[27/ اكتوبر/2020]
عواصم – سبأ :
مازالت فضائح وجرائم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التي أثارت ضجة من العيار الثقيل مستمرة على أرض الواقع حتى اللحظة ،مع تعدد الوقائع والفضائح خاصة على منصات مواقع التواصل الاجتماعي في ظل صمت مطبق تلتزمه وسائل الإعلام السعودية مع قمع أي تحركات في إطار كشف الحقائق أو الحديث عنها.
وتتعدد فضائح بن سلمان بين الفساد السياسي والأخلاقي والمالي وجرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان ، والترف والبذخ على الحفلات والسهرات التي تحيط بها السرية التامة التي طالما كانت هي الهاجس الأهم لبن سلمان، حتى أنه لم يكن مسموحاً للمحيطين به والعاملين بحمل هواتف ذكية معهم.
وتشير وسائل إعلام متعددة ومواقع الكترونية الى فضائح العلاقات المشبوهة لمحمد بن سلمان وارتباطه بممثلات أجنبيات ضمن شخصيته المعروفة بالتهور والانحلال والإنفاق ببذخ على شهواته.
ومؤخرا اصدر الكاتبان في صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية “برادلي هوب” و “جستن شيك” كتابًا عن صعود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلى سدة الحكم تحت عنوان “الدم والنفط”.
وسلط الكتاب الضوء فضائح ولي العهد السعودي المتعلقة بطموحاته وسهرات الترف والبذخ التي يشرف عليها.
وجاء في جزء من الكتاب الذي نشرت أجزائه على منصات وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بأن محمد بن سلمان أقام حفلًا في جزر المالديف عام 2015 احتفالًا بتوليه ولاية العهد ودعا إليه خاصته بتكلفة 50 مليون دولار وجلب إلى الحفل 150عارضة أزياء من البرازيل وروسيا ومن كل أنحاء العالم.
وتطرق الكتاب إلى العلاقة بين ولي عهد أبو ظبي “محمد بن زايد” وآل سعود، كاشفا عن أن “بن زايد” كان يكره ولي العهد السابق “محمد بن نايف” وكان يصف والده “نايف بن عبدالعزيز” بـ”القرد” خلال لقاءاته مع الأمريكيين، إلا أنه حسب ما جاء في الكتاب فإن بن زايد، وبعد أن طور علاقة خاصة مع بن سلمان بدأ في التسويق له بقوة في الولايات المتحدة، قائلا إن بن سلمان يستحق الدعم ويحتاجه، ووصفه بأنه “شخصية صاعدة مثيرة في السعودية”.
وهذا الجزء من الكتاب قد يعزز هذه النظرية بأن السياسات الإقليمية التي ينتهجها محمد بن سلمان تعكس إرادة ومطالب أستاذه بن زايد الذي يستغله بدهاء ويستخدمه كأداة في سبيل تمرير سياساته الإقليمية.
وفي أندر تعليق لأحد الباحثين في شؤون منطقة لشرق الأوسط يقول أنه”من المذهل أن تكون علاقة أميركا القوية بولي العهد السعودي من خلال المغنية ليندسي لوهان وجاريد كوشنر”.
والمعروف أن بن سلمان يحب الرفاهية إذ قام بشراء يخت تتجاوز قيمته 500 مليون دولار، فضلًا عن شراء أغلى لوحة في العالم “لوحة المسيح المخلص” بقيمة تتجاوز 400 مليون دولار.
العدوان على اليمن
فيما يتعلق بالعدوان السعودي على اليمن المستمر منذ مارس 2015م وتصرفات الأمير محمد بن سلمان المفاجئة والمتهورة،تحدث الكتاب الذي يتناول حيزا منه “المغامرات غير المنظبطة” لولي العهد السعودي وأن “محمد بن سلمان أصدر أمراً بـ “إرسال طائرات إف- 15” إلى اليمن ما أفضى إلى المقامرة الجريئة العالية المخاطر التي قام بها الأمير الشاب وأدت إلى نتائج عكسية. كما أن الأمير كان قد أكد لوالده وللمسؤولين الأميركيين أنّ عملية اليمن ستنتهي في غضون شهرين إلا انه اليوم وبعد خمس سنوات تستمر الغارات بقيادة السعودية، وقد أدت حتى الآن إلى مقتل آلاف المدنيين، لتجعل من اليمن بلداً يشهد واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في العالم”.
في السياق ،تساءل محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “التايمز” في وقت سابق من العام الماضي إن كان قرار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان التخلص من قائد قيادة الأركان المشتركة في العدوان على اليمن هو محاولة لتحميله مسؤولية الفشل في تحقيق انتصار في الحملة التي مضى عليها 5 أعوام.
وقال ريتشارد سبنسر إن ولي العهد السعودي العدواني قام بعملية تطهير جديدة بين أبناء عمومته. وهذه المرة عزل فيها عسكريا بارزا وابنه. وبحسب وكالة الأنباء السعودية فقد صدر مرسوم ملكي بإحالة الجنرال فهد بن تركي بن عبد العزيز على التقاعد وتحويله إلى التحقيق “للاشتباه بتعاملات مالية رصدتها وزارة الدفاع” ، كما عزل ابنه الأمير عبد العزيز بن فهد من منصبه كنائب لأمير احدى المناطق .
وكان الجنرال قائدا للقوات التي تقودها السعودية في عدوانها على اليمن وبعد خمسة أعوام تحولت الحرب في اليمن إلى أكبر إحراج للمملكة في تاريخها.
وهناك تكهنات بأن يكون الجنرال كبش فداء لفشل الرياض تحقيق انتصار أراده محمد بن سلمان عندما شن العدوان في مارس 2015.
القضاء على المنافسين
تتخذ المنافسة على الحكم في السعودية أشكالا عنيفة في أوساط العائلة السعودية، فمقتل الملك فيصل شاهد ليس ببعيد على أشكال الصراع الدائر المتجدد في العائلة.
ومن أجل اعتلاه العرش في المملكة سعى بن سلمان في حربه الاستباقية الى اعتقال أمراء الصف الأول وأكثر المنافسين السابقين الباقين على العرش، ولي العهد السابق محمد بن نايف، والأمير أحمد بن عبد العزيز آخر شقيق للملك سلمان والذي يحظى بموافقة الغرب والداخل على توليه الحكم بعد الملك سلمان خاصة بعد الضجة التي أحدثها تهور بن سلمان بمقتل الصحفي جمال خاشقجي والعدوان على اليمن ، وتشديد القبضة الأمنية على السعوديين ،وذلك حسبما أوردته مواقع إخبارية إلكترونية ونقلته وسائل إعلام مختلفة آنذاك .
وتقول صحيفة “التايمز” البريطانية أن محمد بن سلمان جعل من حملات التطهير بين أبناء عمومته ملمحا لصعوده إلى السلطة، ففي يونيو 2017 أطاح بابن عمه ولي العهد محمد بن نايف وبعد ذلك قام بسجن أمراء ورجال أعمال في فندق ريتز كارلتون وأجبرهم على التخلي عن أرصدتهم.
كما اعتقل عددا آخر من أبناء العائلة، وهناك حوالي ألف منهم في المعتقلات. وهناك من خدعهم بالعودة إلى المملكة أو أجبرهم على العودة ضد رغبتهم وفي ظروف غامضة وبعد ذلك اختفوا في نظام السجن.
وتصف وسائل إعلام اعتقالات الريتز من رجال أعمال كبار وأمراء بارزين بسبب موقفهم من تولية ابن سلمان وليا للعهد، بأنها هي احد سلوكيات الأمير الطائش في تحييد خصومه، وهي الإقصاء والتغييب القسري لمعارضي مشروعه التغريبي للمملكة في ظل صمت رسمي سعودي بشأن اعتقال أمراء كبار من العائلة الحاكمة.
وبحسب موقع “ميدل إيست آي” الإخباري نقلا مصادر إن محمد بن سلمان يقوم بهذه الحملة لأنه يعتزم تنصيب نفسه ملكا قبل قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في الرياض في نوفمبر المقبل.
وفي مقال للكاتب البريطاني الشهير ومحرر “ميدل إيست آي” ديفيد هيرست ذهب الكاتب إلى أن الملك سلمان الذي يعاني شيخوخة حادة موافق مبدئيا على التنازل لابنه المسيطر فعليا على الحكم، واجتمع الملك مع أخيه الأصغر أحمد بن عبد العزيز من أجل ضمان تأييده لمحمد في المستقبل أثناء توليه مقاليد الحكم.
وفي الإطار نفسه، كشفت وكالة أنباء رويترز أن الملك سلمان بن عبد العزيز وافق على احتجاز ثلاثة أمراء.
ونقلت الوكالة آنذاك عن مصدر خاص أن الملك أصدر أمر الاعتقالات، مشيرة إلى أن المعتقلين يواجهون اتهامات بالخيانة .
وصرحت أربعة مصادر لرويترز بأنه تم احتجاز الأمير أحمد والأمير محمد بن نايف في العملية الأخيرة، في حين قال مصدران، أحدهما من المنطقة، إن احتجاز الأمير محمد بن نايف وأخيه غير الشقيق نواف تم أثناء وجودهما في مخيم خاص بالصحراء، الجمعة 6 مارس 2020.
وقال المصدر إن ولي العهد الأمير محمد اتهمهما بإجراء اتصالات مع قوى أجنبية، منها الأمريكيون وغيرهم، لتنفيذ انقلاب.
وأضاف المصدر أن الأمير محمد بن سلمان بهذه الاعتقالات عزز قبضته على السلطة بالكامل وانتهى الأمر بعملية التطهير هذه، مشيرا إلى أنه لم يعد أمامه الآن أي منافسين يمكن أن يعترضوا على اعتلائه العرش.
واستطاع بن سلمان من إحكام قبضته بيد من حديد على المؤسسات الأمنية والعسكرية في السعودية، وهو متهم بقمع أي معارضة داخلية تمهيدا لتوليه العرش رسميا خلفا لوالده البالغ من العمر 84 عاما.
وقالت المحللة السياسية في مؤسسة “راند” للدراسات في الولايات المتحدة بيكا فاسر تعليقاً على تلك التوقيفات الأخيرة إن “الأمير محمد بات أكثر جرأة، فسبق أن أزال أي تهديد أمام صعوده وسجن أو قتل منتقدين لسلطته من دون أن تكون لذلك أي تبعات”.
وأضافت “هذه خطوة إضافية لتعزيز قوته ورسالة إلى الجميع، بمن فيهم أفراد العائلة المالكة، ألا يقفوا في طريقه”.
وسبق تلك الفترة تشكيل مجلس تنسيقي للمعارضة السعودية بهدف إزاحة محمد بن سلمان عن ولاية العهد؛ حسبما كشف عنه الناشط السعودي عبد الرحمن السهيمي على مواقع التواصل الاجتماعي أو لوسائل الإعلام ،الذي أكد أن المجلس يضم ثمانية عشر عضوا بينهم ثلاثة أمراء وأن عمله سيقتصر على مراسلات لدول العالم والهيئات الرسمية والدولية، مشيرا الى انه تمت مخاطبة البرلمانات الإسلامية ودول في الخليج وأعضاء بالكونغرس الأمريكي والبرلمان الأوروبي.
ودعا المجلس التنسيقي الملك سلمان الى إزاحة ابنه محمد بن سلمان من كل المناصب بما فيها ولاية العهد مؤكدا انه يتجه الى دعم الأمير احمد بن عبد العزيز ال سعود في ولاية العهد على أن تكون فيها السعودية دولة مؤسسات ومملكة دستورية ذات برلمان منتخب.
رسائل التطبيع لـ”بن سلمان”
يستغل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كل مناسبة بهذا الصدد، ليلمح الى أن السعودية ودول عربية أخرى بصدد إعلان التطبيع قريبا مع الكيان الإسرائيلي.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إبان إعلانه تطبيع السودان علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي ، إن 5 دول عربية أخرى تريد توقيع اتفاق سلام مع الكيان الإسرائيلي ، مُرجحًا أن تكون السعودية بينها قريبًا.
وخلال مؤتمر صحفي عبر تقنية الفيديوكونفرانس أكد الرئيس الأمريكي أن “5 دول تريد الانضمام إلى اتفاق السلام مع إسرائيل”.
وأضاف ترامب أنه متأكد أن السعودية ستنضم لاتفاق السلام مع إسرائيل قريبًا، فيما قال إيران ربما تنضم إلى اتفاق مماثل “في نهاية الأمر”.
كما المح جاريد كوشنر مستشار البيت الأبيض مؤخرا إلى أن دولا عربية أخرى ستحذو حذو الإمارات والبحرين.
ويصر مسؤولون أمريكيون وفق معطيات قد تكون بحوزتهم على أن إقامة علاقات طبيعية بين السعودية و الكيان الإسرائيلي أمر حتمي بعد تطبيع الإمارات والبحرين السودان مع الكيان الإسرائيلي.
وسبق أن فجر ملياردير إسرائيلي فضيحة من العيار الثقيل عن ما دار في كواليس التطبيع، ما قبل التطبيع بفترة طويلة، عندما طلب منه أن لا يكشف عن تلك اللقاءات الخاصة التي تمت مع كبار المطبعين مثل بن زايد و بن سلمان.
وكشف الملياردير الإسرائيلي تفاصيل ما كان يجري، في إهانة مباشرة جديدة ولن تكون الأخيرة لولي عهد السعودية وبن زايد .
ويروى رجل الأعمال “حاييم سبان”، في حوار مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، تفاصيل وجبة عشاء غريبة جمعته بـ”بن سلمان”، وحديثه مع “بن زايد” حول تطبيع العلاقات مع (إسرائيل) قبل الأمر بفترة.
وقالت “يديعوت أحرونوت” إن “حاييم سبان” يعد من أبرز ركائز اتفاق التطبيع بين أبوظبي وتل أبيب.
وعبر “سبان” عن اعتقاده بأن اتفاق التطبيع مع السعودية بات قريبا وعلى الطريق.
جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي
في 2 من أكتوبر الماضي 2018 ، تعرض السعودي جمال خاشقجي لأبشع جريمة شهدها العالم بحق كاتب وصحافي في قنصلية بلاده ، عبر فريق اغتيال مكون من 15 شخصا يقودهم مقربون من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ، قاموا بقتله وتقطيع جسده ونقله خارج المبنى .
ويقول الرئيس التركي أردوغان إن التحقيق ما زال جارياً ويتنظر النتائج. وترى عدة جهات ومنظمات دولية بأن النظام السعودي هو من يتحمل مسؤولية ارتكاب الجريمة.
ومنذ مقتل خاشقجي تتصاعد موجة اللجوء من قبل المعارضين والناشطين والمدونين السعوديين باتجاه اوروبا وكندا ، فمع لجوء رجل المخابرات السعودي السابق سعد الجبري الى كندا، ازداد تفاؤل السعوديين المعارضين في الخارج في إمكانية تأسيس إطار واسع للعمل ضد ما بات يعتبرونه نظاما استبداديا وقمعيا ودمويا بقيادة بن سلمان.
وفي تقرير من 101 صفحة نشرته المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في يونيو 2019، تم تحميل السعودية المسؤولية عن قتل “خاشقجي”، “عمدا”.
وأشار التقرير الأممي أيضا إلى وجود أدلة موثقة من أجل التحقيق مع مسؤولين سعوديين كبار، بينهم ولي العهد “محمد بن سلمان”.
ويعتقد الكثير من المراقبين والنقاد أنه على الرغم من نجاح بن سلمان في القضاء على المنافسين الحقيقيين في الملك، إلا أن سيحكم إن حكم وحيدا إلا من الخوف الذي سيعيش معه وبه وأن العدوان على اليمن وجريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي سيكونان “العصا التي قصمت ظهر البعير” .
منع الحج والعمرة على المسلمين
مع تفشي وباء كوفيد-19 في العالم قرّر النظام السعودي العام الماضي منع الحج وعلق العمرة على كل الدول الاسلامية تحت ذريعة مخاوف من وصول فيروس كورونا الى مكة والمدينة.