ألقى قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي كلمة في الذكرى السنوية للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، فيما يلي نصها:
أسأل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أن يكتب أجركم، وأن يبارك فيكم، وأن يوفِّقنا وإيَّاكم، وأشكر لكم هذا الحضور الكبير، وأرحب بكم جميعاً، حياكم الله، وأهلاً وسهلاً ومرحباً
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين والمجاهدين.
السَّلام والرحمة والبركات والرضوان على شهيد القرآن، السيد المجاهد القائد/ حسين بن بدر الدين الحوثي “سلام الله عليه”.
والسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ- أيها الإخوة- وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
وعظَّم الله أجورنا وأجوركم في ذكرى شهادة شهيد القرآن وإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال الله تعالى في القرآن الكريم: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}[الأحزاب: 22-23]، صدق الله العلي العظيم.
ميزة الموقف الإيماني في مواجهة التحديات والأخطار، هي: الثبات المستند إلى التوكل على الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والثقة به، والوعي، والبصيرة، والتحرك العملي الجاد بناءً على ذلك، وهكذا كان تحرك شهيد القرآن “رضوان الله عليه” في مرحلةٍ من أخطر المراحل على أمتنا الإسلامية بكل شعوبها، ومختلف بلدانها، ففي الوقت الذي دخلت الهجمة الأمريكية والإسرائيلية والغربية على أمتنا مرحلةً جديدةً، هي أكثر خطورةً من سابقاتها، تحت عناوين متعددة، وذرائع مصطنعة، في مقدِّمتها: عنوان مكافحة الإرهاب، وهم صنَّاعه، وفي وضعيةٍ لم تعد الأنظمة العربية في موقفٍ تدفع عن شعوبها خطراً، بل أكثرها انساق وسارع إلى الانخراط التام في خدمة وطاعة وتنفيذ مخططات الأعداء، وسط حالةٍ من الخوف والإرباك، وانعدامٍ للرؤية في أوساط الشعوب، واستهدافٍ شاملٍ للأمة في مختلف المجالات: السياسية، والثقافية، والتعليمية، والاقتصادية، والعسكرية، والأمنية، وعلى مستوى الخطاب الديني أيضاً، بكل ما يترتب على ذلك من مخاطر رهيبة على الأمة في دينها ودنياها.
إذا جئنا لنتذكر تلك العناوين التي تحرَّك بها الأعداء في مختلف المجالات؛ ندرك أهمية وعظمة المشروع القرآني، وعظمة العطاء الكبير لشهيد القرآن “رضوان الله عليه”، والثمرة المباركة لجهوده العظيمة، تلك الثمرة التي استمرت بنماءٍ عظيم، بالرغم من حجم التحديات والحروب الشرسة المتوالية من الأعداء.
أول المجالات التي نتحدث عن حجم هجمة الأعداء فيها، وما يترتب على ذلك من المخاطر الكبيرة على أمتنا، هي: المجال الثقافي، الاستهداف لأمتنا على المستوى الثقافي والفكري، وهو استهدافٌ لعقيدتها الإسلامية، لانتمائها الديني، وهو أخطر أشكال الاستهداف.
الإضلال والإفساد هما العنوانان اللذان تحدث عنهما القرآن الكريم، ولفت أنظار الأمة إلى طبيعة تحرك الأعداء بهما لاستهداف الأمة من خلالهما، كما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم وهو يتحدث عن أعداء الأمة من اليهود وأوليائهم من النصارى، قال عنهم: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}[النساء: من الآية44]، وقال عنهم: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}[المائدة: من الآية64]، في إطار هجمتهم على أمتنا الإسلامية، والتي أيضاً تكشف طبيعة حربهم على هذه الأمة، وأهدافها الحقيقية، هو: استهدافهم للمناهج الدراسية، سواءً الأساسية والثانوية، أو الجامعية، وتركيزهم على كل ما يتضمن توعيةً للأمة عن خطر الأعداء، أو استنهاضاً للأمة للتصدي لهم، أو حديثاً عن الجهاد في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” وفق المفاهيم القرآنية الصحيحة، أو فضحاً للأعداء، وحديثاً عنهم، وعما فعلوه بهذه الأمة على مدى التاريخ بكله، سواءً التاريخ المعاصر، أو ما قبل ذلك، فهم حرصوا على تغييب ذلك كله بشكلٍ عام من المناهج الدراسية، وحرصوا أن تتضمن في محتواها ما يمثل إضلالاً للأمة على المستوى العقائدي، أو على مستوى المفاهيم الثقافية، أو على مستوى النظرة إلى التاريخ، والنظرة حتى إلى الأعداء، حرصوا على أن يتحكموا بذلك، وأن يؤثروا في ذلك، بكل ما له من تأثير خطير على أبناء أمتنا.
كذلك فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، عملوا على تغييبها بشكلٍ كبير من المناهج الدراسية حتى غابت بشكلٍ تام في معظم المناهج الدراسية في أكثر بلداننا العربية والإسلامية.
حرصوا على تغييب كل ما يمكن أن يبني الأمة، وأن ينهض بها، أو أن يرفع في مستوى وعيها، وهذا شيءٌ ملحوظ، وحققوا فيه نجاحات ملموسة وواضحة.
عملوا- ولا زالوا يعملون، هو نشاط مستمر ومكثف وبكل الوسائل- على التشكيك في الدين الإلهي، والرسالة الإلهية، والدين الإسلامي، والقرآن الكريم، والإساءة إلى الرموز الدينية، والإساءة إلى المنظومة العقائدية، تحت عنوان حرية التعبير، والدعوة إلى الإلحاد، وترك الدين الإلهي عبر خطط وآليات ممنهجة، ويعملون في ذلك بشكلٍ مستمر، وعبر الكثير من أبواقهم، والأقلام التي تخدمهم، ويسعون إلى ضرب قدسية كل المقدسات الإسلامية- وفي مقدِّمتها: القرآن الكريم- في نفوس الأمة، وما يقومون به من حرقٍ للمصحف الشريف واحدٌ من أهدافهم في ذلك هي: ضرب قدسية القرآن في نفوس المسلمين، وترويض الأمة إلى عدم المبالاة تجاه أي إساءةٍ إلى مقدَّساتها، وإلى كل ما يمثل رمزيةً لها في دينها.
عملوا على الغزو الثقافي الغربي بما تسميه أمريكا بالقيم الأمريكية واللِيبرالية، تحت مسمى الحريات التي تتعارض في الواقع- وليست بحريات- تتعارض مع القيم الإسلامية المحافظة، وحرصوا على تقديمها وكأنها تمثل الحضارة والرقي؛ ليخدعوا بها من لا يمتلكون الوعي تجاه أساليبهم المخادعة، وعناوينهم الزائفة، واستخدموا كل الوسائل والقنوات الثقافية من: أفلام، وكتب، وصحف، ومواقع إلكترونية… وغير ذلك من الوسائل، والهدف من ذلك: احتلال الأفكار، احتلال القلوب، السيطرة على الإنسان حتى في تفكيره، في ثقافته، في قناعته، في مفاهيمه لتكون كلها محتوىً مغلوطاً خاطئاً يدجِّنه لهم، ويجعله ينبهر بهم، ويتولاهم، ويطيعهم، ويقتنع بكل توجهاتهم وتوجيهاتهم، وهذا أسلوب خطير من أساليب الاستعمار والسيطرة على الإنسان.
يعملون ويروِّجون بشكلٍ كبير للممارسات الإجرامية، والفساد الأخلاقي، وارتكاب الفواحش المحرمة، بالزنا، ونشر الزنا والفساد، وكذلك بجريمة الفاحشة المثلية، التي يروِّجون لها بشكلٍ كبير، ويدعمونها حتى بإصدار القوانين التي تبيحها، وبالضغط على الدول باعتمادها، ومنها دول المنطقة العربية والإسلامية، وهذا من أسوأ جنايتهم على البشر، ومن أسوأ أشكال استهدافهم للبشر بشكلٍ عام، وللمسلمين على وجهٍ أخص، استهداف قذر، استهداف دنيء، استهداف سيئ، وهم يريدون بذلك: تدنيس المجتمع البشري، وأن يذهبوا منه كل القيم، وكل شعورٍ بكرامة، وأن يدنِّسوه لكي يكون دنيئاً، متقبلاً لكل جرائمهم وفسادهم، وأن ينزعوا منه كل مشاعر العزة، والكرامة، والقيم النبيلة، والأخلاق الكريمة، وهو أسلوبٌ خطيرٌ وشيطانيٌ للسيطرة على المجتمعات من خلال إفسادها، وتمييعها، وضربها في كرامتها وأخلاقها.
يقومون بنشر ودعم الدعوات والمذاهب غير الإسلامية، مثلما يسمى بالبهائية، والأحمدية، والإبراهيمية… وغيرها، هم ينتجون المزيد والمزيد ضمن أسلوبهم لإضلال الأمة، لإضلال المجتمع الإسلامي، والانحراف به عن الإسلام، والاتجاه به نحو الارتداد عن الدين الإسلامي والكفر، ويقومون بالترويج لتلك الدعوات والمذاهب وحمايتها، حتى من أي مواجهةٍ محلية، ومنحها الحصانة تحت مسمى الحريات الدينية.
يقومون بالضغط على الأنظمة العربية والإسلامية لتغيير القوانين المستمدة من الشريعة الإسلامية، وفي مقدِّمتها: الحدود الشرعية، والعقوبات التي تحد من الجرائم، وهدفهم من ذلك: أن يصنعوا بيئةً مفتوحةً لارتكاب الجرائم، دون أن يكون هناك أي مانع، أو أي عائق، أو أي شيءٍ يحد منها، فضمن توجههم الإجرامي، وأن يحولوا بيئتنا الإسلامية إلى بيئة ممتلئة بانتشار الجرائم والمفاسد، يحاولون أن يمنعوا أي شيءٍ يعيق ذلك.
يقومون بالتشكيك في القناعات التاريخية، ونشر الأكاذيب التاريخية، وخاصةً تجاه ما يتعلق باليهود وتاريخهم الإجرامي، تاريخهم الإجرامي على مستوى التاريخ والجغرافيا العربية والإسلامية، ويقومون بنشر دراسات وبحوث تضرب القناعات التاريخية وتهدمها، وتقدم البديل المناسب لخدمة المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة، وهم يعملون في ذلك بشكلٍ عجيب، يعني: غيَّبوا التاريخ الحقيقي، عملوا على تغييب الحقائق المهمة جداً التي يجب أن تكون حاضرة في المناهج الدراسية، والتعليم، والإعلام، وعملوا على تقديم البديل الكاذب عنها، وهناك تفاعل من الدول العربية مع ذلك، سمعنا مؤخراً عن قيام الإمارات العربية بإدخال ما يسمونه بالهولوكوست إلى منهجها الدراسي.
يعملون على نشر الفرقة والفتن القائمة على التناقضات والاختلافات المذهبية والثقافية بين شعوب أمتنا، ويعتمدون عليها كوسيلة لضرب وحدة أمتنا، وكمدخل إلى تجنيد العملاء، وإلى إغراق الأمة بالصراعات الداخلية، هذا بعضٌ من العناوين عن استهدافهم المستمر والمكثف لشعوب أمتنا على مستوى الاستهداف الثقافي والفكري.
أمَّا على مستوى الاستهداف السياسي، فهم يقومون باحتلال البلدان، والسيطرة عليها، وتشكيل أنظمةٍ وحكوماتٍ عميلة تؤدِّي دورها كأقسام شرطة لمصلحتهم هم، لإخضاع الشعوب لهم، للتنكيل بكل من يعارض سيطرتهم على البلدان، يقومون بانتهاك استقلال وسيادة الدول، والتدخل غير المشروع في شؤونها الداخلية، ويتعامل سفراؤهم- السفير الأمريكي في أي بلد من البلدان العربية والإسلامية- يتعامل كمسؤولٍ أول، يتدخل في كل المجالات، ويوجه ويأمر، يصدر أمره إلى الملك، أو إلى الأمير، أو إلى الرئيس… أو إلى أي شخص بصفة حاكم على أي بلدٍ من البلدان.
يعملون على صناعة الأزمات السياسية، يصنعون وينتجون أزمات سياسية، مع الاستثمار في أي مشاكل سياسية موجودة بالفعل من أجل إغراق بلداننا في الأزمات والمشاكل، وحرمانها من الاستقرار، وإشغالها بالصراع الدائم، والتنازع المستمر عن أي نهضةٍ وبناء، وهذا شيءٌ ملحوظ وبشكلٍ كبير في واقع بلداننا العربية والإسلامية.
يقومون بتغذية الانقسامات والتباينات، وصناعة المزيد منها، والتشجيع على ذلك، والترويج لما يزيد منها؛ ولذلك من أهم ما يعملون عليه في بلداننا هو هذا: إنتاج الانقسامات والتباينات والتشرذمات، والمزيد من التشكيلات والتكوينات التي تبعثر أي شعب وأي بلد، وتزيد من حالة وعدد التكوينات فيه السياسية وغيرها تحت عناوين كثيرة، حالة رهيبة جداً من البعثرة والتفريق.
يقومون بفرض العملاء، والخونة، والجهلة، والمجرمين على الشعوب، وفي مفاصل الأنظمة والحكومات والمؤسسات الرسمية؛ لتنفيذ مؤامراتهم من موقع القرار، ومن موقع الإدارة، وهذا مما يضرون به الشعوب ضرراً بالغاً؛ لأنهم يحوِّلون الكثير من المسؤولين إلى عاملين لهم وليس لخدمة الشعوب، بل يكون أهم ما يركِّزون عليه هو خدمة الأمريكيين والإسرائيليين والدول الغربية، وتنفيذ مؤامراتهم على الأمة من موقع القرار والإدارة، وهذا يؤثر على شعوبنا تأثيراً كبيراً.
يركِّزون على التتويه لبلداننا الإسلامية، وإبعادها عن أي توجهٍ أو برنامج عملٍ بنَّاء ونهضوي، وهذا يركِّزون عليه، يحرصون على أن تبقى الأمة في حالة دائمة من التتويه، ليس عندها اهتمام بالأمور المهمة، ولا تركيز على الأولويات الصحيحة، ولا توجه نحو برامج عمل أساسية ومهمة تبنيها، وتنهض بها، وتساعد على أن تكون أمةً قوية، فدائماً يشغلون الناس على المستوى الذهني، وعلى المستوى الإعلامي، وعلى مستوى الطرح السياسي بالأشياء الهامشية، والجدالات العقيمة، والخلافات التافهة، والإشكالات والتفاصيل الكثيرة، التي تشغل الناس بجزئيات وتغرقهم فيها بعيداً عن الاهتمامات العملية المهمة، هذه بعض العناوين على المستوى السياسي.
أمَّا على مستوى الاستهداف العسكري والأمني، فهم يباشرون الهجوم العسكري، والعدوان العسكري على دولنا العربية والمسلمة، ويباشرون الغزو على الكثير منها، كغزوهم للعراق، وغزوهم لأفغانستان، وعدوانهم على بلدنا اليمن، الغزو للدول المجاورة لفلسطين، والاحتلال المباشر لفلسطين، وهذا شيءٌ واضح، وارتكبوا في هجومهم وغزوهم العسكري أبشع الجرائم، وقتلوا مئات الآلاف من أبناء أمتنا بشكلٍ مباشر، وأيضاً عملوا على إبادة الملايين بالأوبئة، والحصار والتجويع، واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، الهجوم العسكري والغزو لبلدان أمتنا.
عملوا ويعملون على زعزعة الأمن والاستقرار في بلداننا الإسلامية، عبر إنشاء التنظيمات التكفيرية الإجرامية، ودعمها بالمال والسلاح، والمعلومات الاستخباراتية، وحماية تحركها، وتنقل قادتها، والضغط على بعض الأنظمة لتسهيل عملياتها الإجرامية، وهذا من أكبر ما استهدفوا به أمتنا.
التحرك بالتنظيمات والتشكيلات التكفيرية هو صناعةٌ أمريكيةٌ إسرائيليةٌ غربية، استهدفوا بها أمتنا، استهدفوا أمتنا:
للقتل، والتدمير، وتفكيك الأمة، وزرع الفرقة بين أبنائها، وتفكيك كياناتها.
وأيضاً لتشويه الإسلام عند أبناء الأمة نفسها، وتشويه الإسلام في نظر بقية البلدان والشعوب غير المسلمة.
وكلنا نعرف ما جرى ويجري، وحجم المأساة الناتجة عن ذلك، كم قُتِل من أبناء أمتنا، كم عانت أمتنا من أبشع الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها التكفيريون في مختلف البلدان، جرائم القتل بشكلٍ بشع جداً، استهداف للناس في كل واقع حياتهم، في المساجد، في المدارس، في المستشفيات، في الأسواق، في كل تجمعات الناس، وعمليات إجرامية بشعة جداً لقتل الناس بشكلٍ جماعي، حصل هذا في كثيرٍ من بلدان أمتنا.
يعملون على احتكار إنتاج وبيع الأسلحة، والتقنيات المتعلقة بذلك، وتسخيرها لدعم الفتن والحروب الظالمة، مع السعي لحصار شعوبنا من امتلاكها، يعني: يريدون لنا أن نكون أمة لا تمتلك أي قدرات دفاعية تدافع عن نفسها، لا تمتلك حتى السلاح للدفاع عن نفسها، ولذلك عندما يستهدفون بلداً معيناً من بلدان أمتنا، من أول إجراءاتهم هو حضر توريد السلاح لذلك الشعب، وفرض عقوبات على من يبيع السلاح لذلك الشعب، أو يوفر السلاح لذلك الشعب؛ حتى يصبح توفر السلاح لأي شعبٍ من شعوب أمتنا، شعب مستهدف، يصبح مشكلة، وتصبح مسألة معقدة، ونحن نرى الآن وضع الشعب الفلسطيني، وصعوبة حصوله على السلاح، يحتاج إلى عناء كبير، ولا يصل إليه السلاح إلَّا بالتهريب؛ بينما يقدم إلى العدو الصهيوني كل أنواع الأسلحة، ويمكَّن من صناعة الكثير منها، ومن امتلاك حتى السلاح النووي، وهكذا بقية بلداننا العربية والإسلامية، أي شعب مستهدف، يحرصون على أن يكون محروماً من القدرات الدفاعية، وألَّا يتوفر له السلاح، لكن من يتحرك للاعتداء معهم، لتنفيذ أجندتهم، والاعتداء والتجند معهم، يحرصون على أن تتوفر له الأسلحة اللازمة، لتنفيذ مهمته الإجرامية والعدوانية، هذا هو ديدنهم.
هذا من أشكال الاستهداف العسكري، أنهم يريدون أن نكون أمة ضعيفة عاجزة، لا تمتلك القدرات الدفاعية لتدافع عن نفسها، بل ويحرصون على أن يصنعوا قناعةً بذلك لدى النخب، النخب في بلداننا، النخب السياسية، النخب الأكاديمية، النخب الثقافية، حتى يتصوروا أنه لا يليق بأي شعب عنده طموح للتوجه الحضاري أن يمتلك القدرات الدفاعية.
يعملون أيضاً على دعم الكيان الصهيوني، العدو الإسرائيلي، الذي يمثل غدةً سرطانيةً في جسد الأمة، وحمايته، وضمان تفوقه العسكري والتقني، والانحياز الكامل إلى صفه، وتبرير جرائمه وانتهاكاته بحق الفلسطينيين وبقية شعوب أمتنا، وتوفير الحماية الأممية في مجلس الأمن، والأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، والمحاكم الدولية، التي تعمل كلها لصالحهم، ومن أكبر اعتداءاتهم واستهدافهم لأمتنا الإسلامية هو هذا: عندما أتوا بالعدو الإسرائيلي ومكَّنوه من احتلال فلسطين، ثم دعموه ليجعل من فلسطين- نفسها- موطناً ومستقراً وقاعدةً لاستهدافه لبقية بلداننا وشعوب أمتنا ، ولا يزال الشعب الفلسطيني يعيش يومياً المظلومية الكبيرة، والاستهداف المستمر بكل أنواع الظلم: القتل يومياً، السجن يومياً، التدمير للمنازل، الاحتلال للأراضي، المصادرة للمزارع وقلع أشجار الزيتون وغيره، كل أشكال الظلم والممارسات الإجرامية يرتكبها العدو الإسرائيلي يومياً بحق الشعب الفلسطيني، وكم يتجه بمؤامرات كثيرة من هناك أيضاً تجاه بقية شعوب بلداننا الإسلامية.
يقومون بزراعة الفتن والقلاقل بين دول المنطقة، على خلفيات دينية، ومذهبية، ومناطقية، وعرقية، كل هذه العناوين يحركونها، ويحركون أبواقهم ومن يعملون لخدمتهم، لتبنيها في داخل الشعوب، والتحرك تحت عنوانها وبها، فعلوا ذلك في العراق، وإيران، وسوريا، ولبنان، واليمن، وغيرها.
يقومون بتوظيف المنظمات الدولية، لضرب دول المنطقة تحت غطاءٍ دولي: الأمم المتحدة، مجلس الأمن، تحالفات عدوانية، كلها تتحرك لاستهداف أمتنا وشعوبنا، هل يمكن أن يكون هناك أي موقف للأمم المتحدة، أو لمجلس الأمن، لصالح شعبٍ من شعوب أمتنا؟ كل مواقفهم منحازةٌ دائماً لصالح الأعداء، وفي خدمة الأعداء.
المخابرات الأمريكية أيضاً تشن الكثير من الحروب، وتحدث الكثير من الفتن والقلاقل، والعمليات الإجرامية والعدوانية، وتزرع العملاء لزعزعة أمن واستقرار الدول، والتفاصيل المتعلقة بهذا كُتِبت عنها كتب كثيرة ونشرت.
يقومون بفرض قواعد عسكرية في البلدان، وتواجد عسكري، وتدخل في المجال العسكري لبلداننا؛ للسيطرة المباشرة على الوضع، وإلَّا فما حاجتهم إلى قواعد، سواءً في اليمن، أو في العراق، أو في دول الخليج، أو في شمال سوريا، أو في بقية البلدان، القواعد العسكرية مهمتها ضمان السيطرة الأمريكية المباشرة، والضغط المباشر، وهي شكلٌ من أشكال الاحتلال المباشر.
يقومون بتشكيل تحالفات في داخل بلداننا، من خلال بعض الأنظمة العميلة لهم، ويدمجون فيها الكيان الصهيوني والعدو الإسرائيلي؛ ليكون له نفوذ من خلالها بشكلٍ مباشر، سواءً فيما يتعلق بالبحر الأحمر، أو على مستوى واقع المنطقة بشكلٍ عام، كما فعلته أمريكا في تشكيلاتها وتحالفاتها الجديدة.
يستخدمون ما يسمونه بالشركات الأمنية الأمريكية لقتل المسلمين بجرائم بشعة، حصل هذا في العراق، والصومال، واليمن، وبلدان أخرى، مثل: شركة بلاك ووتر، وداين قروب، وغيرها، والتي تقتل وتغتال مع حمايةٍ من جانبهم، وضغطٍ لتمكينها من تنفيذ جرائمها.
إضافةً إلى تجييش مرتزقة وعملاء للاعتداء على الشعوب، كما فعلوه مع شعبنا العزيز، جيَّشوا تشكلات كثيرة من المرتزقة المجرمين، الذين يقتلون بالمال، يحصل على مال، فيذهب ليقتل وينفذ جرائم بحق الشعوب الأخرى.
يقومون بتنفيذ جرائم الاغتيال للعلماء البارزين في كل المجالات المهمة، استهدفوا في الجمهورية الإسلامية في إيران الآلاف من العلماء والأكاديميين، العلماء الذين يفيدون في نهضة الأمة، وفي مجال التصنيع، وفي المجالات المهمة، التي هي خدمة لمجتمعاتنا، عملوا كذلك في العراق، عملوا كذلك في بلدان كثيرة، والقائمة طويلة في هذا، ويحرصون على ألَّا تتمكن أمتنا من امتلاك المعرفة، التي تساعدها على النهضة الحضارية، وهذا شيءٌ واضح.
يقومون بزرع العملاء والجواسيس في بلداننا لاستقطاب أي عقول علمية، في كل المجالات المهمة، واستقطابها لصالحهم هم، وحرمان شعوبنا من خدمتها.
يعملون على سلب الدول العربية والإسلامية بشكلٍ عام القوة العسكرية، ويعملون على تدمير أسلحتها الدفاعية والهجومية، كما حصل عندنا في اليمن ما قبل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، حفلات، حفلات لتدمير سلاح الدفاع الجوي، وكان برنامجهم يستهدف أيضاً القوة الصاروخية، والقوة البحرية، وغير ذلك.
يعملون على توظيف الإعلام في تشويه الدول المناهضة لسيطرتهم وجرائمهم، والمقاومة لهم، والتي فيها تحركٌ جهادي واع، ويوصمونها بالإرهاب والخطر على السلم والأمن الدوليين، ويحاولون أن يشرعنوا استهدافها عسكرياً.
يعملون على ضرب واستهداف المشاريع التحررية والنهضوية في بلداننا الإسلامية، واغتيال قادتها، مثلما هو حربهم على المشروع القرآني في اليمن، وحربهم على الأحرار في أبناء أمتنا، في لبنان، في فلسطين، في سوريا، في العراق، في الجمهورية الإسلامية في إيران، في بقية البلدان؛ بينما يؤيدون الأنظمة الدكتاتورية والقمعية، التي ترتكب أبشع الجرائم بحق شعوبها؛ لضمان تبعيتها، واستمرار دورها السلبي والإجرامي في قمع شعوبها، مثلما هو دعمهم واحتضانهم لبعض الأنظمة الخليجية، كالنظام السعودي، والنظام الإماراتي، وآل خليفة في البحرين، الذين يرتكبون أبشع الجرائم بحق شعب البحرين العزيز.
هذا على المستوى العسكري والأمني، هذا هو بعض العناوين فقط فيما يفعلونه في هذا المجال.
أما على مستوى الاستهداف الاقتصادي، فالحكاية كبيرةٌ في ذلك، ومعاناة شعوبنا على المستوى الاقتصادي معاناة كبيرة جداً، ولهم الدور الأساسي في صناعة هذه المعاناة:
يقومون بنشر الربا، والسعي إلى أن يعتمد كسياسة اقتصادية أساسية في بلداننا؛ بينما هو في الواقع وسيلة ابتزاز وظلم، وأداة لتقييد الاقتصاد للدول الفقيرة، والتحكم فيها، وهو بالفعل يحدث نكبةً اقتصادية ومضارّه كبيرةٌ جداً على شعوبنا.
يباشرون الضغوط الاقتصادية على بلداننا، ويحاولون أن يحرموا بلداننا من ثرواتها المهمة، ومن الاستفادة منها، ومن استخراجها بالشكل المطلوب، وبرنامجهم في ذلك واضح؛ بينما شعوب أمتنا في أمس الحاجة إلى الاستفادة من ثرواتها الوطنية.
يعملون أيضاً من خلال منظمات ومؤسسات نقدية لشرعنة الحرب الاقتصادية على بلداننا، عبر كثيرٍ من المؤسسات التي ينشئونها، ويفرضون من خلالها سياسات اقتصادية جائرة وظالمة، ينتج عن تلك السياسات غلاء الأسعار. ضرب الخدمات العامة، المصالح العامة. التأثير على المواطنين وعلى أبناء شعوب أمتنا في وضعهم المعيشي بشكلٍ مباشر، مثلما قصة الصندوق الدولي، والبنك الدولي، وغيرها من المنظمات الاقتصادية.
حرصوا عبر الدولار- الذي يطبعونه بدون غطاءٍ من الذهب- على التحكم بثروات الشعوب، وسرقة خيراتها، وضرب عملاتها، والتأثير على وضعها الاقتصادي بشكلٍ كبير، وقد خدمتها السعودية ودول الخليج لترسيخ هيمنة الدولار، عندما ربطت الدولار بالنفط، وجعلت للدولار دوره العالمي، واعتماده كعملة دولية، وهذا أضر بالشعوب بشكل كبير.
يمارسون الحصار الاقتصادي، لمعاقبة أي دولةٍ تخرج عن طاعتهم وهيمنتهم، مثلما فعلوه مع بلدنا العزيز، ويفعلونه مع سوريا، مع إيران، مع بلدان أخرى، والحصار جريمة كبيرة جداً؛ لأنه جريمة عقاب جماعي للشعوب، إضرار بكل الناس، تعقيد للوضع المعيشي للمجتمعات، تجويع للمجتمعات، ولذلك يعتبر من أكبر الجرائم بحق المجتمعات.
يعملون على أن تبقى الأسواق العربية والإسلامية بشكلٍ عام مفتوحةً للمنتجات الأمريكية والصهيونية، التي يجب أن تكون مقاطعة، وليس محل ترحيب من قبل الناس.
يعملون على إغراق الدول- حتى التي تستجيب لهم، وتستجيب لسياساتهم- بالقروض الربوية، واستغلال تلك القروض فيما لا يفيدها، ولا يبني اقتصادها، بل يستغلونها من خلال ذلك، ويضغطون عليها، ويفرضون عليها سياسات اقتصادية تدميرية.
يسرقون وينهبون الثروات النفطية والمعدنية، إما بطريقة مباشرة، مثلما يفعلونه في بعض بلداننا، أو عبر عملائهم، وهذا شيءٌ واضح، وعلى حساب معاناة الشعوب نفسها، وهي تعاني أشد المعاناة.
يستولون على الأموال- أموال بلداننا- بمسمى التجميد لأصول الدول التي تتعرض لعقوبات أمريكية، وهذا حصل مع الكثير من البلدان، من بينها اليمن، هناك أموال يمنية عدد كبير من الأموال الموجودة في أمريكا، التي تتبع البنك المركزي، جمدوها، ولم يعيدوها لشعبنا العزيز، هناك مبلغ كبير لأفغانستان (عشرة مليار دولار) قامت أمريكا بأخذه، تجميد ومصادرة وأخذ وحرمان الشعب الأفغاني، في الوقت الذي هو في أمسِّ الحاجة إليه، جمَّدوا على كثير من البلدان الإسلامية أموالها التي كانت تودع في بنوكهم، وائتمانهم وإيداع الأموال في بنوكهم هو خطأٌ فادح، لو كان هناك وعيٌ قرآني لدى بلداننا وشعوب أمتنا، لما أودعوا شيئاً من الأموال في بنوكهم، في البنوك الأمريكية، مع أنهم يجدون أن هذه الحالة تتكرر، حالة التجميد والمصادرة للأموال، لأبسط سبب، أحياناً يصطنعون هم سبباً لتجميد أموال ومصادرة أموال.
يعملون على ابتزاز الأمة مالياً، من خلال أي مشكلة أو قضية، وفي كثيرٍ من القضايا التي يقفون هم خلفها، مثل: قصة قضية (لوكربي)، التي ابتزوا ليبيا من خلالها بأموال طائلة، وقضايا مشابهة أخرى.
يزرعون عملاءهم الذين يعملون في الدول في المجال الاقتصادي، ويكون لهم مواقع مسؤولية في هياكل الدول في الجوانب التي تعنى بالاقتصاد، في الوزارات، والمؤسسات المعنية بالاقتصاد، عملاء لهم يعملون على تخريب الاقتصاد من الداخل، من خلال أساليب كثيرة، سياسات، فساد مالي، أشكال كثيرة جداً، لضرب الاقتصاد الوطني في أي بلد من بلدان أمتنا.
يحرصون على أن تبقى شعوبنا متناحرة، وبعيدةً عن أفق أي وحدة لا تخدم المصلحة الأمريكية، وهذا هو حال بلدنا على مستوى عام الوطن العربي، الذي سيطر على شعوبه الشقاق والتناحر، وسرقة الخيرات والموارد الطبيعية وغيرها.
يعملون بشكلٍ مستمر على ضرب العملات المحلية للدول، لبلداننا بشكلٍ عام، وهذا حاصل بشكل كبير ومؤثر على شعوبنا، تارةً بسبب العقوبات، أخرى بسبب الديون، وتحت عناوين متعددة، وحصلت مآسي عندنا في اليمن، وهناك الآن مأساة في لبنان؛ بسبب ضرب العملة المحلية، في بقية البلدان، كل دولة ربما، أو معظم الدول عانت بشكل كبير لضرب عملتها المحلية.
يعملون على نشر المخدرات والخمور في المجتمعات العربية والإسلامية، والترويج لها، والتمكين لها؛ لكي تصبح متاحة للمستهلك، وما يترتب على ذلك من إفساد الشباب كشريحة منتجة، وضياع للأموال، واعتماد على التجارة في المحرمات التي تدمر الأمة، وتضر بالأمة، ولا تبنيها، ولا تنهض بها، وهذا استهداف شامل بهذه الطريقة، استهداف للأمن، استهداف للقيم، استهداف للأخلاق، استهداف للاقتصاد، وقضية انتشار المخدرات والترويج لها أصبحت من المشاكل الخطيرة التي تهدد مجتمعاتنا في عددٍ من الدول.
يعملون على منع الإنتاج الداخلي في البلدان، وضرب الإنتاج الزراعي، والحيلولة دون تحقيق الاكتفاء الذاتي، وهذا من أكثر ما تعاني منه شعوبنا، أنها تحولت إلى أسواق فقط لاستيراد بضائعهم، ولا تنتج احتياجاتها الضرورية، ولا تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي، حتى في غذائها الضروري، ويعملون على ضرب الإنتاج الزراعي، وهذه من أكبر أشكال الاستهداف لشعوبنا.
هذا بعضٌ من العناوين للاستهداف للمجال الاقتصادي.
في المجال الصحي:
يستهدفون شعوبنا في المجال الصحي عبر نشر الأمراض، والجائحات، بواسطة الفيروسات المتنوعة، في كل مرحلة تنشر فيروسات جديدة، ويسمع الناس عن فيروس جديد، وعن وباء جديد، يعملون على قتل العدد الأكبر من الناس من جهة، وجني المليارات من الأموال من جهةٍ أخرى.
يعملون على بيع الأغذية والأدوية واللقاحات غير المأمونة، والتي تتسبب في أمراض، وحدوث أعراض صحية، تنتشر في أوساط المجتمعات بشكلٍ كبير.
يستخدمون التقنيات غير الصحية في الحروب، كاستخدام اليورانيوم المنضب في العراق، استخدام الأسلحة المحرمة في العدوان على اليمن، استخدام الأسلحة المحرمة في العدوان على بلدان أخرى، وهذا يؤثر كثيراً على صحة المجتمعات، ويؤدي إلى تشوه الأجنة والمواليد خلقياً، ويتعاملون مع أبناء الأمة كفئران تجارب، وهناك معاناة نتيجة ذلك ومآسٍ كبرى، وانتشار لأمراض فتاكة، كمرض السرطان، وغيره.
هذه بعض العناوين في المجال الصحي.
نجد أنهم يستهدفون الناس بكل أشكال الاستهداف، وبشكلٍ رهيب، يستهدفون الناس في حياتهم، ويستهدفون الناس في معيشتهم، يستهدفون الناس في عقيدتهم، في أمنهم، في كل شؤون حياتهم، استهداف إجرامي بشع وظالم، بكل أشكال الظلم، مع ذلك يتحدثون عن حقوق الإنسان، وينتقدون أي بلد مستهدف حتى في الإجراءات المشروعة، أو الأعمال التي لابدَّ منها لتعزيز الأمن والاستقرار الداخلي ضمن ضوابط الشرع والقانون، يأتون هم لينتقدون أبسط شيء من ذلك، ويتحدثون عن حقوق الإنسان، ويقدمون أنفسهم إلى الشعوب حتى في عناوين أعمال وخطط جديدة يشتغلون من خلالها لاختراق الشعوب، يخاطبونها بحقوق الإنسان، ويقدمون لها هذا العنوان.
إذا جئنا للتعرف على حقوق الإنسان على الطريقة الأمريكية والإسرائيلية والغربية، نجد أن أكبر جرائم القتل للناس في التاريخ المعاصر، بوسائل الإبادة الجماعية، التي تقتل أكبر عدد ممكن من الناس، ومنها الأسلحة النووية، والأسلحة المحرمة دولياً، والأسلحة الفتاكة، هي جرائم ارتكبتها أمريكا وإسرائيل والدول الغربية، ولا زالت ترتكبها، أكبر جرائم القتل والإبادة للمجتمع البشري، وضحاياهم في التاريخ المعاصر، ضحايا جرائمهم، ضحايا عدوانهم وطغيانهم، وجرائمهم الوحشية، بمئات الملايين من المجتمع البشري، في مختلف بلدان وشعوب العالم.
أمريكا هي التي استخدمت السلاح النووي في اليابان، وقتلت البشر بشكلٍ عام، في مدينتين من مدن اليابان قتلت السكان بشكلٍ عام، كباراً وصغاراً، أطفالاً وشباباً، نساءً ورجالاً، سعت لقتل الجميع وإبادتهم بطريقة وحشية.
جرائم كبيرة جداً لقتل الناس بإبادةٍ جماعية، في عدوانهم على بلداننا، فيما حصل في فلسطين، في العراق، عندنا في اليمن خلال كل السنوات الثمان هذه، جرائم الإبادة الجماعية، واستخدام أفتك الأسلحة وأخطر الأسلحة لذلك، لتحقيق ذلك.
أكبر جرائم الإبادة، بالأوبئة، والتجويع، والحصار الاقتصادي، والوسائل الأخرى، هم من يرتكبها، وضحايا هذا النوع من الاستهداف للشعوب بالملايين، الذين يموتون بالأوبئة، بالتجويع، بالحصار الاقتصادي، يفتعلون الحروب ويشجعون عليها، وكذلك الفتن، وهم وراء الكثير منها، ووراء ما يحدث فيها من ممارسات إجرامية بحق المدنيين والأسرى، وهم يسعون لذلك؛ لكي تستفيد شركاتهم التي تبيع السلاح، تحصل على الكثير من الأموال، من خلال دماء الناس، وإزهاق أرواحهم، وتدمير أمن المجتمعات، والهدف مادي من وراء ذلك في كثيرٍ من الحالات.
هم وراء مصادرة حقوق الشعوب، الحقوق المشروعة في الحرية، والاستقلال، والعيش بكرامة، كما في فلسطين، شعب فلسطين يمتلك هذا الحق في الاستقلال والحرية والعيش بكرامة، من الذي يحاول ان يحرمه من هذا الحق؟ أمريكا وإسرائيل والدول الغربية، يحاربوننا في اليمن في محاولةٍ منهم لحرماننا من هذا الحق، وكذلك بقية شعوب أمتنا.
هم من يمارسون الامتهان للكرامة الإنسانية بكل الأشكال، كما في سجونهم، وجرائم الاغتصاب، والتعذيب، وغير ذلك، ونموذجهم معروف: (سجن أبو غريب)، ماذا فعلوا في (سجن أبو غريب)؟ سجن (غوانتنامو)، بقية سجونهم، أبشع ممارسات الانتهاك للكرامة الإنسانية يمارسها الأمريكيون، والإسرائيليون، والدول الغربية، وعملاؤهم الذين يقاتلون في صفهم، ويتحالفون معهم، ثم يأتي ليتحدث معك عن حقوق الإنسان.
حقوق الإنسان على الطريقة الأمريكية والِإسرائيلية هي ما فعلوه في (سجن أبو غريب، وغوانتنامو)، وما يرتكبونه من جرائم رهيبة وشنيعة.
يتحدثون أيضاً عن حقوق المرأة، ويحاولون أن يقدموا هذا العنوان لاختراق الشعوب، وهم- الأمريكي والإسرائيلي والدول الغربية وعملاؤهم- هم أكبر قاتلٍ للنساء، يعني: لم يقتل أحد النساء مثل ما قتلوا، عندما نأتي إلى إحصائيات، أو عناوين، كم قتلوا من النساء في كل بلد من البلدان التي استهدفوها، أي حقوق للمرأة، وهم أكبر قاتل للنساء، ورصيدهم الإجرامي في قتل ملايين النساء في العالم مهول، مهول جداً، يعني: قتلوا بالملايين من النساء، حتى من الأطفال، النساء كباراً وصغاراً، وجرائم القتل والإبادة للمرأة مستمرة من جانبهم في حروبهم المستمرة في بلداننا:
ومنها فلسطين، في معظم الأيام هناك قتل للنساء في فلسطين، أو جرح، أو أسر، أو ضرب، كل أشكال الاعتداء على المرأة يمارسها الإسرائيلي بحق المرأة الفلسطينية، المرأة الفلسطينية ضحية، وتعاني من الاعتداءات الإسرائيلية بكل أشكال الاعتداءات بشكلٍ يومي، وليس هناك أي كلام عن حقوق المرأة الفلسطينية، وما ينتهك الجانب الإسرائيلي والعدو الإسرائيلي منها، مسكوتٌ عن ذلك.
الجرائم بحق المرأة في مختلف البلدان، كم قتلوا في بلدنا في اليمن من نساء كبار وصغار! القنابل الأمريكية هي التي مزقت الكثير من نساء شعبنا إلى أشلاء، قتلت المرأة الحامل وأخرجت منها طفلها، وقتلت الأجنة في بطون أمهاتهم، النساء الحاملات، وقتلت الأطفال من النساء وهن يذهبن إلى المدارس، وفي داخل المدارس، كم قتلوا!
وما حدث في العراق شيء رهيب جداً، كم قتلوا في العرق؟ كم اغتصبوا من النساء؟ كم سجنوا؟ عشرات الآلاف من النساء، وفي أفغانستان بأفظع مما عملوه في العراق وفي غيرها، ولم يفعل أحدٌ مثلما فعلوا بحق المرأة، من قتل، واغتصاب، وظلم، وإجرام، وتعذيب، وما حدث في مراحل الاستعمار الغربي لشعوب أمتنا شيءٌ رهيب في انتهاك حقوق المرأة.
هم- الأمريكي والإسرائيلي والغربي وعملاؤهم- أهم أكبر ممتهنٍ للمرأة وكرامتها الإنسانية، ويرتكبون أكبر معدل للجرائم بحق النساء، من ضرب، واغتصاب، وامتهان في العمل، واستغلال مذل ومهين، وعلى حساب الكرامة الإنسانية، ثلث النساء المعتقلات في العالم، ثلثهن معتقلات في أمريكا، في السجون الأمريكية، يعني: حصة عالمية، أمريكا معها حصة عالمية، والامتهان للمرأة، والضرب لها، والاعتداء عليها، والاغتصاب لها، والقتل لها، جرائم الاغتصاب في أمريكا مهولة، وبأرقام رهيبة جداً، وإحصائياتهم رهيبة في ذلك.
من أبرز ممارساتهم الإجرامية في احتلالهم للبلدان سواءً بشكلٍ مباشر، أو عبر عملائهم: الاغتصاب للنساء، وهذا حدث في كثيرٍ من البلدان، وقصص جرائمهم في العراق وأفغانستان قصص مؤلمة جداً، مؤلمة جداً، تجرح الشعور بالكرامة لدى أي إنسان يطلع عليها.
من أبرز ممارساتهم والظواهر في بلدانهم، وفي البلدان التي ينشطون فيها، هي: الإتجار بالبشر، وفي المقدِّمة النساء، هم يتَّجرون، هناك سوق للرقيق، لكن بشكل يختلف عما كان في الماضي، فهم يتَّجرون بالنساء، سواءً للاستغلال الجنسي، والدعارة، والجريمة الأخلاقية، أو لغير ذلك، هي من أبرز الظواهر عندهم، وهم يعترفون بذلك.
من أبرز امتهانهم لكرامة المرأة، هو: سعيهم لإفسادها، واستهدافهم للبنية الأسرية في المجتمع، وسعيهم لتفكيك الأسرة كلبنة أساسية في المجتمع بهدف تفكيك المجتمعات، وضربهم للرعاية للطفولة، هم يعملون على حرمان الأطفال من رعاية الأمهات، التي هي من أشرف وأسمى وأقدس مهام المرأة، أنها تربي الأجيال، تحتضن الأطفال، تنشئ الأجيال، يعملون على حرمان الأطفال من هذه الرعاية بسياسات كثيرة، وأساليب معروفة.
فاستهدافهم للمجتمعات البشرية ولمجتمعاتنا الإسلامية، كله استهدافٌ شيطاني، إجرامي، وحشي، مدمر، نتيجته أن تخسر الأمة كل شيء: دينها ودنياها، حاضرها ومستقبلها، وأن تدجَّن لهم، وأن تستعبد لهم، وأن تصب خيراتها في مصالحهم، وهم يعملون على ذلك بكل وحشية، وبتجردٍ تام من كل شعورٍ إنساني، لا يمتلكون ذرةً من المشاعر الإنسانية، أو مراعاة للحقوق… أو أي شيء، يتجهون بكل وحشية وإجرام.
أمام هذه الهجمة الشاملة التي تستهدفنا في كل شيء: في ديننا، في دنيانا، في كرامتنا، في حريتنا، في استقلالنا، في أمننا، في كل مجالات حياتنا، ماذا نفعل؟ ما هو الخيار؟ الخيار لدى البعض هو أن نسكت، أن نسكت أمام كل ذلك، أمام هذه الهجمة العسكرية الأمنية، الهجمة علينا في واقعنا الاقتصادي، في الجانب الثقافي، في ديننا، وفي دنيانا، لقتلنا، لاحتلال بلداننا، لانتهاك أعراضنا، لسرقة ثرواتنا، أمام هذا الاستهداف الشامل لنا ماذا يقول البعض؟ يقول: [نسكت، ونجمد، ونترك المجال لهم ليفعلوا كل ما يشاؤون ويريدون]، هل هذا خيار صحيح؟ واضح أنه خيار لا يستند إلى أي شيءٍ يؤيِّده، لا إلى القرآن الكريم، ولا إلى الفطرة البشرية، ولا إلى الحكمة، وليس له أي مستند، إنما هو يعبِّر عن روح انهزامية.
هل يمكن أن يجدي سكوتنا تجاه هجمة كهذه ممن يحملون تلك الوحشية، وتلك النزعة الإجرامية؟ هل يمكن أن يفيدنا سكوتنا بشيء؟ يقول الشهيد القائد “رضوان الله عليه”: ((قد نتوقع ببساطة تفكيرنا أنه إذا سكتنا أفضل نسكت قد نتوقع أنهم سيسكتون، لا، السكوت سيدفعهم إلى أن يعملوا للحصول على تنازلات كثيرة أخرى، ويعملوا ليصلوا إلى ضرب أشياء أخرى، لن يسكتوا، يجب أن نفهم هذا، لن يسكتوا، ولن يتوقفوا إلا متى ما تحركنا نحن وصرخنا في وجوههم، سيسكتون وسيتوقفون، أمَّا إذا سكتنا فالخطورة هنا، الخطورة البالغة هنا، بعض الناس قد يقول: [نسكت، لا نكلف على أنفسنا]، إن السكوت هو الخطورة، لو كان السكوت من ذهب- كما يقولون- لما تحدث القرآن الكريم عن الجهاد، عن التضحية، عن الاستبسال، عن انفاق الأموال، عن التواصي بالحق، أليس القرآن كله حركةً وكلاماً، أم أنه صمتٌ وجمود؟ كله حركة، كله كلام، فعلاً قد يكون السكوت من ذهب ليذهب كل شيء، إذا سكتنا سيذهب ديننا، وستذهب كرامتنا، ونذهب- ونعوذ بالله- إلى الجحيم في الأخير، يذهب الناس إلى الجحيم)).
خيار السكوت هو استسلام، خيار السكوت يعني تمكين الأعداء من تنفيذ مؤامراتهم ومخططاتهم وجرائمهم بحقنا، بدون أي عائق، وبدون أي شيءٍ يمنعهم من ذلك، فماذا نفعل؟ هل نبقى كشعوب وكبلدان وكدول نتابع الأحداث اليومية، والجرائم اليومية بحق شعوبنا، بحقنا كشعوب مستهدفة، ونتسمر أمام التلفزيونات لنشاهد، ثم نبقى لنتحدث بالتعليقات العادية، ونتحول بكلنا إلى إخباريين، إلى صحفيين، إلى محللين، نحلل الأخبار، لا نفعل شيئاً، لا نعمل شيئاً، لا نتحرك لمواجهة الخطر الذي يستهدفنا في كل شيء، هل هذا هو الذي يجدي؟ هذا يحصل عادةً أول ما تبدأ حملة جديدة على بلد من بلدان أمتنا لاحتلاله، أو لاستهدافه، يقوم الكثير من الناس بمتابعة الأخبار، ومعرفة ما الذي استجد، ثم يعقبون على ذلك بتحليلات معظمها تنطلق من فهمٍ خاطئ، لكن بدون أي عمل، بدون أي تحرك، بدون أن يكون هناك رؤية صحيحة يتحرك الناس على ضوئها للتصدي لمؤامرات الأعداء بحقهم، بموجب الفطرة الإنسانية والإحساس بالمسؤولية أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وحاجة الناس الملحة إلى ذلك والضرورية إلى ذلك.
الشهيد القائد “رضوان الله عليه” وهو شهيد القرآن تحرَّك ليغيَّر هذا النمط، هذا الأسلوب الذي كان سائداً في واقعنا: متابعة الأخبار، وأي أخبار؟! أخبار تدمير لأمتنا، قتل لشعوبنا، انتهاك لأعراض أمتنا، استهداف لمقدساتنا، استهداف لديننا، أخبار من هذا النوع، لا يكفي أن نتابعها وأن نعقب عليها بالتحليلات، لا يكفي ذلك، علينا مسؤولية تجاهها؛ ولذلك أتى الشهيد القائد “رضوان الله عليه” ليقول في صرخته: ((نتحدث بروحية من يفهم أنه طرفٌ في هذا الصراع، ومستهدفٌ فيه شاء أم أبى، بروحية من يفهم بأنه وإن تنصَّل عن المسؤولية هنا، فلا يستطيع أن يتنصل عنها يوم يقف بين يدي الله، نتحدث أيضاً لنكتشف الكثير من الحقائق داخل أنفسنا، وفي الواقع، وعلى صعيد الواقع الذي نعيشه وتعيشه الأمة الإسلامية كلها، نتحدث بروحٍ عملية، بروحٍ مسؤولة، نخرج برؤيةٍ واحدة، بموقفٍ واحد، بنظرةٍ واحدة، بوعيٍ واحد، وهذا هو ما تفقده الأمة))، وأحدث فعلاً هذه النقلة في واقعنا، انتهت تلك المرحلة التي كنا نتابع فيها الأخبار، تلك الأخبار الكارثية الخطيرة، لننتقل إلى موقع المسؤولية، إلى موقع الموقف والفعل، لنتحرك للتصدي لتلك الأخطار التي تستهدفنا بهذه الروحية: باعتبارنا طرف مستهدف من هذا الصراع، باعتبارنا أيضاً نتحمل المسؤولية أمام الله، فلو تنصلنا هنا في الدنيا؛ لسؤلنا وعوقبنا على ذلك في الآخرة؛ لأن علينا مسؤولية دينية تجاه ذلك، نتحرك أيضاً على ضوء حقائق ووقائع بروح عملية، بروحٍ مسؤولة، برؤية واحدة، هذه الرؤية المهمة هي الرؤية القرآنية، وسنتحدث عنها.
طبعاً منذ بداية التحرك بدأت محاولات الإسكات لهذا التحرك القرآني، مع أنه بدأ بخطوات عملية صحيحة وطبيعية: شعار، وصرخة، ومقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، وتوعية للمجتمع، وفضح للأعداء، وكشف لمؤامراتهم، مع ذلك حورب منذ البداية، وكان المطلوب من الناس أن يصمتوا، ألَّا يقولوا كلمة، أن يتركوا المجال أمام الأعداء، وأمام عملائهم، وأتى الوعيد، والتهديد، والتحذير، والضغوط، وأشكال الإعاقة لهذا المشروع القرآني، والمحاربة لهذا المشروع القرآني منذ اليوم الأول، ولذلك قال: ((مهما حاولوا أن نصمت فلن نصمت، أليس كذلك؟ وإذا ما صمتنا شهدنا على أنفسنا بأننا من المعرضين عن كتاب الله الذي قال لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ}[الصف:14] أفلا نكون من أنصار الله ولو بكلمة؟ سننصر دين الله، وإذا لم ننصر الله ودينه أمام اليهود، في مواجهة اليهود فأمام مَن ننصره؟ أمام مَن ننصره؟ إذا سكتنا في أوضاع كهذه فمتى سنتكلم؟))، وفعلاً إذا سكتنا في أوضاع كهذه، بكل ما يحدث فيها من هجمة رهيبة، واستهداف شامل، متى سنتكلم؟ فتحرك، ولكن قدَّم مشروعاً عظيماً، تحرَّك على أساس القرآن الكريم، تحرَّك بالمشروع القرآني، وفي هذا السياق يقول: ((يجب أن نرتبط بالقرآن الكريم من جديد، ونتعلمه، ونعلم أبناءنا وبناتنا ونساءنا، ونكثر من تلاوته، ونهدي مصاحفه لبعضنا البعض وأشرطة تلاوته، نتحرك في إطار أن نشد أنفسنا إلى القرآن من جديد، وأن نرسِّخ قدسيته ومكانته وعظمته في نفوسنا من جديد؛ لأن القرآن، لأن القرآن هو من لو لم يكن من عظمته وفضله إلا أنه يكشف الحقائق أمامنا، لا يمكن لأي كتاب في هذه الدنيا أن يريك الحقائق ماثلة أمامك))، فتحرك على أساس القرآن الكريم، ومن الطبيعي أن يتحرك على أساس القرآن الكريم، القرآن الكريم وعلاقتنا به كمسلمين، بحكم انتمائنا للإسلام، هو حجة، هو ملزم، هو نور، هو بصائر، فإذا تحرَّك الإنسان على أساسه فهل يلام؟ هل ينتقد؟ هل يعتبر مخطئاً؟ هل يعتبر أنه هو من يجب أن يتوجه إليه اللوم والمحاربة بكل أشكالها؟.
نحن الأمة الإسلامية التي تنتمي لهذا الكتاب، هو كتابها الذي تقر بأنه كتاب الله بين أوساطها، هو حجةٌ وملزم، هو النور والبصائر، وهناك مزايا مهمة جداً للمشروع القرآني:
من أول ما فيها: أنه ضبطٌ للتلقي، وحماية وتحصين على المستوى الثقافي والفكري، نشاط الأعداء الذي يتوجه في معظمه إلى إفسادنا، وإلى إضلالنا، ما الذي يحمينا منه؟ نشاطهم الذي يسعى للوصول بنا إلى حالة الارتداد عن ديننا في مبادئه، في قيمه، في أخلاقه، ويوصلنا إلى حالة الكفر والرفض لمبادئ هذا الدين وقيمه، ما الذي يحمينا منه؟ {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ}[آل عمران: من الآية101]، القرآن هو الذي يحمينا، ما الذي يسبب للكثير من أبناء أمتنا أن يكونوا في حالة من الانفلات والضياع، وفي حالة تلقٍ مفتوح، يتلقى من مواقع التواصل الاجتماعي، أو من الإنترنت، أو من وسائل إعلامية معينة أي شيء، يتقبل أي شيء: ثقافي، فكري، عقائدي، مفاهيم معينة، وكثيرٌ منها ينتجها أولئك، ينتجها الأمريكيون والإسرائيليون، أو عملاؤهم وأبواقهم في داخل الأمة، هذه الفوضى في التلقي التي تجعل الكثير من أبناء أمتنا ضحيةً لإضلال الأعداء، يضل، يفسد، يتلقن ويعتقد الكثير من العقائد والمفاهيم الخاطئة؛ لأنه لم يعش هذا الارتباط بالقرآن، القرآن كمشروع، القرآن كمعتمد لثقافته، لمفاهيمه، كأساس لعقائده وتصوراته، كأساس فكري وعقائدي وثقافي، فالقرآن الكريم هو الذي يضبط لنا هذه الحالة، ويمثل حماية وتحصيناً فكرياً وثقافياً من الاختراق الذي هو سببٌ لضلال الأمة وفسادها.
القرآن الكريم هو أرقى مصدر للوعي، للحصول على الوعي العالي جداً، والبصيرة، ومعركة الوعي والبصيرة هي أول معركة في الصراع مع الأعداء، وأول متطلبات المواجهة لهم.
القرآن الكريم هو كتاب الهداية الذي يهدينا حتى في المقام العملي إلى المواقف والأعمال المهمة والصحيحة، والخيارات الصحيحة، التي نتخذها ونعتمدها في حياتنا في التصدي لأعدائنا، الله قال عنه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء: من الآية9].
القرآن الكريم هو صلةٌ بالله تعالى، هو حبله المتين، عندما نتمسك به؛ نحظى بتأييد الله، برعاية الله، بالبركات من الله؛ لأنه كتابٌ مبارك، ومباركٌ من يهتدي به، ويتَّبعه، ويتمسك به، ويتحرك على أساسه.
القرآن الكريم هو الذي يفرمل الأمة تجاه انزلاقتها في مواقفها؛ لأن الكثير من أبناء الأمة لم يعد لديه أي ضابط لمواقفه، أي ضابط مبدئي، ولا أخلاقي، ولا قيمي، ينجر لتبني أي موقف مهما كان لخدمة الأعداء، لمجرد أطماع مادية، أو أهواء، أو أحقاد، أو أغراض شخصية، أو أهداف شخصية، ينجر إلى ذلك بكل بساطة.
القرآن الكريم يقف بنا على أساسٍ من المبادئ والثوابت، يكون عندنا ثوابت نتمسك بها، لا نفرط فيها، لا نتجاوزها، نبقى أمة متمسكة بمبادئها وثوابتها، ترى البعض من أبناء الأمة لم يعد لديهم أي ثوابت، انسلخوا نهائياً، انجرفوا وضاعوا وتاهوا، وأصبحوا عرضةً للاستغلال والاستعباد من جانب الأعداء، فالقرآن هو يضبط انزلاقة الأمة، ويفرملها على أساسٍ من ثوابتها ومبادئها.
القرآن الكريم هو أيضاً الذي يقدم لنا الرؤية المتكاملة الصحيحة تجاه كل المجالات: كيف نتحرك على المستوى السياسي، على المستوى الثقافي، على المستوى الاقتصادي… في كل مجالات الحياة، أمام هجمة الأعداء واستهدافهم لنا في كل المجالات، رؤيته متكاملة، لا يقدم فقط اهتماماً بجانبٍ واحد.
القرآن الكريم يحصِّن وضعنا الداخلي، وأهم ما يعتمد عليه الأعداء في استهدافنا، هو: اختراقنا من الداخل، تسعون بالمائة من مخططات الأعداء ومؤامراتهم علينا كأمةٍ إسلامية، هي تعتمد على تقبلنا واستجابتنا وتهيئة واقعنا لتقبل ما يأتي منهم، تسعون بالمائة من مخططاتهم ومؤامراتهم، وهذا هو ما نبَّه عليه القرآن الكريم، فيأتي القرآن ليحذر من الولاء لهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة: الآية51]؛ لأن الكثير من مخططاتهم ومؤامراتهم هي تنجح في داخل الأمة، وتتحرك في واقع الأمة، وتصل إلى داخل الأمة من خلال التولي لهم، والتقبل لما يأتي منهم، وأيضاً بالطاعة لهم، الله يقول في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}[آل عمران: الآية100]، والآن أكبر مشكلة تعاني منها الأمة هي من جهة مَنْ؟ من المطيعين والموالين لأمريكا وإسرائيل، أصبحوا هم أداة بيد أمريكا، وبيد إسرائيل، ينفِّذون مخططاتها في داخل الأمة، يقتلون، يدمِّرون، ينشرون الفتن، يتحركون في كل المجالات، هم أبواق على المستوى الإعلامي والثقافي والفكري، وأقلام لخدمة أمريكا وإسرائيل، لخدمة اليهود، هم السلاح الذي يقتل، المتجند الذي يحارب، وهم الذي يحاصر، وهم الذي يقدم المال على المستوى المادي والمالي، وهم الذين يتحركون لإقلاق الأمن في بلدان أمتنا، ونشر الفتن، وسفك الدماء، وإزهاق الأرواح، هم أصبحوا أداة، مشكلة كبيرة، الذين أطاعوا الأعداء بعد أن حذَّر الله من طاعتهم، والذين يوالونهم بعد أن حرَّم الله موالاتهم، والآن أصبحت الموالاة لهم عنوان، تحت عنوان التطبيع، عنوان التحالف… عناوين أخرى.
ولذلك أمام المشروع القرآني الذي يقدِّم لنا رؤيةً متكاملة يجب أن نستوعب هذا المشروع، أن ندرك أهميته، أن نستحضره في كل مجال وفي كل ميدان، تأتي المشكلة عندما يغيب عن بال الناس هذه المسألة، عندما نأتي إلى المجال الإعلامي، يجب أن نستحضر أننا في ميدان وصراع، وأنه ميدان يتحرك فيه الأعداء بكل قوة، بكل إمكانياتهم، بكل مخططاتهم، بأنشطة واسعة جداً، فإذا تحرَّك الإنسان في الإعلام، أو في مواقع التواصل الاجتماعي، ليعرف أنه سيدخل إلى عالم مفخخ وملغوم بالأضاليل، بالأكاذيب، بالافتراءات، بالدعايات الباطلة، بالتزييف للحقائق، فليدخل كفارس، كمجاهد، كمواجه، كمتصدٍ للأعداء، هذه هي الرؤية القرآنية، التي ستجعلك تدخل وتحضر في المجال الإعلامي، أو المجال السياسي، أو المجال الاقتصادي، أو الجانب الاجتماعي… أو في أي مجال من المجالات بوعي، بروحٍ عملية، بروحٍ مسؤولة، تدخل كمجاهد يتصدى لمؤامرات الأعداء، وليس كغافل، وليس كساذج يتقبل كل شيء، ويتأثر بكل شيء، بل كمؤثر، وكمواجه، وكمناصر للحق والحقيقة، وكمدافع عن الأمة، وكمتصدٍ لكل مؤامرات الأعداء، هذا ما يجب أن نستحضره دائماً في كل مجال وفي كل ميدان، وسنرى الفاعلية العالية.
عندما نتحرك على أساس الرؤية القرآنية والمشروع القرآني في كل مجالٍ من المجالات؛ ننتصر، ولا أحد يستطيع أبداً أن يطفئ نور القرآن، إنَّ القرآن هو نور الله الذي لا ينطفئ، ولن ينطفئ مهما عمل الكافرون، والجاحدون، والمنافقون، مهما نفخوا بكل أفواههم، هم أعجز وأحقر من أن يطفئوه، ومن نفخ في نور الشمس هل سيطفئها؟! هذه هي قوة القرآن.
المشروع القرآني هو مشروعٌ منتصر وأتى ليبقى، عندما قَتَل المجرمون شهيد القرآن “رضوان الله عليه” في الحرب الأولى، كانوا يظنون أن هذا المشروع انتهى، وأنهم قد سلموا شغلته، وتخلَّصوا منه، وأول ما حرصوا عليه: أن يبشِّروا السفير الأمريكي آنذاك في صنعاء بذلك؛ لينقل الخبر إلى بلاده، ولكن أثبت الواقع أنَّ هذا المشروع العظيم كلما حورب ازداد قوة، وتنامى، وتعاظم، وتجذَّر، وهو حاضرٌ اليوم في ساحتنا في البلد، ولكن حاضر بمستوى الساحة الإقليمية بكلها، وأصبح حاضراً بفاعليةٍ عالية، هو المشروع الذي يليق بأمتنا بشكلٍ عام، والذي يليق بشعبنا العزيز؛ لأنه يمن الإيمان، وهل للمؤمنين كتابٌ يؤمنون بكل ما فيه أنه الحق الذي لا ريب فيه، وأنه الهدى الذي أتى من الله غير القرآن؟!
القرآن هو نور الله الذي نؤمن بأن كل ما فيه حقٌ وهدى أتانا من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، هو مشروعٌ ناجح؛ لأن وراء القرآن من نزَّل القرآن، كما قال شهيد القرآن “رضوان الله عليه”: ((وراء القرآن من نزَّل القرآن))، فهو مشروعٌ منتصر، ومساعي الأعداء التي تستهدفنا سواءً لاستهداف الرأي العام، القرآن يصنع الوعي العالي، الذي يحصِّننا من كل أشكال الاستهداف، عبر مواقع التواصل الاجتماعي صرف الناس إلى أولويات أخرى؛ القرآن يحدد لنا الأولويات المهمة والأساسية، يرسم لنا المنهج الحق، يفضح كل مؤامرات الأعداء، وهذا ما نحتاج إليه وينبغي أن نركِّز عليه، هذه الجملة التي نتحدث بها عن المشروع القرآني.
وحتى لا نطيل أكثر في ختام الكلمة نتحدث عن ثلاثة عناوين:
العنوان الأول عن المرحلة الراهنة في البلد:
نحن في السنة الثامنة منذ بداية العدوان على بلدنا، اليوم أو في هذه المرحلة مع بعض الهدوء في التصعيد العسكري، هناك التباس إلى حدٍ ما على البعض، يقولون: [ما هي المرحلة الراهنة؟ ما نحن فيه؟ هل نحن في حالة حرب؟ هل نحن في حالة هدنة؟ هل نحن في حالة سلم؟ ما هو واقع المفاوضات؟] المرحلة التي نحن فيها الآن هي بالتأكيد مرحلة حرب، الذي هدأ هو فقط بعض التصعيد، يعني: مثلاً الطيران من جانبهم، الصاروخية والطيران المسيَّر من جانبنا، العمليات الهجومية من جانبهم أو من جانبنا، أمَّا الحالة هي حالة حرب مستمرة، يعني: لسنا الآن في ظل اتفاق هدنة، هذه المرحلة لسنا في ظل اتفاق هدنة، إنما هناك خفض للتصعيد كما يقولون، خفض للتصعيد، في ظل وساطة عمانية مشكورة، نحن نشكر الإخوة والأشقاء في سلطنة عُمَان الذين يحسنون الجوار، الذين يتعاملون مع شعبنا اليمني على مبدأ حسن الجوار، يقودون وساطة وجهوداً مكثفة لوقف العدوان على بلدنا، نحن نقدِّر لهم جهودهم، ونسعى إلى أن نعطيهم الفرصة الكافية للنجاح في مساعيهم، طبعاً في ظل انفراجة إلى حدٍ ما في دخول السفن إلى ميناء الحديدة، وحركة المطار في صنعاء.
نحن دائماً في كل حوار، وفي كل المفاوضات، نؤكِّد على الملف الإنساني والمعيشي لشعبنا، أنه ملف لا يمكن أن نقايض به، لا يمكن أن نتجاهله، لا يمكن أن نسكت عنه، لا يمكن أن نضيِّع هذه الأولوية لحساب أي أولوية أخرى؛ ولذلك عندما نعطي وقتاً معيناً لصالح الجهود والوساطة العمانية، لا يعني ذلك أننا سنستمر إلى ما لا نهاية طالما استمر الحصار، نحن أيضاً من الخطوات التي نقوم بها في هذه المرحلة مع الانفراجة التي حصلت إلى حدٍ ما في ميناء الحديدة، وحركة المطار في صنعاء، نمنع نهب الثروات الوطنية فيما يتعلق بالنفط، وتسويق النفط اليمني إلى أسواق الخارج، وسرقة ثمنه، نحن نمنع ذلك، ونجحنا- بفضل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”- في منعهم من ذلك، منعنا السفن التي تأتي لتحميل النفط، والباخرات التي كانت تأتي إلى ساحل حضرموت، أو إلى ساحل شبوة، منعناها، بل تمكنت القوة الصاروخية من إصابة حتى الحنفية [البزبوز] في ميناء حضرموت إصابة دقيقة جداً بتوفيق الله، وبتسديد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
أنا في هذا المقام أوجه التحذير والنصح معاً لتحالف العدوان: صبرنا سينفد إن لم تبادروا بالتفاهم الجاد والعملي في الملف الإنساني والمعيشي لشعبنا، لا نقبل بحرمان شعبنا من ثروته الوطنية في الاستحقاقات المتعلقة بالمرتبات والخدمات العامة، هي ثروةٌ لشعبنا من حقه أن يحصل على هذه الثروة، يمكن أن ينفد الوقت، ويمكن أن نعود إلى خيارات ضاغطة للحصول على هذا الحق من أجل شعبنا العزيز.
أيضاً أتوجه بالطمأنة لشعبنا: في أي مفاوضات، أو في أي حوار، لن نقبل أبداً بالتفريط بإنجازات ومكتسبات شعبنا في الحرية والاستقلال والكرامة، هذه خطوطٌ حمراء لا يمكن أن نفرِّط بها أبداً، في أي اتفاقيات، أو أي حوارات، لا بدَّ للأعداء أن ينهوا عدوانهم على بلدنا، وأن يسحبوا قواتهم التي أتت لاحتلال بلدنا، ولا بدَّ أن يكون المسار لأي حوار أو اتفاق يفضي إلى هذه النتيجة بشكلٍ تام، ويمنع تدخُّل الآخرين في شؤون بلدنا الداخلية.
نحن كررنا في كثير من المحاضرات الحديث عن أنَّ حريتنا هي من ديننا، من مبادئنا الدينية التي لا يمكن أن نفرِّط فيها، ولذلك إذا كانوا يريدون السَّلام فطريق السَّلام واضحة، وغاياته واضحة، والذي يوصل إليه واضح، ومفتاحه هو الملف الإنساني، وغايته هو وقف العدوان والحصار والاحتلال لبلدنا، وأن يتركوا لبلدنا شأنه، وأن يحصل على حقه المشروع في الحرية والاستقلال، وتطهير كامل أراضيه من الغزو الأجنبي، هذا فيما يتعلق بالمرحلة الراهنة.
أيضاً أتوجه إلى شعبنا بالتنبيه والتأكيد على أهمية اليقظة المستمرة، والجهوزية الدائمة أمام كل الاحتمالات، احتمال أن تأتي الحرب في أي لحظة، التصعيد في أي لحظة، احتمال أن يأتي ما يترتب على التصعيد من ضغوط أو مواجهة، لكن ذلك بالنسبة لشعبنا العزيز في إطار الدفاع عن قضيته العادلة، في نيل حريته واستقلاله، في الدفاع عن نفسه، والأعداء مهما تحرَّكوا في هذه المرحلة، أو في غيرها، أو ما بعدها، كما فعلوا في الماضي، من خطوات عملية تنتهك استقلال هذا البلد، من تشكيلات عسكرية جديدة يشكلونها للاعتداء على هذا البلد، ولتعزيز نفوذهم وسيطرتهم عليه، هي خطوات مآلها الفشل، صحيح هي متعبة، لها آثارها المؤسفة على بلدنا، ومن المؤسف جداً ومن العار على العملاء الذين يتجنَّدون في صف العدوان ليقاتلوا أبناء وطنهم، وليقتلوا لتمكين المحتل الأجنبي من احتلال بلدهم، هذا أمر مؤسف، لكن هي مشكلة، واجبنا نحن كشعبٍ يمني أن نتصدى لها بالاعتماد على الله، وأن نثق بالله، وأن نكون مطمئنين إلى أن ثمرة صبرنا، وجهادنا، وتضحيتنا، وثباتنا على مبادئنا، وموقفنا المحق، وقضيتنا العادلة، هي نصر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” الذي توكلنا عليه، واعتمدنا عليه، واستعنا به.
من العناوين التي نعرج عليها هو الوضع الراهن في فلسطين:
الشعب الفلسطيني يعاني من تصعيد من العدو الإسرائيلي، ولكنه يقابل ذلك أيضاً بتضحية، واستبسال، وثبات، وعمليات استشهادية وبطولية منكية بالعدو، ومقلقة للعدو، العدو أيضاً يتوجه هناك للمزيد من الاعتداءات والاستيطان، ومصادرة الأراضي، وتعذيب الأسرى، ويمارس الانتهاكات اليومية بحق المسجد الأقصى، وهناك حديث عن توجهات للعدو الإسرائيلي لاستهداف أكبر للمسجد الأقصى، أو السعي لاستقطاع بعضٍ منه، أمام كل ما يجري في فلسطين نحن في مسيرتنا القرآنية، نحن كشعبٍ يمني (يمن الإيمان)، ومواقفه الإيمانية لمناصرة قضايا أمته، والوقوف بوجه أعدائه، يجب أن نكون جاهزين لكل الاحتمالات، إذا وصلت الأمور إلى وضعية تحتاج إلى تدخُّل من شعوبنا الإسلامية، نحن حاضرون- كما قلنا- مراراً وتكراراً أن نتدخل إلى جانب شعبنا الفلسطيني بحسب المقتضيات والأحداث، آمل أن يكون هناك استعداد لمثل ذلك.
أيضاً فيما يتعلق بهذا العنوان، هناك فضيحة كبيرة جداً للمطبعين، النظام السعودي والإماراتي، وآل خليفة في البحرين، والنظام المغربي، الدول العربية التي طبعت ووالت إسرائيل، ودخلت في علاقة مفضوحة مع إسرائيل، وتعاون مع إسرائيل، هي مفضوحة أمام كل التطورات التي تجري في فلسطين، هي في وضعية خزيٍ وعارٍ واضحٍ ومؤكد ولعنةٍ من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” تجاه كل عذابات الشعب الفلسطيني، إنَّ كل من يساهم في ظلم الشعب الفلسطيني ويتعاون مع العدو الإسرائيلي بأي شكل من أشكال التعاون هو يرتكب الجريمة بحق الشعب الفلسطيني وهو مشاركٌ في ظلم الشعب الفلسطيني، ما يجري هو عارٌ عليهم، في الوقت الذي يستمر الإسرائيلي في اعتداءاته، يواصل جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، يعمل أكثر وأكثر على ظلم الشعب الفلسطيني، ومصادرة أراضيه وحقوقه، يستهدف المسجد الأقصى والمقدسات، هم يتجهون أكثر وأكثر لتقوية علاقتهم معه، هذا عار وخزي عليهم، ارتداد عن مبادئ الدين وقيمه العظيمة، مخالفة صريحة للقرآن، سيبوؤون بغضبٍ من الله “سبحانه وتعالى”، ولذلك عواقب خطيرة عليهم؛ لأن الكيان الإسرائيلي هو كيانٌ مؤقت، مصيره الزوال حتماً، هذا وعد الله الذي لا يتخلف، ومن يرتبطون به سيخسرون حتماً هو وعد الله الذي لا يتخلف كذلك كما في صريح الآيات المباركة (في سورة المائدة، وفي سورة الإسراء).
العنوان الأخير من العناوين الثلاثة، هو: عن الزلزال، الزلزال الكبير في جنوب تركيا وشمالي سوريا:
في هذا المقام نكرر التعازي للشعبين التركي والسوري، وألمنا الكبير على مأساتهم ومعاناتهم، كما ندين في هذا المقام الحصار على سوريا من الجانب الأمريكي، وضعف التعاون العربي والإسلامي معها، كان مستوى التعاون مع سوريا ضعيف من الدول العربية، من الدول الإسلامية بشكلٍ عام إلا القليل، استثناءات، استثناءات محدودة، لم يتعاملوا بمقتضى الإنسانية والأخوّة العربية والإسلامية، كان موقفهم كذلك فضيحة لهم.
فيما يتعلق بالزلزال، هناك عبرة مهمة من الزلزال، عبرةٌ مهمة يجب أن نستذكرها، هي تذكرنا بالافتقار إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والافتقار إلى رحمته، وضعفنا وحاجتنا إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وحاجتنا إلى الأخذ بأسباب رحمته “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، عندما نجد مثلاً حجم هذا الزلزال، ما أحدثه من دمار هائل، ما يترتب عليه من مأساة كبيرة، قد تفوق في عدد الضحايا من القتلى والمصابين، من المتوفين والمصابين، بأكثر مما حصل عندنا مثلاً في اليمن على مدى ثمان سنوات من الحرب والدمار، يعني: شيء مهول جداً في ثوانٍ، في ثوانٍ، أقل من دقيقة، زلزال في منطقة معينة يحدث كل هذا الأثر.
نحن كبشر بحاجة إلى الله، إلى الأخذ بأسباب رحمته، إلى تجنب ما يبعدنا عن أسباب رحمته ورعايته، وهذه مسألة مهمة جداً، هي تذكير كبير لنا، في حاجتنا إلى الله، وافتقارنا إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأهمية العمل الصالح الذي يقربنا من الله، والذي نحظى من خلاله بأسباب رحمته ورعايته، ويدفع به عنا السوء، والحذر من أسباب سخطه، من المعاصي التي تبعدنا عن رحمة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وهو تذكيرٌ لنا بالزلزال العظيم، الزلزال الذي سيكون نهايةً للعالم، نهايةً لهذه الأرض، وللحياة عليها.
في القرآن الكريم سورة بأكملها هي سورة الزلزلة، يقول الله فيها: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ}[الزلزلة: 1-6]، نهاية هذه الحياة هي زلزال عظيم يدمر الأرض بكلها، ويأتي بغتة، لا يأتي في الوقت المتوقع، لا يأتي في إطار التوقعات والمؤشرات الواضحة، بغتة، يزلزل الأرض بكلها، ويدمر كل ما عليها ليس فقط من المساكن، والمدن، والقرى، والمنشآت البشرية على هذه الأرض، بل حتى الجبال التي يدكها دكاً، حتى تندك بكلها بأجمعها، حوادث مهولة جداً في يوم القيامة الذي يأتي بغتة، ونحن آخر الأمم، نحن في آخر الزمان، نحن بحسب ما قبلنا أقرب الناس إلى القيامة، يجب أن نستذكر أهمية العمل الصالح، والتقوى لله، وأن نستذكر المسؤولية في أعمالنا، في تصرفاتنا، في كلامنا، في مواقفنا، لندرك أننا في موقع المسؤولية أمام الله، وأن هناك حساب وجزاء، وهناك الجنة والنار، فلننتبه ولنحذر من حالة الغفلة التي تشكل خطورةً علينا، ولنستشعر مسؤولياتنا وواجباتنا، التي علينا أن نتحرك فيها، وفيها المسؤولية في التصدي للأعداء، ألَّا يخيفونا فنقصر فيما أمرنا الله به، وأن يستعبدونا ونعبِّد أنفسنا لهم بدلاً من طاعة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والتزام أمره، يجب ألَّا نخشى غير الله، ألَّا نخشى إلا الله، ألَّا نخاف من أحد إلا الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، من عذابه إذا قصرنا، إذا استهترنا بتوجيهاته وأوامره، إذا خالفنا كتابه.
نَسْأَلُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنصُرنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
السلام على شهيد القرآن، السلام على الشهداء الأبرار.
الشكر لكم أيها الحاضرون جميعاً.
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه؛؛؛