تجربة الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل، وثورة 14 أكتوبر المجيدة هي جزء من الإرث الثوريّ اليمني، غيرت حركات التحرر الوطنية في القرن العشرين.
لمعرفة التجربة أهمية عملية اليوم في فهم واقع الاستراتيجية الاستعمارية البريطانية ومواجهة الأشكال الجديدة من المؤامرات الراهنة، إذ تتشابه التحديات التي واجهت الحركة الوطنية اليمنية قديماً بما يتهدّد الوطن اليوم من أخطار استعمارية.
تتشابه معطيات المعركة اليمنية اليوم مع التحالف العسكري العدواني التي تتزعمه السعودية والإمارات وتدعمه الدول الغربية، مع معطيات حرب التحرر الشعبية، من حيث كون الجغرافيا السياسية التي دارت فيها الأحداث واحدة، وهي المحافظات الجنوبية والشرقية والساحل الغربي، ومن حيث كون الجوار السعودي المتآمر هو ذاته القديم الجديد الذي استقبل سابقاً السلاطين ورعى تشكيل جيوش مرتزقة دعم عمليات عسكرية عدوانية ضد الحكومة المستقلة في عدن.
وكذلك الموقف العدواني الأمريكي الأطلسي في الأروقة والمحافل الدولية الذي كان يساند التحركات البريطانية في اعتبار حكومة الاتحاد -صنيعة بريطانيا- كحكومة شرعية ومحاولة تطبيق قرارات الأمم المتحدة بما يوافق التوجهات البريطانية وهو ما يجري في الوضع الراهن، من تعامل مع الحكومة الموالية للسعودية مع قرارات مجلس الأمن.
كما تتشابه تجربة ثورة تحرير الجنوب اليمني المحتل مع واقعنا الراهن من حيث كون السياسة الاستعمارية البريطانية العامة التي طبقتها إبّان الاستعمار وفي مواجهة ثورة 14 أكتوبر، هي السياسة التي يجري تنفيذها اليوم في جنوب اليمن عبر السعودية والإمارات والولايات المتحدة وبمشاركة بريطانية فرنسية.
نجد في التجربة من تعامل الاستعمار البريطاني مع القوى العميلة نماذج مماثلة لإسقاط حكومة “بحاح” ثم اسقاط رئاسة “هادي” وتشكيل “مجلس العليمي”، فالتخلص من الأوراق المحترقة وإعادة تجديدها بإضافة أسماء وقوى عميلة جديدة وتحت عناوين جديدة هي سياسة بريطانيا القديمة الجديدة.
وتتشابه التجربة مع واقعنا الراهن في القضايا الجيوسياسية، المتعلقة بالجزر، والمضائق البحرية والسواحل، ومساعي فصل المهرة وسقطرة وحضرموت، فكما في التجربة السابقة حاولت بريطانيا مراراً إبقاء الجزر اليمنية تحت سيطرتها وخصوصاً جزيرة ميون الحاكمة لمضيق باب المندب، والقضايا الاقتصادية المتعلقة بالتعويضات المالية، وارتداد المرتزقة عن الهوية اليمنية، وفي مسألة التعويضات كانت بريطانيا قد تعهدت أمام المجتمع الدولي أنها سوف تدعم حكومة الاستقلال الجديدة بعد تسليم السلطة إليها إلا أنها تراجعت لاحقاً عن هذا الوعد، وهو أمر قريب من عرقلة ملف رواتب الموظفين من النفط والغاز اليمني، ومن المحتمل لاحقاً ألا تفي دول العدوان بالتزاماتها في التعويض وإعادة الإعمار.
كما أن تجربة جبهة التحرير مع الجبهة القومية تشبهها إلى حدٍ ما تجربة علي صالح مع أنصار الله، إذ حاول صالح تفجير الحرب في العاصمة صنعاء خدمة لتحالف العدوان داعياً لفتح صفحة جديدة معه، وهو ما قامت به جبهة التحرير سابقاً من تنسيق سياسي مع بريطانيا وتفجير الحرب في عدن.
وعلى مستوى العلاقات الدولية، تتشابه التجربتان في عدم الاعتراف الدولي بالقوى الوطنية وتصنيفها منظمة إرهابية، لايزال موقف كهذا سائداً ضمنياً تجاه أنصار الله، وهو ذات الموقف الذي كان سائداً من قبل بريطانيا والغرب تجاه الجبهة القومية التي كانت تُعدّ بنظرهم منظمة إرهابية ولم يتم إزالة هذا التصنيف عنها إلا في الشهور الأخيرة من عام الاستقلال 1967م عندما بات انتصار الثورة أمراً واقعاً.
كما نجد في التجربة محاولة ضمّ القوى الوطنية إلى القوى العميلة لتأليف حكومة مشتركة والنأي بالمعتدي الأجنبي عن الالتزامات، هذه الاستراتيجية التي يحاول العدوان فرضها اليوم كان سابقاً قد حاول تنفيذها عبر أكثر من دعوة وتشكيل حكومي إلا أنه فشل، ومثل هذا الخيار سوف يتكرر عقب انتهاء العدوان حيث تسعى دول العدوان إلى تجاوز الطباع الدولي للحرب والعدوان الأجنبي على اليمن، ومحاولة حل الأزمة على اعتبار أنها قضية صراع يمني يمني بشكل كلّي دون الاعتراف بأي بُعد أجنبي استعماري للصراع.
لقراءة التفاصيل على الرابط التالي :