صنعاء – سبأ : مركز البحوث والمعلومات
يحتفل العالم في 24 يناير من كل عام، باليوم الدولي للتعليم، وهو اليوم الذي أعلنته الأمم المتحدة لتأكيد اهمية التعليم ومركزيته لرفاهية الإنسان والتنمية المستدامة.
ويأتي الاحتفال العالمي باليوم الدولي للتعليم، والذي اعتمد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 3 ديسمبر 2018، تأكيدا على اهمية التعليم كحق اساسي لكل شخص، فالحق في التعليم تنص عليه صراحة المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تدعو إلى التعليم الابتدائي المجاني والإلزامي، وتذهب اتفاقية حقوق الطفل، المعتمدة في عام 1989، إلى أبعد من ذلك فتنص على أن يتاح التعليم العالي أمام الجميع.
كما يأتي هذا الاحتفال تأكيدا على دور التعليم الأساسي في امتلاك المعرفة والمهارات الضرورية في الحياة، والقضاء على الفقر والجهل وتحقيق المساواة وتحسين حياة الناس وتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي، كما يحسن اخلاق الفرد ويعدل من سلوكه، وله دور مهم في بناء المجتمعات القوية والمستدامة، حيث يعتمد تطور بناء الشخصية على التعليم، كما يساهم في تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة الأخرى.
ويركز اليوم الدولي للتعليم على مواضيع كثيرة ابرزها توفير تعليم جيد عالمياً، وذلك لدور التعليم الجيد والملائم الضروري من أجل السلام والتنمية في جميع أنحاء العالم، وقد دعا قرار اعتماد هذا اليوم والذي اشتركت في صياغته 59 دولة عضو في الامم المتحدة، جميع أصحاب المصلحة — بما في ذلك الدول الأعضاء، ومؤسسات منظومة الأمم المتحدة، والمجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية، والمؤسسات الأكاديمية، والقطاع الخاص واﻷﻓﺮاد وﻏﻴﺮهم ﻣﻦ أصحاب اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻦ — إلى تعزيز التعاون الدولي لدعم الجهود الرامية إلى تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، الذي يهدف على وجه الخصوص، إلى “ضمان توفير تعليم جيد وشامل وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع بحلول عام 2030”.
واليوم الدولي للتعليم هو يوم اليونسكو – منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والعلم والثقافة – بوصفها وكالة الأمم المتحدة المتخصصة للتعليم، والتي تحتفل وبالتنسيق مع الجهات الفاعلة الرئيسية في مجال التعليم في العالم، بهذا اليوم للمرة الرابعة هذا العام تحت شعار “تغيير المسار، إحداث تحول في التعليم”.
وقد أشار التقرير العالمي الذي نشرته اليونسكو مؤخراً عن مستقبل التربية والتعليم، إلى أن إحداث تحول في المستقبل يقتضي إعادة التوازن على وجه السرعة إلى علاقاتنا مع بعضنا البعض ومع الطبيعة، وكذلك مع التكنولوجيا التي تتغلغل في حياتنا حاملة معها فرصاً لإحراز التقدم من جهة، ومثيرة مخاوف شديدة بشأن الإنصاف والإدماج والمشاركة الديمقراطية من جهة أخرى.
ويقوم مركز البحوث المتعددة التخصصات واليونسكو، بالاستلهام من روح اليوم الدولي للتعليم، لقيادة مهرجان الكوكب المتعلم للاحتفال بالتعلم في جميع الظروف، ومشاركة الابتكارات التي تساعد كل دارس على إطلاق طاقاته الكامنة بغض النظر عن ظروفه، كما سيعلن المركز أسماء الفائزين بمسابقة كتابة مقال عن رواية “الأمير الصغير”، كما سيأتي الاحتفال في ثلاثة أقسام: أبطال التعلّم والابتكارات والتمويل.
وقد تحقق الكثير من التقدم في مجال التعليم خلال السنوات القليلة الماضية، فقد وصلت نسبة الالتحاق بالتعليم الابتدائي في البلدان النامية 91 في المائة، ووفقا لمعهد اليونسكو للإحصاء (مركز بيانات المعهد) انخفضت فيما بين عامي 2000 و 2012 النسبة المئوية للأطفال غير الملتحقين بالمدارس من بين الأطفال في سن التعليم الابتدائي من 40 في المائة إلى 22 في المائة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ومن 20 في المائة إلى ٦ في المائة في جنوب آسيا.
ولكن وعلى الرغم من هذا التقدم فما تزال هناك الكثير من التحديات والاشكالات التي برزت ومازالت تواجه مسار التعليم في العالم ومن ابرز هذه التحديات :
ـ شكلت الحروب والصراعات المسلحة احد اكبر واخطر التحديات والعوائق امام التعليم، وفي ابرز حالة على ذلك هو ما تتعرض له العملية التعليمية في اليمن من قبل العدوان السعودي الاماراتي الامريكي، الذي يعمل ويحاول خلال سبع سنوات من عدوانه على اليمن على إيقاف العملية التعليمية، فأتجه إلى قصف مئات المنشآت التعليمية والتربوية لإرعاب الطلاب والطالبات وإرهابهم.
وبلع إجمالي المدارس والمنشآت التعليمية المدمرة والمتضررة من العدوان ثلاثة آلاف و٦٧٦، عدد طلابها مليون و٩٠٥ الف و ٦١٥ طالب وطالبة، منها ٤١٩ مدمرة كليا، بالاضافة إلى استشهاد المئات من الطلاب والكوادر التربوية، وتضرر أكثر من ١٩٦ ألفا و١٩٧ معلم ومعلمة جراء انقطاع رواتبهم.
وقدرت وزارة التربية والتعليم تكلفة الخسائر المباشرة للأضرار التي لحقت بقطاع التربية والتعليم خلال الفترة “26 مارس 2015 – 26 مارس 2020″، بنحو 3 تريليون ريال، وإجمالي تكلفة الخسائر والاضرار المادية التي لحقت بقطاع التعليم جراء استمرار استهداف العدوان للمدارس والمنشأة التعليمية 6118000000 ريال.
ـ ان ما يقرب من 258 مليون طفل ومراهق في العالم لا تتاح لهم الفرصة للدراسة أو حتى إكمالها، و617 مليون طفل ومراهق لا يستطيعون القراءة أو إجراء العمليات الحسابية الأساسية، كما أن أقل من 40 % من الفتيات في أفريقيا جنوب الصحراء استطعن إكمال التعليم الثانوي، فضلا عن ما يقرب من أربعة مليون من الأطفال والفتيان والفتيات في مخيمات اللجوء غير ملتحقين بالمدارس.
ـ ومن التحديات التي تواجه مسار التعليم في العالم ان النساء والفتيات مازلن من اكثر الفئات تضررا في الوصول إلى التعليم، فحوالي ثلث البلدان في المناطق النامية لم تحقق المساواة بين الجنسين في التعليم الابتدائي، وفي افريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأوقيانوسيا وغرب آسيا، لا تزال الفتيات تواجهن حواجز تحول دون التحاقهن بالمدارس الابتدائية والثانوية على حد سواء.
ـ حمل عام 2020 اكبر تحد للتعليم مع انتشار جائحة كوفيد-19 في جميع أنحاء العالم، فقد أعلنت غالبية الدول عن الإغلاق المؤقت للمدارس، مما أثر على أكثر من 91 في المائة من الطلاب حول العالم، وبحلول شهر أبريل 2020، فإن ما يقارب 6.1 مليار طفل وشاب كانوا خارج المدرسة، وكان على 369 مليون طفل يعتمدون على الوجبات المدرسية أن يبحثوا عن مصادر أخرى لغذائهم اليومي.
لم يحدث من قبل أن كان الكثير من الأطفال خارج المدرسة في ذات الوقت، فهو أمر يعطل التعلم ويقلب الحياة، وخاصة بين الفئات الأكثر ضعفاً وتهميشاً، وكان لهذه الجائحة العالمية عواقب بعيدة المدى قد تعرض للخطر المكاسب التي تحققت بشق الأنفس في تحسين التعليم العالمي. ولمواجهة هذا التحدي ولحماية العيش الكريم للأطفال وضمان حصولهم على التعليم المستمر، أطلقت اليونسكو في مارس 2020 “تحالف كوفيد-19 العالمي للتعليم”، وهو شراكة متعددة القطاعات بين أسرة الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والشركاء في مجال تكنولوجيا المعلومات، من اجل تصميم ونشر حلول مبتكرة لمساعدة الدول على معالجة فجوات المحتوى والاتصال، وتسهل فرص التعلم الشامل للأطفال والشباب خلال هذه الفترة من الاضطراب التعليمي المفاجئ وغير المسبوق، وعلى وجه التحديد، فإن تحالف التعليم العالمي يهدف الى مساعدة الدول في تعبئة الموارد وتنفيذ حلول مبتكرة ومناسبة لتوفير التعليم عن بعد، والاستفادة من نهج التقنية الفائقة والتقنية المنخفضة وغياب التقنية، وتسهيل عودة الطلاب إلى المدرسة عند إعادة فتحها لتجنب ارتفاع معدلات التسرب، كما قامت منظمة اليونيسف بتوسيع نطاق عملها في 145 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل لدعم الحكومات وشركاء التعليم في وضع خططٍ للاستجابة السريعة على نطاق المنظومة، بما في ذلك برامج التعلم البديلة ودعم الصحة النفسية.
ولا جل ذلك سيعتبر اليوم الدولي للتعليم لهذا العام بمثابة منصة لإبراز أهم التحولات التي يجب رعايتها في دعم الحق الأساسي لكل فرد في التعليم وبناء المستقبل أكثر استدامة وشمولية وسلاما، وسيفتح النقاش حول كيفية تعزيز التعليم لخدمة المصلحة العامة، وكيفية توجيه التحول الرقمي، ودعم المعلمين، وحماية الكوكب، وإطلاق العنان لإمكانات كل شخص للمساهمة المشتركة في الرفاهية الجماعية.