[22/ اغسطس/2021]
عواصم – سبأ:
تركت الولايات المتحدة الأمريكية أفغانستان، بعد 20 عاما من القتال، مخلفة وراءها انقساما حادا في البنية الاجتماعية والسياسية في البلاد والآلاف من الأفغان الذين يتزاحمون في مطار كابول من أجل الفرار من حكم حركة طالبان.
وفيما تتواصل عملية الإجلاء، تجمعت حشود كبيرة من الأفغان في حرم المطار على أمل مغادرة البلاد هربا من حكم طالبان وسط مشاهد الفوضى في مطار العاصمة الأفغانية.
وتشير الـ”بي بي سي” في تقرير لها عبر مراسلها هناك الى وجود الآلاف من الأفغان في ردهات المطار ، وأن الغالبية العظمى منهم لا تملك فرصة حقيقية بأن يتم إجلاؤهم… والى أن الوضع يبدو أكثر فوضاوية عند بوابات المطار التي يحرسها جنود أمريكيون، بينما يقوم مسلحو طالبان بإطلاق النار في الهواء بانتظام أمام المدخل المدني الرئيسي للمطار وضرب الحشود التي تحاول الدخول إلى المبنى.
ويحاول الكثير من الأفغان الذين يشعرون بضياع تام إزاء ما يجب عليهم عمله دخول المجمع الخاضع للسيطرة البريطانية حاملين معهم الوثائق التي جلبوها والتي تثبت أنهم عملوا مع القوات الدولية أو السفارات الأجنبية.
وتؤكد حركة طالبان على أن جميع من كانت له صلة بالحكومة الأفغانية منحوا العفو. وتقول الحركة إنها ستشكل حكومة “جامعة”، لكن الكثير من الافغان ينتابهم القلق العميق حيال المستقبل.
وتتحدث تقارير عن ظهور طالبان أمام منازل صحفيين أو شخصيات سابقة في الحكومة وقيامها باستجوابهم. ويتخوف الكثير منهم هناك من أنها مسألة وقت قبل أن يتم استهداف هؤلاء الأشخاص بشكل عنيف.
ودعت منظمات تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان الجمعة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى تأجيل الموعد النهائي للانسحاب الأمريكي في 31 أغسطس الجاري، والذي يعتزم الرئيس تأجيله فقط إذا كان لا يزال هناك مواطنون أمريكيون يجب إجلاؤهم.
وقالت سارة هوليوينسكي مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش بواشنطن في مؤتمر صحفي “نأمل أن يعلن الرئيس بايدن تأجيل رحيل القوات الأمريكية حتى يتسنى إجلاء مزيد من الأفغان المعرضين للخطر”.
وقال مسؤولون أمريكيون لرويترز الجمعة إنه من المتوقع أن تعلن وزارة الخارجية الأمريكية أن رحلات الإجلاء من كابول سيكون باستطاعتها الهبوط في أوروبا بسبب زيادة في تدفق من يتم إجلاؤهم على قطر.
من جهته ،دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة إلى منع “انهيار” أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان عليها، وعدم السماح “للإرهابيين” بمغادرة البلد ولا سيما عبر الادعاء أنهم لاجئون.
وانتقد بوتين خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في موسكو السياسة الغربية “غير المسؤولة” التي تسعى “لفرض قيم خارجية” على الأفغان.
وتشارك طائرات من عدة دول في جسر جوي يقوم منذ الأحد بإجلاء دبلوماسيين وأجانب وأفغان من مطار كابول الذي تسيطر حركة طالبان بشكل محكم على محيطه.
وتعتزم الولايات المتحدة إجلاء أكثر من ثلاثين ألف أمريكي ومدني أفغاني عبر قواعدها في الكويت وقطر، أخرجت منهم حتى الآن أكثر من سبعة آلاف منذ بدء العمليات في 14 أغسطس.
وبلغ العدد الإجمالي لمن أجلتهم الولايات المتحدة منذ نهاية يوليو 12 ألف شخص، بينهم مواطنون أمريكيون وعناصر من السفارة الأمريكية وأفغان عملوا لحساب الولايات المتحدة.
وتخشى اليونان من أزمة لاجئين بعد سقوط أفغانستان بيد طالبان مثلها مثل الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، قلقه من أن تؤدي عودة حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان إلى تكرار أزمة اللاجئين في 2015.
وكانت اليونان على خط المواجهة في أزمة الهجرة في أوروبا عندما وصل إلى جزرها ما يقرب من مليون شخص فروا من الصراع في سوريا والعراق وأفغانستان ودخل معظمهم عبر تركيا.
ودعت طالبان إلى الوحدة، وطالبت أئمة المساجد بإقناع السكان بعدم مغادرة البلاد في ظل الفوضى في المطار واحتجاجات وأنباء عن عنف.
وقال شاهد عيان، بحسب فرانس برس، إن عدة أشخاص قتلوا في مدينة أسد أباد الخميس عندما أطلق مقاتلو طالبان النار على الحشود التي تجمعت للتعبير عن الولاء لجمهورية أفغانستان المتداعية، بينما تتجه الحركة صوب تأسيس دولة تستند إلى تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية.
وأقدم عناصر من طالبان على قتل أحد أفراد عائلة صحفي يعمل لحساب قناة “دويتشه فيله” كانوا يبحثون عنه، وتسببوا بإصابة فرد آخر بجروح بالغة في أفغانستان، حسبما ذكرت هذه الوسيلة الإعلامية الألمانية على موقعها الإلكتروني صباح الجمعة.
ولم يكشف عن هوية الصحفي المستهدف الذي يقيم حاليا في ألمانيا. وكان أفراد آخرون من عائلته قد تمكنوا من الفرار في اللحظة الأخيرة فيما كان عناصر طالبان يبحثون عنه.
وقال المدير العام لـ”دويتشه فيله” بيتر ليمبورغ في بيان إن “مقتل قريب لأحد محررينا على يد طالبان أمر مأساوي بشكل لا يصدق ويظهر الخطر الشديد الذي يتعرض له جميع العاملين معنا وعائلاتهم في أفغانستان”. مضيفا “يبدو أن طالبان تجري بالفعل بحثا منظما عن الصحفيين في كابول وفي الولايات الأفغانية. الوقت ينفد!”.
وأوردت صحيفة “وول ستريت جورنال” بأن نحو 25 دبلوماسيا أمريكيا في أفغانستان، أرسلوا برقية داخلية الشهر الماضي حذروا فيها وزير الخارجية أنتوني بلينكن من احتمال سقوط العاصمة الأفغانية كابول “سريعا” في يد طالبان مع انسحاب القوات الأمريكية.
وقالت الصحيفة الخميس إن البرقية السرية موقعة بتاريخ 13 يوليو وقدمت توصيات بشأن سبل تخفيف حدة الأزمة والإسراع بعملية إجلاء.
وصعدت حركة طالبان من عمليات تعقب الأفغان الذين عملوا لصالح القوات الأجنبية، حسبما كشفته وثيقة سرية للأمم المتحدة، فيما تظهر أصوات مقاومِة في البلاد على غرار نجل القائد مسعود ومظاهرات في كابول.
وورد في التقرير الذي وضعته مجموعة خبراء في تقييم المخاطر لحساب الأمم المتحدة، أن طالبان وضعت “قوائم ذات أولوية” للأفراد الذين تريد توقيفهم على الرغم من وعود المتمردين بعدم الانتقام من المعارضين.
ولعل الأكثر عرضة للخطر هم الذين كانوا يشغلون مناصب مسؤولية في صفوف القوات المسلحة الأفغانية وقوات الشرطة ووحدات الاستخبارات، حسب نفس التقرير، الذي أوضح أن طالبان قامت بـ”زيارات هادفة لمنازل” الذين يريدون توقيفهم كما لمنازل أفراد عائلاتهم، وأن الحركة الأصولية تدقق في الأشخاص الراغبين في الوصول إلى مطار كابول، وأقامت نقاط تفتيش في المدن الكبرى بما في ذلك العاصمة كابول وجلال آباد.
وذكر مسؤول في طالبان الجمعة أن العديد من الدول والمنظمات تتواصل مع قادة الحركة للمساعدة في إجلاء مواطنيهم أو موظفيهم من العاصمة الأفغانية كابول.
وشدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مباحثات هاتفية مع كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي الخميس، على ضرورة أن يكون هناك “تعاون دولي وثيق” بشأن الأزمة في أفغانستان، بحسب ما أعلنت الرئاسة الفرنسية.
وقال الإليزيه في بيان إنه خلال محادثته مع بوتين التي استمرت أكثر من ساعة ونصف الساعة، ناقش ماكرون بشكل خاص “التوقعات ذات الأولوية في ما يتعلق بحركة طالبان” التي استولت على السلطة في كابول. كما أوضح البيان أن في صدارة ما يتوقعه المجتمع الدولي من طالبان هو “مكافحة تهريب المخدرات والأسلحة ومقاطعة الحركات الإرهابية الدولية واحترام حقوق المرأة”.
وأضافت الرئاسة الفرنسية أنه وخلال المكالمة بين ماكرون ودراغي، شدد الزعيمان على “الحاجة إلى تعاون وثيق” داخل الاتحاد الأوروبي “من أجل إجلاء الأوروبيين والأفغان الأكثر عرضة للخطر، وكذلك أيضا من أجل استشراف تداعيات الأزمة الأفغانية”.