توافد المواطنون منذ الصباح الباكر، وزخم وحركة من جميع القائمين على المهرجان الوطني الثاني للعسل اليمني ومنتجات النحل، الذي يهدف الى إحياء مكانة العسل اليمني في المحافل الدولية والارتقاء بتسويق الماركات اليمنية عالمياً، بالإضافة إلى إشهار أصناف عالية الجودة.
يتحدث رئيس وحدة العسل في اللجنة الزراعية محمد عباس لسبأ نت عن أهمية أقامه مثل هذا المهرجانات الهادفة الى الترويج للعسل اليمني وإيجاد فرص تمويلية لمشاريع هذا القطاع الهام، مشيراً ان هناك مشاركات من جميع مناطق اليمن ومن المهرة وحضرموت والمناطق المحتلة.
واوضح ان منتج العسل له قيمة تبدأ بالنحال من ثم المصدر ومن ثم يأتي المستهلك، وبالتالي إقامة هذه المهرجانات هي حلقة ربط لكل هؤلاء وتسهيل عملية وصول المنتج الى المستهلك.
يبحث الزائر محمد عبد الله الجعدبي عن الأسعار الجيدة للعسل وهذا ما يقدمه له مهرجان العسل المقام في حديقة السبعين في أمانة العاصمة على مدى اربعة أيام حيث يصف المهرجان بانه “جيد” وبانه تطور على سابقه في التنظيم.
فحص العسل
ومن المشاركين في المهرجان الدكتور فتح بادي، استاذ مساعد في جامعة ذمار، يمتلك مختبر يعمل على فحص جودة العسل ودرجة نقاءه في مختبره الذي تم أنشاؤه في العام 2017 ويهدف الى الفحص الدقيق للعسل وجودته حيث يتم ادخال العينات الى المختبر ليتم فحصها، وبسبب الظروف التي يمر بها البلد بسبب العدوان والحصار فان التقدم في العمل يأتي بصعوبة بالغة.
“موضوع العسل موضوع هام جداً من حيث مردوه الضخم على اقتصاديات البلدان وخاصة بلادنا التي تنتج من العسل أنواع كثيرة جيدة يمكنها منافسة اجود أنواع العسل في البلدان الأخرى”، يوضح الدكتور فتح الذي يرى في أقامه المهرجان فرصة لالتقاء التجارب والاستفادة منها.
نوه فتح الى إمكانية إيجاد بيئة تنافسية بدعم نماذج لنحالين يجمعون العسل بطرق صحية صحيحة وبوسائل حديثة، ويتم تدريبهم على انتاج الأعسال ذات المصدر النباتي الواحد ويتم الفحص للعسل وتعطى شهادة معتمدة من قبل الجهات المختصة في اليمن والتي من المفترض انها قد قامت بعمل ” ستاند اب ” للعسل اليمني.
واوضح انه يجب تشجيع البحث العلمي في مجال الاعسال اليمنية، لأنه على مر العصور يثبت العسل انه من أنجع وسائل الطرق الدوائية في العالم.
عادل احمد مطر أحد الزوار يتحدث بحماس عن زيارته للمعرض، ويقول “يسعدنا جداً تجمع هذا العدد من النحالين اليمنيين لعرض منتجاتهم وخبراتهم، وتمثل مثل هذه التجمعات فرصة عظيمة للنحال والمواطن على حد سواء ،فهي تسهل وصول المنتج الى المستهلك وبأقل الأسعار وتتيح للنحال عرض منتجه بكل سهولة والتعريف به ومعرفة ما يفضله المستهلك”.
تسهيلات
تقوم مصلحة الضرائب بإعفاء النحالين من الرسوم المخصصة وذلك لدعم هذا القطاع الهام في البلاد، وذلك ما أكده لنا رئيس مصلحة الضرائب عبد الجبار أحمد محمد، حيث يقول “نقدم شكرنا وتقديرنا لمنظمي هذا المهرجان، ونحن في مصلحة الضرائب نقدم التسهيلات الكبيرة للنحالين كونهم معفيين من الضرائب، ونقدم الدعم اللازم للنحالين كونهم يشكلون رافد هام من روافد الاقتصاد في البلاد من حيث تشغيل الأيدي العاملة وايضاً رفد الاقتصاد بالعملة الصعبة”.
الاحتطاب ومشاكل أخرى
محمد صالح الآشموري من محلات عالم العسل اليمني يعمل منذ 28 عام في مجال العسل ويتحدث عن مشاركته في المهرجان الثاني للعسل حيث يقول” لدينا مشاركات كثيرة محلية ودولية، ونسعد بوجود مثل هذه المهرجات المقامة في اليمن لما تمثله من فرصة لمشاركة النحالين لمنتجاتهم من العسل وهي أيضاً تتيح لعقد اجتماعات لمناقشة احتياجات النحالين وعرض مشاكلهم والصعوبات التي تواجههم”.
يوافق أحد المشاركين أحمد شايع الآشموري بأن المهرجان فرصة لعرض مشاكل النحالين ومن أهمها -على حسب قوله- مشكلة الاحتطاب التي ظهرت في السنوات الأخيرة والتي تشكل معضلة كبيرة بالنسبة للنحالين من جميع المحافظات.
وبهذا السياق يقول الدكتور فتح بأنه ينقص اليمن التخطيط السليم واستراتيجيات حقيقية ودراسات دقيقة، وأنه يجب ان يكون هناك ترابط بين العلوم جميعها التي من المفترض انها تفضي الى نتائج عظيمة في مجالات شتى منها مجال العسل ، حيث من المفترض أن يتم زراعة مليون شجرة سدر وعلى العكس يتم الاحتطاب لهذه الشجرة المعمرة منذ آلاف السنين في العصيمات وتهامة.
وظهرت في السنوات الأخيرة مشاكل متعددة واجهت النحالين مثل التقيد في الحركة من منطقة إلى أخرى، فضلاً عن فقدان المئات منهم الكثير من خلايا النحل وذلك بسبب الرش العشوائي للأراضي الزراعية بالمبيدات الحشرية.
ويرى العديد من النحالين المشاركين أن من أهم المشكلات التي تواجههم هي مسألة الاستيراد للعسل الخارجي التي تؤثر سلباً على تسويق منتجاتهم من العسل للسوق المحلي بالرغم من أن المنتج المحلي يعتبر أجود وأفضل من المنتج المستورد.
وهذا ما أشار اليه عباس في حديثة عن المعوقات التي تواجه النحالين في اليمن، حيث يقول”نحن لدينا اكتفاء ذاتي من انتاج العسل محلياً، ولدينا قدرة على تغطية السوق ولكن هناك معوقات تعيق ذلك مثل الاستيراد الذي يتم لبعض أنواع العسل وبالتالي ينتج عنه مشكلة في التسويق الداخلي “.
ويتسأل العديد من المواطنين عن كيفية التمييز بين العسل الطبيعي والمصنع وكيف يمكن ضمان جودة العسل، يوضح الآشموري بان مسألة الثقة بين البائع والمشتري هي الركيزة الأهم في معرفة العسل الطبيعي من الصناعي ويمكن بعد ذلك فحصة في أحد المختبرات المتخصصة لفحص العسل.
وتجد سكينه راجح ضالتها في الوصول للعسل الطبيعي” البلدي” الذي تبحث عنه في مثل هذه المهرجانات التي تقول عنها” سمعت عن المهرجان عن طريق رسائل الجوال، وعندي اهتمام خاص بالعسل ومعرفة أنواعه وايضاً أبحث عن السعر المناسب”.
امال وطموحات
جاءت أم سمير صالح العقاري، وهي من محافظة عمران الى المهرجان بهدف البحث عن دعم لمنحلها الصغير التي تقيمه في منزلها وبمجهودها الفردي، حيث تقول” أملك منحلي الصغير المكون من أربعة عشر صندوق، ولا أملك الخبرة الكافية لتربية النحل وبحاجة الى دعم ودورات تدريبية لإنتاج المزيد من العسل”.
ويتنافس في المهرجان حوالي 60 من النحالين الذين يقومون بتقديم تخفيضات على أسعار العسل وتقديمها بأسعار تناسب المواطنين.
تصور خاطئ
وعن أسعار العسل الغالية، يتحدث عباس أن هناك تصور خاطئ بأسعار العسل لدى المواطن اليمني وهذه المعلومات خاطئة وذلك لانعدام التوعية بوجود عسل مشهور وغير مشهور والبعض من أنواع العسل العادية والتي لا تكون معروفة لدى المواطن يكون لها فوائد ومتوفرة بأسعار مناسبة.
زار صادق الجعوري للمرة الثانية المهرجان بعد زيارته الأولى العام الماضي والذي يصفه بالجميل والمتنوع وبانه قفزة نوعية للتركيز على أهمية العسل اليمني، ويقول” لا بد للمواطن من تشجيع مثل هذه المهرجانات الهادفة للارتقاء بصناعة وإنتاج العسل في بلادنا”.
يقول أكرم النهاري من محلات أبو أنس، أحد المشاركين في المهرجان بأن مشاركتهم تأتي في إطار دعم وتسويق العسل اليمني ومنتجاته خاصة بعد ان تضرر هذا القطاع كثيراً في الفترة السابقة جراء ما تمر به بلادنا من ظروف اقتصادية وعدوان وحصار كبيرين.
يضيف النهاري :”يمتاز العسل اليمني بجودته العالية وقيمته الدوائية والغذائية، ومثل هذه المهرجانات تعد من الفرص المثمرة التي تقرب المستهلك للمنتج وتزيد من معرفة المواطن بأنواع العسل”.
عبده عمر هاشم جاء من محافظة حجة للمشاركة في المهرجان الثاني للعسل وكله امال وطموحات بان ينقل صورة جيدة للعسل اليمني الأصيل، واصفاً مشاركته في المهرجان على انها فرصة جيدة لعرض وتسويق منتجاته، فهي تحفز شراء المستهلك للعسل المصنع محلياً الذي يعتبر أجود وأفضل من المنتج الخارجي ويتمتع ايضاَ بسعر مناسب وفي متناول الجميع.
هاشم الذي ورث عن اجداده مهنة تربية النحل وصناعة العسل واكتسب خبرات في معرفة أنواع النحل، يحدثنا عن الأنواع التي يقوم هو بإنتاجها حيث يقول” نحن نقوم بإنتاج أنواع مختلفة من العسل وذلك حسب المراعي التي يتم التنقل اليها، مثل السدر في عدد من الوديان من محافظة حجة (مستبا-ربعي -عاهم بني قيس – الدانعي ) و يأتي النحالون من كل مناطق اليمن في شهري 10 و11 من كل عام.
وعن بعض الأنواع الأخرى التي يتم انتاجها لدى هاشم، يضيف: “ننتج ايضاً عسل (سلام) من الحديدة، عسل (مراعي) (سمر) من محافظة حجة، ويكون تنقلنا بين محافظات جبيلة مثل حجة وسهلية مثل الحديدة “.
يشكو هاشم من التأثير السلبي لمبيدات القات على انتاج النحل حيث اضطر لجني منتج العسل قبل ان يتم نضوجه كاملاً وذلك لتلافي اتلافها بشكل كامل، متمنياً أقامه محميات مؤقتة لشجرة السدر في بعض المناطق خاصة العصيمات التي تتعرض لكثرة التحطيب.