عبد العزيز الحزي
عواصم-سبأ:
أطلقت الأمم المتحدة مطلع الأسبوع الماضي تحذيرات من ارتفاع نسب العنف الأسري والمنزلي خلال فترة الحجر المنزلي بسبب انتشار فيروس كورونا في العالم ،بينما تنسحب الدول العربية بشكل خاص أيضا الى ازدياد العنف ضد النساء والأطفال خلال الحجر حسبما تشير الوقائع.
وقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الأحد الماضي (الخامس من أبريل 2020) الى حماية النساء والفتيات “في المنازل”، في الوقت الذي يتفاقم فيه العنف المنزلي والأسري خلال فترة الحجر الصحي الناجمة عن فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).
وقال غوتيريش في بيانه الذي تم ترجمته إلى عدة لغات، إن “العنف لا يقتصر على ساحات المعارك”، مذكّرًا بندائه الأخير إلى وقف لإطلاق النار في مختلف أنحاء العالم للمساعدة في الحد من تفشي فيروس كورونا.
وعلى مدى الأسابيع الماضية، ومع تزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية وتنامي المخاوف، شهد العالم طفرة عالمية مروّعة في العنف المنزلي حيث تضاعف في بعض البلدان، عدد النساء اللاتي يطلبن المساعدة و النجدة بسبب العنف الأسري. وفي الوقت نفسه، فإن” أجهزة الرعاية الصحية والشرطة تنوء تحت الضغوط الحالية وتعاني من نقص في الموظفين. كما أن مجموعات الدعم المحلية مشلولة القدرات أو تفتقر إلى الأموال. وأَغلقت بعض ملاجئ العنف المنزلي أبوابها؛ وامتلأ بعضها الآخر”يضيف بيان الأمين العام للأمم المتحدة.
ارتفاع العنف المنزلي في دول عربية
وتشير تقارير صحفية عدة الى ارتفاع وتيرة العنف المنزلي خلال الحجر الصحي الناجمة عن الفيروس في الدول العربية.
ففي تونس، تضاعف معدل العنف ضد النساء خمس مرات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بسبب الحجر المنزلي. من هنا، خصصت السلطات أماكن عزل صحي خاصة للنساء اللواتي تعرضن بشكل أو آخر إلى التعنيف المنزلي. من ناحية أخرى، دعا كثر إلى التضامن بين سكان المباني عند سماع أصوات تشي بالعنف، مع التدخل لإيقاف ما يحدث والاتصال بالشرطة.
وصرحت وزيرة شؤون المرأة والأسرة والأطفال وكبار السن التونسية، أسماء السحيري، وفقا لوكالة سبوتنك،أن المخاطر على المرأة تزداد في ظل ظروف الحجر الصحي، موضحة أنها تتحدث عن العنف ضد المرأة الذي ازدادت حوادثه إلى خمسة أضعاف في الفترة الأخيرة، حسب تعبيرها.
وقالت الوزيرة والمتحدثة الرسمية باسم الحكومة: “نلاحظ زيادة في عدد حوادث العنف ضد المرأة، منذ بدء فرض الحجر الصحي في 23 مارس ونتلقى المعلومات عن هذه الحوادث عبر الخط الساخن للوزارة رقم 1899، المتاح على مدار 24 ساعة كل أيام الأسبوع، وزاد عدد الحوادث من 23 إلى 30 مارس، خمسة أضعاف (50 حالة) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي”.
وفي مصر، تشير تقارير صحفية الى أن الفتيات يتشاركن حالة من الغربة والوحدة والخوف من العنف الأسري خلال فترة الحجر الصحي المفروض بسبب كورونا كما يتشاركن حالة التأهب والمواجهة، للحفاظ على حريتهن.
كذلك شهدت عدة دول بعربية ارتفاع معدلات العنف المنزلي خلال الحج الصحي المفروض بسبب كورونا بينها السعودية والمغرب وفلسطين وغيرها من الدول بحسب التقارير.
وتقول التقارير أن قرار دول عدة حول العالم بحظر التجول لمنع انتشار كورونا، وضع آلاف النساء والأطفال أمام احتمالية تزايد العنف المنزلي الواقع عليهم، فيما توقع خبراء ظهور حالات جديدة من العنف الأسري، إذ سجلت الصين ارتفاعاً في عدد حالات العنف وصل في بعض الأماكن إلى ثلاثة أضعاف المعدل السابق، وذلك بعد أسابيع فقط من إجراءات العزل الصارمة.
وأظهرت أحدث التقارير زيادة العنف ضد المرأة بنسبة 30 بالمائة في المتوسط في أوروبا ، فعرفت فرنسا ارتفاعًا بنسبة 30 بالمائة ، وفي الأرجنتين 25 بالمائة وسنغافورة 35 بالمائة.
وشهدت إيطاليا ايضا تراجعا كبيرا في البلاغات الرسمية عن العنف الأسري في ظل اجراءات العزل العام بسبب تفشي فيروس كورونا. وفي إسبانيا حيث قالت الشرطة إنها شهدت تراجعا في الاتصالات من أجل الحصول على مساعدة . فأطلقت السلطات خدمة واتساب للنساء المحصورات في المنازل والتي قالت وزارة المساواة إنها شهدت زيادة بنسبة 270 في المئة في الحصول على مشورة منذ بدء إجراءات العزل العام.
وعبرت الكثير من النساء في العالم عن تخوفهن من إعلان حظر التجول ، والذي يعني اضطرارهن للبقاء في المنزل، بعيداً عن العمل، وأمام أزاوجهن بصورة دائمة وتخوفهن من تعرضهن للضرب والإهانة.
ويعتقد أخصائيون اجتماعيون أن تواجد أفراد الأسرة على مساحة مغلقة ولفترات طويلة قد يساعد في “توتر العلاقات” العائلية، وأن التقارب المكاني الحالي بين أفراد الأسرة يؤدي إلى تماس مباشر بينهم، والذي قد يؤدي إلى ضغط نفسي، ربما سيتحول إلى “عنف جسدي ضد المرأة والطفل”.
وينصح الأخصائيون النساء بالاحتفاظ بوثائقهن الرسمية، مثل الهوية الشخصية والتأمين الصحي، بالإضافة إلى الأرقام الخاصة بالطوارئ في مكان قريب منهن، والتواصل مع أشخاص تثق بقدرتهم على تقديم المساعدة حين الحاجة، وتشير إلى أن توزيع المهام المنزلية على الأشخاص داخل الأسرة قد يساعد في الحد من تفاقم المشاكل الأسرية والضغوط النفسية، مؤكدة أن على النساء اللواتي يتابعن مع مؤسسات تعنى في قضايا العنف، الاستمرار بالتواصل مع الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين في حال تعرضهن لأي عنف أو ضائقة.
وكانت منظمة الصحة العالمية، طالبت، قبل أيام، بإجراءات للحد من “العنف الأسري” نتيجة البقاء في المنازل، على خلفية انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبريسوس، الجمعة، في مؤتمر صحفي، إن المنظمة تلقت تقارير من عدة دول وحكومات تؤكد تزايد حالات “العنف الأسري” مع استمرار بقاء جميع الأشخاص في المنازل منذ تفشي فيروس كورونا، معربًا عن حزنه لتلك التقارير.
وأضاف غبريسوس، “مع مطالبة الناس بالبقاء في منازلهم، من المرجح أن يزداد خطر العنف الأسري”، وأنه على الدول تضمين خدمات لمعالجة العنف الأسري، ضمن إجراءات مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد.
من جانبها، أشادت عقيلة رادا كريشنان، رئيسة مركز العدل الدولي، بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة لإنهاء العنف ضد المرأة، والذي أصبح أحد الآثار الرئيسية لأزمة وباء فيروس كورونا المستجد.
وأضافت “مثل دعوته لوقف إطلاق نار عالمي، يشير نداء اليوم إلى أن حالات العنف والأزمات تؤدي إلى تفاقم التفاوتات في المجتمع، وتؤكد على ضرورة التركيز على الأشخاص الأكثر تأثرًا في الاستجابات”، لكنها أشارت إلى أن هناك نقص في مراعاة حقوق المرأة والانسان بشكل عام، في إطار إجراءات مواجهة انتشار فيروس كورونا.
ويؤكد الخبراء في الولايات المتحدة، أن من يعانون من العنف المنزلي لديهم موارد مهمة لمساعدتهم ودعمهم، وأن هناك الكثير من المتطوعين حول البلاد ينتظرون تلقي مكالمة أو رسالة إلكترونية لتلبية النداء.
وفي آسيا مرورا بأوروبا وإفريقيا حتى أميركا، ثمة ملايين الأشخاص أجبروا على البقاء في منازلهم بسبب فيروس كورونا.
وقالت نائبة المدير التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، أنيتا بهاتيا، في تصريحات لتايم نيوز إن “التقنية ذاتها التي نستخدمها لحماية الناس من الفيروس يمكن أن تؤثر سلبا على ضحايا العنف المنزلي”.
وأضافت أنه “في حين أننا ندعم تماما الحاجة إلى اتباع هذه التدابير للابتعاد والعزل الاجتماعي، إلا أننا ندرك أيضا أنها توفر فرصة للمعتدين لإطلاق العنان لمزيد من العنف”.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن واحدة من بين كل ثلاث نساء في العالم تتعرض للعنف في حياتها، ما يجعله من أكثر أشكال العنف انتشارا وأقل انتهاكات حقوق الإنسان المبلغ عنها.
وتضاعف في الصين، عدد حالات العنف المنزلي المبلغ عنها للشرطة المحلية ثلاث مرات في فبراير مقارنة بالعام الماضي، بحسب ما أورده موقع أكسيوس الأمريكي نقلا عن ناشطين صينيين يرجعون ذلك للإغلاق القسري الذي فرضته السلطات.
وبحسب المسؤولة الأممية بهاتيا، فإن النساء “في أفضل الظروف، يواجهن بالفعل صعوبة في الحصول على آذان تستمع إليهن”، فما بالك بالظروف الاستثنائية الراهنة؟