نص الدرس الثامن من محاضرات السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، من دروس عهد مالك الأشتر 08-12-1443 هـ 07-07-2022:
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين والمجاهدين.
أيُّها الإخوة والأخوات
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
وصلنا في الدرس إلى تنمية الموارد المالية، وما يتعلق بالخراج، والخراج: عنوانٌ يعبَّر به عن الإيرادات المالية من الإنتاج الزراعي، وأيضاً يعبَّر به في فقه الشريعة الإسلامية عن الأراضي التي سيطر عليها المسلمون، ثم تصالحوا مع أهلها، على أن تبقى في أيديهم مقابل نسبة معينة من محاصيل تلك الأموال للأمة الإسلامية، للنظام الإسلامي، وطبعاً يعبَّر هنا بشكلٍ عام ويستفاد مما ورد هنا فيما يتعلق بالإيرادات المالية والإنتاج الزراعي… وما يتصل بذلك.
قال “عليه السلام”:
((وَتَفَقَّدْ أَمْرَ الْخَرَاجِ بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ، فَإِنَّ فِي صَلَاحِهِ وَصَلَاحِهِمْ صَلَاحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ))
العادة في اهتمامات الأنظمة والحكومات في كثيرٍ من بلدان العالم، وفي واقع المسلمين على مدى قرونٍ من الزمن، أن يكون التركيز من الحكومات على الجباية المالية بشكلٍ واسع، بأكبر قدرٍ ممكن، والحرص على أن يكون التحصيل وفيراً، التحصيل المالي للإيرادات المالية وفيراً، مع تجاهل واقع المزارعين، والعملية الإنتاجية في نفسها، وما يتعلق به، وهذا كان يؤثر تأثيراً كبيراً على المزارعين، على المنتجين؛ لأن الدولة والحكومة لا تلتفت إليهم، إلى معاناتهم، إلى ما يؤثر على إنتاجهم، على زراعتهم، وأحياناً لم تكن الحكومات والولاة يتعاطفون ولا يقدِّرون الظروف الكارثية، والظروف الصعبة، فكانوا مثلاً يجبون جبايةً واحدة، ولا يفرِّقون بين ظروف الجدب وظروف الغيث والأمطار، لا يفرِّقون بين الأوقات التي تحصل فيها مثلاً كوارث معينة على المزارعين، على الأراضي، والحال المختلف عن ذلك، لا يأخذون بعين الاعتبار رعاية هذا المجال، ونمائه، واستمراريته، وتطويره، همهم الوحيد هو الجباية المالية، والتحصيل المالي، والسيطرة على ما يتمكنون من ذلك، وتوفير أقصى قدرٍ ممكنٍ من ذلك.
الإمام عليٌّ “عليه السلام” قدَّم سياسةً رشيدةً وعادلةً، تمثل المصلحة الحقيقية للأمة، بهذا التعبير عندما قال: ((وَتَفَقَّدْ أَمْرَ الْخَرَاجِ بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ، فَإِنَّ فِي صَلَاحِهِ وَصَلَاحِهِمْ صَلَاحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ)).
الإمام عليٌّ “عليه السلام” قدَّم هذه الرؤية الاستراتيجية، التي يبنى عليها الخير، ويبنى عليها الصالح العام للأمة، حتى فيما يركِّز عليه الولاة أنفسهم والحكومات نفسها، فيما يتعلق مثلاً بالإيراد المالي أن يكون إيراداً كبيراً، هذه الرؤية هي تحقق هذا الهدف، إضافةً إلى هدفٍ له أهميةٌ كبيرة في واقع الأمة، فالنظر في أمر الخراج من خلال الدراسة لذلك، من خلال اعتماد سياسة يبنى عليها في العمل في ذلك المجال، هو وفق هذا: ((بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ))، بما يصلح القطاع الزراعي، بما يساعد على استمراريته، وحفظه، ونمائه، وتطويره، لاحظ هذه السياسة سياسة حكيمة، ورشيدة، ومفيدة، تحقق الأهداف المرجوة، وتحقق النتائج المهمة لمصلحة الأمة؛ لأن النظر في هذا الأمر ليس من زاوية واحدة: [كيف يتوفر مال للدولة]، بل من زوايا متعددة، من جوانب مهمة جدًّا، ولهذا قال: ((فَإِنَّ فِي صَلَاحِهِ وَصَلَاحِهِمْ صَلَاحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ))، فالنظرة إلى هذا الموضوع بما يمثله من أهمية للأمة، وهذه مسألةٌ مهمةٌ جدًّا.
للأسف الشديد تراجع اهتمام المسلمين حكوماتٍ وشعوباً بالإنتاج الزراعي، والعناية بالزراعة بشكلٍ عام، بأكثر من بقية الأمم والشعوب، لا تزال مسألة الاهتمام بالزراعة، والعناية بالإنتاج الزراعي، من الأولويات القصوى، الأولويات الأساسية لدى كثير من أمم الأرض، بمختلف دياناتهم، وبمختلف أجناسهم، فتجد الاهتمام بهذا الأمر بشكلٍ كبير في الغرب مثلاً، وفي بعض الدول الشرقية، مثلاً: في الصين، في مختلف البلدان والشعوب في غير العالم الإسلامي والمنطقة العربية، الاهتمام الكبير جدًّا بالزراعة، والإنتاج الزراعي، وتطوير هذا الجانب، والتركيز على الأولويات فيه، حتى أصبحت الكثير من البلدان- وبالذات البلدان الكبرى- في إنتاجها غطت احتياجها الضروري، وغطت احتياجها بشكلٍ كامل، وأصبحت مصدرةً للفائض وبشكلٍ كبير، يصبح الفائض كبيراً من إنتاجها الزراعي، فتصدره كثروة ضخمة إلى مختلف بلدان العالم.
السياسات المعادية للإسلام والمسلمين لها دورٌ في ذلك، في تراجع اهتمام المسلمين في العناية بالزراعة، والإنتاج الزراعي، والمحاصيل الزراعية، من خلال الأنظمة العميلة، والحكومات العميلة، التي تعمل في سياساتها، وتعتمد في سياساتها ما يمليه عليها أعداء الأمة، والغفلة والتخلف التي سادت في واقع أكثر المسلمين على مدى قرونٍ من الزمن، كان لها تأثيرها الكبير أيضاً في تلاشي اهتمامهم وتفاعلهم مع هذا الجانب، وتتحمل الأنظمة والحكومات المسؤولية- بالدرجة الأولى- في ذلك.
عندما نتأمل في هذه المسألة وفي أهميتها، نظرة الآخرين إلى هذا الجانب، الأمم الأخرى، الشعوب الأخرى، إلى هذا الجانب تعتمد على ركيزتين:
– الركيزة الأولى: يعتبرونها أمناً قومياً:
بمعنى: أنها من الضروريات الأساسية لكي يكونوا دولاً وشعوباً قوية، وحرة، ومستقلة، وقادرة على مواجهة أعدائها، وقادرة على مواجهة التحديات والأخطار، وأن هذا يدخل ضمن الضروريات الأساسية، التي ينبغي بحكم الفطرة، بالدافع الفطري، بالمنطق والعقل، أن تكون من أهم الأشياء في إنتاج الشعوب، في أولوياتها للإنتاج، والثروة الوطنية؛ لأنها من الاحتياجات الضرورية، والإنسان بفطرته إذا بقيت له فطرة سليمة- ولو في بعض الأمور هذه- يدرك أهمية الإنتاج لضروريات الحياة، للاحتياجات الأساسية للحياة، وفي مقدمتها الغذاء، والغذاء يعتمد بشكل رئيسي على الزراعة، فهم ينظرون من هذا المنظور، ولديهم اهتمام كبير بهذا الاعتبار: أن هذه ضرورة لحياتهم، ضرورة لحريتهم واستقلالهم، حتى لا تكون هذه وسيلة لاستعبادهم وإذلالهم من قِبَل دول أخرى؛ لأنهم إذا فقدوا توفير احتياجهم الغذائي الضروري، واعتمدوا على الآخرين في ذلك، سيكون وسيلةً بيد أولئك الآخرين، في التحكم بهم، والاستغلال لهم، والضغط عليهم، وسيكونون عرضةً للحصار الشديد الضار الموجع في أي لحظة، فهم يهتمون بهذه المسألة اهتماماً كبيراً.
– ومن جانبٍ آخر: هم يدركون أنها تمثل ثروةً ضخمة:
بحساب المصلحة المالية، والمصلحة الاقتصادية، الزراعة والإنتاج الزراعي من أهم الثروات الضخمة، التي تحرِّك الاقتصاد، تنعش الاقتصاد، ينتج على أساس العناية بها نشاط اقتصادي واسع، واسع من جوانب كثيرة، في متطلباته، في متعلقاته، فهم يدركون أهمية هذا الجانب أيضاً، ولذلك يهتمون به اهتماماً كبيراً جدًّا، ويسعون إلى إبعادنا عن الاهتمام بذلك من جوانب كثيرة، ألَّا يكون هذا الأمر حاضراً لا في ثقافتنا، ولا في تعليمنا، ولا في إعلامنا، ولا في نظامنا الاقتصادي، ولا في اهتماماتنا، تغيب هذه المسألة بشكل كبير.
المسلمون اليوم وهم يعيشون أزمات عالمية، وتحديات متنوعة، يحتاجون- أكثر من أي وقتٍ مضى- إلى تصحيح سياساتهم فيما يتعلق بهذا الموضوع، وإلى التركيز على التوعية بشأنه، وترسيخ أهميته، واعتماد سياسات، وإجراءات عملية، وآليات عمل، تعالج هذه المشكلة التي أصبح واقع الأمة فيها واقعاً مأساوياً، وهناك فجوة كبيرة جدًّا في هذا المجال، وإلا سيكونون ضحية لتقصيرهم وإهمالهم لهذا الجانب، أصبح هذا الموضوع له علاقة بالحرية، والاستقلال، والكرامة، والثبات على المبادئ والقيم، يمثل بالفعل أمناً قومياً للأمم والشعوب، يمثل ضرورةً للحياة، يمثل أهميةً كبيرة على مستوى الإنتاج الاقتصادي، وتوفير المال، وسعة الأرزاق، وما يتصل بذلك، فالغفلة عن هذا الجانب تمثل مشكلةً كبيرة، لاحظوا اهتمام الآخرين بهذا الجانب، وما نتج عنه في واقعهم، في قوتهم، عامل قوة، وعنصر قوة بأيديهم.
الإمام عليٌّ “عليه السلام” يلفت النظر إلى أهمية هذه المسألة في قوله:
((فَإِنَّ فِي صَلَاحِهِ وَصَلَاحِهِمْ صَلَاحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ، وَلَا صَلَاحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلَّا بِهِمْ؛ لِأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عِيَالٌ عَلَى الْخَرَاجِ وَأَهْلِهِ))
الكل بحاجة، بحاجة إلى المحصول الزراعي، الإنتاج الزراعي، في موارده المالية من جهة، وبحاجةٍ إليه كغذاء، كاحتياج ضروري لحياتهم وغذائهم من جانبٍ آخر.
((وَلْيَكُنْ نَظَرُكَ فِي عِمَارَةِ الْأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِكَ فِي اسْتِجْلَابِ الْخَرَاجِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُدْرَكُ إِلَّا بِالْعِمَارَةِ، وَمَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَيْرِ عِمَارَةٍ، أَخْرَبَ الْبِلَادَ، وَأَهْلَكَ الْعِبَادَ))
هذه عناوين مهمة جدًّا للاهتمام بالجانب الزراعي، ولكن قبل ذلك، قبل أن نأتي إلى تفاصيل ما يصلح هذا الجانب، بعضاً من التفاصيل في ذلك، نلفت النظر إلى أهمية أن يكون هناك توجهٌ جاد للاهتمام بهذا المجال؛ لأن الاهتمام بهذا المجال حصل فيه تراجع كبير في مختلف البلدان، مثلاً: عندنا في اليمن، الآباء والأجداد كانوا أكثر اهتماماً بالزراعة والإنتاج الزراعي منا في هذا العصر بكثير، وكانت نسبة الزراعة في زمنهم مقارنةً بالسكان نسبة كبيرة، مقارنةً بنا في هذا العصر، في المساحة المزروعة، ونسبة السكان، فهناك تراجع كبير في الاهتمام بهذا الجانب، ولكن هناك تضرر، ويزداد هذا الضرر كلما استمرت هذه الغفلة وهذا الإهمال.
– إذا جئنا إلى الاهتمام بهذا الجانب، فمفتاحه، وأساس النجاح فيه، وأول ما ينبغي أن نحسب حسابه في هذا الجانب، هو: ضرورة العودة إلى الله “سبحانه وتعالى” بشكلٍ عملي:
أن نسعى لإصلاح أمرنا، لإصلاح ديننا، لإصلاح أنفسنا، لإصلاح أعمالنا، لترسيخ تقوى الله “سبحانه وتعالى” في سلوكياتنا واهتماماتنا، وفي عنايتنا فيما يتعلق بمسؤولياتنا والتزاماتنا الإيمانية والدينية والأخلاقية، هذا جانبٌ مهمٌ جدًّا.
– أيضاً فيما يتعلق مثلاً بإخراج الزكاة، والعناية بذلك بما ينبغي، بمستوى أهمية الأمر:
هذا شيءٌ أساسيٌ لنحظى برعاية الله “سبحانه وتعالى”، لنحظى بالبركات، لنحظى بالغيث من الله “سبحانه وتعالى”، ليمن الله علينا من واسع فضله، كما في القرآن الكريم: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}[نوح: 10-12]، {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا}[الجن: الآية16]، فهذا شيءٌ مهمٌ جدًّا، لا يمكن تجاهله والتجاوز له وإهماله، لابدَّ من الاهتمام بهذا الجانب.
ثم ضمن هذا الرجوع العملي، نسعى إلى الاهتمام بهذه المسألة، بالنظر لأهميتها حتى في ديننا، لأهميتها حتى في استقلالنا، وكرامتنا، وحريتنا، فنسعى إلى الاهتمام بذلك بشكلٍ كبير، المقومات الزراعية معروفة، ويمكن توفير ما لا يتوفر، والاستفادة مما هو متوفر.
بالنسبة للمقومات الأساسية الضرورية جدًّا، فهي- بفضل الله “سبحانه وتعالى”- متوفرة، ويمكن الاستفادة منها واستثمارها بشكلٍ أفضل، من خلال الرجوع إلى الله، والاهتمام العملي بشكلٍ صحيحٍ وحكيم.
– أول المقومات الزراعية هو الأرض، الأرض الصالحة للزراعة:
بحمد الله “سبحانه وتعالى” يتوفر في بلدنا مساحات شاسعة جدًّا صالحة للزراعة، وفي بيئات متنوعة، البيئة الجبلية، وفي الجبال مساحات كثيرة قابلة للزراعة، وأيضاً في المناطق الشرقية مساحات شاسعة جدًّا من الأرض الصالحة للزراعة، في الجوف، ومأرب، وشبوة، وحضرموت، مناطق شاسعة للغاية، ولا زالت أكثرها لم تستغل بعد في الزراعة، ما زالت مهملة.
– في البيئة أيضاً (التنوع البيئي):
مثلاً: ما بين المناطق الجبلية، والمناطق الشرقية، والمناطق التهامية، المناطق التهامية أيضاً هي فيها سعة كبيرة جدًّا، ومساحات شاسعة من الأرض الصالحة للزراعة، التي لم تستثمر بعد، ولم تستغل بعد.
التنوع البيئي يساعد وفرة وتنوع المحاصيل الزراعية، وأيضاً التكامل في الإنتاج الزراعي، فمثلاً: بعض المناطق يمكن فيها إنتاج بعض المحاصيل الزراعية بجودة عالية ووفرة كبيرة، في المناطق الشرقية يمكن إنتاج القمح بوفرة كبيرة، وبجودة عالية، وبيسر، هي صالحة جدًّا المناطق الشرقية لإنتاج القمح؛ بينما نجد مثلاً كذلك بعض أنواع النخيل تصلح فيها بشكل كبير لإنتاج أنواع من التمور الممتازة، والبعض أيضاً يصلح منها في المناطق التهامية، كذلك بقية الأنواع من المحاصيل الزراعية، شيءٌ منها يصلح في تهامة بشكل أفضل، شيءٌ منها يصلح في المناطق الجبلية بشكل أفضل، هذا كله يساعد على التنوع والوفرة في الإنتاج الزراعي.
الأرض المتوفرة للزراعة بحاجة إلى استثمار، إلى استغلال، إلى عمل، إلى عمل، مما يؤثر على العمل في الجانب الزراعي: توجه الكثير من سكان الريف إلى المدن، وتكدسهم في المدن، هذا من أكبر عوامل تعطيل الزراعة، والعمل في الزراعة، والإنتاج الزراعي، وهي إشكالية كبيرة وخطيرة، خطيرة علينا كمجتمعٍ يمني.
في بقية البلدان العربية هناك أيضاً فرص كثيرة للزراعة، ومجال واسع للزراعة، والعمل ضعيفٌ في ذلك.
– عندما نأتي إلى موضوع الأرض الزراعية، من المشاكل التي نعاني منها فيما يتعلق بهذا الجانب، هو: توجه الكثير من الناس للعمران في الأراضي الزراعية:
يعني: يختار لبناء منزل، أو لبناء سكن… أو أي شيء آخر: متجر، أو غيره، يختارون الأرض الصالحة للزراعة، والمناسبة جدًّا حتى للزراعة، وقد يتركون إلى جوارها مكاناً عادياً، مكاناً صخرياً… أو نحو ذلك، يمكن أن يبنوا عليه، يمكن أن يعمروا فوقه، فيتركون تلك الأماكن، ويذهبون إلى أحسن الأماكن للزراعة للبناء فيها، للعمران فيها، وهذا يؤثر، يؤثر حتى في بعض المناطق مثلاً حصل في صعدة، في ذمار، في عمران… في مناطق متعددة، في صنعاء، أن اتجه الناس لبناء المساكن والمنازل في أحسن المناطق للزراعة، وتركوا الأماكن التي يمكن البناء عليها دون أن تكون صالحة للزراعة، وصالحة للبناء عليها، هذا من قلة الحكمة، من قلة الرشد.
واجبنا كشعبٍ يمني أن نكون حكماء، ونتصرف برشد وحكمة في تنظيم شؤون حياتنا، وفي التخطيط لشؤون حياتنا، أن نترك العشوائية؛ لأن العشوائية منافية للحكمة، لا تتناسب مع الحكمة، العمل العشوائي غير المخطط، غير الهادف، الذي لا يؤخذ فيه بعين الاعتبار مصلحة الأمة، الخير لها، ما فيه صلاح حياتها.
– من المشاكل فيما يتعلق بالأراضي الزراعية: استغراق أكثرها بزراعة القات، والاستمرار على هذه الطريقة:
يعني: في كل عام وهناك المزيد من الأراضي التي زرعت بالقات، استمرار في توسيع الزراعة بالقات، الاعتماد على القات بشكل كبير جدًّا، وهذا خطأ فظيع، وأمر مؤسف جدًّا، أمر مؤسف؛ لأنه على حساب المحاصيل الزراعية التي يحتاجها الناس لغذائهم، لأكلهم، لطعامهم، لضرورة حياتهم، والكثير من الناس حتى من كان مثلاً زرع نسبةً من أراضيه ومزارعه بالقات، ونسبة أخرى كانت متروكة إمَّا للبن، أو للمحاصيل الزراعية الأخرى، ومنها الحبوب أو القمح، مثلاً: البعض كان يترك نسبةً من مزارعه لزراعة الذرة في المناطق الجبلية، الذرة الرفيعة، وزراعة نحوها من المحاصيل التي هي محاصيل غذائية وقوت، فاستكمل بقيتها بزراعة القات، وهذا حصل في مناطق كثيرة، والبعض أيضاً يستصلح أراضٍ أخرى، ثم يقوم بزراعتها بالقات، أو يشتري أرضاً ويصلحها للزراعة، يهيئها للزراعة، ويعدها للزراعة، ويغرسها قاتاً.
والقات آفة ضارة، ولا ينبغي أن يكون التوجه والسياسة المعتمدة في البلد هي استغراق الأرض بزراعته، كل ما هيئت أرض، أو أعدت للزراعة، تغرس بالقات، تغرس بالقات، تغرس بالقات؛ لأنه لن يفيد الناس في حال حدوث أزمات غذائية، لن ينفعهم في حال اشتد الحصار، لن ينفعهم.
لـذلك من الخطأ التوسع في زراعة القات، واستغراق بقية الأراضي في القات، هذه من المشاكل في هذا الجانب.
– من المقومات الأساسية التي تصلح أمر الخراج، تصلح الزراعة، والقطاع الزراعي، والإنتاج الزراعي، من المقومات الضرورية: المياه:
هناك مناطق كثيرة مثلاً في تهامة، في المناطق الشرقية، تتوفر فيها المياه بشكلٍ كبير، المياه الجوفية متوفرة فيها بشكل كبير، وتحتاج فيها وفي غيرها، في كل البلد، في كل عالمنا الإسلامي، نحتاج في الحصول على الماء بشكلٍ كبير، بالشكل الذي يلائم ويناسب مستوى الاحتياج إلى الماء، وهو من ضروريات الحياة، وعمود الحياة، نحتاج إلى الرجوع إلى الله “سبحانه وتعالى” كما ذكرنا في بداية الحديث، وإلى العناية باستثمار النعمة، نعمة المياه.
عندما تأتي الأمطار- وتحدثنا عن هذا كثيراً- معظم المياه تذهب، شيءٌ يسير يستفيد منه الناس، البقية مثلاً في بلدنا يذهب في الوديان، جزءٌ منها في البلد يذهب إلى الصحراء، الوديان تصب إلى الصحراء، مناطق كثيرة تصب مياهها في الوديان حتى تصل، وتنزل كميات هائلة، كميات ضخمة جدًّا، ملايين الأطنان من المياه، تذهب حتى تصل إلى الصحراء، وملايين الأطنان كذلك، والكميات الهائلة من المياه في كثيرٍ من المناطق تصب في الوديان، وتتجه من الوديان إلى البحر، والشيء اليسير هو الذي يستفيد منه المجتمع.
فيما مضى كان الآباء والأجداد يهتمون جدًّا بحواجز المياه، ففي كل قراهم، وتقريباً عند أكثر المنازل والبيوت، كانوا يهتمون بالبرك، والخزانات، والأحواض المائية، التي تستوعب من الماء ما ينتفعون به، ويستفيدون منه لشربهم، لمواشيهم، لمنازلهم… ولمختلف احتياجاتهم، وأيضاً عند مزارعهم، وكذلك السدود في بعض المناطق.
في هذا الزمن نحتاج إلى العناية بهذا الأمر بشكلٍ كبير، الحواجز المائية بكل أشكالها: الخزان، والبركة، والحوض، والسد… وكل أشكال الحواجز المائية، وما هو على المستوى الشخصي، أو لأسرة معينة، وما هو على مستوى جماعي، للتعاون بين أبناء منطقة معينة، أو عزلة معينة، أو قرية معينة، أو حتى عدة مناطق، في بعض الأماكن التي يمكن أن يستفيدون منها بشكلٍ واسع، وبشكلٍ عام، هذه مسألة مهمة جدًّا، وأنا استغرب كيف لا يهتم الناس بهذا، وهم يرون ويشاهدون ويعيشون معاناة كبيرة نتيجةً للتقصير في هذا الجانب، يعني: شيء محسوس في حياتهم، يلحظون المعاناة الكبيرة في هذا الجانب! وهذا الجانب يحتاج إلى تعاون واهتمام كبير رسمي وشعبي، وجدية في الاهتمام بهذا الأمر؛ لأنه من المقومات الأساسية للزراعة، الزراعة تحتاج إلى ماء.
فاستثمار نعمة الأمطار في مواسمها، تأتي- بفضل الله “سبحانه وتعالى”- أمطار غزيرة، ولكن- كما قلت- تصب أكثرها إلى الوديان، جزءٌ منها- بحسب المناطق- يصل إلى الصحراء، والجزء الآخر يصل إلى البحر، ثم يبقى الناس في الأوقات الأخرى (في غير المواسم) في حالة من المعاناة الشديدة، المعاناة الحقيقية حتى على مستوى مياه الشرب، فهذا الموضوع يحتاج إلى عناية واهتمام، ترى الكثير من الأسر تجلس في بطالة في مثلاً أوقات الجدب، تبقى في بطالة، بدون عمل، بإمكانهم أن يعملوا في أن يحفروا لهم بركة، يحفروا لهم خزاناً، يعملوا لهم حاجزاً، قرية، أو عزلة، أو منطقة كذلك يبقون في حالة فراغ كبير؛ نتيجةً لتعطل أعمالهم الزراعية بسبب الجدب، فيبقون في حالة من القعود، والجمود، والإهمال، والتطانين، والضنك، والضيق، والفراغ، هذا أمر مؤسف! يفترض أن يتجهوا للعمل.
فالاهتمام بالحواجز المائية، والقنوات في مثل تهامة والجوف، القنوات المائية من الوديان، التي تساعد على ري الكثير من الأراضي، هذه مسألة مهمة جدًّا.
وكذلك العناية بالري الحديث؛ لأن أسلوب استهلاك الماء في الزراعة فيه هدرٌ كبير، السقي بالطريقة القديمة، تحويل كل الماء إلى كل الأرض، في هذا العصر استفاد العالم من الري الحديث المنظم، الذي فيه ترشيد كبير لاستهلاك الماء، يمكنك بقليل من الماء الذي كنت تستهلكه سابقاً، أن تعتمد بالري الحديث، أن تروي مزرعتك بنسبة أقل بكثير مما كنت تحتاج إلى استهلاكه سابقاً، وهذه أيضاً من المسائل المهمة جدًّا، هناك أنواع معتمدة في الري الحديث لسقي المزارع بشكل يساعد على ترشيد الماء، واستهلاك كمية قليلة مقابل ما كان يحتاج الناس إلى استهلاكه سابقاً، وهذا من الرشد، وهذا من الحكمة، وهذا من الخير، ومما يفترض أن يؤخذ بعين الاعتبار.
أيضاً الاستفادة من الطاقة الشمسية؛ لأن الكثير يعانون من مشكلة الديزل في توفير المياه، عندما يحتاجون إلى الاعتماد على الآبار الارتوازية ونحوها، يحتاجون إلى الديزل، والديزل مع ظروف شعبنا بسبب الحصار، ونهب ثرواته الوطنية من قبل العملاء الخونة، الذين يوالون الأجانب، وسيطرة الأجانب على المناطق المنتجة للنفط، والحصار الشديد، مع الأزمات الدولية، والمشاكل الدولية، أصبح ثمن الديزل كبيراً ومكلفاً، ويزيد من الكلفة في الإنتاج الزراعي، وخارج عن استطاعة الكثير من المزارعين، فالطاقة الشمسية يمكن أن تساهم، والطاقة- كذلك- طاقة الرياح في بعض المناطق، وسائل كذلك معاصرة يستفاد منها في هذا الجانب، هذا مما يصلح، عندما قال: ((بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ، فَإِنَّ فِي صَلَاحِهِ وَصَلَاحِهِمْ)).
– أيضاً من المقومات الأساسية للزراعة: الأسمدة، وأيضاً المكافحات للآفات، التي تؤثِّر على المحاصيل الزراعية:
الأسمدة يَستَورِد البلد بمبالغ كبيرة أسمدةً من الخارج، منها: أسمدة ضارة، تؤثر على التربية تأثيراً سيئاً، وبمئات ملايين الدولارات يتم استيراد الأسمدة والمكافحات من الخارج، من المفترض أن يكون هناك استفادة بشكل أوسع وأكبر من الأسمدة الطبيعة، مثل: مخلفات المواشي.
وأيضاً إلى جانب ذلك إنتاج للأسمدة في البلد، الكثير من التجار الذين يشترون من الخارج، ويستوردون من الخارج بملايين الدولارات أسمدة، يمكن أن ينتجوا في البلد، كذلك بعض الجمعيات التعاونية، يمكن إنشاء جمعيات تعاونية تنتج الأسمدة في البلد، تنتج المكافحات في البلد، بجودة أفضل، وكلفة أقل، وغرامة أقل، مع الأخذ بعين الاعتبار المحاذير، وتجنب الأسمدة الضارة، والمكافحات الضارة، الضارة بالزراعة، بالنباتات والأشجار، بالتربة، بالإنسان، بصحة الإنسان، وهناك كارثة تحصل من كثيرٍ من المكافحات التي يعتمد عليها المزارعون، وينتشر بسببها مرض السرطان، وينتشر بسببها أمراض فتاكة قاتلة للناس، فيتحول بعض المزارعين إلى قاتل، إلى منتج لِمَا يشكل تهديداً لحياة الناس؛ نتيجةً لاستخدامه تلك المكافحات الضارة جدًّا، ليس فقط لصحة الإنسان، القاتلة للإنسان، وهذه مشكلة خطيرة على الناس، ولذلك يمكن إنتاج الكثير من المكافحات والأسمدة في البلد، وبكلفة أقل، وغرامة أقل، وأسعار أقل، مع تجنب الضار، فتتعدد المنافع في ذلك.
– الوسائل كذلك، من المقومات الأساسية للزراعة: الوسائل:
(الحراثات، الحصادات، وسائل الري… ونحو ذلك)، البعض منها يمكن أن يجلبه التجار، وإذا جلبوه فيمكن أن يأخذوا بعين الاعتبار مصلحتهم ومصلحة البلد، في أن تكون الأسعار منطقية، وغير مجحفة؛ ليستطيع الناس أن يشتروا منهم بشكل أكبر، وهذا سيوفر لهم المال.
وأيضاً البعض منها يمكن صناعته أيضاً في البلد، البعض تمكنوا بجهود فردية من صناعة حراثات بأشكال متنوعة، ويمكن من خلال العمل التعاوني والاستثماري إنتاج هذا الجانب بشكل أكبر ومتنوع، بحسب المناطق واحتياجاتها، وهذه مسألة مهمة؛ لأن الوسائل تساعد على القدرة الإنتاجية، عندما تشتغل بحراثة، القدرة في ذلك، واليسر، والإنجاز، والسرعة، والكلفة، أقل بكثير من العمل اليدوي في ذلك، وهكذا حصادات، وهكذا بقية الوسائل.
– من الأشياء المهمة فيما يتعلق بصلاح الإنتاج الزراعي والزراعة: العناية بالجودة، والسلامة (سلامة المحاصيل الزراعية) أثناء العمل، وفي طريقة العمل، وأثناء الجني، وأثناء القطاف والحصاد، بحسب المحصول الزراعي:
هذه مسألة مهمة؛ لأن الكثير من المزارعين إمَّا يقطف، أو يحصد، قبل الوقت المناسب، وهذا يؤثر سلباً، يأتي بالفواكه إلى السوق قبل أن تطيب، قبل أن تصبح صالحة للاستهلاك، أو تكون طريقته في القطاف، أو الحصاد، أو الجني، طريقة مؤثرة سلباً، تلحق الضرر بالمحصول الزراعي، فيصل إلى السوق مصاباً، أو تالفاً… أو غير ذلك، وهذه مشكلة كبيرة على المزارعين، يجب الرشد في العمل، في طريقة العمل، في الحفاظ على المحصول، في السعي إلى سلامته، في الاستفادة من وسائل التغليف، من طريقة التعبئة، من طريقة الحفاظ على المنتج؛ حتى الإيصال له إلى السوق سالماً، ويستفاد منه، هذه مسألة مهمة، الكف عن الاستعجال على القطف أو الجني قبل وقته.
– من الأشياء المهمة لصلاح الجانب الزراعي: ضبط الكلفة وترشيدها:
لأن البعض من المزارعين يعمل بطريقة عشوائية، فتكون الكلفة المالية على العمل كلفة كبيرة، يخرج فلوس بدون إنه يحسب حساب المحصول كم سيكون مثلاً، ثم يوازن الغرامة في العمل، ويرشِّد الإنفاق في العمل، ليكون بالقدر الذي لا يستهلك كل جنيهه، كل عائدة المالي، يبقى له ما يفيده، البعض حتى يخرج بغرامة؛ لأن هناك هدراً وعشوائية، الهدر والعشوائية في الإنفاق على العمل، وفي طريقة العمل، وفي أسلوب العمل، حتى يكون العمل مثلاً بكلفة كبيرة زائد على اللزوم، إذا درست هذه المسألة، ودرس الإنسان كيف أعمل لكي أنتج بأقل كلفة، فسيصل إلى نتيجة في ذلك، عندما تكون الأمور محسوبة، ومنظمة، وهناك خيارات في العمل، وطريقة في العمل، ومستوى الإنجاز كيف يكون، والاستفادة من هذا من كل العالم، من كل بلدان العالم التي تنتج بأقل كلفة، وتصل بضائعها إلى أسواقنا لتنافس منتجنا المحلي بكلفة أقل، فلننظر كيف يفعلون، ماذا يعملون في ذلك، وأن نستفيد من تجارب الآخرين، ونطور الموضوع عندنا نحن كذلك.
– أيضاً من الأشياء المهمة، هي: العناية بالتسويق الزراعي:
التسويق الزراعي بدءاً في البلد، قد يتوفر محصول زراعي معين في محافظة، إلى درجة أن يرخص ثمنه في أسواقها؛ بينما هو بأسعار مرتفعة، ويكاد يكون معدوماً في المحافظات الأخرى، نظم هذا الموضوع لابدَّ فيه من اهتمام رسمي وشعبي، وتنظيم؛ حتى لا يبقى فائض من المحصول الزراعي إما ينتهي، أو يبخس ثمنه، يصل إلى طريقة تسبب الخسارة للمزارع، بينما بقية المحافظات لا يتوفر فيها ذلك المحصول، فنظم هذه المسألة في التسويق الزراعي في البلد أولاً.
ثم خارج البلد لما يصبح كذلك فائضاً عن احتياج الناس في البلد، مسألة مهمة، وتحتاج إلى عناية رسمية، وانتظام في الواقع الشعبي، وفهم لهذه المسألة؛ لأن هناك جانباً يعود إلى الجانب الرسمي، مثلاً: توفير المعلومات، وإرشاد المزارع، وجانباً منه يعود إلى المزارع، إلى اهتمامه هو، كيف يكون ملتفتاً، هل هنا ما يخارجني في تسويق محصولي الزراعي، وأصبح فائضاً هنا، ومتوفراً جدًّا، وسأخسر، ويمكن التسويق به إلى مكان آخر، وكذلك عناية المتاجرين (التجار) الذين يعملون في هذا المجال، في التسويق الزراعي.
أيضاً في توفير أسواق زراعية، أسواق للمنتجات الزراعية، تقدم الخدمة للمنتج الزراعي، بدأ العمل في هذا، ويحتاج إلى عناية وتوسيع، وإلى كذلك اهتمام في بعض المحافظات التي لم تبدأ فيها هذه الخدمة للناس للمزارعين؛ لأن فيها مثلاً ثلاجات، فيها تغليف، فيها ما يساعد المزارع، وإعانة للمزارع حتى.
وضبط الاستيراد الخارجي؛ حتى لا يضرب المنتج المحلي، والمحصول الزراعي المحلي؛ لأن البعض من التجار يشتغلون بطريقة تضرب الإنتاج الزراعي في البلد، فيجلب من الخارج نفس نوع المحصول الزراعي في البلد، في موسمه، بقيمة: إمَّا بقيمة أقل، أو حتى بقيمة أرفع، لكن بقدرة تسويقية أكبر، يروِّج للمنتج الخارجي الذي جلبه من الخارج، ويوصله إلى الأماكن الأخرى، على حساب المحصول الزراعي المحلي؛ فيضرب المحصول الزراعي المحلي، وهذا يتضرر منه المزارعون بشكلٍ كبير في البلد، ويؤثر تأثيراً سيئاً على الإنتاج في البلد، هذه المسألة تحتاج إلى:
– وعي من التجار، واستشعار للمسؤولية.
– وكذلك اهتمام من الجانب الرسمي بما ينبغي، بمستوى أهمية هذا الموضوع.
– وكذلك من جانب المواطنين، الوعي بأهمية الإنتاج المحلي، والإقبال على المحاصيل المحلية، على الإنتاج الزراعي البلدي والمحلي، هذه مسألة مهمة جدًّا.
الحث للتجار على الاستثمار في التسويق الزراعي، بدلاً من جلب المحاصيل من الخارج فيما هو متوفر في الداخل، فلا يكون ما يوفر من الخارج إلَّا لتغطية النقص الحاد، فيما لم يتوفر بعد بما يغطي الاحتياج في البلد من الإنتاج المحلي.
– مما يصلح الزراعة، من أهم ما يصلحها، هو: العناية بالإرشاد الزراعي:
أن يكون هناك اهتمام كبير بإرشاد المزارعين، بتقديم المعلومات الضرورية لهم، لإصلاح الزراعة، لمعالجة المشاكل التي يواجهونها في الزراعة، لمواجهة آفات… وهكذا أشياء كثيرة تدخل ضمن الإرشاد الزراعي، وحتى في العملية الزراعية، والتسويق الزراعي… وغير ذلك، هناك احتياج شديد للإرشاد، وأن يكون هناك تفاعل من جانبهم أيضاً، واهتمام من جانبهم؛ ليستفيدوا، وورش، ودورات، وإعلانات، وبرامج، وأنشطة متنوعة للإرشاد الزراعي.
– وأيضاً العناية بالتعليم في الجانب الزراعي:
يحتاج إلى العناية بالتعليم؛ لأن التعليم في هذا الجانب كان ضعيفاً في المراحل الماضية جدًّا، لا يواكب الاحتياج الكبير للبلد في هذا الجانب، إهمال كبير من أضعف المواد التي تدرَّس، والاهتمام بها هو اهتمام ضئيل جدًّا.
– مما يصلح الجانب الزراعي، من أهم ما يصلحه، ومن أهم متطلباته وضرورياته: العمل على إنتاج البذور محلياً، وكذلك المشاتل:
لأن إنتاج البذور أمر ضروري للزراعة، لابدَّ منه، وكذلك المشاتل أمر ضروري للزراعة، وللعناية بالزراعة، ولتوفير ما يحتاجه الناس لغرس الفواكه، والأشجار، والنباتات الضرورية، والمهمة، والمفيدة، وهذا يحتاج إلى عناية رسمية وشعبية، واهتمام من الجميع، وكذلك من الجمعيات التعاونية.
– مما هو مهمٌ أيضاً، وينعش الجانب الزراعي ويصلحه، هو: العمل على إنتاج وتصنيع وتحويل المحاصيل إلى معلبات، وعصائر… ونحو ذلك:
يعني: العملية الإنتاجية للمحصول الزراعي من خلال المصانع، هذه مسألة مهمة جدًّا، وواسعة، والاستثمار فيها مهمٌ جدًّا، يوفر الغذاء للشعب، ويجعل الناس يستفيدون بشكل أكبر من المحاصيل الزراعية، والمنتجات الزراعية، يستفيدون بشكل أكبر، وبشكل أوسع، وهذا أمرٌ مهم؛ لأن البلد يستورد من المعلبات والعصائر والمنتجات الزراعية المعلبة والمنتجة بمليارات الدولارات سنوياً، بمليارات الدولارات سنوياً، وهذا أمر مؤسف، والكثير منها ضار، وجودته متدنية، وتأثيراته سيئة؛ بينما لو يتجه الاهتمام بوعي وأمانة للإنتاج في البلد، يمكن أن نتجنب كل تلك السلبيات، وأن ننعش الاقتصاد المحلي عندنا، ونحتاج في هذا أيضاً إلى ملاحظة الجودة؛ حتى ننافس المنتج الخارجي، ونحتاج إلى تقليل الكلفة؛ حتى لا يكون مرتفع السعر والثمن بشكلٍ باهظ، لا يستطيع أكثر أبناء الشعب شراءه.
– من الأشياء المهمة التي ستنهض بالقطاع الزراعي، والإنتاج الزراعي، والتصنيع للمنتجات الزراعية، هي: الجمعيات التعاونية والاستثمارية في الزراعة:
البعض من التجار لا بأس اتجهوا- وهذا رشدٌ منهم، وتوفيقٌ لهم- إلى الاهتمام بالزراعة، والاستثمار في الزراعة، وهم قليل من اتجهوا هذا التوجه، المواطنين بشكل عام بإمكانهم أن ينشئوا جمعيات تعاونية استثمارية، تعمل في الجانب الزراعي، ولكن- كما نبهنا كثيراً- مع الحذر من النصب والاحتلال، ومع رعاية رسمية لهذا الجانب، لتكون هذه الجمعيات التعاونية، مؤسسة على أساس صحيح، بشكل صحيح، لا يكون فيه ضياع، ولا إهمال، ولا فشل، وتعمل أيضاً بشكل صحيح، وفق آليات صحيحة، وشفافة، ومضمونة؛ حتى لا يكون فيها نصب، ولا تضييع، ولا هدر لحقوق الناس، وهذا الجانب سينهض بالإنتاج الزراعي والعمل في الزراعة، والإنتاج في الزراعة، وهذا أمر مهم جدًّا، من ضروريات تطوير هذا الجانب، وتقويته، وإصلاحه، لا يتحقق إلا بهذا الجانب؛ لأن القدرة المالية الفردية هي محدودة لدى أكثر الناس، ليس عندهم قدرة تمويلية للإنتاج في الزراعة، وتطوير الجانب الزراعي وتقويته.
– إلى جانب الثروة الزراعية النباتية، هناك ثروة مرتبطة بها، وهي توأمها، وهي الثروة الحيوانية:
الثروة الحيوانية ذات أهمية كبيرة جدًّا؛ لأنها ثروة للناس في غذائهم، وثروة مادية، وتوفير لشيء ضروري لحياة الناس، ولقوتهم ومعيشتهم، والثروة الحيوانية إلى جانب الزراعة؛ لأن المواشي تعتمد على الزراعة أيضاً، وتستفيد منها.
مع ذلك أيضاً الاهتمام بإنتاج الأعلاف، هناك ضعف في هذا الجانب في البلد، سواء حتى إنتاج أعلاف الدجاج، هناك ضعف في هذا، اعتماد على الاستيراد لأكثر الأشياء، أو انعدام لبعض الأشياء، إنتاج الأعلاف مسألة مهمة جدًّا، مع الاهتمام بالثروة الحيوانية.
الاهتمام بالطب البيطري مسألة مهمة جدًّا، تطوير العمل في هذا المجال؛ لأن العمل فيه تقليدي وقديم، وقد تطور العالم، أصبحت هناك وسائل لتربية المواشي، مفيدة، وحديثة، وميسرة لهذا الجانب، ومفيدة في هذا الجانب.
والعناية بالصناعة والإنتاج في إطار ذلك، إنتاج الحليب، ومشتقاته، وما يتصل بهذا الجانب، إنتاج العسل بأمانة، وبطريقة جيدة، وتسويقه بطريقة جيدة، هذا الجانب أيضاً توأم للثروة الحيوانية.
فقوله “عليه السلام”:
((وَلْيَكُنْ نَظَرُكَ فِي عِمَارَةِ الْأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِكَ فِي اسْتِجْلَابِ الْخَرَاجِ))
لا يكون همك فقط الحصول على الإيرادات المالية، اعمل على تطوير القطاع الزراعي، والإنتاج الزراعي، والزراعة، وستتوفر الإيرادات.
((لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُدْرَكُ إِلَّا بِالْعِمَارَةِ، وَمَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَيْرِ عِمَارَةٍ، أَخْرَبَ الْبِلَادَ))
تتعطل؛ لأنها عملية استنزاف، أخذ للأموال، أخذ للأموال، فرض لضرائب وغرامات من دون نتيجة.
((أَخْرَبَ الْبِلَادَ، وَأَهْلَكَ الْعِبَادَ، وَلَمْ يَسْتَقِمْ أَمْرُهُ إِلَّا قَلِيلًا))
لأنه يتعامل بظلم، والظلم سبب للعقوبة الإلهية العاجلة، وأيضاً يضرب البنية التحتية، والقدرة الاقتصادية، التي لابدَّ منها في استمرار الدول والحكومات.
((فَإِنْ شَكَوْا ثِقَلًا))
ثقل بسبب الغرامة مثلاً، أو الكلفة المالية، فُرِضت عليهم ضرائب أكبر، التزامات مالية أكبر.
((أَوْ عِلَّةً))
حصلت عليهم علة من العلل في محصولهم الزراعي، وإلا ضربة، أو آفة سماوية، أو أي جائحة، أو مشكلة.
((أَوِ انْقِطَاعَ شِرْبٍ))
مما يسقى، لم يعد يتوفر له الماء، كان يسقى من نهر، أو حاجز مائي، أو غيره، فانقطع.
((أَوْ بَالَّةٍ))
لم يحصل مما كان يعتمد على المطر، فانقطع عنه المطر، حتى انتهى.
((أَوْ إِحَالَةَ أَرْضٍ اغْتَمَرَهَا غَرَقٌ))
أو كذلك فساد البذور والنباتات في أرض؛ بسبب غرقها بالماء بشكلٍ مستمر.
((أَوْ أَجْحَفَ بِهَا عَطَشٌ))
واضح.
((خَفَّفْتَ عَنْهُمْ بِمَا تَرْجُو أَنْ يَصْلُحَ بِهِ أَمْرُهُمْ))
لأن مما تحرص عليه أن يبقى هذا القطاع مستمراً، أن ينمو، أن يتطور، لا أن تضغط عليهم؛ حتى تدمر الزراعة، أو تصل بالمزارع إلى يأس من خراجه في ذلك، يرى أنه متضرر، وأنه سيخسر على كل حال، فيختار أن يستبدل بالزراعة سبباً آخر.
((وَلَا يَثْقُلَنَّ عَلَيْكَ شَيْءٌ خَفَّفْتَ بِهِ الْمَئُونَةَ عَنْهُمْ، فَإِنَّهُ ذُخْرٌ يَعُودُونَ بِهِ عَلَيْكَ فِي عِمَارَةِ بِلَادِكَ، وَتَزْيِينِ وِلَايَتِكَ))
لا يصعب عليك ويثقل عليك أنك قدمت لهم تسهيلات، خفَّضت عنهم تخفيضات، تنعشهم، تساعدهم على تطوير عملهم الزراعي، وتقوية عملهم الزراعي، وتجنبهم الخسارة، أدرك أن ذلك مهمٌ حتى لك أنت في حكومتك، وفي ولايتك؛ لأن له أثر كبير.
((يَعُودُونَ بِهِ عَلَيْكَ فِي عِمَارَةِ بِلَادِكَ، وَتَزْيِينِ وِلَايَتِكَ))، حتى على مستوى تزيين ولايتك، أنك ناجح في عملك، في أداء مسؤوليتك، ولهذا أهمية كبيرة، نَهَضَت البلاد في عهدك… إلى غير ذلك.
((مَعَ اسْتِجْلَابِكَ حُسْنَ ثَنَائِهِمْ))
لأنهم سيرتاحون لك، يثنون عليك، يشيدون بعدلك، برحمتك، بتفهمك، بحكمتك، برشدك.
((وَتَبَجُّحِكَ بِاسْتِفَاضَةِ الْعَدْلِ فِيهِمْ))
أنت سترتاح، تظهر ارتياحك باستفاضة ظهور العدل، وانتشار العدل فيهم.
((مُعْتَمِداً فَضْلَ قُوَّتِهِمْ بِمَا ذَخَرْتَ عِنْدَهُمْ مِنْ إِجْمَامِكَ لَهُمْ))
أنت ستستفيد لاحقاً من قوتهم، التي كنت أنت مسهماً فيها، عندما تسعى لأن يكون الإنتاج الزراعي قوياً في بلدك وفي شعبك، أنت- كحكومة وسلطة- ستستفيد من ذلك، ستكون عائدات ذلك قوية، يقوى الشعب، فتقوى الدولة، وتقوى الحكومة، وتكبر الإيرادات، وينتعش الناس.
((وَالثِّقَةَ مِنْهُمْ بِمَا عَوَّدْتَهُمْ مِنْ عَدْلِكَ عَلَيْهِمْ))
مع مكسب كبير، وهو: العلاقة القوية ما بين الولاة، ما بين المسؤولين، وما بين الشعب، وما بين هذه الفئة من أبناء الشعب (المزارعين)، هذه الثقة لها أهميتها الكبيرة في مستوى تعاونهم، اهتمامهم، تفهمهم، دعمهم في الظروف والمراحل الصعبة والحساسة.
((بِمَا عَوَّدْتَهُمْ مِنْ عَدْلِكَ عَلَيْهِمْ، وَرِفْقِكَ بِهِمْ، فَرُبَّمَا حَدَثَ مِنَ الْأُمُورِ مَا إِذَا عَوَّلْتَ فِيهِ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدُ، احْتَمَلُوهُ طَيِّبَةً أَنْفُسُهُمْ بِهِ))
يكونون سنداً في الظروف الصعبة، في مواجهة تحديات كبيرة، في مواجهة خطر من الأعداء، في مواجهة ظروف صعبة في البلد، سيتعاونون بطيبة أنفسهم، عندما تكون علاقتك طيبة معهم، أنت ترفق بهم، أنت تسهل لهم، أنت تهتم بهم، أنت تخفف المؤونات عنهم، تقدم لهم التسهيلات الواسعة في الأشياء التي يحتاجون إليها، في المتطلبات الأساسية في الزراعة.
أحياناً قد يشعر المزارع أنه محارب من بعض المسؤولين، محارب بأشكال كثيرة، عندما يريد توفير أي شيء من متطلبات الزراعة، هم له بالمرصاد، مضايقات، وغرامات، وضرائب، ولا يصل الشيء إلا بشق الأنفس، السياسة الخاطئة لها تأثيرات سيئة جدًّا، تضر بهذا المجال.
((فَإِنَّ الْعُمْرَانَ مُحْتَمِلٌ مَا حَمَّلْتَهُ))
نعم، البنية الاقتصادية التحتية تمثل سنداً كبيراً للبلد، للمجتمع، للدولة، للناس، في مواجهة التحديات الكبيرة، والأخطار الكبيرة، في مواجهة حصار، في مواجهة حرب، في مواجهة مجاعة، في مواجهة ظروف معينة، يمكن أن يعتمد عليها.
انظر مثلاً إلى واقع روسيا، فرض عليها الأمريكيون وحلفاؤهم حضراً اقتصادياً شديداً جدًّا، لكن لأنها تمتلك بنية زراعية عملاقة وقوية لم تتضرر، لم يتضرر الناس في قوت عيشهم، في غذائهم، في ضروريات حياتهم، بعد كل ما فعلوه من حصار، وإجراءات، تضيِّق على الروس تضييقاً كبيراً جدًّا، اكتمل الموسم عندهم، وإذا معهم فائض من القمح (خمسين مليون طن)، هذا الذي يريدون يصدروه إلى الخارج، يعني: فائض هائل جدًّا جدًّا، فائض ضخم من إنتاجهم من القمح.
هذه البنية التحتية الزراعية ستكون دعامة وقوة للبلد، في مواجهة أي تحديات، أي حرب، أي حصار، أي مجاعة، أي ظروف في العالم.
((وَإِنَّمَا يُؤْتَى خَرَابُ الْأَرْضِ مِنْ إِعْوَازِ أَهْلِهِ))
نعم، الخراب: تدهور الجانب الزراعي، والعملية الزراعية، وانتهاء أكثر المزارع، وتوقف هذا الجانب؛ بسبب فقر وظروف أهله، عندما يصبحون في حالة فقر وحاجة، المزارع نفسه لم يعد يستطيع أن يوفر شيئاً، لم يعد يستطيع أن يوفر عمله الزراعي، الغرامات، الإجحاف، التضييق…إلخ. هذا يسبب الخراب لهذا الجانب.
((وَإِنَّمَا يُعْوِزُ أَهْلُهَا لِإِشْرَافِ أَنْفُسِ الْوُلَاةِ عَلَى الْجَمْعِ))
إذا كان هم الولاة والمسؤولين كله في جمع المال، ليس في عمارة البلاد، وتكون هي الطريق إلى الحصول على المال، لا، جمع المال بغض النظر عن تضرر الواقع، وتضرر القطاعات المنتجة، فهذه سياسة خاطئة جدًّا، عندما يكون المزارع محارباً في كل شيء، كل متطلبات الزراعة عليها ضرائب مجحفة، عليها تضييق لا تصل إلا بشق الأنفس، ثم يواجه المشاكل الكثيرة، أثناء العمل الزراعي، ما بعد الزراعة، ما بعد الإنتاج، ما بعد توفر المحصول، فيجد نفسه في حالة من الضيق، والتعب، والغرامات الكبيرة، والتشديد؛ لأن المسؤولين همهم أن يجمعوا مالاً من كل شيء، ضرائب على كل شيء، ضغط في كل شيء، هذا يؤثر.
((وَسُوءِ ظَنِّهِمْ بِالْبَقَاءِ))
لأن البعض من المسؤولين يرى المنصب وسيلة للحصول على مكاسب، وهو كذلك يتصور أنه سيبقى، أو يظن في نفسه أنه سيبقى فترة محددة وسيذهب، يريد ألَّا يخرج من منصبه إلا وقد جمع أموالاً كثيرة؛ لكي يستفيد منها هناك أرصدة، أو في استغلال تجاري، أو مصالح فيما بعد، يكون قد كسب لنفسه ثروة شخصية من أيام منصبه.
((وَقِلَّةِ انْتِفَاعِهِمْ بِالْعِبَرِ))
عدم اعتبارهم بالمتغيرات الكبيرة، والظروف التي تحصل كعقوبة من الله “سبحانه وتعالى”، وضيقٍ من المجتمع، عندما تكون السياسة ظالمة، وضاغطة، ومضيقة، على الناس، ما لذلك من تأثيرات سلبية.
فنجد هذه رؤية مهمة جدًّا في الاهتمام بالجانب الزراعي، وتحقيق الأهداف المتعددة والمهمة من هذا الجانب، الإيرادات الضخمة، البنية القوية التحتية، توفير الاحتياج الضروري للناس… إلى غير ذلك، شرحنا الكثير عن هذا الأمر، مع تأكيدنا على أهمية العناية بالزكاة، الزكاة مسألة مهمة جدًّا لنيل البركات، والحصول على الخيرات والغيث.
نكتفي بهذا المقدار.
وطبعاً مع قرب العيد، يوم غد هو اليوم التاسع، ولذلك سنتوقف عن بقية الدروس إلى ما بعد أيام التشريق إن شاء الله، الناس باينشغلوا بأمور العيد وغير ذلك، البعض يحتاج يسافر ويسير ويجي، إلى غير ذلك، إن شاء الله نواصل الدروس بعد أيام التشريق؛ لاستكمال عهد الإمام عليٍّ “عليه السلام” لمالكٍ الأشتر “رضوان الله تعالى عليه”.
نسأل الله “سبحانه وتعالى” أن يوفِّقنا وإيَّاكم لما يرضيه عنا، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛