الحرب الناعمة واحدة من أشكال ووسائل الحرب التي يشنها الأعداء على الأمة على كافة المستويات ومنها محاولة استهداف المرأة المسلمة تحت عناوين وشعارات براقة في ظاهرها، لكنها خبيثة في مضمونها.
تأخذ تلك الحرب صوراً وأشكالاً متعددة تختلف باختلاف المكان والزمان، إذ يحرص الأعداء على استهداف المرأة ويحاولون الوصول إليها بما يمكنهم من اختراق الأمة العربية والإسلامية وهدمها من الداخل، والتغلغل فيها وجعلها لقمة سائغة، فهم يعلمون أنه إذا فسدت المرأة ضعف المجتمع وأمكنهم السيطرة عليه.
يعمل الأعداء في إطار استهدافهم للمرأة المسلمة على صرف اهتمامها عن دينها وتمسكها بالقيم الإيمانية، إلى الأفكار والعادات البعيدة كل البعد عن العقيدة الإسلامية والقيم الأخلاقية النابعة من الدين الإسلامي الذي أعطى المرأة مكانة عظيمة في المجتمع.
وللوصول إلى المرأة يستخدم أعداء الأمة كل وسائل التأثير الإعلامية والثقافية والتعليمية، والفكرية والحقوقية والتجارية، لبث الشعارات والمفاهيم الخاطئة، وتزيين الباطل وإظهاره بمظهر الحق وتشويه المفاهيم السائدة والترويج للحرية والانحلال وزعزعة الثوابت العقائدية.
هنا تبرز أهمية التحذيرات التي أطلقها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في ذكرى مولد سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام، من خطورة ما تتعرض له المرأة المسلمة في هذا الزمن من استهداف لأخلاقها، ودينها، ومسؤولياتها العظيمة، ما يجعلها بحاجة ماسة إلى الوعي والتمسك بالهوية الإيمانية بما يحقق لها الحماية الفكرية والثقافية والأخلاقية.
كما أكد على أهمية التصدي للحرب الناعمة بالوعي والبصيرة، والتربية الإيمانية، وترسيخ القدوة الحسنة، والمفهوم الصحيح للحياة ومسؤولية الإنسان، والتكامل في أداء المسؤوليات بين أبناء المجتمع البشري.
تعمل الحرب الناعمة على إفساد المجتمعات عبر صنع الآراء وتكييف العقول، خصوصا إذا لم تحصن بالثوابت والقيم الدينية الأصيلة، وذلك بإضعاف التدين وإغراق الناس في الأمور والقضايا البعيدة عن مصالح الأمة، والتظاهر بالدفاع عن حقوق المرأة والترويج للسفور والموضة والأزياء، والهجوم على الحجاب والفضيلة وتمجيد الرذيلة وتشويه الحق وأهله والتأثير على الأخلاق والعادات عبر البرامج التي تطبع الفساد في أذهان الفتيات وربط ذلك بالتقدم والحضارة، إلى جانب إبراز العارضات والممثلات كنماذج يحتذى بها في الحرية والانفتاح، فينقلب المجتمع المسلم إلى مجتمع مطابق للمجتمعات الغربية الفاسدة.
وفي هذه الجزئية يكشف قائد الثورة عن دور اليهود في نشر الفساد، بكل الوسائل والإمكانات التي يمتلكونها، والتي تقتضي من المجتمعات المسلمة الاهتمام الكبير بمواجهتها والتصدي لها من خلال رفع مستوى الوعي والالتزام الإيماني، وترسيخ تقوى الله، والحذر من خطوات الشيطان، وتبيين المفاسد الهدامة لمساعي الأعداء، التي تلحق الضرر البالغ بالمجتمع في استقراره، وتفسد حياته، وتنشر الجرائم والمضار النفسية والصحية، وتفكك الأسرة، وتدجن المجتمع لأعدائه، وتسلبه حريته وكرامته وعزته.
إن الحرب الناعمة معركة فكرية ضد الإسلام تنفذ عبر أبناء الأمة في محاولة لهدم القيم الدينية وتعطيل الشريعة الإسلامية، وتعتبر تياراً جارفاً للمجتمعات المسلمة لصرفها عن دينها ومسخ هويتها وتغيير انتمائها، وزعزعة التماسك المجتمعي وزرع العصبيات الجاهلية وإثارة النعرات والخلافات وبروز إعلام فاقد للهوية الإسلامية السليمة والانهزام النفسي والمعنوي وفقدان الثقة بالقدرات والإمكانات الذاتية للأمة.
لذا فإن مواجهة الحرب الناعمة التي يشنها الأعداء تبدأ أولا بمعرفة الحرب الناعمة وأساليبها، ومن ثم تنويع مصادر مواجهتها من خلال العودة الصادقة إلى الله تعالى، والتحصين الفكري والتربوي والثقافي، وتعزيز برامج التربية الإيمانية وغرس المبادئ والقيم الإسلامية، والاستفادة من الإعلام الآمن في نشر سير الأنبياء وأعلام الهدى.
كما تشمل أساليب مواجهة الحرب الناعمة، إبراز القدوات الصالحة من النساء المؤمنات، اللواتي تم تغييبهن من قبل أعداء الأمة، والابتعاد عن التقليد الأعمى، والاهتمام بمحاضن الفضيلة وتطويرها والترويج لها ودعمها، كمدارس جيل القرآن والمدارس الصيفية والأنشطة التربوية الهادفة وغيرها من الوسائل التي ينبغي التركيز عليها لتحصين المجتمع من مخاطر هذه الحرب.