[24/ ديسمبر/2019]
عواصم- سبأ:
أثار إعلان النيابة العامة التابعة للنظام السعودي أمس الإثنين عن تبرئة المسؤولين الحقيقين في قضية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بالقنصلية السعودية في إسطنبول العام الماضي وفي مقدمتهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وأحمد عسيري النائب السابق لرئيس المخابرات السعودية ردود فعل عالمية غاضبة.
ووصفت المقررة الخاصة للأمم المتحدة، المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء، أغنيس كالامار، الأحكام بأنها “مثيرة للسخرية”، وكتبت عبر تويتر: “تم الحكم بإعدام منفذي عملية القتل، لكن العقول المدبرة لم يمسها التحقيق أو المحاكمة، وهذا يتنافى مع العدالة”
وأضافت “قتل خاشقجي كان يتطلب إجراء تحقيق في سلسلة القيادة للتعرف على العقول المدبرة، وكذلك أولئك الذين حرضوا أو سمحوا أو غضوا الطرف عن القتل، مثل ولي العهد (محمد بن سلمان) وهذا لم يتم التحقيق فيه”.
من ناحيتها ،اعتبرت تركيا الأحكام التي أعلنت عنها السعودية بأنها أبعد ما تكون عن تحقيق العدالة، ودعت أنقرة السلطات السعودية إلى التعاون القضائي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، حامي أقصوي، في بيان “الأحكام المعلنة اليوم … بعيدة عن تحقيق توقعات بلادنا والمجتمع الدولي بكشف كل جوانب هذا القتل وتحقيق العدالة”.
وأضاف البيان أن هناك قصورا في العدالة، من مظاهره مصير جثة خاشقجي، وتصميم المحرضين على القتل، وعزم المتعاونين المحليين (إن وجد) على البقاء في الظلام.
وطالب البيان “بكشف كل الحقائق المتعلقة بهذه الجريمة التي وقعت في بلدنا … ويجب تحديد جميع المسؤولين والمحرضين ومعاقبتهم”.
أما منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان فقد أكدت إن المحاكمة، التي جرت سرا، لا تساير المستويات الدولية، وإن السلطات السعودية “عرقلت إجراء مساءلة ذات مغزى”.
وعبر حسابه الموثق على تويتر، علق المدير التنفيذي للمنظمة كينيث روث على إصدار القضاء السعودي الحكم الابتدائي بحق المتهمين بقتل “خاشقجي” مغردا: “من الصعب أن نشعر بالعدالة على جمال خاشقجي بينما لم تبذل محاكمة السعودية للقتلة أي جهد علني لتحديد من أصدر الأمر بقتله”.
وأشار روث إلى أن الحكم على 5 من المتهمين، وفق الحكم الابتدائي، ربما استهدف مزيد من التعتيم على تفاصيل الجريمة عبر إعدام هؤلاء الذين يعرفون الكثير عنها.
فيما حثت الخارجية البريطانية، الرياض على ضمان محاسبة جميع المسؤولين عن جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
وقال وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، في بيان، إن “مقتل خاشقجي جريمة وحشية، وأسرته تستحق أن ترى العدالة تأخذ مجراها .
وأضاف: “يجب على السعودية ضمان محاسبة جميع المسؤولين، وعدم تكرار مثل هذه الجرائم البشعة” .
وتابع: “تدين المملكة المتحدة استخدام عقوبة الإعدام في جميع الظروف باعتبارها مسألة مبدأ”.
بدورها،بينت منظمة العفو الدولية، إنه “لا يمكن أن تتحقق العدالة للصحافي السعودي جمال خاشقجي، إلا بإجراء تحقيق مستقل ونزيه” .
واعتبرت لين معلوف، مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية، الحكم “تسترا على الجريمة، ولا يحقق العدالة لخاشقجي ولا يكشف الحقيقة لأحبائه، نظرا لانعدام الشفافية من قبل السلطات السعودية” .
وأضافت “تم إغلاق المحاكمة، بما في ذلك أمام المراقبين المستقلين، مع عدم توفر معلومات عن كيفية إجراء التحقيق” .
فيما ندد الأمين العام لمنظمة “مراسلون بلا حدود” كريستوف ديلوار، بتبرئة المتهمين الرئيسيين بالقضية، ووصف ذلك بأنه أمر “لا يحترم العدالة الدولية”.
وكان خاشقجي اختفى بعد دخوله إلى قنصلية بلاده في اسطنبول في الثاني من نوفمبر عام 2018 وقالت سلطات النظام السعودي في البداية أنه خرج من القنصلية حياً ثم عادت واعترفت بمقتله خلال “عراك بالأيدي” في القنصلية ثم قالت في رواية ثالثة أنه قتل “خنقاً” فيما قوبلت تلك الروايات بانتقادات وتشكيك كبيرين من عدد كبير من الدول والمنظمات الدولية التي طالبته بإجابات صريحة وواضحة حول هذه الجريمة والمتورطين فيها وبالكشف عن مصير الجثة.
وفي محاولة لإبعاد الشبهات عن المقربين من ابن سلمان برأت النيابة العامة سعود القحطاني المستشار المقرب منه ولم توجه له أي اتهام كما قررت الإفراج عن نائب رئيس الاستخبارات السابق أحمد عسيري في حين قالت إن القنصل السعودي السابق في اسطنبول محمد العتيبي لم يكن في القنصلية وقت عملية القتل وإنه جرى إطلاق سراحه.
وزعمت النيابة العامة في بيانها أن جريمة قتل خاشقجي لم تتم بنية مسبقة كما أنها لم تذكر أسماء الأشخاص الذين حكمت عليهم بالإعدام أو الذين حكمت عليهم بالسجن.
يشار إلى أن النظام السعودي لجأ إلى الإعلان عن محاكمة صورية لـ 11 شخصاً وصفهم بأنهم ضالعون في الجريمة في محاولة تضليلية ولإبعاد الشبهات عن تورط مسؤوليه وطلبت النيابة العامة التابعة له في أول جلسة لمحاكمتهم مطلع العام الحالي عقوبة الإعدام لخمسة منهم.