[28/ اغسطس/2020]
صنعاء – سبأ :
نالت إدارة الطب الشرعي بمكتب النائب العام اهتماماً خاصاً منحها امتيازات نوعية، وساهم في الوصول بها إلى تقديرات أفضل في مستوى الأداء والإنجاز للمهام المنوطة بها في كشف غموض الجرائم الجنائية، خاصة قضايا القتل، مساندة للعدالة وانصافاً للمظلومين .
ورغم شحة الإمكانات في ظل استمرار تداعيات العدوان وما يفرضه من حصار على الشعب اليمني، حرصت إدارة الطب الشرعي على الاضطلاع بدورها ومسئولياتها الموكلة إليها، في إنجاز آلاف القضايا ما بين الكشف عن وفيات وتحديد سبب الوفاة، وكشف ظاهري وتشريح وتحديد اللواط وغشاء البكارة، ودفن جثث مجهولة الهوية .
وتحركت إدارة الطب الشرعي إلى جانب مهامها الاعتيادية في مسار آخر هو كشف ومعاينة جرائم العدوان وإصدار تقارير فنية متكاملة تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن مرتكبيها قتلة مع سبق الإصرار والترصد ومجرمي حرب تجب محاكمتهم وإنزال أشد العقوبات بحقهم تحقيقا للعدالة وإنصافا للشعب اليمني الذي خسر آلاف الأنفس المعصومة جراء تلك الجرائم.
يقول مدير إدارة الطب الشرعي بمكتب النائب العام الدكتور علاء الضبيعي أن النزول الميداني الذي نفذته النيابة لمعاينة عشرات المواقع التي استهدفها طيران العدوان في أمانة العاصمة والمحافظات، أثبت أنها مواقع مدنية.
وأشار إلى أن معظم ضحايا تلك المواقع أطفال ونساء ورجال، توفوا إثر تعرضهم للإصابة بشظايا وحريق واختناق ناجم عن انفجار قنابل وصواريخ ارتطمت بمنازل ومباني كانوا يسكنونها أو سيارات كانت تقلهم أو في أسواق يتواجدون فيها أو قاعات أعراس أو عزاء وحتى في الخيام والمزارع.
ولفت الدكتور الضبيعي إلى أن جثث غالبية الضحايا في تلك المواقع وجدت متفحمة أو مقطعة إلى إشلاء، ما أدى إلى صعوبة التعرف عليها، فضلاً عن إصابة المئات بإعاقات دائمة، ناهيك عن الأذى النفسي الذي لحق بأسر الضحايا والمصابين ومن شهدوا وعاصروا وقوع هذه الجرائم.
وأضاف أن “المعاينات لمسارح جرائم قصف تحالف العدوان لم يتم العثور فيها على دليل يثبت صحة مزاعم العدوان أنها كانت لتجمعات قتالية أو مخازن أسلحة، حتى يبرر فيها أفعاله الإجرامية وهنا لابد من التأكيد أن العدوان أسرف في القتل والتعذيب ولابد من محاسبته”.
وخصص مدير إدارة الطب الشرعي، جزءاً من حديثه عن جريمة استهداف طيران تحالف العدوان لحافلة طلاب ضحيان بمحافظة صعدة ، وكيف كان المشهد في موقع الجريمة مروعا، ما تطلب العمل ليلا ونهارا للكشف عن الجثث وجمع بقايا الأشلاء وكذا شظايا القنبلة والآثار المدمرة التي لحقت بالمكان، ومن ثم كتابة التقارير اللازمة لرفعها للنيابة لتكون جزءاً أصيلاً من أدلة الإثبات ضد الجناة ، وما وصلوا إليه من الجبن والخوف بقتل 42 مدنيا وجرح 70 آخرين جلهم من الأطفال .
وتطرق إلى جهود النيابة العامة في الحصر والتوثيق والتحقيق بجرائم دول تحالف العدوان، خاصة التي حدثت خلال العامين الماضيين والتي كان لقيادة النيابة العامة دوراً في تحقيقها من خلال إعادة تنظيم وتطوير آليات العمل وتفعيل أدوات ودوائر النيابة المختلفة وتعزيز التنسيق مع وزارة الداخلية والسلطات المحلية بالمحافظات في إطار خطة تصحيح المسار الإجرائي وترسيخ العمل المؤسسي.
وأكد مدير إدارة الطب الشرعي بمكتب النائب العام أن الإدارة تمارس مهامها بمسؤولية ومهنية عاليةوفقاً للقانون وبالوسائل والطرق المتبعة في معظم دول العالم بالكشف الطبي على المصابين في الوقائع الجنائية وكل ما يتصل بتحديد أدوات الجريمة وزمان وقوعها وغير ذلك من الإجراءات الفنية.
وحرصت النيابة العامة خلال العامين الماضيين على تحسين مستوى الأداء وإنجاز الكثير من المهام، عبر تنفيذ الأعمال وتنظيم اللقاءات وورش العمل لإكساب منتسبي أجهزة الأمن والجهات ذات العلاقة والسلطات المحلية مهارات التعامل مع مسارح الجرائم والحفاظ عليها من العبث للحصول على الأدلة والتوثيق السليم لها خاصة جرائم العدوان.
وأتاح مكتب النائب العام، للمؤسسات والمنظمات العاملة في المجال القانوني والحقوقي والإنساني والأكاديميين والمختصين بالقانون الجنائي والدولي، مجالات أوسع للتعاون مع النيابة العامة لتقديم دراسات أو بحوث أو أفكار أو مقترحات تسهم في إعداد ملفات قانونية حول جرائم العدوان، بما يكفل محاكمة ومعاقبة مرتكبيها عبر القضاء الدولي.
وأكد عدد من المحامين وأساتذة القانون الجنائي والدولي خلال لقاءاتهم مع النائب العام الاستعداد للتعاون مع النيابة العامة والمساهمة في إعداد الملفات القانونية حول جرائم تحالف العدوان في اليمن بما يتوافق مع القانون الدولي لرفعها أمام القضاء الدولي، مشيرين إلى أن تلك الجرائم لن تسقط بالتقادم ولن يفلت مرتكبوها من العقاب.
وأوضحوا أن سير النيابة العامة في رفع الدعاوى الجزائية ضد قادة دول العدوان ومرتزقتها أمام القضاء الوطني خطوة في المسار الصحيح، وتتوافق مع قواعد القانون الدولي ومحكمة روما.
وبيّن المحامون وأساتذة القانون الجنائي والدولي، أن للقضاء الوطني في الدولة الواقعة فيها جرائم حرب حق السير في إجراءات محاكمة مرتكبيها بشرط القدرة وتطبيق الإجراءات القانونية بشكل سليم، وستكون لأحكامها حجية أمام القضاء الدولي ولا يمكن حتى استئنافها.