أكدّ المستوى الذي ظهر عليه تشكيل حكومة التغيير والبناء مدى حرص القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى على المضي قدمًا في إحداث تغيير جذري حقيقي.
تمثل ولادة هذه الحكومة الخطوة الأولى في طريق لن يكتمل إلا بتغيير حقيقي وبناء يستهدف إعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتطوير الخدمات العامة بما ينسجم مع تطلعات الناس في حياة كريمة.
إن التشكيل الحكومي الذي تم الإعلان عنه برئاسة أحمد غالب الرهوي، قد مثل ردًا شفافًا لمن كانوا يشككون في ماهية هذا التغيير، الذي طالما انتظره أبناء اليمن لإحداث تنمية تلبي طموحاتهم وتخفف من معاناتهم.
في وقفة أولية أمام المكون الحكومي الجديد يتجلى بوضوح مدى الحرص على المعالجة الحقيقية للأداء الحكومي، بدءا من استهداف التضخم المؤسسي فتم من خلاله اختزال الحكومة في 19 وزارة، بعد كان هناك أكثر من 40 وزيرا؛ وهو ما يمثل بداية جادة لإعادة النظر في العمل المؤسسي الحكومي.
عملية دمج الوزارات، وتقليصها إلى 19 حقيبة وزارية، تمثل خطوة أولى باتجاه تصحيح الاختلالات، والتوجه نحو تنمية محلية شاملة، تصب في خدمة المواطن بالدرجة الأولى، الذي صمد لما يقارب عشر سنوات من العدوان والحصار الأمريكي، السعودي الإماراتي، وما يزال حتى اليوم ثابتاً في مواجهة قوى الهيمنة والاستكبار العالمي بقيادة أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني.
تشكيل حكومة التغيير والبناء، جاء في وقته المناسب، ويمثل في ذات الوقت مطلباً شعبياً لإحداث التغيير المنشود، يتجاوز تراكمات العدوان والحصار، خاصة ما يتصل بالبنية التحتية والوضع الاقتصادي الصعب، الذي فاقم من معاناة ملايين اليمنيين، في معيشتهم ومصادر أرزاقهم وحياتهم بصورة عامة.
أمام هذه الحكومة تحديات جمّة تتطلب منها أن تكون عند مستوى التحدي في التغيير والبناء من خلال تنفيذ الخطط والبرامج الكفيلة بتحسين معيشة المواطن، وقبل ذلك الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، في ظل مؤامرات العدو الأمريكي البريطاني الإسرائيلي، الذي يتربص شراً بالبلاد نتيجة موقف اليمن المبدئي والثابت تجاه القضية الفلسطينية ونصرة غزة والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني بكل الوسائل.
ومن خلال قراءة أولية لمسميات وزارات حكومة التغيير والبناء، يستنتج المراقب أن من الأهداف الأساسية للحكومة، هو إحداث تغيير شامل لا يقتصر على المركز، وإنما يستهدف حتى المناطق الريفية بشكل أساسي لما لها من أهمية في الحد من الهجرة الداخلية، وإيجاد مجتمع مستقر وآمن، يعمل على التوسع في عملية الإنتاج والتنمية المحلية والمجتمعية.
ومن المفيد الإشارة إلى أن ولادة حكومة التغيير والبناء، لم يكن بالأمر السهل، وإنما تطلب وقتاً لتشكيلها واختيار أعضائها بعناية ودقة بعد مراجعة شاملة لهياكل ونظم الحكومة ووزاراتها ومؤسساتها ومعالجة التضخم الوزاري وفقاً لما تحدث به قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطاباته بهذا الشأن.
وأوضح السيد القائد أن حكومة التغيير والبناء تمثل بداية للتصحيح ومسار التغيير في الجانب الحكومي سيستمر حتى في القضاء، مؤكداً حاجة الحكومة لإعطائها فرصة لتتحرك في أداء مهامها وتنفيذ أعمالها كون الالتزامات التي عليها كبيرة وكثيرة في استمرار الإصلاح والتصويب الإداري وتصحيح آلياتها في مجال المعاملات والإجراءات.
ودعا إلى تعاون الجميع مع الحكومة، التي ستعمل بصلاحيات قانونية وفق برنامج عمل وأولويات محددة وبحسب الظروف والإمكانات المتاحة.. مضيفاً “من نجح من الفريق الحكومي، له نجاحه ومن ظهر عدم جدارته وتحمله للمسؤولية، سيتم تغييره”.
ووضع قائد الثورة النقاط على الحروف بالنسبة لنجاح الحكومة من خلال التعاون ما بين الحكومة والشعب، باعتباره ضرورياً في ظل الظروف الصعبة والحرب الشاملة التي تستهدف البلد، وبفهم صحيح للمسؤولية وتكامل الأدوار وتجاوز للأنانيات والحسابات الشخصية والحزبية والفئوية الضيقة، مضيفاً “لابد أن ننطلق من منطلق المسؤولية العامة”.
وأكد أن من يتوجهون لإعاقة مسار التغيير، هم من حساباتهم ضمن المصالح الشخصية والحزبية والفئوية الضيقة، ومن يريد الخير لبلده وشعبه سيحرص على أن يسهم بشكل إيجابي وبنفس صافية لبناء البلاد.
ومما سبق بات على حكومة التغيير والبناء، العمل وفقاً للتوجهات العامة والثوابت الوطنية والبرامج العملية المدروسة، بعيداً عن الارتجالية والعشوائية والشروع في تنفيذ الأولويات ذات الصلة بتحسين معيشة المواطن والحرص على تماسك الجبهة الداخلية واستمرار دعم الشعب الفلسطيني ونصرة قضيته.