الحديدة – سبأ : علي العاقل
احتفلت محافظة الحديدة بذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وتميزت هذا العام بتعدد مظاهر الاحتفال وتنوعها وكثافتها.
فما إن أُعلن عن تشكيل اللجنة التحضيرية للإعداد والتحضير لاستقبال ذكرى مولد سيد البشر مطلع شهر صفر الماضي حتى سرت في نفوس أبناء المحافظة مشاعر الفرح والسرور.. كيف لا ونبيهم حاضر في عقولهم ونفوسهم قبل مجالسهم الفرائحية بذكرى قدومه عليه وعلى آله صلوات الله.
فعلى مدن وقرى المحافظة هبّت النسائم النبوية الروحانية مُبكراً مع لحظات استعداد نثرتها عظمة المناسبة وهيبة الحدث، وامتلأت النفوس شوقا وروحانية وهي تنتظر الذكرى الغالية والتي كانت إلى عهد قريب على شفا شفير مبدّع من يحتفل بها، بفعل تأثير المد الوهابي الذي جعل من كل ما يقرب إلى الله بدعة.
امتلأت الأمكنة بكل ألوان الفرح بقدوم ذكرى مولد سيد البشر وهادي الأمم ومخرجها من الظلمات إلى النور بإذن ربه، فتزينت المساجد ومناراتها والمباني والشوارع ولبست حللا من الأضواء المخملية الخضراء التي أكدت مقدار ما يحمله أبناء المحافظة واليمنيين لنبيهم الخاتم من حب وتعظيم.
ولم تقتصر الفرحة والابتهاج بالمناسبة على الزينة وإنما رافق ذلك فعاليات احتفالية خطابية وفنية رسمية وشعبية ومهرجانات وندوات ثقافية وتوعوية وأمسيات ثقافية ومسابقات وغيرها من مباهج الاحتفالات التي عمقت حب الرسول في النفوس وأعادت الألق إلى سابق عهده وإلى العهد الذي صدح فيه اليمنيون استبشاراً بمقدم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى المدينة المنورة ب” طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع”.
تلك الفرحة الجماعية والأصوات الندية وذلك النشيد الذي لم ينكره الرسول في حينه، ظلت الأجيال تردده جيلا بعد جيل.
وشهدت مديريات وعزل وقرى الحديدة على مدى شهر أكثر من 600 فعالية احتفالية، بحضور علماء وخطباء ودعاة وأكاديميين، شكّلت منتديات معرفية بينت للناس مشروعية الاحتفال بمولد من أرسله الله رحمة للعالمين، من القرآن الكريم ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )، ومن السنة الصحيحة، سُئل رسول الله عن صيامه يوم الإثنين قال: “ذلك يوم ولدت فيه”، وأعادت الأمور إلى نصابها وبريق ووهج الأمة الإسلامية إلى سابق عهده.
سيرة الرسول الأعظم كانت حاضرة في مجالس الذكر المُقامة في الأحياء والحارات الشعبية ومثلها الموشحات الدينية التي تتغنى بالنبي الكريم وتسرد في طياتها بعضا من مكرماته وصفاته التي يستلهم منها الجميع الدروس والعبر .
وكان ماشهدته المحافظة يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول، عنواناً وافياً وصريحاً لصدق ولاء اليمنيين لله ولرسوله ولآل بيته، وتجديداً للعهد بمواصلة السير على نهج رسول الله والذود عنه ودحض كل الأقاويل التي تحط من شأنه أو من شأن المسلمين.
فالآلاف من أبناء مدينة الحديدة والمربعين الشمالي والشرقي كان لهم حضوراً مشرفاً في ساحة الرسول الأعظم بالمدينة، ومثلهم أبناء مديريات المربع الجنوبي في مضمار الحسينية بمديرية بيت الفقيه، وحرائر المحافظة اللائي شاركن في بفعاليات متعددة في مختلف المديريات تم تتويجها بتنظيم الفعالية المركزية للقطاع النسائي في ملعب العلفي.
الجميع عاش لحظات غاية في السعادة وهم يستحضرون رسول الله في كل أعمالهم وأوقاتهم خلال الاحتفالات، وستظل ذكراه تملأ النفوس وتجتاح الجوانح حتى ذكرى جديدة تزداد فيها عشقا لنبيها وتعلن فيها ولاءها لله وللرسول ولآل بيته الأطهار، وتجدد انتماءها للهوية الإيمانية.