تبقى القضية الفلسطينية محور اهتمام الشعب اليمني وقيادته الثورية، لما تمثله من رمزية، اختزلت في أذهان ووجدان اليمنيين منذ وعد بلفور، الذي منحت فيه بريطانيا أرض فلسطين للعدو الصهيوني.
ومع مرور السنوات، تعددت مواقف الشعب اليمني الداعمة للقضية الفلسطينية، التي كانت وستظل القضية المركزية والمحورية بالنسبة لليمنيين، الذين يدفعون اليوم ضريبة مواقفهم المؤيدة للشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في خطاباته ومحاضراته، دائماً ما يعرج على القضية الفلسطينية، ويجدد من خلالها موقف الشعب اليمني الثابت والمبدئي تجاه فلسطين وقضيتها العادلة ووقوف اليمنيين إلى جانب أبناء فلسطين إزاء ما يتعرضون له من قتل يومي وتشريد وتهجير من قِبل العدو الصهيوني، على مرأى ومسمع من العالم والضمير الإنساني.
وفي هذا الإطار، يقول قائد الثورة، في خطابه الأخير بالذكرى السنوية الخامسة للرئيس الشهيد صالح الصماد: “نحن نعيش مع الشعب الفلسطيني همه وآلامه ومعاناته، فهو جزء منا، ومهما كانت معاناتنا من العدوان والحصار والاحتلال، ولكن في أصعب الأوقات لا نزال نحمل هم شعبنا الفلسطيني ونشعر معه بالألم”.
وأضاف: “ندرك أن قضية الشعب الفلسطيني قضيتنا، وإننا معنيون انطلاقاً من موقفنا المبدئي بمناصرة هذا الشعب والوقوف إلى صفه والتضامن معه، وسيظل موقفنا مبدئي وأخلاقي وثباتنا على هذا الموقف مهما كانت الظروف التي نعيشها”.
وأشار السيد عبدالملك الحوثي إلى ما يتعرَّض له الشعب الفلسطيني من جرائم يومية في كل المراحل، من خلال نهب الأراضي والاعتداء على المزارع والقتل بمشاركة أمريكية.
وبالنظر إلى حقوق الإنسان، التي تتحدث عنها دول الاستكبار، وتتشدّق بها عبر مختلف وسائل الإعلام التابعة لها، لم تعد مثل هذه الأقاويل تنطلي على أحد، لكنها أصبحت مكشوفة لكل ذي لُب وبصيرة ولا أثر لحقوق الإنسان على الواقع، وما يحصل في فلسطين والعراق واليمن وسوريا وليبيا، لأكبر دليل على ذلك.
وفي هذا الصدد يتساءل قائد الثورة: “أين هي حقوق الإنسان التي يتحدث عنها الأمريكي عندما يريد أن يستهدف شعباً أو بلداً معيناً؟، فالشعب الفلسطيني يحاول الأعداء أن يصادروا حقوقه المشروعة، التي أقرتها الشرعية الدولية، وفي مقدمتها الحق في الحرية والاستقلال، أمريكا هنا تضيع كل هذه العناوين لا حرية ولا حقوق إنسان ولا حقوق امرأة ولا طفل، كل الحقوق الفلسطينية المشروعة لا تعني شيئا بالنسبة لأمريكا التي تسعى لحرمان أبناء فلسطين من الحصول عليها”.
ومما يؤسف له أنه بالرغم من الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، ويكابد مرارتها على مدى العقود الماضية، إلا أن مواقف العالم والمجتمع الدولي ومنظماته تغض الطرف تجاه ما يتعرض له الفلسطينيون، والاكتفاء بالشجب والإدانات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا يتبعها أي خطوات واقعية أو ملموسة على الأرض.
ولم تقتصر تلك المواقف على أمريكا وبريطانيا وبقية دول الغرب، لكنها امتدت لعدد من الدول العربية، التي هرولت للتطبيع مع العدو الصهيوني جهراً، بعد أن كان التطبيع من تحت الطاولة.
وقال: “هي فضيحة وخزٍ للمطبعين المتعاونين مع العدو الصهيوني والمتخاذلين، الذين أصبحوا داعمين له في كل ما يفعله بالشعب الفلسطيني من خلال دورهم المساند إعلامياً، وبأشكال متعددة، ولم يكتفوا بذلك بل سعوا لصرف بقية الشعوب عن الاهتمام بهذه القضية”.
وأضاف: “إسرائيل مناهجها التعليمية معبأة بكل المعاني العدائية للعرب، التي لا تعتبرهم بشر، في وقت يأتي فيه الإماراتي لتغيير مناهجه الدراسية وتضمينها مادة الهولوكوست، ويقدّم صورة غير حقيقة عن الصهاينة وعدائهم للعرب والمسلمين”.
ولفت إلى أن الدول المطبعة مع العدو الصهيوني، عملت على تغييب القضية الفلسطينية بشكلٍ كبير من المناهج الدراسية حتى غابت بشكلٍ تام في معظم المناهج في أكثر البلدان العربية والإسلامية.
وقال: “حرصوا على تغييب كل ما يمكن أن يبني الأمة وينهض بها، ويرفع من مستوى وعيها، وهذا شيءٌ ملحوظ، وحققوا فيه نجاحات ملموسة وواضحة، من خلال دعم العدو الصهيوني، الذي يمثل غدةً سرطانيةً في جسد الأمة، وحمايته”.
واعتبر قائد الثورة الدول المطبعة؛ من السلطات السعودية والإماراتية والبحرينية والمغربية، وكذا بقية الدول التي طبّعت ووالت العدو الصهيوني ودخلت في علاقة مفضوحة معه، مرتدة عن مبادئ الدين وقيمه العظيمة، ومخالفة صريحة للقرآن الكريم.
يقف المجتمع الدولي بكافة منظماته إلى جانب العدو الصهيوني، وتبرير أعماله الإجرامية، ذلك ما أكد عليه السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابه بالذكرى السنوية للشهيد القائد بقوله: “يعملون على دعم العدو الصهيوني الذي يمثل غدةً سرطانيةً في جسد الأمة، وحمايته، وضمان تفوقه العسكري والتقني، والانحياز الكامل إلى صفه، وتبرير جرائمه وانتهاكاته بحق الفلسطينيين وبقية شعوب أمتنا، وتوفير الحماية الأممية في مجلس الأمن، والأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، والمحاكم الدولية، التي تعمل كلها لصالحهم”.
وأضاف: “من أكبر اعتداءاتهم واستهدافهم لأمتنا الإسلامية، زرع العدو الصهيوني وتمكينه من احتلال فلسطين، ودعمه ليجعل من فلسطين – نفسها- موطناً ومستقراً وقاعدةً لاستهدافه لبقية بلداننا وشعوب أمتنا، فيما لا يزال الشعب الفلسطيني يعيش يومياً مظلومية واستهداف مستمر بكل أنواع الظلم: القتل والسجن يومياً، والتدمير للمنازل والاحتلال للأراضي ومصادرة المزارع وقلع أشجار الزيتون وغيرها”.
وأشاد قائد الثورة بتضحيات الشعب الفلسطيني واستبساله، وثباته، وتنفيذ عمليات استشهادية وبطولية منكّية ومقلقة للعدو، الذي يمعن في الاعتداءات والاستيطان وتعذيب الأسرى ويمارس في الوقت ذاته، الانتهاكات اليومية بحق المسجد الأقصى والسعي لاستقطاع بعضٍ منه.
وأردف: “وأمام ما يجري في فلسطين نحن في اليمن ومن خلال مسيرتنا القرآنية، يجب أن نكون جاهزين لكل الاحتمالات، إذا وصلت الأمور إلى وضعية تحتاج للتدخُّل من شعوبنا الإسلامية، نحن حاضرون – كما قلنا- مراراً وتكراراً أن نتدخل إلى جانب شعبنا الفلسطيني بحسب المقتضيات والأحداث”.
وخلاصة القول، إن قائد الثورة، باستحضاره لماضي وحاضر وتاريخ القضية الفلسطينية في خطاباته، وتأكيد موقف اليمن الثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف، ليس ترفاً ولا للمفاخرة أو إعلان وتحديد مواقف، وإنماً امتداد للمواقف اليمنية الداعمة والمناصرة والمساندة لفلسطين الأرض والإنسان.