المقاطعة الاقتصادية لمنتجات الدول الغربية التي تتعمد الإساءة إلى المقدسات الإسلامية هو الموقف الصحيح والسلاح الفاعل والمؤثر، الذي ينبغي أن تجمع عليه كل الدول والشعوب الإسلامية لتستعيد هيبتها وتفرض على الآخرين احترام مقدساتها.
من هذا المنطلق حذر قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في محاضرته يوم الخميس الماضي، من خطورة الموقف المتخاذل للأمة تجاه أعداء القرآن، في ظل ما تشهده المرحلة من تصعيد للحرب المسيئةً التي تستهدف الأمة ومقدسها العظيم (كتاب الله).. مستشهدا بما حدث في الآونة الأخيرة من إحراق للمصحف الشريف بشكل متكرر في الدنمارك، وفي دول أوروبية أخرى، خلال حفلات يقيمونها ويجتمعون فيها، ثم يقومون بإحراق المصحف وتوثيق ذلك بالتصوير استخفافا بالمسلمين واستفزازا لمشاعرهم، وتعبيرا عن عدائهم الصريح للإسلام والمسلمين.
وأشار إلى أن الانتماء الإيماني والمسؤولية الدينية يفرضان على الأمة أن تتخذ موقفا من أجل دينها وأن تستنفر وتغضب أشد الغضب ضد كل من يحارب دينها ويسيء لمقدساتها، خصوصا وقد بات عداء الغرب للقرآن وللإسلام عداء صريحا.
ولأن الدين والقرآن هو أغلى ما يمتلكه المسلمون، وليسوا شيئا من دون القرآن، الذي أكرمهم الله وشرفهم به، في الدنيا والآخرة، فانهم بحاجة ماسة للعودة إلى القرآن والاهتمام به أكثر، كما أشار إلى ذلك قائد الثورة، لكي يرى أولئك أن نتيجة أفعالهم تدفع هذه الأمة أكثر وأكثر نحو القرآن، والتقديس له، والصلة الوثيقة به.
وهنا يؤكد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أيضا أن الأمة بلا شك ستحاسب، وتُسأل وتجازى، عندما تترك ما يمكنها أن تفعله وهو في إطار قدرتها ونطاق مسؤولياتها وواجباتها.. لافتا إلى أن تنصل البعض عن هذه المسؤولية لا يعني أن يتنصل البقية أو أن يرهن الإنسان موقفه بالآخرين بل ينبغي على كل من يحملون الوعي ويستشعرون المسؤولية، أن يكون لهم هم موقف بالكلام، وبالتعبير عن سخطهم، وغضبهم، والرد على أي إساءة حتى لو لم يحصل الموقف العام نتيجة للتخاذل، والتفريط والتقصير ونقص الإيمان.
كما أن التعبير عن الإدانة والاستنكار لهذه الأفعال الإجرامية الخطيرة، والتطاول المشين على أهم المقدسات الإسلامية (كتاب الله العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه)، هو أقل ما يمكن اتخاذه من كل من ينتمي إلى الإسلام أو يحمل في قلبه ذرة من الإيمان.
تمتلك الأمة بيدها الكثير من الوسائل الفاعلة لإجبار أعداء الأمة على التوقف عن الإساءة للمقدسات، حيث يشير قائد الثورة إلى أن الأمة الإسلامية قادرة على أن يكون لها مواقف مؤثرة لا يترتب عليها أي ضرر أو تأثير عليها، وذلك من خلال إعلان موقف جماعي رافض لإساءات الغرب والشروع في المقاطعة للبضائع، والذي سيكون له أبلغ الأثر على تلك الدول التي تعتبر المال والمادة غايتها وأهم شيء بالنسبة لها.
وأوضح أن الغرب بشكلٍ عام- والدول الأوروبية بشكل رئيس يعبدون المال ويعتبرونه صنمهم الحقيقي، فهم أمة مادية، غارقة في المادة، وكل اهتمامها منصب نحو المال.. مؤكدا أنه لو توحدت الأمة الإسلامية، في هذا الموقف فحسب، والمتمثل في مقاطعة بضائع الدول التي تفتح المجال لإحراق المصاحف، وتجعل لذلك حماية قانونية، لأركعت تلك الدول ولأرغمتها على التراجع والكف عن ذلك، وهنا تأتي المسؤولية في الموقف الممكن.
ومما يؤكد هذا الطرح هو أن الأمة الإسلامية باتت اليوم أكبر سوق استهلاكية في العالم؛ وتعتمد عليها الدول المنتجة إلى حد كبير في تسويق بضائعها، وفي حال عزوفها عن شراء المنتجات الغربية وبالأخص الأوروبية، فإن النتيجة ستكون كارثية على هذه الدولة.
ومن الخطوات التي ينبغي على كافة الدول والحكومات والشعوب العربية والإسلامية اتخاذها لحماية المقدسات، وعدم تكرار الإساءة إليها، المقاطعة السياسية للدول التي تصدر عنها أو تحدث فيها مثل هذه الأفعال المشينة، التي لا تمت لحرية التعبير بأي صلة بقدر ما تحض على الكراهية والإرهاب والتطرف وازدراء الأديان والإساءة إلى مشاعر المسلمين ومقدساتهم.
وبقدر ما تمثله هذه الأعمال العدائية من استفزاز لمشاعر نحو مليار ونصف المليار مسلم في العالم، فإنها تكشف في ذات الوقت عن حالة الضلال والانحطاط التي وصلت إليها المجتمعات الغربية المتشدقة بالحرية وحقوق الإنسان، والتي تتناقض أفعالها القبيحة مع ما ترفعه من شعارات زائفة.
وفي هذا السياق اعتبر السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، حالة التيه والضلال وما تشهده المجتمعات الغربية من جرائم وتفكك وانحطاط هي نتيجة لما هم فيه من ضلال، وانحراف عن الرسالة الإلهية، وكفر بالله ورسله وأنبيائه، وبالشرع والتعليمات الإلهية، وتوجههم نحو الإلحاد، والكفر، والفساد، وصولا إلى أحط مستوى من الفساد الأخلاقي، وانتشار اشنع الجرائم، والمفاسد، والمنكرات في مجتمعاتهم، وجميعها ناتجة عن انحرافهم عن رسالة الله ورسله وأنبيائه.
وعلاوة على ما جاء في محاضرة قائد الثورة، لم يعد خافيا أن اللوبي الصهيوني اليهودي، هو من يقود تلك الحالة من الانحراف عن منهج الله، وعن رسالته، ورسله، وأنبيائه، وهو من يدفع بالمجتمعات الغربية كالقطعان نحو إلى الإساءة إلى الله، وإلى أنبيائه ورسله، وكتبه، ومحاربة تعليماته، بهدف حرفهم عن الفطرة الإنسانية السوية التي تميز الإنسان عن بقية الحيوانات، وإفراغهم من إنسانيتهم، إلى جانب مساعيه الخبيثة للتحريض وإشاعة الكراهية تجاه الدين الإسلامي وكل من ينتمي إليه.
فاللوبي الصهيوني يسعى لأن يضل تلك المجتمعات ويهلِكها، ويسبب لهم الكثير من المشاكل، والأزمات في حياتها وواقعها المعاش، وهذا ما يتجلى من خلال ما تشهده تلك المجتمعات من انحراف متزايد وانحدار نحو الحضيض والهاوية، بعد أن غرقت في المشاكل والأزمات الاجتماعية المتفاقمة، نتيجة ما وصلت إليه من تفكك أسري ومجتمعي وافتقار للبيئة والحاضنة الإنسانية الطبيعية والرعاية والتربية.
ولهذا تتحدث الإحصائيات عن معدل انتشار الجريمة بشكل مخيف ورهيب في المجتمعات الغربية، فعلى مستوى الدقيقة الواحدة، تشهد تلك البلدان حدوث أعداد كبيرة من أنواع الجرائم واشنعها على الإطلاق، وكل ذلك ما كان له أن يحدث لولا أن تلك المجتمعات غيبت الرسالة الإلهية في مبادئها وأخلاقها وتعاليمها، وانحرفت عن القيم الفطرية الإنسانية.
وإلى جانب ما سببه ذلك الانسلاخ والضلال من توحش وانحطاط، وجرائم في حياة وواقع تلك المجتمعات في الدنيا، فإن العقوبة الأكبر تكمن سخط الله وغضبه عليهم وما أعد لهم من عقوبات إلهية كثيرة، وأنواع من العذاب، لأن الوعيد الإلهي هو وعيدٌ صادق، ويتحقق حتمًا.
ولعل من الواضح والجلي أن الأنظمة والحكومات الغربية المتصهينة ما كان لها أن تستخف بالمسلمين ومقدساتهم وشعائرهم بهذا الشكل المعيب لولا حالة الضعف والهوان التي تعيشها الكثير من الأنظمة العميلة المتربعة على الشعوب العربية والإسلامية، والتي شجعت الصهاينة وأتباعهم على التمادي في غطرستهم وإساءاتهم.
وبعيدا عن المواقف المخزية للكثير من الأنظمة والحكومات العربية العميلة والمطبعة التي لم تعد تستفزها مثل هذه الجرائم والاستخفاف الذي يطال المسلمين، يظل الشعب اليمني وقيادته الثورية الحكيمة في طليعة الشعوب الحرة، في تبني المواقف المشرفة إزاء كل عدوان صهيوني وغربي على الأمة الإسلامية ومقدساتها، والخروج الجماهيري الكبير في المدن والمحافظات الحرة للتعبير عن الغضب الشديد والرفض القاطع للممارسات والإساءات المتكررة من قبل أعداء الإسلام تجاه دين الله وكتابه العزيز وخاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم