[28/ يونيو/2021]
صنعاء – سبأ : ميادة العواضي
لن ينسى اليمن واليمنيين ما فعله العدوان الأمريكي السعودي في أرضهم من تدمير وإهلاك لكل مقدرات الحياة على مدى أكثر من ست سنوات ، ومن بين القطاعات الهامة التي تم استهدافها بالقصف قطاع التعليم العالي.
يقول مدير عام مؤسسات التعليم العالي للجامعات الحكومية محمد زهرة :” تم تدمير البنية التحتية لعدد من مؤسسات التعليم العالي حيث تعرضت الكثير من مبانيها للخراب بسبب قصف طيران العدوان الأمريكي السعودي”.
ويضيف: هذا القصف تسبب في خسائر مادية كبيرة ؛ فالأجهزة والوسائل والمعدات الخاصة بالعملية التعليمية تم إعدامها تماماً ، علاوة على الهدم الكلي أو الجزئي للمباني.
ويشير زهرة إلى أن إيقاف صرف المرتبات والأجور والحوافز والنفقات التشغيلية للجامعات الحكومية والعاملين فيها ؛ أدى إلي هجرة كبيرة للأساتذة.
ويلفت مدير مؤسسات التعليم العالي إلى الأضرار غير المباشرة والمتمثلة في توقف الطلبة العرب والأجانب عن الدراسة في الجامعات اليمنية وتوقف التبادل الثقافي بين اليمن وبين دول الجوار والذي يرى زهرة أن دول العدوان تعمدته من أجل إيقاف العملية التعليمية وتجهيل البلاد .
زهره الجبر
أ.د . حميد الجبر, نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي بجامعة البيضاء من جهته يقول :” قبل الحرب والعدوان كانت جامعة البيضاء وجهة لطلاب من مناطق مختلفة من خارج المحافظة و خاصة مناطق التماس معها , لكن بعد الحرب و توقف مرتبات الموظفين وتوقفت النفقات التشغيلية حصلت هجرة كبيرة من أساتذة الجامعة بمختلف التخصصات خصوصا ومعظم كادرها يسكن خارج المحافظة وبالتالي فقدوا القدرة المالية التي تجعلهم يستمرون في العمل “.
ويشير الجبر إلى أن العدوان تسبب في تناقص عدد الطلاب بشكل لافت و سريع حتى إن إحدى الكليات , لم يتجاوز عدد الطلاب لأربعة تخصصات وأربعة مستويات 75 طالب و طالبة.
ويضيف : جودة التعليم ايضا تأثرت ، خاصة التخصصات العلمية بسبب انقطاع الكهرباء والمياه والتي جعلت المعامل متوقفة وعاجزة عن التشغيل بالإضافة إلى نفاد المحاليل والأدوات المعملية وعدم وجود القدرة الشرائية للجامعة لحل ذلك.
ويرى الجبر ان التعليم يمثل جبهة مهمة يجب دعمها , لان استمرارها في العمل سيفشل العدوان و يجعل الجبهة الداخلية اكثر تماسكا .
بدوره يقول أ.د . عبد الآله أبو علي عميد كلية الآداب بجامعة الحديدة:” جامعة الحديدة من أكثر المؤسسات اليمنية التي تضررت جراء الحرب والحصار والعدوان ، حيث تعمد العدوان قصف عدة كليات وهي كلية الطب وكلية الصيدلة وبعض الكليات قصفت حتى تم تسويتها بالأرض “.
ويضيف: هناك كليات تقع بالقرب من مناطق التماس وقد تم إخلاء طلبتها بالكامل ونقلهم إلى كليات مبانيها أكثر أمناً ، وادى ذلك إلى شحة في المباني وشكل هذا الأمر عبء أخر أمامنا من أجل استكمال العملية التعليمية.
ويوضح أبو علي ان الجامعة بذلت مجهودات كبيرة بالتنسيق مع محافظ محافظة الحديدة لحل مشكلة القاعات وتنسيق أوقات الدراسة بين مختلف الكليات والعمل على استمرار الدراسة رغم العدوان والحصار.
ويشير الدكتور أبو علي إلى أن مشكلة انقطاع الرواتب التي سببها العدوان أوجدت فجوة كبيرة في التعليم الجامعي ، حيث اضطر أعضاء هيئة التدريس إلى البحث عن لقمة العيش وهو ما اثر على سير العملية التعليمية بشكل عام في الجامعة.
وكشفت إحصائية حديثة لوزارة التعليم العالي ، نشرتها وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) في شهر ابريل المنصرم ، عن حجم أضرار هجمات تحالف العدوان على مؤسساتها والتي تجاوزت 280 مليار ريال
وبيت الإحصائية ان الأضرار التي تعرضت لها مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي خلال ست سنوات من العدوان بلغت 280 مليار و 314 مليون و903 ألف ريال، منها 27 مليار و 855 مليون أضرار مباشرة ، و252 مليار و460 مليون ريال أضرار غير مباشرة.
كما كشفت الوزارة ان تكلفة الاضرار المباشرة وغير المباشرة الخاصة بالوزارة والمراكز التابعة لها تجاوزت 55 مليار و145 مليون ريال ، منها مليار و870 مليون أضرار مباشرة ، فيما بلغت تكلفة أضرار الجامعات الحكومية 208 مليار و441 مليون ريال منها 22 مليار و377 مليون ريال أضرار مباشرة ، وبلغت تكلفة أضرار الجامعات الأهلية 16 مليار ريال ، منها مليار و607 مليون أضرار مباشرة.
أسماء السروري, طالبة طب في إحدى الجامعات الخاصة بصنعاء , كانت تخطط بعد نيل درجة البكالوريوس لمواصلة دراستها العليا في الخارج ؛ لكن العدوان ووحشيته في تدمير البنية التحتية والظروف الاقتصادية الصعبة التي أصبحت أسرتها تعاني منها ، جعلها تقوم بإيقاف دراستها بشكل نهائي ، وكما تقول :” لا بكالوريوس ولا دراسات عليا”.
أما الطالبة سعاد عبدالله وهي طالبة في جامعة الحديدة فتروي معاناتها في الدراسة قائلة “:الظروف صعبة علينا في محافظة الحديدة ، تضررت بصورة كبيرة جراء العدوان والحرب، فكل الكليات في الجامعة تشكو من نقص حاد في عدد الدكاترة والمدرسين”.
المختفي الجبهة
من جانبه يرى الإعلامي احمد المختفي – مذيع أخبار في القناة الفضائية اليمنية – أن الطالب اليمني وخصوصا طلبة الماجستير يستحق لقب ” المحارب الصنديد” وذلك للمجاهدة والمحاربة التي يقوم بها من أجل أن يدرس ويتعلم .
ويشير المختفي إلى أن طلبة الماجستير في كلية الإعلام التي يدرس فيها وغيرها من الكليات يبذلون الكثير من الجهد للمواءمة بين عملهم مصدر رزقهم وبين التواجد في قاعات الدراسة .
ولكنه يجد في ذلك فخرا لان طالب الدراسات العليا لا يستسلم ويصر على قبول التحدي رغم كل تلك المعوقات حتى ينال الدرجة العلمية التي يتمناها ليكون رافدا جديدا في مجال التنوير الاكاديمي الذي سيكون له دور في النهوض بالمجتمع .
ويوجه الإعلامي المختفي دعوة للتعليم العالي بتكثيف الجهود فيما يخص الارتقاء بالعملية التعليمية الاكاديمية ومحاولة البحث عن مصادر اقتصادية محلية تكون مصدر دخل يعود مردوده لرفع العملية التعليمية وتوفير الأساسيات المهمة في القاعات والمكتبة الدراسية .
بإحباط يتكلم صادق الجبهة ، احد أعضاء هيئة التدريس في جامعة البيضاء عن الآثار النفسية والمادية للعدوان الأمريكي السعودي على دراسته وعمله في الجامعة حيث يقول ” لنا فترة ليست بالقصيرة لم نستلم مرتباتنا مصدر دخلنا الوحيد لنعول أسرنا ، وهذا ما جعلنا نقوم بأعمال أخرى لكسب لقمة العيش , وهذا اثر على عملنا في الجامعة “.
ويضيف الجبهة “قبل العدوان كنت أقرأ العديد من الكتب والمقالات في مجال تخصصي والآن لم اعد أجد الوقت الكافي للقراءة ، لانشغالي بتوفير لقمة العيش”.
ويرى صادق أن انقطاع الانترنت نتيجة قصف العدوان للاتصالات اثر بشكل سلبي على طالب الماجستير ، فالنت أصبح ضعيف جدا وأصبحت محركات البحث بالكاد تفتح وبالتالي انعدمت قدرة الطالب في متابعة كل جديد ومواكبة مختلف التطورات في العلوم والدراسات.
الطالب امجد علي , سنة ثانية إدارة أعمال , يرى في انقطاع الكهرباء مشكلة حقيقة رغم وجود البديل الذي احيانا لا يلبي الاحتياج ، خصوصا في ظل تعليم اصبح رقمي ومرتبط بالتقنيات والحاسوب وذلك ما شكل صعوبة كبيرة في الحصول على المعلومات والتواصل مع العالم الخارجي , و يشتكي امجد من افتقار الكليات للدوريات والكتب الحديثة والمكتبة المتجددة فضلا عن وجود مكتبة رقمية تغذي الطالب بكل ما هو جديد في عالم الدراسات والبحوث .
ويقول عبد العزيز الشيخ, طالب ماجستير في كلية الإعلام :” طالب التعليم العالي في اليمن يمر بمراحل صعبة للغاية في ظل صمت اممي مخزي جراء ما يعانيه الطالب في ظل العدوان على البلاد”.
ويضيف الشيخ ” كثير من الطلاب حرموا من طموحهم في الحصول على العلم وتحقيق النجاح الأكاديمي نتيجة حرمانهم من المنح الدراسية الى مختلف الدول وذلك اثر كثيرا على مستوى التقدم العلمي في البلاد”.