[18/ نوفمبر/2019]
عواصم – سبأ :
محمد ناجي ..
يعتقد الكثير من المراقبين والخبراء أن الولايات المتحدة الأمريكية هي المستفيد الأول من الأزمة التي يشهدها لبنان جراء الاحتجاجات التي بدأت منذ 17 أكتوبر الماضي، وأدت إلى استقالة الحكومة برئاسة سعد الحريري.
ويحمل الكثير من المحللين السياسيين الولايات المتحدة المسئولية عن خلق الأزمة المالية في لبنان والتي شكلت حافزاً ودافعاً للاحتجاجات الجارية في جميع أنحاء البلاد.
وكان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قد حمل في كلمة القاها يوم الثلاثاء الماضي الولايات المتحدة مسئولية خلق صعوبات أمام نهوض الاقتصاد اللبناني بسبب خلقها عقبات أمام تعاون البلاد اقتصاديا مع دول أخرى مثل إيران وروسيا ودول أخرى.
ويقول مدير المركز الدولي اللبناني للإعلام والبحوث رفيق نصر الله في مقابلة صحافية إن الولايات المتحدة “لها صلة مباشرة” بالأزمة المالية والاقتصادية القائمة في لبنان.
ويضيف قائلاً “لقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شخصيات بارزة في حزب الله ومصرف لبناني معروف، ما تسبب في حالة من الذعر بين الناس الذين تدفقوا على المصارف لسحب أموالهم”.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد فرضت في يوليو الماضي عقوبات على 3 شخصيات رئيسية في حزب الله بينهم عضوان في البرلمان، كما عمدت في أواخر أغسطس الماضي على فرض عقوبات على (جمال ترست بنك) بسبب قيامه بأنشطة مالية يستفيد منها حزب الله حسب بيان الوزارة .
وأدى ذلك، وفق ما أعلنه مصرف لبنان المركزي قبل أيام الى سحب حوالي ثلاثة مليارات دولار من المصارف اللبنانية خلال الأشهر القليلة الماضية.
ويؤكد رفيق نصر الله أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً مالية على لبنان لإحداث عدم استقرار اجتماعي يضر بحزب الله.
ويبين قائلاً “تهدف الولايات المتحدة إلى خلق رأي عام ضد حزب الله خاصة في صفوف أبناء الطائفة الشيعية في لبنان من خلال فرض عقوبات على الشركات اللبنانية المملوكة من مواطنين شيعة”.
ويضيف “بمثل هذه الطريقة يعتقدون أن الجمهور سيتبنى القناعة أنهم لم يكونوا ليواجهوا متاعب وضغوط لولا وجود حزب الله”.
وشهد لبنان خلال الأشهر القليلة الماضية أزمة اقتصادية ومالية أدت إلى تدهور ظروف معيشة اللبنانيين ووصول معدل النمو في البلاد إلى مستوى الصفر هذا العام بسبب تراجع الاستثمار في القطاعات الإنتاجية في الزراعة والصناعة ما تسبب في ارتفاع حاد في معدل البطالة.
كما شهد السوق اللبناني شحاً في الدولار الأمريكي بسبب التباطؤ الاقتصادي وتراجع تحويلات المغتربين اللبنانيين في الخارج ما أدى إلى تراجع احتياطي المصرف المركزي من العملات الأجنبية.
وأدى الشح في الدولار الأمريكي إلى فرض المصارف اللبنانية قيوداً على عمليات السحب بالدولار وعمليات صرف الليرة اللبنانية إلى دولار.
وقد واجه نتيجة لذلك عدد كبير من الشركات اللبنانية صعوبات في دفع فواتير وارداتها ودفع تراكم المشكلات الاقتصادية والمالية مئات آلاف الأشخاص إلى النزول إلى الشوارع للاحتجاج على السياسات الفاشلة للحكومات المتعاقبة.
بدوره يلقي المحلل السياسي اللبناني يوسف دياب باللوم على السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة في لبنان التي أدت إلى الأزمة الحالية في البلاد.
وقال إنه لا دليل على تدخل أمريكي مباشر في الأزمة الاقتصادية في لبنان، ويؤكد أن الولايات المتحدة ستستفيد منها بالتأكيد.
وأشار الى أنه “يمكن للولايات المتحدة أن تنقذ لبنان من وضعه الحالي بإرسال إشارة إلى دول الخليج للوقوف إلى جانب لبنان مالياً، لكن واشنطن لا تريد فعل ذلك”.
الا ان المحلل السياسي راجح خوري يستبعد احتمال تدخل الولايات المتحدة في الأحداث الأخيرة في لبنان.
ويقول “لا أعتقد أن الولايات المتحدة تقف وراء هذه الأحداث لأنه إذا كانت الولايات المتحدة تهدف إلى إحداث أزمة اقتصادية في لبنان، فانها لم تكن لتقدم أي مساعدة عسكرية للجيش اللبناني كما فعلت خلال السنوات القليلة الماضية”.
ويعتبر لبنان البلد الخامس في العالم من ناحية حجم حصوله على مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة، وبلغت قيمة المخصصات للجيش اللبناني منذ بداية تنفيذ برامج المساعدات العسكرية الأميركية في العام 2011م وحتى اليوم نحو مليار و 700 مليون دولار.
ويشهد لبنان منذ السابع عشر من أكتوبر الماضي احتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد جميع مكونات الطبقة السياسية المتهمة بالعجز عن معالجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.
ودفع هذا الحراك رئيس الوزراء سعد الحريري إلى الاستقالة في 29 أكتوبر الماضي، ولم تؤد المشاورات السياسية حتى الآن إلى تشكيل حكومة جديدة.