[08/أبريل/2019] صنعاء – سبأ: تحقيق :نسيم محمد الرضا
يـــتجول الموت بجرأة في جغرافية اليمن على مدى 1440 يوماً من
العدوان السعودي الأمريكي على بلادنا.. ويصحو اليمني كل يوم على موعد
جديد لاحتمالات النهاية ويعيش على قـــيد القلق … وموعده المبكر هذا
العام مع جائحة الكوليرا التي وجدت في اليمن ملاذاً آمـــن لتوزيع الموت
بـــحُرية…
ترصد وكالة الأنباء اليمنية /سبــــأ / ملامح المرض في وجوه ضحاياه
وتبحث في جهود الحكومة للحد من الوباء والتوعية بأعراضه والوقاية منه, حيث
يعتبر غسل اليدين جيداً بالماء والصابون .. والحرص على الشرب من مصادر مياه
نظيفة و غسل الخضروات بالخل أو الملح و والاهتمام بالنظافة… حلول سحرية
وبسيطة لتجنب وباء الكوليرا الذي يتفشى بسرعة فائقة تعرض أكثر من
13مليون و 800 ألف يمني للخطر و تضع 8ملايين و400 ألف منهم على شفير
الكوليرا ..
بحسب منظمة الصحة العالمية ،ما يعمق مأساة اليمنيين اللذين ينجون من الموت قصفاً… فتترصدهم الكوليرا غنيمة حرب…
جائحـــــــــة….
حيث
تجتاح الكوليرا اليمن للمرة الثالثة وتصنف بأنها اكبر كارثة صحية يشهدها
العالم في العصر الحديث, وتصفها مراكز الرصد الوبائي العالمية والوطنية بـ
“الجائحة المهددة للحياة” .. و”الوباء الكارثي” .. و”الكوليرا الفاشية”…
في بلد يعاني من أسوء أزمة إنسانية وعلى حافة المجاعة بعد إستهداف وتدمير
بنيته التحتية ومرافق البنية الأساسية من العدوان السعودي الأمريكي الذي
يقتل اليمنيون بلا هواده في “الجحيم المبكر” حسب وصف المنظمات الدولية ..
“ومن لم يمت قصفاً .. مات مرضاً” في “جمهورية الكوليرا”حسب توصيف الإعلام
الدولي.
وسجلت وزارة الصحة العامة والسكان أول إجتياح للكوليرا منذ
أواخر سبتمبر2016م وحتى فبراير 2017م، والثانية بدأت أواخر أبريل 2017م
واستمرت حتى مطلع نوفمبر من العام نفسه في حين ظهرت الجائحة الثالثة مع
بداية العام الجاري.
تعــــريف…..
وتعرف
الكوليرا الذي اكتشفها عالم الجراثيم الألماني “روبرت كوخ” في عام 1883م
أثناء انتشار وبائي في “مصر” بأنه مرض ينتشر في مناطق عدة من العالم ويصل
الى مستوى وبائي خصوصا في فصل الصيف، وسميت بكتيريا “ضمة الكوليرا” (Vibrio
cholera) بهذا الاسم نظرا لشكلها تحت المجهر الذي يشبه “الضمة” في اللغة
العربية، وتسبب هذه البكتيريا مرض الكوليرا الذي ينتشر بشكل وباء يكون أكثر
ضحاياه من الأطفال ، وهو مرض معدٍ، من أعراضه الإسهال، وتحدث الإصابة به
جراء ابتلاع غذاء أو ماء ملوث ببكتيريا الكوليرا التي تسبب التهاب معوي
بفعل عصيات جرثومية تسبب “إسهال مائي شديد وقيء متكرر” ولها مستويان
للإصابة “بسيط ” أعراضه عادية و “شديد” يؤدي إلى فقدان سريع للسوائل
والأملاح ,ما يتسبب في الوفاة خلال ساعات نتيجة الجفاف بعد أن تلتصق
بكتيريا الكوليرا بجدار الأمعاء وتطلق “سٌمية عالية” تسبب الإسهال الحاد
لتتحول إلى مرض فتاك وقاتل يسبب انخفاض في ضغط الدم والوظائف الحيوية
للجسم , ما يسبب دخول الإنسان في حالة”صدمة” من 4 إلى 8 ساعات , في حين
تبدأ مرحلة التهديد للحياة والوفاة ما بين 12 ساعة إلى يوم أو عدة أيام.
وتعيش
الكوليرا في مستودعان رئيسيان هما” البشر والماء”، فيما يندر اكتشافها في
الحيوانات, وتنتقل للإنسان عبر تناول طعام ملوث بفضلات شخص مصاب أوشرب
مياه غير نظيفة ملوثة بالبكتيريا , ولا تشكل الكوليرا تهديد حقيقي للحياة
حيث يعتبر “جهل” التعامل معها السبب الرئيسي في مضاعفتها, ولا يشكل
التشخيص الدقيق شرطا لعلاج المرضى، لأن الأولوية في علاج أي إسهال شديد هي
تعويض السوائل والأملاح المفقودة وإعطاء المضاد الحيوي المناسب عند الحاجة.
وتاريخياً يعتبر الطبيب البريطاني” جون سنو” أول من أثبت في القرن
التاسع عشر أنه يمكن منع انتقال الكوليرا عن طريق توفير مياه الشرب النظيفة
ففي انتشار وبائي للمرض في لندن في عام 1854م توصل الطبيب “سنو” إلى أن
مضخة ماء في شارع “برود ستريت” كانت هي مصدر العدوى وتم احتواء الوباء
بمجرد استبدال مضخة المياه الملوثة.
ويوصف العلاج بـ “الإمهاء” ( تناول محلول الإرواء عبر الفم) كعلاج فعال في
الحالات البسيطة, فيما تعمل المضادات الحيوية المترافقة مع محاليل الإرواء
الوريدية على تقصير مسار المرض والحد من شدة أعراضه وتوصف المضادات
الحيوية مثل علاج التتراسيكلين العلاج الرئيسي والفورازوليدون
والكلورمفيكول والدوكسيسكلين والكوتريمازول والأريثوميسين .وبحسب البحوث
الوبائية التي نشرتها دوريات علمية تتأثر حساسية الفرد للتعرض لمرض
الكوليرا بفصيلة الدم, إضافة للأشخاص اللذين يعانون من انخفاض حموضة المعدة
وآخرين يعانون من سوء التغذية.
تجولت / سبــأ / بهدوء لا يزعج المرضى
.. وتنـقلت بين الخيام بصمت يعفيها من لفت انتباه مريض الكوليرا الذي
يطاردك بنظراته المرهقة ، وتتمنى لك النجاة ولا تكون فريسة محتملة
وقادمة للوباء .. لترصد(سبــأ) حكـــاية الخوف من زمن الكوليرا..
فرصة للحياة……..
في زاوية من غرف العزل في مستشفى الشهيد حسن الملصي يرتعد الحاج
“محمد” من البرد في نوبة قشعريرة طبيعية لفقدان السوائل في الجسم, يتابع
بعينين غائرتين القادمين بأنتباه بحثاُ عن “أبنه” الذي يأمل أن يحضر له
ملابس إضافية تصد هجوم البرد على جسمه الذي صار نحيلا بشكل ملحوظ ويأمل أن
يسمح له الدكتور( توفيق )المسئول عن متابعة حالته بشرب (قهوة البن )
باعتبارها تعمل على التخفيف من حالة الإسهال الحاد التي يعاني منها كما
نصحه محبيه.
ويروي “الشيخ المُســن” الذي رسم المرض
تجاعيد إضافية على وجهة بداية المعاناة عند زيارة أحد أصدقائه قادما من
محافظة ذمار للعلاج في صنعاء, فبادر (محمد) بمساعدة صديقة وتقديم الرعاية
له ولم يعلم أن صديقة كان مصاب بالكوليرا, وكعادته تناول وجباته اليومية
دون قلق أو اهتمام بغسل اليدين بالماء والصابون , وتفاجأ ليلاُ بحمى وقيء
متواصل وإسهال حاد ,وبالرغم من شكه بأنه أصيب بالكوليرا قال “اعتقدت أني
سأقاوم المرض مثل صديقي وأصبر وأتعافى بقليل من الثوم والزبادي والزنجبيل ”
, ولم تسعفه اعتقاداته سوى “نصف يوم” ليصاب بعدها بهبوط حاد وانخفاض في
ضغط الدم وانخفاض في نبض القلب و وظائف الكلى لينقل فوراً للمستشفى وتقدم
له الإسعافات الطارئة المنقذة للحياة, وبعد تأكد أصابته تم إدخاله غرفة
“العزل” بمستشفى الشهيد الملصي لتلقي العلاج وإقتناص فرصة جديدة للحياة.
غــــرور……
فيما
يصر أحد المرضى (في مرحلة التشافي من الكوليرا ) إلتقته “سبـأ ” في مستشفى
الشهيد الملصي على مضغ القات وتناول المشروبات الغازية خارج المركز,
وبالرغم من نصح الدكتور له بأنه مازال بحاجة للراحة إلا أنه اعتقد أنه طرد
المرض وانتصر عليه وبعد ساعات من( مغامرته المستعجلة) ومضغ القات
باغتته نوبة إسهال جديدة ليتأكد أنه بحاجة لقليل من الصبر خاصة وهو يردد
انه الشاب الأكثر دراية بحالته قائلا بتباهي ” اول ما شعرت بالمرض وتسارع
الإسهال الساعة التاسعة مساءً سارعت بإسعاف نفسي بدون مرافق الساعة
الحادية عشرة ليلاً و الحمد الله أنا أحسن حالا ” من كل الأحياء- الأموات
هنا “.
و بحسب نصائح الدكتور توفيق محمد بمستشفى الشهيد الملصي تعتبر
فترة التشافي والنقاهة مهمة بعد فترة المرض فيجب على المتعافي التزام
إرشادات الطبيب من مواصلة تناول محلول الإرواء والالتزام بالنظافة وغسل
اليدين وعزل المريض في الأكل والشرب وغسل ملابسة وتعقيمها لفترة تتراوح من
خمسة أيام إلى أسبوع بعدها يكون تجاوز مرحلة القلق تماماً.
مكابــــــــــــــــــرة….
أصر بعناد بأنه سيتجاوز الإسهال هو
وزوجته “عتيقة” بوصفات شعبية في المنزل ومرت ثلاثة أيام وتدهورت حالته مع
“عتيقة” التي خافت أن يخطفها الموت من أحضان أبنائها وبناتها الأربعة
ويفقدون حنانها وهي العائل الوحيد لهم خاصة وزوجها لا يملك من حطام الدنيا
سوى الدعاء لهم بالنجاة والستر من مغبات الزمن.
تاركاً لها مهمة تأمين
“هموم البقاء” فقررت أن تذهب لمستشفى السبعين لتلقي العلاج والتخلص من
الكوليرا وترك زوجها لعناده ومكابرته وتقول “أنا جئت للمستشفى و تركت لزوجي
حرية الحياة أو مصارعة الموت”.
تجـــــــول…
تتنقل “سبــأ” في مركز السبعين الذي يستقبل حالات الكوليرا من النساء
والأطفال وتكتظ بالمرضى ,وتتوزع الحالات في خيام عزل للمرضى اللذين تجاوزت
أعدادهم خلال الربع الأول من هذا العام 138ألف حالة اشتباه بمرض الكوليرا
بمعدل أكثر من40 ألف حالة شهرياً وما يقارب 1300حالة يومياً في مختلف
محافظات الجمهورية.
تعقـــــــــب وبائئ….
الانتشار
الوبائي للكوليرا في بلادنا دفع الباحثين في علم الجراثيم والأوبئة لفهم
طبيعة سلالة البكتيريا التي خلفت تفشي الوباء بشكل متسارع، حيث تعقب
الباحثون في دراسة تم تنفيذها لمدة ثلاث سنوات منذ جائحة الكوليرا الأولى
في عام 2016م وتم نشر نتائجها مطلع يناير من العام الجاري 2019م تسلسل
جينوم بكتيريا “ضمة الكوليرا” من عينات الكوليرا التي تم جمعها من بلادنا
وبعض المناطق المجاورة. واستعان الباحثون بـ42 عينة من حالات الإصابة
بالكوليرا في اليمن للوصول إلى نتائج الدراسة، وأخذت العينات من اليمن ومن
مركز للاجئين اليمنيين على الحدود السعودية اليمنية، إلى جانب 74 عينة
أخرى من حالات الإصابة بالكوليرا من جنوب آسيا والشرق الأوسط وشرق ووسط
أفريقيا.
وقارن الباحثون هذه المتواليات الجينومية بعينة مأخوذة على
مستوى العالم تضم أكثر من 1000 حالة من حالات الإصابة بالكوليرا من موجة
الوباء الحالية المعروفة باسم وباء الكوليرا السابع، التي بدأت في
الستينيات من القرن العشرين، وتسببها سلالة واحدة من الكوليرا.
وهدفت
الدراسة التي ادرجت ضمن مبادرة عالمية تهدف إلى إقامة نظام مراقبة عالمي
للكوليرا، “تنطلق فيه مكافحتها على أساس معرفة تسلسلها الجيني عبر عزل
فاشيتها المرضية”، وتشترك في الدراسة منظمة الصحة العالمية واليونيسف
ومنظمة أطباء بلا حدود والعديد من الهيئات الصحية الأخرى وعملت الدراسة
على التوصل لفهم أفضل للكيفية التي تنتشر بها مُسببات الكوليرا حول
العالم”، بما يُسهم في الحد من الإصابات مستقبلًا .
واكتشف العلماء أن
سلالة الكوليرا المسببة لوباء اليمن مرتبطة بسلالة ظهرت لأول مرة عام 2012م
في جنوب آسيا وانتشرت على نطاق عالمي، لكن السلالة اليمنية لم تصل مباشرة
من جنوب آسيا أو الشرق الأوسط، لكنها انتقلت إلى اليمن من شرق أفريقيا حيث
تفشت الكوليرا في الفترة من 2013م إلى 2014م، دون تحديد أي بلد في شرق
أفريقيا على وجه الدقة، فيما يؤكد الناطق الرسمي لوزارة الصحة العامة
والسكان الدكتور يوسف الحاضري أن الوزارة تنفذ دراسة لبحث أسباب انتشار
وباء الكوليرا خاصة وأن هناك شكوك حول نشره من قبل العدوان عبر مرتزقته
بحسب الدكتور الحاضري الذي يعتبر أن “الحرب البيولوجية” جزء من العدوان
العسكري واستخدم في عدة حروب ضد شعوب العالم من قوى تمتلك قررات الحروب
الوبائية. ونجح الباحثون في تحديد نوع المُضادات الحيوية التي يُمكن
استخدامها لمحاربة فاشية الكوليرا اليمنية، حيث أظهرت سلالة الكوليرا
مُقاومة لثلاثة أنواع من المُضادات الحيوية: نيتروفيورانتوين، فيبروستاتيك
O/129، وحمض الناليديكسيك، فيما نجح 17 نوعًا من المضادات الحيوية في
القضاء على البكتيريا المُسببة للمرض، أبرزها (البوليمكسين ب Polymyxin B)،
وهو نوع من المضادات الحيوية رخيص السعر وذو فاعلية كبيرة في محاربة
البكتيريا والفطريات والتهابات السحايا.
ويقول “فرانسوا كزافييه ويل”،
الباحث في مجال الأوبئة بمعهد باستير الفرنسي، والمؤلف الأول للدراسة: “إن
النتائج قدمت إعادة بناء للمسار الذي انتشرت من خلاله سلالة الكوليرا التي
ضربت اليمن خلال الأعوام الماضية”.
رثـــــــاء…
“كيف لهذه الحياة أن تخطف منا مثل هؤلاء العظماء ممن كرسوا حياتهم في إنقاذ الأرواح وتبقي لنا تجار الحروب اللذين نشروا فينا الفقر والوجع والأمراض ..”هكذا يرثي صادق الوصابي صديقة الدكتور محمد عبد المغني أحد أشهر أطباء الأطفال في اليمن الذي كرس وقته للعمل في مركز علاج حالات الإسهال في مستشفى السبعين وساهم في علاج الآلف من الحالات وتدريب وإرشاد العاملين الصحيين حول إدارة حالات الكوليرا …و أصيب هذا الطبيب الإستثنائي بمرض الكوليرا وتوفي متأثرا من مضاعفاته ..والذي بادر بسرعة لمساعدة تساؤلات سبأ عن خيام العزل اثناءعمله بجهد وشرحه للعاملين الصحيين والعاملات عن طرق العون الصحي لمرضى الكوليرا..
اسباب انتشار الكوليرا....
ويرجح الناطق الرسمي لوزارة الصحة العامة والسكان الدكتور يوسف الحاضري لـ
“سبــأ ” انتشار الكوليرا في جائحتها “الثالثة” لموسم الأمطار المبكر
وفصل الشتاء البارد نسبياً ما سهل إنتشار الكوليرا خاصة مع تدمير العدوان
السعودي الأمريكي للبنية التحتية وتدمير نظام الصرف الصحي .
وحمــل الحاضري العدوان ومرتزقته
مسئولية انتشار المرض والعمل على نشره خاصة بعد أن أثبتت الوقائع التاريخية
استخدام الحروب البيولوجية جزء من العقاب للشعوب .
وأضاف الناطق
الرسمي باسم وزارة الصحة أن الترصد الوبائي سجل خلال الثلاثة الشهور الأولى
من هذا العام 128ألف حالة إصابة بالكوليرا توفي منها 140 حالة ثلثهم من
الأطفال ما دون سن الخامسة بسبب سوء التغذية والمسنين اللذين لا يتحملوا
مضاعفات المرض…لافتاُ إلى أن الوعي والثقافة الصحية يعتبران الفاعل
الرئيسي للتخلص من تفشي العدوى بوباء الكوليرا حيث تتلخص الحلول في غسل
اليدين والخضروات جيدا ومعالجة مياه الشرب غير معروفة المصدر بالكلور أو
بالتقطير أوالغلي والاهتمام بالنظافة وعدم التباطؤ في إسعاف الحالات
المصابة أو المشتبه بإصابتها بالمرض مضيفاً أن الوزارة عملت على توفير
420مركز في مختلف المحافظات وموزعة على مختلف المديريات لاستقبال حالات
الكوليرا وسعت إلى تقديم وإعداد برامج توعية في القنوات التلفزيونية
والإذاعية لتوعية الناس بسهولة التعامل مع الكوليرا وطرق الوقاية منها
وأساليب العلاج.
مبيناً أن الوزارة تعمل على توفير الكوادر الطبية
والصحية للمراكز والمستشفيات لاستقبال الحالات والعناية بها كما تعمل على
الترصد الوبائي للمرض وتقديم خدمات مخبريه وصيدلية واستقبالية وخدمات نظافة
للمراكز في أمانة العاصمة والمحافظات.
لافتا إلى أنه تم توزيع المراكز في أمانه العاصمة على مركزين أو ثلاثة مراكز في كل مديرية .
وأوضح
الحاضري أهمية أن ترفع المنظمات الإغاثية الصحية العاملة في بلادنا حالة
التعامل مع المرض “الروتينية” إلى حالة “الطوارئ ” القصوى للتمكن من الحد
والسيطرة من تفشيه.
جهد حكومــــــي…..
الغزو
الوبائي المتسارع للكوليرا ورتفاع عدد المصابين بالكوليرا إلى162ألف و463
شخص من يناير وحتى مطلع أبريل الجاري توفي منهم 327فيما أصيب أكثر من
مليون و500 الف بالوباء منذ العام 2016توفي منهم أكثر من 3000شخص حسب
الاحصائيات الأخيرة لوزارة الصحة العامة والسكان ما دفع تكثيف الجهد
الحكومي للحد من انتشار الوباء.
وسعت لجنة الطوارئ إلى إغلاق المقاصف في
جميع المدارس خوفا من تفشي الوباء بين طلاب المدارس إضافة لغلق عدد من
المطاعم التي تجاوزت شروط النظافة والسلامة الصحية ومنع دخول الخضروات من
بعض المناطق والمحافظات التي يتم ري الخضارفيها بالمياه العادمة ( مياه
الصرف الصحي ) .
ووصفت لجنة الطوارئ المكلفة بمواجهة وباء الكوليرا من
وزارات (الإدارة المحلية والصحة العامة والسكان والمياه والبيئة والزارعة
والري والأوقاف والإرشاد وأمانة العاصمة والكهرباء ووزارة الداخلية )
بالكارثي الذي لايحتمل التساهل والتهاون).
وشكلت لجنة الطوارئ لجنة فنية
تعمل على نشر الوعي في الأوساط المجتمعية بطرق الوقاية من الكوليرا وتركز
على حملات النظافة ورفع المخلفات أولاً بأول وردم الحفر والمستنقعات خصوصا
القريبة من محطات الصرف الصحي واتخاذ إجراءات عاجلة منها نزول الحملات
الميدانية الخاصة بصحة البيئة للمطاعم في أمانة العاصمة والمناطق التي
يشتبه ظهور حالات للكوليرا فيها للتأكد من سلامة خدماتها واتخاذ الإجراءات
الاحترازية للوقاية من الإصابة .
واكدت اللجنة على ضرورة معالجة مخلفات المستشفيات في وحدات ومحارق خاصة وحالات طفح المجاري وتعمد بعض المزارعين تحويلها للري قبل وصولها إلى محطات المعالجة إضافة إلى زيادة كفاءة المراكز المخصصة لاستقبال حالات الكوليرا وتزويدها بالإمكانات اللازمة والفحص الدقيق للمواد الغذائية التي تدخل من المنافذ أو من المناطق التي تروى فيها المزروعات بمياه المجاري .
ألهمت الكوليرا “الكتاب والروائيين”
لتوثيق مآسيها في روايات وأفلام منها فلم “الموت في البندقية” و” الحب في
زمن الكوليرا” التي أستغل فيها “غابريل غارسيا” الروائي العالمي النفور
والقلق من العدوى بالكوليرا, ليبحر منفرداً مع “شريكته” التي انتظرها خمسين
عاماً, في رواية ابلصبر والأمنيات, وخدع ركاب السفينة بأنها تنقل مرضى
الكوليرا لعزلهم عن المجتمع وتبحر بعلم “أصفر” يعلن أنها ملعونة
بالمرض, فيبحر “غارسيا” بحرية الخلاص من الحياة والإقتراب من الموت في
البحر ثلاثين يوماً, يستطيع بطل الرواية أن يحقق أمنياته فيها بخديعة “عدوى
الموت”, وأدرك الروائي المكسيكي الأصل مبكراً أن ضحايا الكوليرا يخافون
منن معرفة محيطهم بمرضهم ليتحول المرض إلى اصابة “سرية ” تستحق الكتمان.
وتخلف
الإصابةبالكوليرا حالة من الخوف والإحراج لضحاياها أمام محبيهم ومحيطهم
الإجتماعي ويوضح إدريس احمد أنه سارع إلى شراء الصابون والمنظفات ومضاد
حيوي واقلع عن شراء أي أطعمة من السوق وحذر أطفاله من الشراء من الباعة
المتجولين ونبههم بضرورة غسل أيديهم قبل الطعام بعد عن سمع عن اصابة جاره
الذي اعتبر الكوليرا مغص معوي عابر بسب “الاميبيا” رغم معرفة الجميع
باصابته الكوليرا لكنه يصر على الكتمان ما دفع ادريس في زيارته منفرادا
بدون اطفاله خوفا عليهم من العدوى…
فيما يرفض موظف آخر أخذ أبنائه إلى
أي زيارات عائلية بعد اصابة خالته بالكوليرا ولكنها اصرت انها مصابة
بتسمم غذائي ليقاطعها حفيدها قائلا بثقة ” كوليرا ياجدة ” فتقاطعة ”
تسممممم” ليقرر الموظف التزام المنزل خوفا من اي عدوى محتملة.
فيما
أصيب الطفل محمد 10 أعوام بنوبة خوف بعد مشاهدة مريض بالكوليرا يتألم
أمامه قبل إسعافه إلى المستشفى ما دفعة إلى رفض الطعام والامتناع عن الذهاب
للمدرسة خوفاً من العدوى .
كوليراااااااااا…
بصراخ
تنهر مرام أختها الصغرى قائلة “كوليــــراااااااا ” ما دفع الطفلة التراجع
عن طلبها في شراء بعض أنواع الحلوى الآمنة و دفع خوف الطفلة الصغيرة مرام
لأتخاذ الكوليرا مبرر لرفض أي طلب لأختها حتى مرافقتها إلى مناسبة مرددة
كوليراااااااا..
وحول الخوف المجتمعي من العدوى من الكوليرا يوضح
الدكتور الحاضري أن الوعي في التعامل مع المرض قبل وبعد العدوى به في
مراحله المختلفة من العلاج والتشافي تتطلب تعامل مسئول ووعي عميق لمسبباته
وطرق الوقاية منه خاصة وأن نسبة التعافي منه بلغت 99.8% وهي نسبة عالية
توضح أنه مرض بسيط يعتمد على النظافة كحل أساسي لمكافحته حيث أن اللجوء
للمراكز الصحية في بداية الإصابة بالإسهال المائي يسهم بشكل كبير في
التعافي منه من خلال المضادات الحيوية ومحاليل الإرواء .
يقف العامل الصحي بصمت يراقبك وانت تغسل يديك بماء الكلور وتنظف حذائك بقليل من بخار معقم لتستطيع مغادرة خيام العزل لمرضى الكوليرا بأمان من العدوى التي تجتاح السلام الصحي لليمنيين أبناء الصبر وأصدقاء التعايش مع معاركهم اليومية ..وأبطال معركتهم الصحية “الشرسة” التي تتطلب الكثير من الوعي وقليل من الجهد للحد من هجوم الوباء في عالم يتفنن في صناعة وتصدير الخوف من زمن الكوليرا … …
سبأ