أكد قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في خطابه الخميس، أهمية استمرار المؤازرة الصادقة لغزة على المستوى الشعبي انطلاقا من إدراك مصداقية الموقف مع الله سبحانه وتعالى من خلال التزام أوامره بوجوب نصرة المظلوم، وبالتالي فإن الجميع منوطا به مسؤولية نصرة غزة كل حسب موقعه، فالجميع سيقف أمام الله ليُسأل عما قدم في سبيل تجاوز هذه المظلومية، التي تمثل اختبارًا شديدا لعلاقة الأمة بخالقها ودينها.
يشدد السيد القائد على أن يكون الموقف اليمني في إسناده لغزة منطلقا من الوعي بالمسؤولية التي حملنا إياها الله تعالى وإدراك خطورة الموقف وأهمية الالتزام السديد؛ وهنا نؤكد أن الموقف الشعبي اليمني في انتصاره لفلسطين لم ينطلق من فراغ أو انفعال عاطفي وقتي، وإنما من إدراك جلي للأوامر الإلهية، وفي مقدمتها الانتصار للحق مهما كانت التضحيات دون كلل أو ملل.
وفي هذا السياق كانت الساحات اليمنية تخوض اختبارًا حقيقيًا في الأسابيع الماضية، فاستمر الاحتشاد الجماهيري المليوني حتى الجمعة السادسة عشرة منذ بدء عملية طوفان الأقصى، وبأعداد لم تتراجع، ولم تنكسر همتها؛ وهو الاحتشاد الذي لم يقتصر على صنعاء بل تمدد ليشمل جميع المدن الرئيسية في المحافظات الحرة، في الوقت الذي تراجعت فيه عديد من الساحات العربية والإسلامية التي كانت حاضرة في الأسابيع الأولى بحماس كبير، لكن بعضها استسلم للملل، وهو ما حذر منه قائد الثورة باعتباره أبرز المخاطر المؤدية إلى النكوص في الدفاع عن الحق، وبالتالي تكريس الخنوع والهزيمة في النفوس والمواقف.
استشعار المسؤولية تجاه الموقف الديني والأخلاقي والإنساني في اليمن، كان كفيلا باستمرار النصرة وبقاء الموقف اليمني مستندًا إلى قيم الصدق والوفاء، ولم يتراجع أو ينطفئ وهج مصداقيته وعزيمته؛ وهو ما جاء محصلة لوعي بخطورة الموقف لو تراجع واستسلم للملل.
ولا ننسى هنا أن العدو يراهن على ملل الشعوب العربية وتعودها على مشاهد المجازر وتآلفها مع صور الدماء والدمار في غزة، وبالنتيجة تخبو جذوة الإحساس بالمسؤولية تجاه نصرة أشقائك، بل إن هذا التآلف والتصالح مع مشاهد النزف يجعل الشعوب تتآلف دون شعور وتتصالح مع العدو، وهي تظن أنها لم تفعل بينما هي تفعل، ولهذا فإن استمرار استشعار المسؤولية والعمل الجمعي على تصاعد الوعي المجتمعي بدور كل فرد إزاء ما تشهده فلسطين سيضمن تحقيق النصر مهما كانت المعوقات، وحينها لا يمكن للعدو أن يراهن على الانكسار الناجم عن الملل، لأن الموقف يتجدد حياة، ممثلة في بقاء الشعور بالمسؤولية متقدا، ويزداد اتقادا مع استمرار ارتكاب العدو الإسرائيلي المجازر والجرائم، وهذا ما يخافه العدو ويعمل له ألف حساب، لأن الشعوب بمللها هي من تدفع بالأنظمة نحو التطبيع ومؤازرة العدو وخذلان الشقيق، كما شهدنا ما آلت إليه علاقة الأنظمة العربية بالكيان، فالكثير تسابقوا من أجل التطبيع معه في الوقت الذي تخلوا عن التزاماتهم تجاه القضية الفلسطينية.
وانطلاقا من ذلك تتجلى القيمة الكبرى لعملية طوفان الأقصى كحدث استثنائي أعاد للأمة الثقة بإمكانياتها وقدراتها على صناعة النصر وهزيمة الكيان وتحقيق ما تربو إليه، متى ما صدقت النوايا، وهذا الزلال هز أشجار الوعي الخانع لدى الشعوب العربية، فاستفاقت الروح مجددا، مستشعرة دورها، في سياق استعادة ثقتها بنفسها؛ فكانت هذه النتيجة هي مصب طوفان الأقصى الذي مازال هادرا يتدفق.
استشعار الأمر الإلهي بوجوب الانتصار للمظلوم والخوف من الله في حال التقصير والنكوص والملل، يمثل ناصية النصر، وانطلاقا من هذا تتجلّى أهمية تحصين الذات المؤمنة بالخوف من الوقوع في براثن الانهزام والملل واليأس، وذلك من خلال استمرار أنشطة التوعية والتحفيز على مختلف المستويات بما يحقق تصاعد وتزايد الحضور الجماهيري في اليمن لصالح القضية الفلسطينية انحيازًا لما حققته فصائل المقاومة في الآونة من الأخيرة من تحول يحول دون العودة لما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر.
وهو ما يجب أن يكون عليه الوعي العربي والإسلامي لدى المجتمع، وذلك من خلال اسمرار التسلح بقيم النصر اعتمادًا على الإخلاص واليقين بنصر الله لعباده المؤمنين؛ وبالتالي يجب أن تتوالى جهود النصرة ابتداءً من ذات كل فرد يجب أن يستحضر واجبه في تحفيز عائلته ودائرته الاجتماعية في البقاء منتصرين لفلسطين متيقنين بالنصر المؤزر الذي يمنحه الله لعباده المخلصين، كما سبق ومنحه لأبطال المقاومة في السابع من أكتوبر، كمبتدئ طريق لا يمكن العودة عنه حتى تحرير كل شبر في فلسطين من المحتل.
وهنا ينبغي أن نستحضر الواجب الفردي المتمثل في البقاء في مربع استشعار القوة كشعور والتزام يستوجب استمرار أعمال المناصرة من خلال حضور المسيرات والوقفات وتفعيل سلاح المقاطعة لمنتجات وبضائع الدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي كأعمال صادقة تنشد الالتزام بالأمر الإلهي كمقدمة لتحقق وحتمية الوعد الإلهي بالنصر.