[12/ اغسطس/2020]
صنعاء – سبأ : استطلاع / سوسن الجوفي
تسود أجواء التوتر والقلق لدى طلاب الثانوية العامة، مع اقتراب موعد الاختبارات الفاصلة والحاسمة لمستقبلهم التعليمي الجامعي، ويغرق الطالب مع أسرته في هموم وعدداً من التساؤلات، تبدأ بنوع الأسئلة الموضوعية، التي تم اعتمادها من وزارة التربية والتعليم هذا العام، مرورا بطريقة التصحيح، وانتهاء بالدرجات التي تحدد مسار ومستوى الطالب العلمي والمهني، ومن سرد الإجابة وشرحها وتفريغها، الى اختزال السابق كله في التضليل والاختيار من متعدد وهو الأحدث والأسرع والأفضل كما وصفه التربويين.
سطور(سبأ نت) تعرفت على طبيعة حوسبة الاختبارات من وجهة رأي القطاع التربوي والتعليمي وتساءلت عن كيفية تقبل الطالب للطريقة بشجاعة دون تخوف ومدى قناعة الآباء بعدم إجحاف الأسئلة لحق ابناءهم التعليمي.
ماهية حوسبة الاختبارات
تصفحت نجلاء “ربة بيت ” الإنترنت بمهارة عالية، وانكبت على الشبكة العنكبوتية؛ للبحث عن افضل الطرق وأسهلها لإعداد طالب الثانوية واجتيازه الاختبارات بطريقة آمنة وفتحت مئات الصفحات التي تشمل نصائح للأم والطالب وكيفية تخفيف مشاعر التوتر والقلق ، تقول نجلاء:” إن ابنتها تقدم على اختبار الثانوية العامة بنوع من الاطمئنان والثقة لكنها تتخوف قليلا من التسرع في اختيار الإجابة الصحيحة خاصة وان إجابتها مقتصرة فقط على تحديد الإجابة وليس كتابتها”.
فيما يؤكد علي عبد الواحد الجوفي طالب القسم العلمي أن ما يثير القلق والتوتر هو عدم إكمال المنهج الدراسي بسبب توقيف الدراسة بعد ظهور فيروس كورونا وتأجيل الاختبارات بعد انتشار الكثير من الشائعات بأن الاحتمال الأكبر هو إلغائها إضافة الى المحذوف الذي تم إنزاله من الوزارة والذي لا يتناسب مع وضع الطالب على حد تعبيره وكذلك قرار الاختبارات الموضوعية والتي كان من المفترض البدء بها من العام المقبل وليس خلال هذه الفترة.
الاستاذ نوفل عبدالنور العبسي رئيس قسم التوجيه التربوي بمديرية الوحدة يقول عن الأسئلة الموضوعية ” حقيقة ان طريقة الاختبارات الجديدة او ما يطلق عليها بحوسبة الاختبارات والتي تأتي في إطار التحديث والتطوير لعمليتي التعليم والتقييم فإنها تؤكد بمدى جدية توجه وزارة التربية والتعليم لقيادة هذا التحديث بكل حنكة واقتدار.. رغم الظروف الصعبة وخاصة مع استمرار العدوان والذي استهدف البنية التحتية بتعمد واضح ودمر الكثير من المدارس إلا ان الارادة الوطنية القوية لدى وزارة التربية لم تغفل عنها الجانب التطويري للعملية التعليمية برمتها لذلك اتت حوسبة الاختبارات لهذا العام الدراسي كنتاج لعملية إصلاح عميقة وتدريجية للعملية التعليمية ، فحقيقة آلية الاختبارات القديمة كانت تشوبها الكثير من العيوب الى جانب تكلفتها المادية الكبيرة .. وايضا تركيزها على قياس ادنى مستويات المجال المعرفي لذلك أتى نظام الأتمتة او التصحيح الآلي والذي تعد الاختبارات الموضوعية هي الأكثر توافقا ومناسبة لهذا التطوير الذي تشهده أنظمة القياس والتقويم لأول مره في بلادنا ، لذا ستكون الاختبارات موضوعية بنوعين من الأسئلة وهي أسئلة الصح والخطأ والاختيار من متعدد وبإجمالي خمسون فقرة على الطالب التضليل على الاجابة الصحيحة وخلال وقت زمني اريحي ومناسب محدد بثلاث ساعات”.
ام مرام طالبة الثانوية القسم الأدبي تدعم الطريقة الحديثة التي تلخص مذاكرة الطالب في عدد من الاختيارات وتساعده على استرجاع وتحديد ما تم دراسته ، وتقول ام مرام ، العالم اصبح يطبق هذه الطريقة التي تتماشى مع العملية التعليمية مؤخرا ولا تقتصر فقط على المدراس بل في الجامعات والمعاهد العالمية جميعها تنتهج هذا الأسلوب الحديث.
وافقتها الرأي لميس عبدالواحد ، وكيلة مدرسة أزهار العلا ، بقولها ” الطريقة حديثة وتكلفتها المالية أقل وأسهل وأسرع عند إعلان النتائج وإن كان القسم العلمي برأيها الشخصي يحتاج لفرصة أوسع قليلا لكتابة الإجابة وشرحها ” ومع ذلك تنهي قولها بأنها مسألة تعود بالنسبة للطالب .
استاذة مادة التربية الاسلامية بمدرسة الشهيد الزبيري ، هناء محمد ، لا ترى ان الطالب سيواجه صعوبة كبيرة في طريقة الاسئلة الموضوعية خاصة وانها تعتمد على استحضار المعلومة وعرضها وما على الطالب سوى التركيز واسترجاع ما تم استذكاره، وترجع الاستاذة هناء اهمية الطريقة الحديثة الى انها تعود الطالب على النباهة وسرعة الاختيار في استرجاع المعلومة.
إنهاء ظاهرة الغش
أوضحت مديرة مدرسة رابعة العدوية الأستاذة أفراح العتمي بأن هناك تجاوب كبير من الطالبات وأولياء الأمور بعد الاختبار التجريبي في نصف العام للأسئلة الموضوعية والتي توفر الكثير من الوقت من خلال كتابة الاجابة واستبدالها بالتضليل وكذلك وجود صورة الطالبة ورقم جلوسها في ورقة الاجابة وورقة الاسئلة مما يساعد الملاحظ بتوزيعها بسهولة وبوقت قصير.
وأضافت العتمي ان هذه الطريقة الحديثة مرتبة جدا لأن تعدد النماذج يمنع ظاهرة الغش فكل نموذج يختلف عن الاخر.
لم يكن يعلم رائد وخالد ومأمون طلاب الشهادة الأساسية أن النماذج ستختلف على مستوى اللجنة ومركز الاختبار فاعتقد الجميع ان وسيلة الغش سهلة ومبسطة وستمنح كرات التضليل كما اسماها خالد فرصة اختلاس النظر للكرات الصحيحة من زميل الموقع في اللجنة لكن خالد ورائد ومأمون سيغضون البصر جميعا لان نموذج اسئلتهم ستختلف كليا عن زملائهم إضافة الى اجراءات التباعد الاحترازية الخاصة بفيروس كورونا التي سيتم تنظيم اللجان على أساسها .
أجواء مرعبة
أوراق مبعثرة هنا وهناك وقصاصات ورق عليها عددا من التعريفات والرسومات البيانية معلقة في كل زاوية من زوايا الغرفة وبقايا أدعية للاستذكار واسترجاع المعلومات محشورة وسط تلك الملازم والكتب وملخصات الدراسة حالة من الفوضى والارتباك تجتاح طالب الثانوية العامة قبل سويعات الاختبار وهذه مجتمعة يمكن تلخيصها بمشاعر الخوف والقلق والتوتر.
وترى الدراسات النفسية ان اسباب الخوف في هذه المرحلة تتعدد رغم ان معظم الطلاب يبدأ التحضير للاختبار في مرحلة مبكرة إلا ان الضغوطات المرافقة لها دائما تكون سببا لحصول هذه المخاوف وكثير من الطلاب يشككون بقدراتهم ويشعرون بأنهم لم يكونوا جاهزين لخوض معركة الاختبار بالشكل الكافي لذا يتولد لديهم شعور القلق وشكوك الفشل وعدم النجاح .
لا يعير رضوان الحريبي اي اهتمام لما سيواجه أبنه عزام طالب القسم العلمي خلال الأيام القادمة في قاعة الاختبار لأنه يرى ان هناك تهويل كبير من قبل الآباء تجاه الاختبارات خلال السنوات الأخيرة التي يعكف الطالب على استذكار دروسه فيما تعكف الأسرة على خلق اجواء رعب وقلق لا تزيد الطالب إلا توتر وإخفاق في حصيلته الدراسية.
ويدلل الحريبي على ذلك بقوله:” إن الطالب المجتهد يظل مستواه عالي في كل المراحل الدراسية التي لا يعطيها الأهل اهتمام مبالغ فيه ويتراجع تحصيله العلمي في السنة التي يكثفون الضغط والتعليمات والنصائح فيها وكذا التهديد والوعيد فيؤثر ذلك على نفسية الطالب”؛ لذلك يعطي عزام النصائح العامة الخاصة بكل سنة دراسية و المستوى الذي يتوقعه رضوان لأبنه هذا العام لن يقل عن الجيد جدا والتي يحصدها في كل المراحل التعليمية.
غيداء طالبة مجتهدة في دروسها لكن تفكيرها منصب في كيفية الاختبار وطريقته الجديدة التي ترى انها ستضيع جهد الطالب وتمثل ضغط لنفسيته ،ولا ترى غيداء ان التوقيت كان مناسباً لمثل هذا النظام الجديد الذي كان يحتاج لوقت وجهد من الوزارة في طرحه على الطلاب وتمكينهم من استيعاب الفكرة ، وترى غيداء ان كثير من الطلاب والطالبات معجبين بالفكرة لأنها الاسهل والأسرع لكنهم يجهلون انها ضياع في حالة عدم التركيز.
الوزارة وتفعيل التظلم من المنزل
نوه وكيل قطاع المناهج والتوجيه نائب رئيس اللجنة العليا للاختبارات ، احمد حسين النونو، لسطور سبأنت ، ان الاسئلة الموضوعية في إطار حوسبة العملية الاختبارية يحقق الشمولية والإنصاف بما يساعد كل طالب الحصول على استحقاقه الفعلي دون أي انتقاص، وان عملية التصحيح لا تتأثر بذاتية المصحح او بالظروف المحيطة او كما كان في تصحيح الاختبارات المقالية .
واكد النونو لأولياء امور الطلاب والطالبات انه بعد انتهاء عملية الاختبارات وإعلان النتائج يستطيع كل ولي أمر من خلال تطبيق ” اندرويد” والذي سيتم تفعيله لاحقا بنظام التظلمات ، يسمح لولي الأمر وهو في منزله من استعراض اجابات الطالب على مستوى المادة والتحقق من صحة الاستحقاق الذي حصل عليه الطالب وذلك ما يؤكد ان كل طالب سيحصل على الدرجة المستحقة له .
لكن الاستاذ نوفل العبسي يرى ان النظام السابق لطريقة الاسئلة القائمة على الحفظ والتذكر كانت من اكبر العيوب التي تشوب نظام القياس والتقويم .. كونها تتعامل مع الطالب على التعبئة الآلية للمعلومات وحفظها ومن ثم اسقاطها في دفتر الاجابة وتلغى سمو التفكير والإبداع لدى طلابنا لذا اتت الطريقة الجديدة كجزء لحل هذه الاشكالية كون طريقة التصحيح الآلي تتيح لواضعي الأسئلة شمولية التغطية للمقرر الدراسي وتنويعها لتقيس المستويات المعرفية العليا كالتطبيق والتحليل والتركيب والتقويم ، مع العلم ان مسألة اعطاء الطالب مساحة للتفريغ الابداعي ستظل قائمة في مادة اللغة العربية من خلال مجال التعبير وأيضا في مجال الحفظ لمادة القران.
مدير مدرسة العلوم والتقنية الأستاذ عادل الزريقي يعتبر ان الاختبارات الموضوعية لها مميزات وعيوب ولكن هناك تخوف من الطلاب وأولياء الأمور لأن معظم الطلاب لم يتدربوا عليها وما زاد الطلاب خوفا عدم اكمال المنهج وإدخال اسئلة من ما تم اخذه بواسطة التعلم عن بعد بعكس الطريقة القديمة فيها مرونة في ان يترك الطالب سؤالين ويتم الإجابة عن أربعة.
ويرى المدير الزريقي ان الاسئلة الموضوعية كانت مطروحة من قبل فترة لكن الظروف حالت دون تدريب الطلاب بشكل كافي ، وألمح انها طريقة مطبقة في معظم البلدان ولكن في نظره يرى ان القسم العلمي محتاج لمساحة أكبر لطرح ما عنده من معلومات .
يتسأل عبدالله الحاشدي والد لطالبتي الشهادة الاساسية والثانوية سلوى وسارة عن مصير الطلاب في ظل التصحيح الإلكتروني ومدى حفظه لحقوق الطالب ليجيب عن التساؤل الاستاذ العبسي بقوله ” ان العالم اصبح يستفيد من كل الادوات والأجهزة والتطبيقات الحديثة ومنها الحاسوب الذي يوفر الجهد والوقت في انجاز الأعمال لذلك اطمئن كل اولياء الامور والطلاب بأن التصحيح الآلي يحفظ حقوق ابنائهم نظرا لقلة نسبة الخطأ وضالتها وهذا يضمن الموضوعية والعدالة باعتماد نظام التصحيح الآلي .. الطريقة توفر الجهد والوقت وسرعة الاعلان للنتائج خلال فترة وجيزة.
أحلام ومخاوف
دونت سطور(سبأ نت) مخاوف طالب ترتبط اختياراته للإجابة في قاعة الاختبار باختيار مستقبله التعليمي الجامعي ومن ثم المهني.. وعندما يظل الخوف والارتباك والتردد فريسة تلتهم حصيلة الطالب الدراسية يؤكد التربويون والنفسيون ان الهدوء والتركيز والتأني وعدم الاستعجال هو طوق النجاة لكل طالب وطالبة لمن هم في طابور انتظار الأحلام الأكثر بعدا .