل لها بأي طريقة ممكنة.
حيث رأى قائد الثورة أن تحرك الشعب اليمني في الجهاد وتقديم التضحيات وتحقيق البطولات والتماسك والثبات وما حققه من انتصارات، أفشل تحالف العدوان في تحقيق أهدافه التي في ظاهرها إعادة الشرعية وباطنها تفتيت اليمن وتقسيمه ليسهل له السيطرة عليه.
وقال في خطابه “لسنا غافلين خلال هذه المدة، نسعى لتطوير قدراتنا العسكرية بكل ما نستطيع في التصدي للأعداء وفي دفع الظلم عن شعبنا والسعي لتحقيق الأهداف المقدّسة لتحرير وإنقاذ بلدنا حتى يحصل شعبنا على حقه في الحرية والاستقلال التام”.
خطابات قائد الثورة تؤكد دائماً أهمية تحمل الجميع للمسؤولية وعدم التفريط بها باعتبار ذلك خطراً سيؤدي إلى هيمنة الطغيان وقوى الاستكبار ليس على اليمن وإنما على شعوب الأمة.
خلاصة القول أن خطاب قائد الثورة الأخير، اتسم بالوضوح لتناوله القضايا المتصلة بالشأن الداخلي والتوجه لمرحلة تمهيدية لإحداث تغييرات جذرية مهمة في واقع الشعب اليمني على المستوى الرسمي وتشخيص الإشكاليات ووضع خطط وبرامج لمعالجة الكثير من الاختلالات، في حين كان أكثر وضوحاً بتحذير تحالف العدوان “السعودية – الإمارات” تجاه استمرار ممارساتهما العدائية وتنصلهما عن المضي في طريق السلام الذي يحفظ لليمن وشعوب المنطقة برمتها الأمن والأمان والاستقرار.