مركز البحوث والمعلومات
اكبر علماء عصره علما وفقها ان لم يكن أكبرهم على الاطلاق، كما كان رمزا للشجاعة والقوة ويتصف بالعدل والزهد ولا يخاف في الله لومة لائم، ولا عجب فقد كان سلام الله عليه “أُمةٌ في رجل”.
ولد الإمام علي عليه السلام بمكة المشرفة داخل البيت الحرام وفي جوف الكعبة في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب قبل البعثة بـ 10 سنوات وبعد عام الفيل بـ 30 سنة، الموافق 17 مارس 599م ولم يولد في بيت الله الحرام قبله أحدٌ سواه، وهي فضيلة خصه الله تعالى بها إجلالاً له وإعلاءً لمرتبته وإظهاراً لتكرمته.
والده أبو طالب بن عبدالمطلب بن هاشم، الذي كفل رسول الله بعد موت جده عبدالمطلب، فكفله وأحسن تربيته، ورفع من قدره ووقره، ولما بعث رسول الله قام في نصرته وكف عنه أذى قومه ومن عاداه، فلم يزل يذب عن رسول الله ويناوئ قريشًا إلى أن مات.
اما امه فهي فاطمة بنت أسد بن هاشم، فهو سلام الله عليه يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جهة الأب عند عبدالمطلب، ومن جهة الأم عند هاشم، وهي أول هاشمية وَلدت لهاشمي، وأول امرأة بايعت النبي عندما دعا النساء للمبايعة، وهاجرت الى المدينة وتُوفِيت فيها، وحظيت بالكرامة في حياتها وبعد وفاتها، فقد تولى رسول الله صلى الله عليه وسلم دفنها ودعا لها بالمغفرة.. وعندما ماتت دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس عند رأسها فقال: “رحمك الله يا أمي، كنت أمي بعد أمي، تجوعين وتشبعيني، وتعرين وتكسيني، وتمنعين نفسك طيباً وتطعميني، تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة”، وكفّنها النبي بقميصه، واضطجع في لحدها، وقال: “أما قميصي فأمان لها يوم القيامة، وأما اضطجاعي في قبرها فليوسع الله ذلك عليها”، وكانت رضي الله عنها قد رعت النبي صلى الله عليه وسلم عندما كفله عمه أبو طالب، وقضى رسول الله قرابة عقدين من حياته في كنفها، وكان يناديها بـ “أمي”.. ومن أجل ذلك دفعت إلى رسول الله فلذة كبدها –ابنها علي- ليكون في كنفه صلى الله عليه وسلم بعد زواجه من أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها.
وكان من نعم الله عزّ وجلّ على عليّ بن أبي طالب عليه السلام، ان عاش منذ نعومة أظفاره في كنف رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث نشأ وترعرع في ظل أخلاقه السماوية السامية، ونهل من ينابيع مودته وحنانه، ورباه صلى الله عليه وسلم وفقاً لما علمه ربه تعالى، ولم يفارقه منذ ذلك التأريخ.
فبعد ان اصابت قريش ازمة شديدة وكان ابو طالب ذا عيال كثير، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّاً فضمه إليه وكان عمره يومئذ ستة أعوام، وأخذ العباس جعفراً، فلم يزل عليّ بن أبي طالب مع رسول الله حتى بعثه الله نبيّاً، فاتّبعه عليّ عليه السلام فآمن به وصدّقه، ولازمه كظله في حله وترحاله منذ أن تفتحت عيناه، واستقى منه كل معاني الطُهر والنقاء والفضيلة والزهد والتقى والورع والنبل والشهامة والكرم والبذل والعطاء والشجاعة والإقدام والتضحية، ونهل منه العلوم بشتى أنواعها، فصار في فترة وجيزة من أعيان زمانه في كل فنون المعرفة، بشهادة معلمه خاتم المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم: “أعلمكم علي”، وصار من أعيان زمانه في الشجاعة والعدل والزهد والورع وإدارة الدولة والتكتيك العسكري.
وتشرّب سلام الله عليه من مُعلمه ومُربيه تعاليم السماء، حتى قال صلى الله عليه وآله وسلم فيه: “علي مع القرآن والقرآن مع علي” .. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أنا مدينة العلم وعلي بابها”.. وفي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي حين خلفه في بعض مغازيه “أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي”.
كنيته سلام الله عليه: أبو الحسن، أبو الحسين، أبو السبطين، أبو الريحانتين، أبو تراب، ولقبه: أمير المؤمنين، إمام المتّقين، قائد الغُرّ المُحجّلين، يعسوب الدين، الأنزع البطين، سيّد الأوصياء، أسد الله الغالب، المرتضى، حيدر.
وفي ليلة الهجرة، اعتبر علي عليه السلام أول فدائي في الإسلام عندما طلب منه النبي ان يبيت في فراشه، بعد ان اتفق سادات قريش على قتله صلى الله عليه وسلم.
هاجر إلى المدينة المنورة بعد هجرة الرسول بثلاثة أيّام وآخاه النبي مع نفسه حين آخى بين المسلمين، وزوجه ابنته فاطمة عليها السلام في السنة الثانية من الهجرة.
شارك عليه السلام في كل غزوات الرسول عدا غزوة تبوك حيث خلّفه فيها النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة المنورة، وعُرف بشدّته وبراعته في القتال فكان عاملاً مهمًا في نصر المسلمين في مختلف المعارك.
وبعد رحيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بـ 24 عاماً تمت مبايعته بالخلافة في يوم الجمعة 18 ذي القعدة 35 هـ، الموافق 656 م وحكم خمس سنوات وثلاث أشهر وصفت بعدم الاستقرار السياسي، لكنها تميزت بتقدم حضاري ملموس خاصة في عاصمة الخلافة الجديدة الكوفة، ووقعت خلالها الكثير من المعارك بسبب الفتن التي تعد امتدادا لفتنة مقتل عثمان، مما أدى لتشتت صف المسلمين وانقسامهم.
ووفاته عليه السلام في 21 رمضان 40 هـ، عن 64 عاماً، خاض خلالها أكثر من 60 حرباً، ولم يكن لديه أي مانع من أن يقاتل جيشاً كاملاً، إذا تعدّى هذا الجيش على مظلومٍ واحدٍ حتى يأخذ حقه منهم.
وهكذا انتقل سلام الله عليه من مرحلة الولادة بالحرم الشريف إلى مرحلة الحِراب، ذوداً عن حِياض الدين الخاتم، ليختمها بالشهادة في محراب مسجد الكوفة، فما عسانا قوله عن هذا العظيم في هذه الفسحة، وهو القائل عند مبايعته بالخلافة: “والله لا يغيب عنكم رسول الله إلا عينه”، وكفاه من عظيم المجد نزول كرائم القرآن فيه، وإنزال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، له في آية المباهلة بمنزلة نفسه: “قل تعالوا ندعو أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم”.
ومن مآثره سلام الله: نهج البلاغة، والصحيفة العلوية.
واشتهر عليّ رضي الله عنه بالفصاحة والحِكمة والبلاغة، ونُسب له الكثير من الأقوال والحِكم والمواعظ ومنها:
ـ أكرم ضيفك وإن كان حقيراً، وقُم على مجلسك لأبيك ومعلمك وإن كنت أميراً.
ـ رحم الله امرءً أحيا حقّاً وأمات باطلاً ودحض الجور وأقام العدل.
ـ إذا أحبّ الله عبداً ألهمه حسن العبادة.
ـ فقد البصر أهون من فقد البصيرة.
ـ احذر كلّ قول وفعل يؤدي إلى فساد الآخرة والدّين.
ـ ثلاث يوجبن المحبّة: الدّين، والتّواضع، والسّخاء.
ـ ينبّئ عن عقل كل امرءٍ لسانه، ويدلّ على فضله بيانه.
ـ لن يحصل الأجر حتى يتجرّع الصّبر.
ـ بالعافية توجد لذّة الحياة.
ـ صحبة الأخيار تكسب الخير، كالرّيح إذا مرت بالطّيب حملت طيباً.
ـ إذا علم الرّجل زاد أدبه وتضاعفت خشيته.
ـ أفضل النّاس أنفعهم للنّاس.
ـ أشدّ القلوب غِلاً القلب الحقود.
ـ رأس الجهل مُعاداة النّاس.
ـ كلّ شيء فيه حيلة إلا القضاء.
ـ الدّنيا سجن المؤمن، والموت تحفته، والجنّة مأواه.
ـ الإيمان معرفة بالقلب، وإقرار باللّسان، وعمل بالأركان.
ـ أفضل الأمانة الوفاء بالعهد.
ـ أحسن أفعال المقتدر العفو.
ـ من أفضل المعروف إغاثة الملهوف.
ـ العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال.
ـ خذ الحكمة أنّى كانت، فإنّ الحكمة ضاّلة كلّ مؤمن.
ـ ظلم الضّعيف أفحش الظّلم.
ـ شرّ الإيمان ما دخله الشّك، وشرّ أخلاق النّفس الجور.
ـ إيّاك والظّلم فإنّه أكبر المعاصي، وإنّ الظّالم لمعاقب يوم القيامة بظلمه.
ـ من نصرَ الحقّ أفلح.
ـ بكثرة التّواضع يُستدلّ على تكامل الشّرف، بكثرة التّكبر يكون التّلف.
ـ عليك بالعدل في الصّديق والعدو، والقصد في الفقر والغِنى.
ـ إذا رأيتَ مظلوماً فأعِنْهُ على الظّالم.
ـ بالإحسان تملك القلوب، بالسّخاء تستر العيوب.
ـ بالطاعة يكون الفوز، بالمعصية يكون الشّقاء.
ـ عند تعاقب الشّدائد تظهر فضائل الإنسان.
ـ إذا رأيت من غيرك خلقاً ذميماً فتجنّب من نفسك أمثاله.
ـ الجاهل ميّت بين الأحياء.
ـ إذا لم تكن عالماً فكن مُستمعاً واعياً.
ـ إنّ عدوّ محمد صلّى الله عليه وسلّم من عصى الله وإن قربت قرابته.