أكد قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي أن محافظة حجة من المحافظات ذات الرصيد التاريخي في التصدي للغزو الأجنبي، وكانت حاضرة منذ اليوم الأول، بإسهامها الكبير ودورها المتميز وعطائها العظيم الذي يجسد القيم الإيمانية والانتماء الإيماني الذي ميز أبناء هذا البلد على مر التاريخ.
وقال قائد الثورة في كلمته اليوم خلال لقائه وجهاء وأبناء محافظة حجة :” أنا سعيد بالحديث إليكم في هذا اليوم ونحن في مرحلة مهمة، نتحدث فيها إلى أبناء شعبنا فيما يهمنا جميعا، من موقع الشعور بالمسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى تجاه أنفسنا وتجاه شعبنا”.
وأضاف :” نحن في هذا البلد وللعام الثامن نتصدى للعدوان الأمريكي السعودي الغاشم، وبحمد الله سبحانه وتعالى، وبمعونته وتأييده ونصره تجاوزنا مراحل صعبة وتحديات كبيرة”.
وتابع “عشنا مع أبناء محافظة حجة الأوفياء والشرفاء ورجالها الاعزاء والأحرار في كل هذه المرحلة، الأخوة الإيمانية، والانطلاقة الصادقة، والاستجابة العملية في إطار الموقف الحق للنهوض بالمسئولية الإيمانية والاستجابة لله سبحانه وتعالى، في أداء فريضة الجهاد المقدس، للتصدي لأعداء شعبنا وأعداء أمتنا”.
ولفت قائد الثورة، إلى أن محافظة حجة قدمت الآلاف من الشهداء الأبرار، وقدمت الكثير والكثير في عطائها على كل المستويات.. وقال” رجالها الأوفياء وأبطالها الأشاوس حضروا في كل الجبهات والميادين، وما من جبهة من جبهات التصدي للعدوان إلا وحضر فيها من أبناء محافظة حجة من كان لهم دور عظيم في التصدي للعدوان، إضافة إلى العطاء بالقوافل والصبر على أداء هذه المسئولية المقدسة، والثبات على الموقف مهما كان حجم المعاناة”.
وأشار إلى أن أبناء الشعب اليمني في كل المحافظات وقفوا الوقفة الإيمانية والبطولية المشرفة والتي هي امتداد للتاريخ المشرق لهذا البلد العظيم وشعبه المبارك.
وأردف قائلا” كان أمل الأعداء أن يرتبك شعبنا في مختلف المحافظات أمام الهجمة المستكبرة والعدوانية، وكان طموحهم أن يوجهوا ضرباتهم لأبناء هذا البلد على كل المستويات، عسكريا بالجبروت والإبادة الجماعية والاستهداف للناس في أعراسهم وأحزانهم وأسواقهم ومختلف تجمعاتهم، وبالقتل والتدمير في منشآتهم السكنية والمدنية ومصالحهم العامة، والاستهداف الشامل لكل أشكال الحياة، إضافة إلى هجمتهم الإعلامية والسياسية والدعائية وكل أشكال حربهم، لإرباك أبناء البلد وإيصالهم إلى حالة الهزيمة والاستسلام واليأس”.
وذكر قائد الثورة أن ردة فعل الشعب اليمني، تمثلت في الصمود والثبات والحمية الإيمانية والاستجابة العملية لله تعالى، والانطلاق بروح عالية وشجاعة كبيرة، بالسكينة التي منحها الله لعباده المؤمنين عند الأهوال والأحداث الشديدة والصعاب والتحديات.
وقال” كانت الانطلاقة القوية من أبناء شعبنا في التصدي للعدوان في كل المجالات في ميدان القتال بقوافل الرجال والهبات الشعبية، والاستجابة الواسعة بالفزعات العاجلة عند كل التطورات الميدانية، وأيضا بالتجنيد المكثف، وقوافل العطاء”.
وأشار إلى أنه عندما استهدف الأعداء أبناء البلد بالحصار الشديد حاولوا تأليبهم على بعضهم البعض لتكون ردة الفعل متجهة إلى الداخل، إلى المعنيين بالتصدي للعدوان، بدلا من أن تتجه إلى العدو الذي يرتكب جريمة العدوان والحصار والتدمير للبنية التحتية.
ولفت قائد الثورة إلى أن العدو في كل مؤامراته سعى لإثارة الفتنة والمشاكل الداخلية واستخدم الحرب الدعائية لتفكيك المجتمع وصرفه عن الاهتمام بأولوياته ومسؤولياته، لكنه فشل في كل ذلك، وصدم بمستوى الوعي لدى أبناء هذا البلد.. مؤكدا أنه كان من الطبيعي أن يفشل العدو في مقابل وضوح عدوانه وإجرامه.
وذكر أن محافظة حجة من أكثر المحافظات التي استهدفها الأعداء على مستوى جرائم الابادة الجماعية في بعض الأعراس والأسواق والتجمعات بمختلف المديريات، والمعاناة على المستوى المعيشي، نتيجة للحصار واستهداف الخدمات والمصالح العامة، وكذا معاناة الصيادين من أبناء المحافظة بسبب العدوان.
وأكد أن المعاناة الكبيرة لم تزد أبناء هذه المحافظة إلا عزا وثباتا ووعيا مع طول الفترة وكثرة الاستهداف وحجم العدوان، وهذا هو الايمان الواعي والثقة بالله، والأصالة والحرية والكرامة والعزة والإباء، التي تجعل الإنسان أكثر صمودا كلما كانت مظلوميته أكبر.
وقال السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ” نستمد صمودنا وثباتنا في مواجهة التحديات من اعتمادنا على الله، الذي يربط على القلوب، وينزل السكينة، ويثبت الاقدام، ويسدد الرمية، ويمنح المعنويات والفرج في أشد الأحوال”.. مؤكدا أن الاستمرارية في الثبات والصمود والصبر صدمت العدو وأحبطته وجعلته يعيش مرارة اليأس والخسران، وفاجأت مختلف بلدان العالم، وجعلتهم ينظرون بإكبار وإجلال إلى أبناء اليمن.
وأردف” اليوم ونحن في العام الثامن كم مررنا به من جرائم تحالف العدوان، وحملاته العدائية، على المستوى العسكري والأمني، وعلى مستوى المؤامرات الرامية لإثارة الفتن في الواقع الاجتماعي، أو المعاناة الكبيرة في الوضع المعيشي والجانب الاقتصادي”.
وأشار إلى أن البلد يواجه مجموعة من التحديات، أولها المعاناة الناجمة عن العدوان والحصار الذي يشرف عليه الامريكي وينفذه السعودي والإماراتي ومرتزقته، إضافة الى ما طرأ في العالم من تحديات وأزمات نتيجة السياسيات الأمريكية وبجانبها ومن ورائها اللوبي اليهودي.. مبينا أن الأزمة امتدت إلى كل العالم الإسلامي والمنطقة العربية وعلى المستوى الدولي.
وذكر أن هناك أزمات كبيرة جداً على المستوى الدولي، لأن أمريكا اتجهت لفتح صراعات جديدة مع الروس والصين، بإثارة الحروب والفتن والمشاكل في المجتمع البشري.
وقال” وأمام كل هذه الأزمات والمؤامرات المستمرة التي تستهدف البلد من الداخل والتحديات التي توجهنا في الجانب العسكري والأمني والاقتصادي والمعيشي، إضافة إلى أعباء المراحل الماضية، نحن أمام خيارين إما أن نكون في حالة غفلة ويأس ولا مسؤولية وعدم توجه نحو ما ينبغي علينا فعله فتسحقنا الأزمات ونتضرر بشكل كبير أمام هذه التحديات ويجد الاعداء فرصتهم لاستهداف شعبنا، وإما أن ننطلق من المنطق الايماني الذي واجهنا به كل التحديات على مدى السنوات الماضية، فنتحرك من واقع انتمائنا وثقتنا بوعد الله الصادق، وهذا هو الخيار الصحيح”.
وأشار قائد الثورة إلى أهمية التحرك على أساس التوكل على الله والاستجابة له في كل ميادين العمل، والانطلاق في كل المجالات وفق مبدأ “وتعاونوا على البر والتقوى” على أن يكون التحرك بشكل جماعي رسمياً وشعبياً لتحقيق هذا المبدأ.
ولفت إلى ما تحقق من نتائج عظيمة في الجانب العسكري، أولها في الميدان من خلال منع العدو من تحقيق هدفه.. وقال:” لكن من المتوقع أن يكرر العدو محاولاته، ولذلك ينبغي على مستوى الميدان أن نعزز الجبهات بشكل مستمر، وأن نعزز بناء التشكيلات العسكرية والتجنيد والتدريب والتأهيل وتشكيل الألوية المقاتلة”.
وأكد قائد الثورة أن مختلف أنواع الأسلحة باتت اليوم تصنع محلياً من المسدس إلى الكلاشنكوف إلى المدفع إلى الصاروخ، وهذا إنجاز كبير ويبعث الأمل في مختلف المجالات.. وقال:” ما ينقصنا في بقية المجالات ومنها الجانب الاقتصادي هو التوجه العملي”.
ودعا التجار والقطاع الخاص والمواطنين بشكل عام إلى التوجه للإنتاج المحلي من خلال إنشاء مؤسسات وجمعيات إستثمارية، كون الإنتاج المحلي أصبح ضرورة بكل الاعتبارات.
وأوضح أن الصراع في الغرب، وفي أوكرانيا، والصراع ما بين الروس والصين من جهة وأمريكا من جهة أخرى أصبح له تأثير كبير في تعقيد مسألة الاستيراد من الخارج.
وتابع :”عندما يستمر التجار في الاعتماد على توفير البضائع للناس من الصين وأوروبا والدول البعيدة ويغفلون عن الإنتاج المحلي، تحصل الكثير من المشاكل، ومنها العملة والحصول على الدولار، وهذا يؤثر على القدرة الشرائية في البلد”.. لافتا إلى مشكلة ارتفاع المشتقات النفطية وما نتج عنها من ارتفاع لتكلفة النقل.
واستدرك قائد الثورة بالقول :” لو اتجهنا إلى الإنتاج المحلي ستكون الكلفة قليلة جداً، وسنتمكن من تحقيق الاكتفاء الذاتي للبلد، فالكثير من الأشياء التي يتم استيرادها من الخارج، يمكن إنتاجها في الداخل، وبالذات ما يتعلق بالغذاء والكساء والمتطلبات الضرورية، ولكن هذا يحتاج إلى تعاون”.
ولفت إلى أهمية إنشاء شركات استثمارية ولكن وفق أسس صحيحة.. وقال :” نحن في مواجهة هذه التحديات ويجب أن نواصل اهتمامنا على كل المستويات، فعلى المستوى العسكري يجب أن يستمر التجنيد والتحشيد حتى تكون هناك قوة ضاربة من أبناء هذه المحافظة الأبية يتصدون لكل الأعداء الذين يحاولون اختراق المحافظة”.
وأوضح أن المهمة الأمنية هي لخدمة المجتمع، الذي يعرف أن من أهم ما يحتاج إليه لاستقرار حياته هو الأمن، ما يتطلب الاهتمام بمراقبة أداء العاملين في هذا الجانب، والعناية بالسجون والسجناء، وبالجانب الإنساني، والحذر من الظلم والتصرفات، التي لا تنسجم مع القيم الإسلامية، كما أن الجانب الأمني يحتاج إلى تعاون الجميع.
وبين قائد الثورة أن الأعداء يعملون على استهدف الأمن من جوانب متعددة، منها إثارة الفتن بين أبناء المجتمع، وتحويل أي خلاف بين أبناء المجتمع إلى صراع، لكي يفقد الناس أمنهم واستقرارهم.. مشددا على ضرورة أن يعي الجميع أن العدو يسعى إلى تحويل الخلافات إلى صراع واقتتال داخلي، لأن الاقتتال بين أبناء المجتمع يعمق الجراح.
ولفت إلى أن أكثر ما يركز عليه العدو في هذه المرحلة الاتجار بالحشيش والمخدرات، والبعض ينجر وراء الاتجار بهذا الجانب طمعا في المال، وهذا أمر خطير ويرتكب فاعله جرائم متعددة أمام الله تعالى.
وقال “أضرار وآثار الاتجار بالمخدرات كثيرة جداً على مستوى انتشار الجرائم والرذائل، وغير ذلك من الأضرار الصحية”.. مؤكدا أن من يعمل في مثل هذه الأمور فهو ممن يسهمون في نشر الجرائم والمفاسد، وهذا جرمه كبير.
وأضاف :”البعض من الناس ممن يتاجر في هذا يسعى لأن يكون له مكانةً وحماية اجتماعية فيسعى إلى تقسيم العطايا لهذا وذاك، وعندما تأتي إجراءات أمنية لمنعه من هذه الجرائم يتعاطف البعض معه، فيأتي من يدافع عنه ويراجع عليه ويتضامن معه”.. مؤكدا على ضرورة أن يسعى المجتمع إلى نبذ كل من يتجرون بهذه المحرمات، حتى لا يتعاون معهم أحد.
ولفت قائد الثورة إلى أن أولياء الشيطان يمارسون كل أشكال الاستهداف للمجتمع، لنشر الجرائم والبغضاء والعداء والكراهية، لكن عندما يكون هناك وعي وفهم وتعاون على البر والتقوى وتضافر للجهود سيفشل العدو في تحقيق أهدافه.
كما شدد على أهمية تضافر الجهود وتشكيل لجان من وجهاء المجتمع والجانب القضائي للتعاون في حل مشاكل المجتمع، ومنع حدوث أي فتنة في أوساطه.. مشيرا إلى أهمية التحرك وتعزيز الوعي والتخلص من العادات غير الضرورية، لكي يتجاوز المجتمع مشاكله ويتجه إلى القضايا الرئيسية، فيكون مجتمعا قوياً عسكرياً واقتصادياً، وقويا بوحدته وأخوته الإيمانية.
ولفت إلى أن من الجوانب ذات الأولوية التعاون في التكافل الإجتماعي، والاهتمام بإخراج الزكاة وصرفها في مصارفها.. معتبرا الجدب من أهم المشاكل التي تتطلب العودة إلى الله والالتجاء إليه، والرجوع العملي بالاستقامة وإخراج الزكاة.
وقال :”إن من أسباب الجدب الرئيسية عدم إخراج الزكاة، لأن الزكاة ركن من أركان الإسلام، ولا بد من العناية بإخراجها وصرفها في مصارفها، لأنها ستؤدي دوراً مهماً في رعاية الفقراء الذين هم فئة مهمة من أبناء المجتمع”.
وأضاف :” وعلى مستوى العناية بأمر الزكاة، يجب الاهتمام بتصحيح العمل فيها على مستوى التحصيل وجمعها، والعاملين عليها بأن يكونوا على مستوى عالي من الأمانة، وكذا على مستوى الصرف بأن تصرف للفقراء الحقيقيين، وألا تصرف لمجرد علاقات أو مجاملات”.
وحث على الاستمرار على نشر الوعي في المجتمع والتصدي للدعايات التضليلية على المستوى الثقافي والفكري، والاهتمام بالجانب التعليمي، والاهتمام برفع المظالم ونشر الوعي، وتفقد أوضاع الناس، والذي تقع المسؤولية الكبيرة فيه على الجانب الرسمي، وذلك من خلال القرب الناس وإنصاف أي مظلوم في أي موقع من المواقع.
وقال :” في الجانب الخدمي هناك أهمية كبيرة جداً للتعاون بين المجتمع والجانب الرسمي، فكثير من المناطق بحاجة إلى الطرق والمياه، وهذه من الأولويات الملحة جداً، وتحتاج إلى تعاون بالمبادرات الاجتماعية بين المواطنين والجانب الرسمي”.
كما أكد على أهمية حل مشكلة الغاز المنزلي، وضبط عملية التوزيع بشكل صحيح ومعالجة أي إشكالات واختلالات في هذا الجانب، والحرص على مكافحة الأوبئة وبالذات في المديريات الساحلية التي يعاني منها المواطنون بشكل كبير.
ولفت قائد الثورة إلى أهمية التعاون مع أبناء المحافظة في مختلف المديريات في كل ما له أهمية وضرورة ملحة على المستوى الخدمي.
وأضاف :” باهتمامنا وتعاوننا واستجابتنا العملية وتوكلنا على الله وثقتنا به، وبالصبر في واقع العمل نصل إلى تحقيق النتائج المهمة والمثمرة في كل المجالات”.