[18/ مارس/2020]
صنعاء-سبأ:
عبدالعزيز الحزي
يدخل العدوان الذي تقوده السعودية على اليمن بعد ايام قلائل عامه السادس في ظل تطورات وأحداث مستمرة عسكرية وإنسانية أدت إلى أسوأ كارثة إنسانية في العالم حسب توصيف منظمات دولية عديدة، فيما يتجاهل العالم طوال السنوات الخمس هذا العدوان ويغض الطرف عن ما يحدث في البلاد.
وبالرغم من حجم الكارثة الإنسانية المهولة التي يشهدها اليمن منذ بدء العدوان في الـ 26 من مارس 2015م من حصار جائر بري وبحري وجوي ، ومجاعة وأمراض مزمنة وندرة الخدمات الصحية التي تسبب فيها الحصار المفروض من قبل تحالف العدوان بقيادة السعودية والإمارات إلّا أن المجتمع الدولي يقف عاجزا ويتحرك ببطء شديد لإيجاد حلٍ ينهي معاناة العشب اليمني .
فمنذ مارس 2015 وحتى اللحظة تسبّب العدوان على اليمن بمقتل وإصابة آلاف المدنيين اليمنيين. حتى نوفمبر 2018، قُتل 6,872 مدنيا وجُرح 10,768 شخصا، أغلبهم بسبب الغارات الجوية لتحالف العدوان بقيادة السعودية، وفقا لـ “مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان”.كما تسبب العدوان في نزوح آلاف آخرون ، ويعاني ملايين من نقص الغذاء والرعاية الطبية ، حسب الأمم المتحدة
لكن آخر الاحصائيات الرسمية لوزارة الصحة تكشف أن الأرقام الفعلية لأجمالي القتلى والجرحى في صفوف المدنيين الذين وصلوا الى المستشفيات أكبر بكثير مما ذكر ووصل اجمالي القتلى والجرحى الى 40379 منهم 12632 شهيد و 27756 جريح.
وستظل المواقف الداعمة للعدوان على اليمن رهينة وحبيسة المصالح الضيقة والآنية لتلك الدول والهيئات.
مجلس الأمن
لقد ظل المجتمع الدولي والعالم طوال السنوات الخمس يتجاهل العدوان على اليمن ، واقتصر عمل مجلس الأمن الدولي في السنوات الأخيرة على إحاطات يستمع اليها من المبعوث الدولي الخاص لليمن مارتن غريفيثس بشأن الاوضاع في اليمن،وسابقا -مع الأسف- تبنى مواقف السعودية وأعتبر الفار هادي يمثل الشرعية .
الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي
للأسف لاقى العدوان على اليمن تأييدا من جامعة الدول العربية حيث زعم أمينها العام في 26 مارس 2015، أن العدوان أو ما يسمى بـ “عاصفة الحزم” تستند إلى معاهدة الدفاع العربي المشترك، وﺇﻟﻰ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﻭﻣﺒﺎﺩﺉ الجامعة .وشدد نبيل العربي على أن الجامعة العربية تؤيد هذه العملية، مبرزا أنها تستند إلى ميثاق جامعة الدول العربية وقراراتها بشأن الأوضاع في اليمن، كما تستند إلى المادة الثانية من معاهدة الدفاع المشترك،وانحازت الجامعة الى الفار هادي معتبرة أنه يمثل الشرعية.
كذلك جاء موقف منظمة المؤتمر الإسلامي التي تتخذ من جدة في السعودية مقرا لها منسجما مع موقف الجامعة العربية التي تسيطر عليها دول الخليج ومصر.
الغرب
اولا :الولايات المتحدة
تبقى الولايات المتحدة الأمريكية هي الداعم الأكبر للعدوان على اليمن منذ بدءه في مارس 2015 سواء على المستويين السياسي والعسكري فالحرب الجائرة على اليمن اعُلنت من واشنطن على مراء ومسمع من العالم اجمع.
وبحسب تصريحات المسئولين الأمريكيين لوكالتا رويترز واسوشييتد برس بأن الولايات المتحدة تزود الطائرات المقاتلة السعودية بالوقود الجوي ، بالإضافة الى أن وزارة الدفاع السعودية سبق وإن أعلنت أن فرق البحث والإنقاذ الأمريكية على متن طائرة هليكوبتر من طراز “إتش إتش – 60″ التي أقلعت من قاعدة في “جيبوتي” أنقذت طيارين سعوديين في خليج عدن… ناههيك عن تزويد تحالف العدوان بمختلف الأسلحة في منذ بداية الحرب الدائرة في اليمن وحتى اللحظة.
إعلان العدوان الأمريكي السعودي الصهيوني من واشنطن، کشف في حينها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في اول خطاب له بعد العدوان ان هذا العدوان هو أمريكي صهيوني وما النظام السعودي وحلفائه سوى أدوات لتنفيذ مخططات “أمريكا وإسرائيل” التدميرية للمنطقة ، لا سيما وانهما لديهم مطامع في اليمن بموقعه الجغرافي الاستراتيجي.
ثانيا: فرنسا
تعد فرنسا شريكاً أساسياً للسعودية منذ بداية العدوان على اليمن حيث تم تسليمها طائرة من طراز إيرباص إم آر تي تي (طائرة تزود بالوقود في الجو) وهي من أصل أسطول مكون من ست طائرة تم استعمال اثنتين منهما في أبريل 2016 في العدوان .
ومن خلال عدة مواقف وتحركات برهنت على دعم الفرنسيين للسعودية في عدوانها على اليمن،اولا أعلنت باريس دعمها لهادي، وثانياً التحركات الدبلوماسية لوزير الخارجية السابق لوران فابيوس الذي زار الرياض مؤكداً وقوف فرنسا بجوار حليفتها السعودية. وكذلك توقيع السعودية على صفقات اقتصادية وعسكرية بقيمة 12 مليار دولار كمكأفاة تجارية للدعم الفرنسي لها.
وارتفعت مبيعات فرنسا من الأسلحة في الشرق الأوسط في عهد الرئيس الفرنسي أولاند لتصل إلى 38% بزيادة قدرها 8% عن فترة ساركوزي، فضلاً عن تقديم فرنسا دعماً لوجستياً بتحليق طائرات فرنسية للاستطلاع في اليمن بحسب التقارير.
وبحسب منظمة العفو الدولية منحت فرنسا السعودية في عام 2015 رخص تسليح بما يفوق 16 مليار يورو، وحوالي 900 مليون يورو تجهيزات عسكرية.
ثالثا:بريطانيا
تعد بريطانيا ثاني الدول بعد الولايات المتحدة الأمريكية في دعمها للعدوان على اليمن وتصديراً للأسلحة إلى السعودية. فمنذ مارس 2015 تخطت قيمة عقود التسليح والمعدات العسكرية 3,3 مليار جنيه إسترليني.
ونوهت تقارير إلى أن السلاح البريطاني استخدم في الحرب على اليمن في عمليات عسكرية تنتهك القانون الدولي، وذلك بحسب تقارير لمنظمة العفو الدولية، وهيومان رايتس ووتش، ومنظمة أوكسفام، والاتحاد الأوروبي وغيرها من الجهات الدولية والمعارضة البريطانية.
رابعا:ألمانيا
ألمانيا اعتمدت ازدواجية المواقف، تبيع الأسلحة للسعودية كما تمنح المساعدات الإنسانية إلى اليمنيين. وفيما تنتقد ميركل الأوضاع الإنسانية في اليمن وتطالب بحلول سياسية وتقدم مبادرات للسلام وهدنة من الحرب، تتجاهل المستشارة أصوات أحزاب المعارضة التى دعت لوقف تسليح السعودية.
وبلغت صادرات ألمانيا من الأسلحة إلى السعودية في النصف الأول من 2016 حوالى 480 مليون يورو، فيما وافق البرلمان الألمانى في يوليو الماضي على صفقة أسلحة جديدة لكل من مصر والسعودية تتضمن زوراق لخفر السواحل و 110 شاحنات وتجهيزات عسكرية وسط معارضة من أحزاب اليسار والخضر.
الاتحاد الأوروبي
وتباينت ردود فعل الاتحاد الأوروبي على المستوى العام عبر المفوضية الأوروبية التى رأت أن الحل العسكري لن ينهى الأزمة وأن الخيار السياسي هو الأفضل. وعلى المستوى الجزئي؛ إذ اختلفت دول الاتحاد ما بين مؤيد وداعم لموقف السعودية وفي مقدمة تلك الدول فرنسا وبريطانيا، أهم حلفاء السعودية ودول الخليج وألمانيا، التي رأت أن الهجمات تتوافق مع القانون الدولي، وبين دول مالت إلى الحل السياسي وأبرزها إسبانيا وإيطاليا.
ويعقد الخبراء أن من خلال ذلك يتضح عدم وجود موقف موحد للاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي أكدته الخبيرة الألمانية السيدة أنا أوجستين المتخصصة في شئون اليمن بأن “في الحقيقة ليست هناك رؤية لموقف أوروبي واضح إزاء اليمن”.
ويحتل الاتحاد الأوروبي المرتبة الثانية في صادرات الأسلحة في العالم بنسبة 26% زادات صادرات أسلحته إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ما بين عامي 2012 وحتى 2016، وهي نفس الفترة التى زادت نسبة استيراد السعودية من الأسلحة لتصل إلى 144%.
وساهمت الدول الثلاث الكبرى في أوروبا في تسليح تحالف العدوان الذى تقوده السعودية في اليمن.كما لم تلتزم الدول الأوروبية في مبيعاتها للأسلحة بالمعايير الدولية في تصدير السلاح الذي ينتهك حقوق الإنسان ويزيد من الأوضاع مأساوية في اليمن لتبقى الحرب مشتعلة بأسلحة أوروبا وسط تنديدات وخطابات توصيات غير ملزمة يصدرها البرلمان الأوروبي من حين إلى أخر .
وبين كلّ دول الاتحاد ، وحدها ألمانيا أعلنت وقف تصدير أسلحتها إلى الدول المشاركة في العدوان على اليمن.
من هنا يبدو أنه أمام استمرار العدوان على اليمن منذ 2015 لا يظهر جليا أن الحلّ السياسي سيأتي من العواصم الغربية أو العربية التي ساندت العدوان والتي عادة ما تكرّر المواقف المعروفة سلفاً بدعم وتشجيع المخرج السياسي في اليمن لكن مع عدم الرغبة الحقيقية في وقف الحرب المستعرة في اليمن وإنهاء العدوان.