شكلت عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، علامة فارقة في التاريخ العربي الحديث بعد سنين سادت فيها المراوغة والتدجين الممنهج للأنظمة العربية وإرغامها على التطبيع مع الكيان الصهيوني بضغط من الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية لتصفية القضية الفلسطينية التي تعد العائق الوحيد أمام شرق أوسط جديد رُسمت معالمه منذ مدة ويجري تنفيذه ببطء.
هذه المرة يبدو أنه لن تكون هناك جولات جديدة من العنف في الصراع العربي الصهيوني لأن خط النهاية لعملية طوفان الأقصى يجب أن يكون بالقضاء على أحد طرفي الصراع، فإما تفكك وانهيار “إسرائيل” من الداخل، أو القضاء على المقاومة الفلسطينية والتفرغ وبأريحية تامة لتنفيذ بنود مشروع الشرق الأوسط الجديد بعد أن تتم إزالة العقبة الرئيسية من طريقه.
تدرك أو لا تدرك الأنظمة العربية في كل من مصر والأردن وسوريا ولبنان ودول الخليج العربي بأنها المعنية في المرحلة الثانية من مخطط الشرق الأوسط الجديد لكن الشيء المؤكد أنها تعي ذلك ولم تعد لها قدرة على المقاومة والرفض، وتفضل أن تدفن رؤوسها في الرمال كالنعامة لأن سنوات طويلة من تدجينها عملت عملها وتمت على أيدي خبراء متخصصين من وكالات الاستخبارات الأمريكية والصهيونية وأوروبا الغربية، الأمر الذي جعل بعض الأنظمة المطبعة مع كيان العدو تتنصل عن انتمائها العربي والإسلامي (الإمارات العربية المتحدة أنموذجاً) واندفعت نحو التطبيع دون كوابح أو مراعاة لخصوصيات المجتمعات العربية والإسلامية ومعتقداتها الدينية وعاداتها وتقاليدها المحافظة.
الحرب في غزة الطرفان فيها مجبران على خوضها حتى النهاية، والشيء المؤسف أن الطرف العربي فيها حركة حماس تقاتل منفردة، دون دعم أو إسناد من محيطها العربي والإسلامي، إلا من المواقف الداعمة من الجمهورية اليمنية التي أعلنت بشكل رسمي الدخول في المعركة عبر سلسلة ضربات مركزة لأهداف عسكرية صهيونية بوابل من الصواريخ الباليستية وأسراب من الطائرات المسيرة وبقية دول محور المقاومة.
حرب شرسة تخوضها حركة حماس في صراع غير متكافئ أمام الكيان الصهيوني الذي يتلقى الدعم العسكري والاقتصادي من الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية، إلا أن تسلح مقاتلي حماس بعقيدة وقضية عادلة هما سر صمود هذه الحركة وانتصاراتها.
إن المطلوب من الدول العربية كافة الآن تغيير موقفها من هذه الحرب التي سوف تمسها حتماً إذا انتصر فيها العدو الصهيوني