[24/ مارس/2020]
صنعاء – سبأ :
استطلاع/ سوسن الجوفي
أفرزت القرارات التي أصدرتها اللجنة الوزارية العليا لمكافحة الأوبئة المتعلقة بالإجراءات الاحترازية تجاه فيروس كورونا حربا إستباقية في معركة مكافحة الفيروس التي تؤكد كل المصادر الرسمية في الجمهورية اليمنية خلو البلاد من أي حالة إصابة.
وابتداء بتوجيهات لجنة مكافحة الأوبئة بتعليق الدراسة وإغلاق المنافذ مرورا بإلغاء المناسبات والفعاليات وانتهاء بالحد من التجمعات والالتزام في المنازل والخروج للضرورة رصدت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) تحركات الشارع تجاه معركة ضد وباء اجتاح العالم ويتجاهل نتائجها بعض المستهترين ممن يرون أن الحذر الزائد أمر مبالغ فيه.
العطس المرعب
ازدحمت قائمة الشراء لدى عصام بمواد غذائية لمواجهة أي مستجدات لفيروس كورونا وتكدست القائمة بكل أنواع المعلبات والمعقمات والمنظفات، ليطمأن صاحب البقالة عادل زبونه أن وزارة الصناعة توفر من المواد الغذائية الأساسية ما يكفي لنصف عام من الآن وحذر زبونه من التخفيف في الطواف في البقالات والحذر من الفيروس ليس بالشراء وإنما بعدم اللمس والأختلاط والتجمع والنقود المتداولة والبقاء في المنزل والخروج للضرورة القصوى.
تاجر البيع بالجملة “عبدالكريم” يقول ارتفع الطلب على المواد الغذائية والمنظفات والمعقمات بعد إصدار لجنة مكافحة الأوبئة قراراتها وأن نسبة البيع في محله ارتفعت أضعاف مضاعفة، ويرى عبدالكريم أن هناك مبالغة عند البعض في مسألة الشراء وتناسي إجراءات وقائية هي الأهم، مثل البقاء في الإزدحام وعدم الالتزام بالتوجيهات والاستهتار بالإرشادات الصحية لتجنب الإصابة.
في مجلس نسائي بسيط اختلف كثير منهن في ما هو مهم والأهم، ترى أم جميل أن الأهم هو توفير المعقمات والمطهرات ومجموعة لا بأس بها من الصابون لمكافحة الفيروس، في حين تؤكد أم سلوى أن المواد الغذائية هي الأهم في حين التزم الجميع البيت فلن يحتاجوا سوى الأكل والشرب فقط.
ويبقى رأي مدرسة التاريخ منال هو الأكثر اختلافا التي ترى أن الأعشاب والمواد الطبيعية التي تم الإعلان عنها في مواقع التواصل الإجتماعي هي الأكثر أهمية وأن شراءها وغليها وشربها سيدفع بكورنا خارج المنزل دون رجعه !!.
تتوسط صيدلية عبدالرحمن أحد الشوارع الحيوية في أمانة العاصمة واكتظت الصيدلية بطالبي الكمامات والمعقمات بكافة أنواعها وأحجامها وأنواع الصابون المعقم ضد البكتيريا والجراثيم وكثيرا من الأطفال الذين يصرون على شراء الكمامات وارتداءها مواكبة للأحداث واقتداء بالكبار.
يقول عبدالرحمن انه يبيع أكثر من ستة باكتات من الكمامات في اليوم الواحد واغلب طالبيها هم من الأطفال وبالنسبة للمعقمات الذي يبدأ سعرها من 300 ريال ويرتفع السعر تدريجيا بارتفاع السعة والحجم فهي تأتي في الدرجة الثالثة في الشراء بعد أنواع الصابون التي يتهافت الزبائن على شراءها.
ويسرد عبدالرحمن موقفا طريفا لزبون جاء يطلب مجموعة من الكمامات وهو يعاني من زكام شديد وما أن عطس ووضع يده على فمه ولم يكد يعطس للمرة الثانية حتى تفرق جميع من كان في الصيدلية وهم الجميع بالخروج من بابي الصيدلية بمدافعة ملفتة.
وباء كورونا الذي وصفه مسؤول الصحة العالمية بأنه عدو الإنسانية وطغت أرقامه وأخباره على جميع الوكالات والمواقع الإخبارية في الإرتفاع والهبوط وعن اللقاحات والأمصال التي تم اختبارها في المراكز الصحية العالمية، تجده أم غسان فيروس بسيط يحتاج بعضا من الإحترازات الوقائية وأهمها الكمامات التي قامت بصنعها في المنزل وبيعها لكثير من جيرانها والأطفال بفارق خمسين ريال عن سعر الصيدلية.
وقد تفننت أم غسان في عرض كماماتها وخياطتها للكبار والصغار حيث رسمت بعض القلوب عليها حتى يرغب الأطفال في ارتداءها ويمكن غسلها واستخدامها لعدة مرات وحتى اللحظة وهي تستثمر الوقت في مشروعها البسيط الذي ترى أن التوقيت أنتج الفكرة وهو الذي سيوقفها.
حجر سينمائي
اشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي بكثير من الشائعات التي أعطت لفيروس كورونا صفة الحضور في الشارع اليمني وأثارت تلك الشائعات والرسائل المتداولة كثيرا من القلق والخوف ووصل إلى حد الرعب عند أم محمد، التي ترى أن ضعف النظام الصحي وعدم توفر الوسائل اللازمة لمكافحة الفيروس ستقضي على أطفالها الأربعة وأن كورونا بالنسبة لها ولعائلتها سيكون نهاية العالم.
وعلى العكس من ذلك يؤكد الأصدقاء شهاب وعلي ووليد أن الله هو الحافظ والحامي وأن التعليمات والإرشادات التي تداولتها كثير من مواقع شبكة الإنترنت تفي بالغرض إلى جانب الالتزام بالقرارات الحكومية التي يرى وليد أن تطبيقها من قبل الجميع سيجنب التعرض لا سمح الله لأي مكروه.
محل أكرم للبرمجيات وتحميل الأفلام والمسلسلات لم يكن أقل حظاً من محال المواد الغذائية والصيدليات فقد تهافت الكثير للمحل لتحميل المسلسلات والأفلام وحلقات الأطفال المنوعة.
تقول سهام طالبة جامعية بعد سماع أبي لقرارات اللجنة الوزارية العليا لمكافحة الأوبئة، أمر الجميع البقاء في المنزل وتتسأل سهام عن كيفية إبقاء سبعة أطفال في سن متقاربة 24 ساعة في المنزل ولعدد من الأيام، إذ زادت الأمور سوء، فاضطرت للخروج وتحميل الكثير من الأفلام والمسلسلات الكرتونية التي قد تقيد حركة أبناء إخوتها ويصبح حجراً سينمائيا يرضي الكبار والصغار.
صاحب المحل أكرم الذي وزع العمل بينه وبين عددا من أصدقائه استعان بهم لتلبية طلبات الزبائن التي تضاعفت في اليومين الأخيرين عشرة أضعاف ما كان يبيعه في أسبوع كامل.
وأشار إلى أن زبائنه من الشباب والأطفال وحتى كبار السن الذين نادرا ما يرتادون المحل، جاءوا بهواتفهم المحمولة لتحميل ما يرغبون في مشاهدته أو سماعه.
بعد مغادرة محل أكرم لفت الجميع مشادة كلامية في إحدى الجولات بالعاصمة وصلت لمد الأيدي بين مجموعة ممن افترشوا تلك الجولة لطلب العون والمساعدة ليتضح أن إحداهن تعاني من نزلة البرد والبقية ترفض وجودها.
خارطة الموت
أثارت خارطة انتشار فيروس كورونا بعد إعلان منظمة الصحة العالمية بأنه “وباء عالمي” وإحصاء الوفيات التي تجاوزت عشرات الآلاف وإصابة مئات الآلاف، رعب وذهول العالم في الزيادة المتسارعة لتفشي الوباء وتسجيل الحالات بنظام الساعة ليصبح كابوس يهدد الدول التي تسمى نفسها بالعظمى وشبح يقض مضاجع الدول ذات الإمكانيات المحدودة، ناهيك عن وطن يواجه عدوان وحصار منذ خمسة أعوام، أنهكته الحرب والأمراض والجائحات وعزاءه الوحيد أن النصر والعون والتأييد هو من عند الله.