عواصم- سبأ:
وسط تفاؤل كبير للشعب الفلسطيني بنجاح المبادرة الجزائرية، وبهدف دفع قطار المصالحة الفلسطينية إلى الأمام وإنهاء حقبة الانقسام ووضع حد لاستمرارها بين كافة الفصائل.. بدأت رسمياً أولى خطوات انجاز هذه المصالحة الفلسطينية والتي دعا إليها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
وبحسب وسائل الإعلام الفلسطينية فمن المقرر أن تبحث الجهات السيادية العليا في الجزائر، مع وفود الفصائل الفلسطينية الرؤية الفصائلية لإمكانية إحداث اختراق حقيقي في ملف المصالحة، ونجاح فكرة عقد جلسة جامعة يمكن من خلالها البناء على رؤية واضحة تتمثل بخطوات قابلة للتنفيذ على الأرض وتساهم في تعزيز الحوار الإيجابي ووقف التراشق الإعلامي، والعمل لتصحيح المسار.
كما ستستمع تلك الجهات إلى رؤية كل فصيل وستقوم بتقديمها لمكتب الرئيس تبون الذي سيجتمع مع مختلف الجهات السيادية بما فيها وزارة الخارجية والتواصل مع الرئاسة الفلسطينية، من أجل التقدم بالخطوات المتوقع التوصل إليها لعقد مؤتمر جامع يحقق المطلوب منه.
وكان الرئيس الجزائري، قد أعلن في الـ6 من ديسمبر الماضي، خلال الزيارة التي أجراها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الجزائر، عن استضافة مؤتمر جامع للفصائل الفلسطينية بهدف إحداث اختراق حقيقي يرأب الصّدع، وينهي الانقسام الذي أضعف القضية الفلسطينية ورهن حظوظها في الحل.
ووصلت وفود 6 فصائل فلسطينية إلى الجزائر، الأحد، لبحث ملف المصالحة مع جهات سيادية عليا في البلاد وتضم الفصائل الستة: “فتح، حماس، الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية، الجبهة الديمقراطية، والجبهة الشعبية – “القيادة العامة”.
وعقد الجانب الجزائري لقاءات منفصلة مع وفدين يمثلان حركتي فتح وحماس على أن يعقد اجتماعات مماثلة مع وفود الجهاد الإسلامي، والجبهتين الشعبية والديمقراطية.
وأفادت الأوساط الجزائرية بأنَّ المسعى الذي يقوده الرئيس تبّون يهدف إلى تحقيق اختراق في ملف المصالحة الفلسطينية، وإنجاح فكرة عقد جلسة جامعة يمكن من خلالها البناء على رؤية واضحة تتمثل بخطوات قابلة للتنفيذ على الأرض وتساهم في تعزيز الحوار الإيجابي.
وقالت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، صباح اليوم الاثنين: إن الفصائل الفلسطينية التي وصلت إلى الجزائر تحمل رؤية موحّدة لإطلاق المصالحة الفلسطينية.
وأضافت الصحيفة نقلاً عن مصادر في حماس والجهاد والجبهة الشعبية: إن “هذه الرؤية تأتي على أساس إصلاح منظّمة التحرير والاتفاق على انتخابات للمجلس الوطني، يليه الاتفاق على البرنامج السياسي للمنظّمة، ثمّ يتبعه تنفيذ الانتخابات الرئاسية والتشريعية”.
وأشارت إلى أن “الفصائل الفلسطينية الثلاث ترفض أيّ اشتراطات يضعها الرئيس محمود عباس، من أجل تحقيق ذلك، وخصوصاً الاعتراف بشروط “الرباعية الدولية” وبقرارات “الشرعية الدولية”، قبل البدء في حوار إنهاء الانقسام وإتمام الوحدة الوطنية”.
كما نقلت الصحيفة عن مصادر في حركة فتح قولها: إن “وفد فتح يحمل الرؤية نفسها التي قدّمها الرئيس عباس في أغسطس الماضي، والتي تشمل تشكيل حكومة وحدة وطنية، وفق شروط الرباعية الدولية والشرعية الدولية، كخطوة أولى لاستكمال المصالحة التي ستشمل، في وقت لاحق، الانتخابات التشريعية، وبعدها الرئاسية، ثمّ المجلس الوطني”.
ولفتت إلى أن “وفد فتح سيطلب من الفصائل العودة إلى المقاومة الشعبية ضدّ الاحتلال، وفق ما تمّ الاتفاق عليه في حوارات القاهرة العام الماضي، إضافة إلى وقْف العمليات المسلّحة، إلى حين إتمام إجراءات المصالحة”.
ومع بدء مشاورات المصالحة قالت حركة حماس: إنها “قدمت رؤية متكاملة للجزائر حول المصالحة الفلسطينية، شملت جملة من الإصلاحات للوضع الفلسطيني الداخلي، تتمثل في إعادة تشكيل منظمة التحرير، وإنهاء التفرّد بالقرار الفلسطيني، وإجراء الانتخابات في الداخل والخارج”.
وقال عضو دائرة العلاقات الوطنية في الحركة، إبراهيم المدهون: إن الحركة معنية بإنهاء الانقسام، وهي ترى أن المصالحة الوطنية يجب أن تقوم على تحقيق الشراكة الكاملة والذهاب لانتخابات.
ولفت المدهون إلى أن “الإبقاء على حالة الجمود تخدم إسرائيل”، وأن المصالحة الوطنية تواجه تعقيدات أبرزها تواصل التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية و”تل أبيب”.
ويرى مراقبون أن خطوة الجزائر تعد ردا على تصاعد مسارات تطبيع الدول العربية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ويعتقد وزير الدولة السابق في الجزائر أبو جرة سلطاني، أن بلاده قادرة على أداء دور محوري في الملف الفلسطيني، لأنها ما زالت تمسك بكثير من أوراق التوازنات الإستراتيجية في الشرق الأوسط من بوابة القضية الفلسطينية، على أن المراهنة تبقى على نجاح المبادرة الجزائرية في ترميم الوحدة السياسية الفلسطينية، وإنجاز ما لم تنجزه دول أخرى غرقت في مشاريع التطبيع مع الاحتلال “الاسرائيلي”.
فيما يرى الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم أبراش: أن أمر نجاح المصالحة الفلسطينية لا يتوقف على الجزائر بل على مدى توفر الإرادة عند الأطراف الفلسطينية على إنجازها وإنهاء الانقسام، لأن المكان الذي كانت تجري فيه حوارات المصالحة سابقا لم يكن السبب في فشل المصالحة، بل غياب الإرادة عند بعض الأحزاب بالإضافة إلى التدخلات والاشتراطات والضغوط الخارجية على الأطراف الفلسطينية.
وأعرب رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد إشتية عن أمله بأن يؤدي الجهد الجزائري، الساعي للم شمل الفصائل، إلى طي صفحة الانقسام الفلسطيني.
وعبر رئيس الوزراء في كلمته بمستهل جلسة الحكومة الـ143، في رام الله، حسب موقع “دنيا الوطن” عن شكره للجمهورية الجزائرية ما تبذله من جهد كبير لاستضافة جلسات الحوار الوطني في العاصمة الجزائرية، بمشاركة جميع فصائل العمل الوطني، أملا أن تصل الى توافق يؤدي إلى طي صفحة الانقسام.
ودعا محمد اشتية، الفصائل الفلسطينية إلى العمل بروح الشراكة الوطنية لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية وتشكيل حكومة وحدة وطنية والعمل مع كل أصدقاء فلسطين في العالم للضغط باتجاه عقد مؤتمر دولي للسلام يفضي إلى تمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وحق العودة للاجئين.
الجدير ذكره أن كل وفد من الفصائل الفلسطينية جاء إلى الجزائر وهو يحمل أفكارا عملية تعكس رؤيته لإنهاء الانقسام وإعادة تجميع القوى الفلسطينية بكل أطيافها وتياراتها السياسية، كما أنها على قناعة بأن الدور الجزائري جنبًا إلى جنب مع الدور المصري سوف يسهم بلا شك في تقليص مسافات الخلافات داخل الحالة الفلسطينية نحو إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية والانتقال نحو استراتيجية كفاحية ترغم الاحتلال على الاعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير والاستقلال والسيادة، فهل ستتحق المصالحة الشاملة؟ هذا ما ستبينه لنا قادم الأيام.