من عاصمة العدوان الأمريكي أعلن مجرمو الحرب عدوانهم الإجرامي على الشعب اليمني في الـ26 من مارس 2015م، تحت عناوين وذرائع لا أساس لها من الصحة، ولا تمت إلى الواقع بصلة، بل كان هدفهم الأساسي إخضاع اليمن وشعبه وثرواته للهيمنة والنفوذ الأمريكي السعودي الإماراتي.
يُحيي اليمنيون الذكرى السنوية للعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن، على نطاق واسع ليس من أجل الاحتفاء وإنما للوقوف على فداحة الجرم والألم والمصاب وحجم الخراب والتدمير والافقار والمعاناة التي لحقت بالشعب اليمني جراء تلك الحرب الأكثر عدوانية ودموية وظلما على مر العصور.
يتذكر الجميع في هذه الذكرى الأليمة المسلسل الدموي لآل سعود وآل نهيان وأسيادهم الأمريكيين والصهاينة بحق مئات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ في اليمن، الذين قتلتهم دول العدوان بدم بارد، ودمرت كل ما يمتلكه هذا الشعب من منشآت حيوية ومقدرات وبنى تحتية من ضمنها المجمعات الحكومية والمصانع وشبكات الطرق والجسور والكهرباء والماء والاتصالات ومخازن الحبوب والوقود والمطارات والموانئ وغيرها وهي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لا يمكن أن تسقط بالتقادم.
كما يتذكر كل الأحرار في هذه الذكرى تبعات الحصار الإجرامي الذي فرضته ولا تزال تلك الدول على 30 مليون مواطن في اليمن، دون أن يرف جفن لدعاة حقوق الإنسان والديمقراطية ممن لايزالون يدعمون قوى العدوان والإجرام العالمي بالسلاح والعتاد والذخيرة والمعلومات الاستخباراتية لقتل الشعبين اليمني والفلسطيني ويسعون جاهدين لإفلاتهم من العقاب كما كان دأبهم مع دول العدوان منذ العام 2015م.
لكن وعلى الرغم من كل الخسائر والأضرار التي لحقت باليمن جراء تسعة أعوام من القصف والتدمير الممنهج والحصار إلا أنها كشفت الكثير من الحقائق المهمة لكل شعوب العالم، من أبرزها حقيقة أن اليمن لا يمكن احتلاله أو إركاعه، ومدى هشاشة دول العدوان وفي مقدمتها السعودية التي ظنت بأنها ومن خلال صفقات الأسلحة التي تشتريها بمليارات الدولارات سوف تهزم الشعب اليمني، وأن حربها على اليمن ستكون نزهة قصيرة ولن تستغرق سوى أسبوعين، لكن النتيجة كانت صادمة ومحرجة لتلك الأنظمة التي أدركت متأخرة بأن هذه الحرب ستكون سببا في زوالها.
وبعد تسع سنوات من العدوان وفشله في تحقيق أي من أهدافه المزعومة، ها هو اليمن أقوى مما سبق، وقدراته العسكرية اليوم تواجه أعتى القدرات العسكرية العالمية المتطورة المتمثلة في أمريكا وبريطانيا وإسرائيل التي عجزت جميعها عن منعه من مساندة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في مواجهة العدوان الصهيوني الأمريكي المستمر منذ ستة أشهر.
ساهم العدوان والحصار الأمريكي السعودي الإماراتي في اكتساب القوات اليمنية العديد من الخبرات العسكرية والتسليح الذاتي والتحول من الوضعية الدفاعية إلى الهجومية، والوصول التدريجي إلى جميع المواقع الحيوية في دول العدوان والتي تمثل أهمية استراتيجية لاقتصاديات أمريكا ودول أوروبا ودول الخليج التي انخرطت في العدوان الآثم على اليمن.
أثبت الشعب اليمني بالفعل أنه شديد المراس وقوي الإرادة والتضحية، ويستمد قوته وشموخه من إيمانه وارتباطه الوثيق بالله وانتمائه وحبه للأرض التي يعيش عليها، مؤكدا بذلك أن هذا البلد كان وسيظل مقبرة لكل الغزاة والمحتلين على مر التاريخ.
أصبح الجميع يدركون اليوم أن تلك الحرب العدوانية التي شنها الأشقاء الاشقياء ضد يمن الإيمان والحكمة قد فشلت، وأن تلك الأنظمة التي شكلت التحالف الشيطاني قد هُزمت شر هزيمة، وأن كافة أهدافهم في اركاع وإخضاع اليمن وشعبه لهيمنتها ونفوذها قد ذهبت أدراج الرياح، وأن على قوى العدوان الإقرار بهزيمتها والانسحاب من اليمن ورفع الحصار عنه، ودفع التعويضات عن إجرامهم بحق اليمن وشعبه.
لم يقتصر فشل تحالف العدوان على الجانب العسكري فقط بل تعدى ذلك بكثير ليشمل الجوانب الأمنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والذي تؤكده حالة الانفلات الأمني والانهيار الاقتصادي والانقسام والفوضى والصراعات التي تشهدها المحافظات المحتلة، وهي الحالة التي كان العدوان يسعى لتعميمها على كافة المناطق اليمنية.
في المقابل تتمتع المحافظات والمديريات الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى باستقرار أمني واقتصادي واجتماعي، ووعي إيماني غير مسبوق في تاريخ اليمن المعاصر بعد أن ظلت التفجيرات والاختلالات الأمنية والأزمات تعصف باستقراره ومعيشته طيلة العقود الماضية.
وعلى الرغم من سيطرة التحالف ومرتزقته على ثروات وموارد اليمن السيادية كالنفط والغاز والموانئ والمنافذ البرية والمطارات، إلى جانب ما قاموا به من حرب اقتصادية ضد صنعاء ابتداء بنقل عمليات البنك المركزي إلى عدن وطباعة العملة بكميات كبيرة، وقطع مرتبات موظفي الدولة، إلا أن كل ذلك فشل في منع صنعاء من تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتثبيت سعر صرف العملة المحلية، خلافا لما يحدث في المحافظات المحتلة من انهيار اقتصادي مريع، وعجز عن إيقاف تهاوي سعر صرف العملة والتي تجاوزت 1630 للدولار الواحد.
أما على الصعيد العسكري فأصبح التحالف ومرتزقته بعد تسع سنوات من عدوانهم على اليمن أكثر ضعفا وتخبطا وشتاتا بعد تلقي عواصم دول العدوان لضربات مؤلمة من قوات صنعاء، إلى غير ذلك من العوامل التي قادتها إلى هذا الوضع وفي مقدمتها تضارب المصالح فيما بين تلك الدول التي ظنت أن اليمن سيكون لقمة سائغة وفريسة سهلة وأنها ستتمكن من احتلاله وتحقيق اطماعها التاريخية في السيطرة على ثرواته وموقعه الاستراتيجي.
على النقيض من ذلك بدت صنعاء اليوم أكثر قوة وتماسكا على كافة المستويات، وأصبحت قواتها المسلحة أكثر تطورا، وتخوض حربا مفتوحة ومتطورة تواجه فيها الولايات المتحدة وبريطانيا بشكل مباشر نصرة للشعب الفلسطيني الشقيق الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية وحصار وتجويع من قبل الكيان الصهيوني وأمريكا، في ظل صمت وخذلان عربي وإسلامي مخجل.